في دراسة أعدها قطاع التخطيط في وزارة الاقتصاد
المضاربة تشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل عمليات تداول الأسهم
أبوظبي حاتم فاروق:
أكدت دراسة صادرة عن قطاع التخطيط بوزارة الاقتصاد أمس الأربعاء، تحت عنوان “دور الأسواق المالية في تحقيق التنمية بدولة الإمارات العربية المتحدة” أن ظاهرة تداول الأسهم في دولة الإمارات العربية المتحدة مرت بمراحل متعددة حتى وصلت إلى شكلها الحالي من خلال إنشاء سوقي أبوظبي ودبي للأوراق المالية، حيث كانت الفترة من السبعينات وحتى عام 1982 مرحلة تأسيس العديد من البنوك والشركات المساهمة وقد كان ذلك قبل إصدار قانون الشركات حيث تزامنت تلك الفترة مع حركة النشاط الاقتصادي . مؤكدة أن دولة الإمارات مرت بمراحل تنموية مختلفة منذ بداية النشأة، وكان لكل مرحلة من هذه المراحل سماتها التي تميزها عن الأخرى وفقاً للحاجات المطلوبة والإمكانات المتوفرة، حيث كانت الدولة في بداية تكونها تعاني نقصاً شديداً في كافة الخدمات وفي البنية الأساسية التي كانت شبه معدومة وغير القادرة على النهوض بمتطلبات التنمية وبناء اقتصاد متكامل قادر على مواكبة العصر، ومما ساعد في إنجاز كافة المراحل توفر الإمكانات المادية من خلال الطفرات النفطية التي وفرت للدولة التمويل المريح لكافة برامج التنمية .
· أرباح المساهمين وهمية لا تعكس حقيقة مستوى إنتاجية المشروعات
· عمليات التداول حدت من تسرب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج
أضافت الدراسة التي أعدها عبدالباقي السعدي الخبير الاقتصادي في وزارة الاقتصاد انه مع تدفق الأموال النفطية وازدياد الفوائض النفطية برزت الحاجة إلى البحث عن مجالات استثمار جديدة داخل الدولة وخارجها، مما فرض الحاجة إلى الأخذ بأساليب ووسائل متقدمة في هذه المجالات نتيجة لاتساع المجتمع وتطوره عما كان سائداً في مرحلة ما قبل النفط . مؤكدة أن ذلك أدى إلى اتساع وتنوع الأسواق المختلفة والمتنوعة التي تؤمن الحاجات المختلفة لكافة الوحدات الاقتصادية في المجتمع، ومن هذه الأسواق ما يسمى (الأسواق المالية) التي يتم عن طريقها الاستفادة من مدخرات الأفراد وغيرهم في مجالات إنتاجية، مما يساهم بشكل فعال في دفع عجلة التنمية .
وأشارت الدراسة إلى أن دولة الإمارات شهدت انتشار ظاهرة التداول بالأسهم والتي جاءت انعكاساً للتطورات الاقتصادية التي شهدتها المنطقة نتيجة لاكتشاف النفط والتي أدت بدورها إلى ازدهار ونمو المدخرات والاستثمارات الفردية . وقد ترافقت ظاهرة تداول الأسهم بازدياد عدد الشركات المساهمة في الدولة وذلك تلبية لحاجات البناء الاقتصادي والتي بدأت تأخذ إطارها المتكامل والتنظيمي في بناء مؤسسات الدولة خاصة بعد قيام دولة الاتحاد، والتي كان لها الأثر الأكبر في خلق اقتصاد يملك كافة المقومات اللازمة لوجوده وتطوره . منوهة أن تداول الأسهم يعتبر في حد ذاته ظاهرة إيجابية تتمثل في تطور وسائل استثمار رؤوس الأموال الفردية والانطلاق إلى مجالات أوسع مما يخلق ويوفر الفرص لتنويع مصادر الدخل القومي وتنويع الإنتاج وتقليل الاعتماد على النفط والذي يعتبر حالياً مصدراً أساسياً للإنتاج .
وأضافت الدراسة أن أهمية تطوير عمليات التداول بالأسهم أدت إلى تنوع المنافذ الاستثمارية في الدولة وحدت من تسرب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج وساعدت على خلق قاعدة إنتاجية متنوعة في الدولة كما أنها أدت إلى خلق وعي استثماري بين المتعاملين . مشيرة إلى أن عام 1988 شهد بداية مرحلة جديدة ترافقت مع عودة الانتعاش إلى النشاط الاقتصادي في الدولة والذي شمل معظم القطاعات الاقتصادية، حيث انتعشت عمليات التداول في الأسهم كإحدى القنوات الاستثمارية المفضلة وبدأت مفاهيم عديدة تتغير لمصلحة التداول وبرزت شريحة من تجار الأسهم نشطوا في السوق للاستفادة من فروقات الأسعار لتحقيق أرباح كبيرة، وفي بداية هذه المرحلة كان متوسط ريع الأسهم يتراوح بين 15% إلى 20% ولم يتعد متوسط مضاعف سعر السهم 8 مرات، بعد ذلك بدأت مستويات الأسعار بارتفاع تدريجي لينخفض متوسط ريع الأسهم إلى مابين 5% و5 .7% في نهاية الفترة التي استمرت حتى عام 1994 . وقد حقق المستثمرون خلال تلك الفترة أرباحاً جيدة بسبب مستويات الأسعار المرتفعة وبسبب التوزيعات النقدية وأسهم المنحة وذلك نتيجة تحسن أرباح جميع الشركات . وخلال هذه المرحلة تم تطبيق قانون الشركات وصاحب ذلك تعزيز الثقافة الاستثمارية لدى العديد ممن أصبح لديهم رؤوس أموال يستطيعون بها دخول سوق الأسهم وأصبحت الأرضية مناسبة لتفعيل سوق الإصدار الأولي، وعلى الرغم من استمرار عدد الأسهم المتداولة 26 سهماً لكن قيمتها السوقية الإجمالية ارتفعت من 4 .21 مليار درهم بنهاية 1988 إلى 1 .36 مليار درهم بحلول الأول من 1995 بزيادة مقدارها 7 .14 مليار درهم وبنسبة 69% والتي تمثل الأرباح الرأسمالية المحققة من عملية الاتجار في الأسهم خلال 6 سنوات إضافة للتوزيعات المحققة سواء كانت نقدية أو أسهم منحة .
ومع بداية عام 1995 بدأت مرحلة من الانتعاش الحقيقي ترافقت مع تأسيس عدد من الشركات المساهمة بعد انقطاع دام لأكثر من عشر سنوات ونتيجة لذلك ارتفع عدد المساهمين بشكل كبير حيث انتعش سوق الأسهم وشمل كافة القنوات الاستثمارية المحلية وأصبح مقصد كبار وصغار المتعاملين مستثمرين أو مضاربين، وزاد من انتعاشه النتائج المالية الكبيرة والتوزيعات المجزية على المساهمين من قبل الشركات المساهمة حيث وصلت أرباح بعض البنوك والشركات إلى نسب مذهلة قاربت رأس المال الأساسي، وكان من نتيجة ذلك أن تضخمت أسعار بعض الأسهم الأمر الذي أدى أيضاً إلى تضاعف أسعار الأسهم الجديدة بحيث تعدت جميعها الأداء الاقتصادي لكل سهم على حدة والذي بدوره أدى إلى حدوث مضاربات كبيرة خاصة في صيف 1998 حيث وصلت الأسعار إلى ذروتها خلال شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول إذ وصلت القيمة السوقية للأسهم المتداولة والتي كان عددها 44 سهماً إلى 235 مليار درهم ليحقق معها المستثمرون أرباحاً طائلة معظمها دفترية وبعضها فعلية للأسهم التي تم تسييلها قبل نهاية 1998 أو بأسعار أعلى من سعر الشراء بعد ذلك .
ونتيجة وصول الأسعار إلى مستويات كبيرة وإدراك المتعاملين بأن هذه الأسعار مبالغ فيها جداً، بدأت منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1998 موجة بيع محمومة من أجل تحقيق أرباح فعلية حيث بدأت مرحلة جديدة لتهوي الأسعار إلى مستويات متدنية نتيجة العرض الكبير واختفاء الطلبات، وقد أدى ذلك إلى انخفاض القيمة السوقية للأسهم المتداولة بنهاية 1998 إلى 124 مليار درهم، إضافة إلى ذلك فقد انخفضت القيمة السوقية لبعض الأسهم الجديدة إلى ما دون القيمة الاسمية والذي أدى بدوره إلى توقف سوق الإصدار الأولي رغم وجود دراسات عدة لتأسيس شركات مساهمة وكذلك تأجيل طرح بعض الشركات التي أعلن عن قرب طرحها للاكتتاب العام، ومع نهاية 1999 وصلت القيمة السوقية للأسهم المتداولة إلى 102 مليار درهم بانخفاض حوالي 133 مليار درهم وبنسبة 5 .65% خلال 15 شهراً مع الإشارة إلى أن معظم الخسائر كانت قبل نهاية ،1998 وأدى ذلك إلى فقدان الثقة بالسوق مما زاد من صعوبة انتعاشه مجدداً .
وأضافت الدراسة أن عدد الأسهم التي يتم تداولها في السوق وصل في نهاية عام 1999 إلى نحو 46 سهماً بزيادة 20 سهماً عن عام 1994 وذلك نتيجة لتنشيط تداول أسهم 7 شركات مؤسسة سابقاً وتأسيس 13 شركة جديدة منها بنك واحد و3 شركات في كل من قطاع التأمين والخدمات والصناعة والاستثمار، وارتفع عدد مكاتب الوساطة المتخصصة من 3 مكاتب إلى 50 مكتباً . وفي نهاية عام 2001 بلغت القيمة السوقية للأسهم المكتتب بها 102 مليار درهم بزيادة 17 مليار درهم عن القيمة السوقية في نهاية عام ،2000 حيث كان التراجع كبيراً عن صيف عام 1998 والذي يمثل الذروة في أسعار الأسهم، كما أن التراجع في ذلك العام وصل إلى حوالي 150 مليار درهم وبنسبة حوالي 8 .63% عن أسعار صيف ،1998 مؤكدة أن إصدار القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2000 بإنشاء هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع جاء تتويجاً لمراحل عملية التداول بالأوراق المالية في الدولة وكان خطوة هامة بالاتجاه الصحيح نحو تقنين عمليات التداول وتنظيمها بعيداً عن التداول العشوائي والذي يترتب عليه الكثير من المخاطر خاصة لصغار المستثمرين والمتعاملين في السوق وذلك كما أشرنا في التطورات التي حدثت في نهاية ،1998 وقد تبع تلك الخطوة المهمة انطلاق سوق دبي المالي في 26 مارس/آذار عام 2000 وكذلك صدور القانون رقم 3 في أمارة أبوظبي بإنشاء سوق أبوظبي للأوراق المالية، وقد كان لتلك الخطوات التنفيذية أثر كبير في تنظيم عمليات التداول على الرغم من أن الكثير من الشركات التي يتم تداول أسهمها لم تدرج بعد في سوقي أبوظبي ودبي الماليين، ولكن تدريجياً سيتم إدراج كافة الشركات في الوقت الذي تستوفي فيه هذه الشركات شروط الإدراج في السوق .
معالم التطور
وقالت الدراسة انه بانطلاق سوقي أبوظبي ودبي للأوراق المالية في عام 2000 والذي يعتبر بحد ذاته إنجازاً كبيراً في الاتجاه الصحيح، إلا أنه لا تزال عملية التداول بحاجة إلى إجراءات جديدة ودعم مستمر من قبل السلطات المشرفة وبحيث تكون هذه السوق من المرونة بحيث تستوعب كافة المتغيرات الاقتصادية المحلية والدولية . مؤكدة انه على الرغم من مرور أكثر من سبع سنوات على انطلاق الأسواق المالية الرسمية إلا أنه لا تزال هناك العديد من الشركات التي يتم تداول أسهمها خارج السوق الرسمي، إضافة إلى أن أعداد الشركات المساهمة وحجم الأسهم المتداولة لا تزال تشكل حجما ضئيلاً ومحدوداً . فضلاً عن نقص الخبرة لدى المتعاملين في بيع وشراء الأسهم مما أدى إلى زيادة ظاهرة المضاربة، إضافة إلى عدم وجود تخصص لدى الشركات المتعاملة في الأسهم خارج الأسواق الرسمية، حيث نجد أن كثيراً من الشركات تمارس هذا العمل إضافة إلى أعمالها الأخرى كالمقاولات والتجارة وغيرها . موضحة أن انتشار ظاهرة المضاربة على أسهم عدد من الشركات التي أنشئت بهدف المضاربة في السوق، وهذه الظاهرة تشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل عمليات تداول الأسهم ومعوقاً رئيسياً لها عن ممارسة الدور الذي يمكن أن تؤديه في مجال التنمية الاقتصادية، حيث إن هذه الظاهرة تؤدي بالأسعار إلى مستويات لا تمثل حقيقة الوضع المالي للشركة صاحبة السهم، هذا بالإضافة إلى خلق تقلبات حادة في تلك الأسعار، مما يشكل خطورة بالغة لاسيما على صغار المدخرين وممن لا تتوفر لديهم الخبرة والدراية الكافية في السوق .
وأوضحت الدراسة ان بعض شركات الأسهم في دولة الإمارات العربية المتحدة لا تزال تلعب دوراً سلبياً لأنه بالرغم من الموارد المالية الكبيرة التي حصلت عليها نتيجة الاكتتاب بها، لم تقم بأي خطوات عملية لتحقيق الأغراض التي قامت من أجلها، واكتفت بالقيام بعمليات مضاربة في أسواق الأسهم، وعمليات إيداع مؤقت في البنوك العالمية التي كانت تعطي نسبة فوائد عالية نسبياً . مؤكدة انه رغم الأرباح التي تحققت للمساهمين في تلك الشركات نتيجة المضاربة والإيداع الخارجي إلا أن تلك الأرباح لا تمثل إلا أرباحاً مؤقتة، بل ووهمية لأنها لا تعكس حقيقة مستوى إنتاجية المشروعات التي قامت تلك الشركات أساساً لتنفيذها ولم تجد طريقها إلى النور فعلاً، إلى جانب إن بعض شركات الأسهم التي قامت لم تربط نفسها بمشروعات محددة وفق جدول زمني، واكتفت بتحديد أهداف عامة دون أن تكون مشفوعة بدراسات حول الجدوى الاقتصادية لتلك الأهداف، وهذا معناه أن تلك الشركات اكتفت بتجميع الأموال والمضاربة فيها وإيداعها في الخارج مقابل فوائد بنكية لا يمكن مقارنة عوائدها بعوائد أي مشروع إنتاجي . مشيرة إلى ان ما يجنيه المساهمون من المضاربة بالأسهم هو حالة مؤقته وغير منطقية والدليل هو أن قيمة السهم لأي شركة جديدة يرتفع بعد تأسيسها بقليل إلى 30 أو 40 ضعفاً رغم أن هذه الشركة لن تنتج قبل 3 أو 4 سنوات، ورغم أن العرف المتداول في الأسواق الغربية هو ألا تزيد قيمة السهم عن ثلاثة أو أربعة أضعاف قيمته في حال أن المشروع محل المساهمة مشروع منتج .
عوامل مؤثرة
وأضافت الدراسة أن عملية تداول السهم تتأثر بعوامل عديدة، منها عوامل داخلية كالسيولة والطاقة الاستيعابية للمدخرات في الاقتصاد من خلال تعدد منافذ الاستثمار المختلفة، ومنها عوامل خارجية حيث تلعب الأوضاع الاقتصادية والسياسية العالمية دوراً كبيراً في تحديد اتجاهات الاستثمار والمفاضلة بين الاستثمار المحلي والخارجي . ومن أهم العوامل المؤثرة على أسواق التداول أسعار الفائدة العالمية التي تلعب دوراً كبيراً في حركة أسواق التداول حيث تعتبر إحدى البدائل المنافسة للاستثمار المحلي، فارتفاع معدلات الفائدة العالمية تؤدي إلى انتقال الأموال المحلية إلى الخارج مما يؤدي إلى هبوط النشاط في سوق الأوراق المالية المحلية وعلى العكس فإن انخفاض تلك المعدلات يؤدي إلى عودة الأموال المستثمرة في الخارج وتحريك النشاط في السوق المحلي . وتلعب تقلبات أسعار الصرف دوراً مهماً في تخفيف أثر أسعار الفائدة العالمية على السيولة المحلية . كما تمثل سوق العملات الأجنبية مجالاً استثمارياً بديلاً ومنافساً للسوق المالية المحلية، ويمكن قياس أهمية هذا البديل الاستثماري من خلال (حجم الأرصدة لدى البنوك الأجنبية) في الميزانية الموحدة للبنوك التجارية . ولا شك أن تقلبات أسعار الصرف للعملات الأجنبية الرئيسية كالدولار والإسترليني واليورو لها تأثيرات مباشرة في اتجاهات الرساميل المحلية، فكلما كانت أجواء المضاربة العالمية مثلاً مناسبة، مع توقع ارتفاع أسعار تلك العملات، اتجه المستثمرون نحو الاستفادة من ذلك الوضع مسببين تأثيراً انكماشياً على السيولة المحلية . إن التقلبات الشديدة التي تتعرض لها أسعار العملات العالمية، ورغبة بعض الدول الغربية في إبعاد عملاتها عن مخاطر المضاربات وتأثيراتها السلبية على اقتصاداتها يجعل هذا العامل في المستقبل أقل تأثيراً في أجواء الاستثمار المحلي والسوق المالية المحلية مما يعني مزيداً من الاستقرار لها .
الاستثمارات الأجنبية
وقالت الدراسة إن الاستثمار المباشر يعتبر في الاقتصادات المختلفة في الخارج مجالاً استثمارياً بديلاً لقنوات الاستثمار المحلي، وتنصب معظم هذه الاستثمارات في شراء العقارات وتأسيس الشركات أو شراء حصص كبيرة فيها، وإن تأثير هذا المجال في السوق المالية المحلية له طابع المدى الطويل بعكس سوق العملات الأجنبية وأسعار الفائدة العالمية التي تنعكس آثارها على المدى القصير نظراً لتوفر صفة السيولة فيها بدرجة أعلى . ويلاحظ أن الرساميل المحلية بدأت تنظر إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحذر اشد بسبب موجات التضخم والكساد والمشاكل الاقتصادية الأخرى . كما تلعب الأحداث السياسية العالمية بوجه عام وأحداث منطقة الشرق الأوسط بوجه خاص دوراً فعالاً في التأثير في النشاط والحركة في أسواق التداول المحلية . فتوتر الوضع السياسي العالمي يدعو الرساميل المحلية إلى العودة إلى السوق المحلي وتكوين قناعة بأفضلية توطين المدخرات المحلية في الداخل حفاظاً عليها من مخاطر الاستثمار الأجنبي في ظل الأوضاع السياسية المضطربة والتي يصعب معها حسم التوقعات الاقتصادية واتخاذ القرارات .
الشركات المساهمة
وأشارت الدراسة التي أعدها قطاع التخطيط بوزارة الاقتصاد إلى أن الشركات المساهمة العامة تعتبر من أفضل التنظيمات الاقتصادية التي يمكن من خلالها توفير أكبر قدر ممكن من المدخرات وتوظيفها في المجالات الاقتصادية المنتجة، إذ إن هذه الشركات تقوم على أساس تجميع الأموال اللازمة من خلال طرح رؤوس أموالها للاكتتاب العام من قبل الجمهور، مما يتيح للجميع المشاركة بمدخراتهم في امتلاك مجموعة من أسهم الشركة وتشجيعهم للمساهمة في النشاط الاستثماري . إضافة إلى ذلك فإن هذا النوع من الاستثمارات يوفر للمساهمين قدراً من السيولة للأصول الاستثمارية التي يملكونها، حيث يمكن في أي وقت من الأوقات بيع الأوراق المالية الممثلة لحقوق الملكية في أسهم هذه الشركات والحصول على أثمانها وخاصة في حال وجود سوق ثانوية رائجة لهذه الأوراق . إلى جانب ذلك فإن الإمكانات التمويلية الضخمة التي يمكن توفيرها من خلال هذا النوع من الشركات ومن خلال خضوعها لملكية قاعدة عريضة من المساهمين تتيح لهذه الشركات إمكانية الحصول على أكبر قدر ممكن من الوسائل والخبرات الفنية والإدارية المتقدمة . مؤكدة أن مساهمة هذه الشركات في خلق قاعدة اقتصادية قوية يتم من خلال تحقيق الانسجام بين الأهداف الخاصة والمادية لهذه الشركات من جهة والأهداف العامة للمجتمع من جهة أخرى . ومن الأهداف التي يمكن تحقيقها خلال هذه الشركات توفير احتياجات المجتمع من السلع والخدمات المختلفة بشكل يؤدي إلى تقليل الاعتماد على العالم الخارجي بدرجة ملموسة . وهذه الوظيفة الاستراتيجية لا يمكن تأديتها من خلال هذه الشركات إذا كان هدفها تحقيق أرباح مادية فورية فقط وعلى حساب المكاسب الاجتماعية والأهداف الاقتصادية للمجتمع، ولكي تتمكن هذه الشركات من الإسهام بفاعلية في دفع عملية التنمية الاقتصادية فلا بد من توزيعها على مختلف القطاعات الاقتصادية بشكل متوازن وبحيث يؤدي إلى توفير احتياجات المجتمع من السلع والخدمات المختلفة وبم يخدم قاعدة تنويع الإنتاج وتقليل الاعتماد على الخارج . إضافة إلى ذلك فيمكن للشركات المساهمة أن تخدم هدف تنويع القاعدة الإنتاجية من خلال توسيع القاعدة الصناعية للاقتصاد المحلي، وزيادة قنوات الاستثمار المحلي مما يتيح توظيف العوائد النفطية ويحفظها من مخاطر الاستثمار في الخارج . فضلا عن خلق سوق متطورة للتداول يعتبر أداة مهمة يمكن استخدامها بفاعلية في توجيه مزيد من الموارد المالية نحو الاستثمار والتشغيل، ولم تعد فكرة ضيق قاعدة الاقتصاد المحلي وضعف الطاقة الاستيعابية عائقاً في ظل التطور التكنولوجي الحديث الذي يوفر الامكانيات اللازمة لإخضاع الكثير من العقبات الاقتصادية والطبيعية والفنية .
تطورات سريعة
وأشارت الدراسة إلى ان حجم التداولات في الأسواق المالية في الدولة شهد تطورات سريعة كان له الأثر البالغ في التطورات الاقتصادية التي شهدتها الدولة، حيث كان لبعض الممارسات نتيجة عدم الخبرة الكافية للعديد من المستثمرين، ونتيجة للمضاربات الكبيرة التي حدثت على بعض الأسهم مما أدى إلى رفع القيمة السوقية لبعض الأسهم إلى مستويات كبيرة لاتعبر عن القيمة الحقيقية لهذه الأسهم، ومما ساهم في هذا الوضع توفر السيولة المالية لكثير من صغار المستثمرين من خلال استغلال البنوك لهذه الشريحة ورغبة البنوك في تحقيق عوائد مجزية في استغلال حجم السيولة الكبيرة المتوافرة لديها . وقد تطور حجم الناتج المحلي الإجمالي في الدولة (ماعدا قطاع النفط) من حوالي 2 .179 مليار درهم في عام 2001 إلى 8 .375 مليار درهم في عام 2006 وبمعدل نمو سنوي حوالي 16%، بينما يلاحظ بأن معدل نمو الناتج المحلي للقطاع الخاص بلغ حوالي 9 .11% خلال الفترة، وهذا مؤشر على الدور الكبير الذي مازالت تضطلع به الحكومة في النشاط الاقتصادي في الدولة، حيث بلغت مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي (ماعدا قطاع النفط) في عام 2001 حوالي 3 .53%، ارتفعت في عام 2005 إلى حوالي 1 .57%، وإذا أخذنا في الاعتبار القيمة السوقية للأسهم المتداولة في عام 2001 نجد بأنها قد بلغت حوالي 1 .50 مليار درهم، وهي تشكل نسبة حوالي 28% من حجم الناتج المحلي (ماعدا النفط)، ارتفعت في السنوات التالية نتيجة لتزايد النشاط في الأسواق المالية حيث وصلت هذه النسبة في عام 2005 إلى 9 .268% من حجم الناتج المحلي (ماعدا النفط) أي حوالي 7 .2 مرة من حجم الناتج المحلي، انخفضت في عام 2006 إلى 2 .137% من حجم الناتج (ماعدا النفط) نتيجةً للتصحيحات السعرية التي حدثت في عام 2006 نتيجةً للمضاربات على بعض الأسهم، وهذا يؤشر إلى مدى تأثير الأسواق المالية في النشاط الاقتصادي بشكل عام والقطاع الخاص بشكل خاص . إضافةً إلى ذلك فإنه نتيجةً لطبيعة النشاط الاقتصادي في الدولة والظروف التي كانت سائدة في الفترات السابقة ونتيجةً لتوافر الامكانات المالية الضخمة للحكومة فإن مساهمة الحكومة في النشاط الاقتصادي لاتزال كبيرة مقارنةً بالدول المتقدمة التي تتجاوز فيها مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي 85%، بينما يلاحظ بالنسبة لدولة الإمارات بأن مساهمة القطاع الحكومي في النشاط الاقتصادي (ماعدا قطاع النفط المملوك تقريباً بكامله للحكومة) قد بلغت في عام 2001 حوالي 7 .46% انخفضت في عام 2005 إلى حوالي 9 .42%، وعلى الرغم من أن هذا المؤشر يعتبر مهماً في مدى انخراط القطاع الخاص في العملية الاقتصادية مما يؤكد على أهمية الدور الذي يجب أن يلعبه القطاع الخاص وكذلك القطاع الحكومي في عملية توجيه الموارد المختلفة نحو التنمية، وتعتبر الأسواق المالية من الأدوات الأساسية التي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في توجيه المدخرات وبالتالي الاستثمارات وجذبها للانخراط في عملية التنمية ولذلك فإن الدولة ومن خلال الأسواق الأسواق المالية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في تحديد مسار الاستثمارات المختلفة، وذلك من حيث طرح إصدارات أولية تنسجم مع توجهات الخطة العامة للدولة وبما ينسجم مع الأهداف الاستراتيجية لخطط التنمية المتوازنة في كافة القطاعات الاقتصادية، وبحيث في مراحل لاحقة تشجع القطاع الخاص والأفراد على المشاركة في هذه المشروعات .
وأكدت الدراسة ان الأسواق المالية تعتبر من أهم الأدوات المالية التي تعتبر المصدر الأساسي لتمويل الاستثمارات طويلة الأجل وذلك بما تتيحه من تمويل مريح لكافة مشاريع التنمية، حيث كانت الأسواق المالية في مرحلة من المراحل من أهم مصادر تمويل النهضة الصناعية في الدول المتقدمة وذلك من خلال إصدار الأسهم والسندات من قبل الحكومة والشركات الخاصة مما كان له الأثر الكبير في تقدم تلك الدول . إضافةً إلى ذلك فإن الأسواق المالية من خلال انفتاحها على الاستثمارات الأجنبية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في حركة النشاط الاقتصادي محلياً والذي بدوره إضافةً إلى التمويل الخارجي لكثير من المشروعات يمكن أن تساهم في نقل التكنولوجيا المتقدمة من خلال هذه الاستثمارات، كذلك فإن الأسواق المالية من خلال أدواتها المختلفة تساعد الدولة في تنفيذ سياساتها المالية والنقدية بشكل أكثر كفاءة .