الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. وبعد:
الشركات التي تتعامل بالمعاملات الربوية قرضاً أو اقتراضاً مع أن نشاطها الأساسي في أصل مباح كصناعة الحديد أو البتروكيماويات أو الزراعة أو الصناعة أو الخدمة العامة، اختلف أهل العلم في جواز بيع وشراء أسهمها على قولين، أصحهما هو القول القاضي بتحريم شراء وبيع أسهم تلك الشركات، وهذا هو قول أكثر العلماء المعاصرين وأكثر المجامع الفقهية والهيئات، وهو قول المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ومجمع الفقه الإسلامي لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وفتوى اللجنة الدائمة برئاسة شيخنا ابن باز وهو آخر القولين لشيخنا محمد بن عثيمين _رحمهم الله جميعاً_ واستدلوا بأن السهم يمثل حصة مشاعة من صافي مكونات الشركة، ومالك السهم شريك في هذه الشركة المساهمة، وإذا كانت الشركة تقترض أو تقرض بالربا فيكون مالك السهم شريكاً في هذه الشركة المساهمة، وإذا كانت الشركة تقترض أو تقرض بالربا، فيكون مالك السهم قد تُعُومل بجزء من أسهمه بالربا؛ لأن الشركة مبناها على الوكالة، فالمساهم إما أن يقوم بنفسه أو يقوم غيره كأعضاء مجلس الإدارة بالعمل، وعليه فالمساهم في شركةٍ ترابي بالربا فهو يعد شريكاً في هذا التعامل قلَّتْ نسبة الربا أو كثرت، وكونه يدعي عدم رضاه لا يخوله بالاستمرارية وله مندوحة عن المساهمة فيها.
وأما الاستدلال بجواز الدخول في مثل هذه الشركات إذا كانت نسبة الربا يسيرة مستدلين على ما ذهبوا إليه، ببعض القواعد الفقهية مثل “القليل لا يمكن التحرز عنه ولا يستطاع الامتناع عنه فسقط اعتباره دفعاً للحرج كقليل النجاسة، وقليل انكشاف العورة”، “وما لا يمكن التحرز منه فمعفو عنه” وقالوا وهذا يعني جواز إمكان تخريج حكم تداول أسهم هذه الشركات المختلطة على هذه القواعد، واعتبار تداول هذه الأسهم جزئية من جزئيات هذه القواعد.
والجواب على هذه القواعد أن يقال :
أولاً: إنما هذه القواعد إنما ذكرها أهل العلم في مسائل يشق ويصعب على المسلم أن يتحرّز عنها وإلا لأدى ذلك إلى تكليفه ما لا يطاق، مثل يسير النجاسة كرذاذ البول وما يبقى بعد الاستجمار في السبيلين، وهل مثل هذه المسائل يمكن أن يكون ذلك في شراء أسهم الشركات التي تتعامل بالربا…؟! هذا بعيد كل البعد.
ثانياً: إن اليسير الذي تحدث عنه العلماء إنما هو اليسير بالنظر إلى ذات النجاسة نفسها أو الشيء نفسه وأما القائلون بجواز أسهم الشركات المختلطة فلم ينظروا إلى يسير الربا نفسه فيجوزوا ما لا تتبعه همة أوساط الناس أو لا يكترث الناس به، ولكنهم نظروا إلى اليسير بجانب رأس المال فيسير شركة رأس مالها (100) مليار ريال مثلاً هي (5%) أو أقل فتكون خمسة مليار، وهذه الخمسة مليار عندهم يسيرة لأنهم قاسوها بجانب رأس المال ويسير شركة رأس مالها (100) مليون هو خمسة مليون فأقل، فأنت تلاحظ أن اليسير هنا يختلف من شركة إلى أخرى، وهذا فيه ما فيه من البعد والمخالفة للقواعد التي ذكرها دليلاً لهم.
ثالثاً: إن اليسير المعفو عنه في القواعد السابقة إنما هو اليسير الذي لم يرد نص شرعي بخصوصه، أما الربا فقد ورد النص الشرعي بحرمته قلّت نسبة الربا أو كثرت، وقد روى الإمام أحمد في مسنده والنسائي وغيرهما بإسناد قوي عن سعد بن أبي وقاص _رضي الله عنه_ قال: سئل النبي _صلى الله عليه وسلم_ عن بيع الرطب بالتمر، فقال: “أينقص الرُّطب إذا يبس، قالوا: نعم. قال: فلا إذن” فالرسول _صلى الله عليه وسلم_ منع وحذر من الربا ولو كان مقدارهما عند الوزن واحداً، غير أن تحوّل الرطب إلى يابس بعد زمن ينقص وزنه مع أن ظاهرهما في الحال التساوي ومع ذلك منع النبي _صلى الله عليه وسلم_ منه فكيف يُرخص في شراء أسهم الشركات المختلطة مع التصريح في الربا قرضاً واقتراضاً قال القرطبي _رحمه الله_: “ما جرى الربا فيه بالتفاضل في كثيره، دخل قليله في ذلك قياساً ونظراً” ا.هـ تفسير القرطبي (3/352) وقال الخطابي في معالم السنن (5/25): “ولا فرق بين القليل والكثير فيما يدخله الربا، لأن أحداً لم يجوّز الدينار بالدينارين، والدرهم بالدرهمين” ا.هـ، وقال ابن تيمية _رحمه الله_: “والربا حرام كله قليله وكثيره”، وبهذا يتبين أن هذه القواعد التي اعتمدوا عليها لا تصلح للاستدلال، والقياس والاجتهاد في مقابلة النص مردود كما يقول الأصوليون أما الشركات التي لم تقرض أو تقترض بالربا ولم يوجد في قوائهما المالية أيّ استثمار محرّم مجمع على تحريمه، فيجوز شراء أسهمها وبيعها والله أعلم، وهذه إجابة مختصرة ولعلّه يتسنى الإجابة والردود على كل الشُّبَه التي يستدل بها القائلون بالجواز، والله أعلم وأحكم، وصلى الله على نبينا محمد.
منقول
شبكة نور الإسلام – اختلاف العلماء في الأسهم المختلطة
لقد حرم الله الربا وقرر أنه من أكبر الكبائر كما بَيَّن أنه سبب لعقوبات عديدة في الدنيا والآخرة.
ولم يقف عند هذا الحد ، بل منع الاسلام من تقديم أي مساعدة للتعامل الربوي ([1]).
وتنوعت أدلة تحريمه فقد جاء ذلك في الكتاب والسنة وأجمع المسلمون على ذلك وسنذكر –إن شاء الله تعالى- الأدلة من الكتاب ثم من السنة ثم الإجماع على ذلك:-
المبحث الأول:- أدلة تحريم الربا في القرآن الكريم:-
لا شك أن القرآن قد نهى عن كثير من المنكرات وشدد الوعيد في بعضها، ولكن الكلمات التي جاء بها لإعلان حرمة الربا أشدُّ وآكد من الكلمات التي أوردها للنهي عن سائر المنكرات والمعاصي([2]).
وذكر الله -عز وجل- تحريم الربا في آيات من كتابه الكريم منها:-
1. قوله تعالى:-” الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المسِّ ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون” [ البقرة : 275 ] .
ويستدل بهذه الآية على تحريم الربا من عدة وجوه هي:-
q الوجه الأول : ذكر حال المرابي في قوله “الذين يأكلن الربا ” وحتى قوله “ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا”:-
روى الإمام الطبري -رحمه الله- عن سعيد بن جبير –رحمه الله- في تفسير هذه الآية قوله:- (يبعث آكل الربا يوم القيامة مجنوناً يخنق) ([3]).
ونقل عن قتادة قوله:- (وتلك علامة أهل الربا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبل من الشيطان) ([4]).
ومعنى الآية:-
أن الذين يربون الربا لا يقومون في الآخرة من قبورهم إلا كما يقوم الذي يخنقه الشيطان فيصرعه من الجنون([5]).
والله سبحانه وتعالى إنما يرتب هذه العقوبات على المعاصي والموبقات لا على القربات والمباحات.
وذكره سبحانه لحالهم هذا وأنهم كما كانوا في الدنيا في طلب المكاسب الخبيثة كالمجانين، عوقبوا في البرزخ والقيامة ، بأنهم لا يقومون من قبورهم، أو يوم بعثهم ونشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الجنون والصرع يدل على الترهيب من هذا العمل الذي يكون مصير فاعله في الآخرة هذا الحال.
ــ تنبيه:-هذا الوعيد ليس خاصاً بالأكل فليس المقصود من الربا في هذه الآية الأكل إلا أن الذين نزلت فيهم هذه الآيات كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا فذكرهم بصفتهم معظماً بذلك عليهم أمر الربا ومقبحاً إليهم الحال التي هم عليها في مطاعمهم ويدل لهذا القول قوله تعالى: ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين” الآية [ البقرة : 278 ] فالتحريم من الله في ذلك لكل معاني الربا وهي تدل على أن العمل به وأكله وأخذه وعطاؤه سواء([6]).
q الوجه الثاني:- في قوله تعالى :- (وأحل الله البيع وحرم الربا)
وهذا تحريم صريح جازم في كتاب الله([7]).
ومعنى الآية:-
أن الله تعالى أحل البيع وحرم نوعاً من أنواعه وهو البيع المشتمل على الربا.
q الوجه الثالث:- في قوله تعالى:- (ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
ففي هذا أن الربا موجب لدخول النار والخلود فيها، وذلك لشناعته ما لم يمنع من الخلود مانع الإيمان([8]).
2. الدليل الثاني من القرآن:- قوله تعالى:- (يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفّار أثيم) [ البقرة : 286 ] .
وهذه الآية أيضاً تدل على تحريم الربا ويستدل بها على ذلك من أربعة وجوه هي:-
q الوجه الأول:- أنَّ الله تعالى يذهب الربا إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به بل يعدمه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة([9]).
وهذا يدل على تحريمه لأن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً كما ورد ذلك في عدة أحاديث([10]).
q الوجه الثاني:- في قوله تعالى:- “والله لا يحب كل كفار أثيم”
فحرمانه([11]) من محبة الله يستلزم بغضه ومقته له([12]) ، وهو يدل على تحريم عمل المرابي الذي بسببه استحق غضب الله ومقته.
q الوجه الثالث:- تسميته كفاراً، أي مبالغاً في كفر النعمة بقسوته على العاجز عن القضاء، واستغلاله لما يعرض له من الضرورة بدلاً من إنظاره وتأخير دينه إلى الميسرة وإسعافه بالصدقة ، أو كفاراً الكفر المخرج من الملَّة إن استحلَّه([13]).
q الوجه الرابع:- تسميته أثيماً وهي صيغة مبالغة من الإثم ، وهو كل ما فيه ضرر في النفس أو المال أو غيرهما ([14]).
3. الدليل الثالث من القرآن الكريم:- قوله تعالى:- “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلمون ولا تُظْلمون” [ البقرة : 278 – 279 ]. وهاتان الآيتان تدلان على تحريم الربا من عدة وجوه هي:-
q الوجه الأول:- من قوله:- “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا” :-
حيث أمر الله تعالى عباده المؤمنين بتقواه نهياً لهم عمَّا يقربهم إلى سخطه ويبعدهم عن رضاه، أي خافوه وراقبوه فيما تفعلون “وذروا ما بقي من الربا” أي اتركوا ما لكم على الناس من الزيادة على رؤوس الأموال بعد هذا الإنذار([15]).
وهذا يدل على أن الربا من أسباب سخط الله تعالى لأن الله نهى المؤمنين عنه وأمرهم بالتخلص مما بقي منه ومن خالف أمر الله تعالى فقد عرَّض نفسه للهلاك والعقاب إن لم يتب إلى الله تعالى فيتوب الله عليه.
q الوجه الثاني:- من قوله تعالى:- “إن كنتم مؤمنين” :- أي بما شرع الله لكم من تحليل البيع وتحريم الربا وغير ذلك([16]).
ومما يفهم من الآية الكريمة أن من مقتضيات الإيمان ترك الربا ([17])، وهذا يدل على تحريمه.
q الوجه الثالث:- من قوله تعالى:- “فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله” :-
وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن استمر على تعاطي الربا بعد الإنذار([18])، وأذان الحرب من الله ورسوله بسبب هذه الجريمة يدل على أنها من الكبائر([19]).
يقول الإمام القرطبي- رحمه الله- دلت هذه الآية على أن أكل الربا والعمل به من الكبائر) ([20]).
q الوجه الرابع:- من قوله تعالى:- “وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون”.
فوصَفَه بالظلم وهو ظلم محقق لأن فيه تسلط الغني على الفقير ومعلوم أن ظلم المحتاج أعظم من ظلم غير المحتاج ([21])، وقد قال تعالى في الحديث القدسي – محرماً الظلم- :”يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا” رواه مسلم([22]).
4. الدليل الرابع من القرآن الكريم:- قوله تعالى:- “وما ءاتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون”.
ومعنى (لا يربوا عند الله): أي لا يحكم به بل هو للمأخوذ منه، وهذه الآية تدل على تحريم الربا على القول بأنها في الربا المحرم وهو أحد الأقوال في تفسير هذه الآية([23]).
*هذا ما تيسر من ذكر الأدلة من كتاب الله تعالى على تحريم الربا، ومَنْ تأمّل بعض ما تقدم حصل له العلم اليقيني بأنه من المحرمات التي نهى الله تعالى عنها نهياً أكيداً ورتب عليها العقوبة في الدار الآخرة، وننتقل الآن لذكر الأدلة على ذلك من سنة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
المبحث الثاني:- أدلة تحريم الربا في السنة المطهرة:-
إنَّ الأحاديث في تحريم الربا كثيرة ومشهورة، وقد توعَّد الله آكل الربا بضروب من الوعيد مما يدل على عظم إثمه وفحش ضرره فقد تنوع الوعيد عليه في النصوص القرآنية – كما سبق بيانه- والأحاديث النبوية، فعدَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المرابي من أهل الموبقات وهي أكبر الكبائر ووردت عدة أحاديث صحيحة في لعن آكل الرِّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، ووردت عدة أحاديث في الوعيد الشديد عليه وسنذكر فيما يلي بعض هذه الأحاديث ونجملها في العناوين التالية:-
1) ما ورد من لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لآكل الربا ومن عاونه على هذا الباطل:-
; عن جابر رضي الله عنه قال:” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء” رواه مسلم([24]).
; وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله” رواه مسلم([25]).
; وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ” لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة: آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والحالّ والمحلَّل له ومانع الصدقة، والواشحة والموستوشحة ” رواه الإمام أحمد([26]).
2. ما ورد من نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن آكل الربا وعدِّه من الموبقات:-
; عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: ” نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم ، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور” رواه البخاري([27]).
; وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هي يا رسول الله، قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات” متفق عليه([28]).
3. ما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم من تقريره – في خطبته في حجة الوداع – لتحريم الربا ووضعه:-
عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول:-
” ألا إنَّ كل ربا من ربا الجاهلية موضوع، لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ، ألا وإن كل دم من دم الجاهلية موضوع، وأول دم أضع منها دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعاً في بني ليث فقتلته هذيل، قال: اللهم هل بلغت؟ قالوا: نعم. ثلاث مرات.قال:- ” اللهم اشهد” . ثلاث مرات. رواه أبو داود ومسلم نحوه([29]).
4. ذكره صلى الله عليه وسلم لعقوبة من يظهر فيهم الربا:-
; عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب” رواه الإمام أحمد([30]).
; وعن أبي أمامة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:- ” يبيت قوم من هذه الأمة على طعم وشرب ولهو ولعب فيصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير ، وليصبنهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولون خسف الليلة بدار فلان ، ولترسلن عليهم حجارة من السماء كما أرسلت على قوم لوط على قبائل فيها، وعلى دور بشربهم ، ولترسلن عليهم الريح العقيم التي أهلكت عاداً على قبائل ، وعلى دور شربهم الخمر ولبسهم الحرير واتخاذهم القينات وأكلهم الربا، وقطيعة الرحم..” رواه الإمام أحمد مختصراً([31]).
5. ما ورد في حديث الإسراء وغيره من ذكر عقوبة المرابي يوم القيامة:-
; عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرَّجل الذي في النهر ، فإذا أراد الرجل أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فردَّه حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع حيث كان ، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيته في النهر : آكل الربا “. رواه الإمام أحمد مختصراً والبخاري بهذا اللفظ([32]).
; وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ” أتيت ليلة أسري بي على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا” . رواه الإمام أحمد([33]).
6. ما ورد من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه أشد من الزنا والعياذ بالله:-
; عن عبد الله بن حنظلة الراهب “مرفوعاً” : ” درهم ربا يأكله الرجل – وهو يعلم – أشد عند الله من ست وثلاثين زنية ” رواه الإمام أحمد والدارقطني ([34]).
; وعن البراء بن عازب رضي الله عنه مرفوعاً : ” الربا اثنان وسبعون باباً ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه، وإن أدنى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه ” رواه الطبراني([35]) .
; وعن وهب بن الأسود خال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” دخلت على رسول الله فقال لي: ألا أنبئك بشيء من الربا؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: ” الربا سبعون باباً ، أدنى فجرة منها كاضطجاع الرجل أمه” ([36]).
7. ما ورد من الأحاديث الدالة على محق البركة من المال الذي رابى فيه صاحبه ، وأن عاقبته إلى زوال:-
; عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الربا وإن كَثُر فإن عاقبته إلى قل” رواه الإمام أحمد([37]).
قال ابن كثير – رحمه الله – : (وهذا من باب المعاملة بنقيض المقصود) ([38]).
وقال معمر: (سمعت أنه لا يأتي على صاحب الربا أربعون سنة حتى يمحق)، وقاله الثوري ، وقال عبد الرزاق : قد رأيته. رواه عبد الرزاق([39]).
8. ما ورد من إنكار الصحابة رضي الله عنهم على من تعامل بالربا أو أذن في ذلك:-
; عن سليمان بن يسار : ” أن صكاك التجار خرجت فاستأذن التجارُ مروانَ في بيعها فأذن لهم، فدخل أبو هريرة – رضي الله عنه- عليه فقال له: ” أذنت في بيع الربا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتري الطعام ثم يباع حتى يُستوفى ” .
قال سليمان : فرأيت مروان بعث الحرس فجعلوا ينتزعون الصكاك من أيدي من لا يتحرج منهم” رواه الإمام أحمد([40]).
والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، وكتب الفقه والحديث والتفسير وغيرها مليئة بالنقول عن كبار العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب وغيرهم…
وفي هذا القدر من أدلة السنة على تحريم الربا كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد([41]).
المبحث الثالث:- دليل الإجماع على تحريم الربا :-
لقد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع الأمة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في بعض صوره، وممن نقل ذلك :-
1. الإمام النووي :- حيث يقول رحمه الله- : ( أجمع المسلمون على تحريم الربا وأنه من الكبائر وقيل إنه كان محرماً في جميع الشرائع وممن حكاه الماوردي) ([42]).
2. شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:- يقول رحمه الله:- ( المراباة حرام بالكتاب والسنة والإجماع) ([43]).
3. الإمام الصنعاني:- حيث قال:- (وقد أجمعت الأمة على تحريم الربا في الجملة وإن اختلفوا في التفاصيل) ([44]).
; ومن راجع أقوال العلماء في الربا علم يقيناً أن الربا محرم مجمع عليه، فهو من المحرمات التي لا يسع جهلها…. ولا تجد أحداً من أهل العلم إلا قال لك: الربا حرام، ولا تجد باحثاً مسلماً يخشى الله إلا وهو يحكي التحريم عمن قبله.
v هذا ما تيسر جمعه من أدلة تحريم الربا، وهي كما سبق تدل دلالة قطعية على ذلك لمن تأملها.
جزاك الله خير وغفر لنا زلاتنا والمسلمين اجمعين
يارب كمان الجماعه بالسوق يحطوا نسب التطهير عشان ندعيلهم كتير