بسم الله الرحمن الرحيم
كان عدد جيش المسلمين سبعة وعشرين ألفا ً ، وعدد جيش النصارى عشرين ومائة ألف ( أي: 120,000 ).
وأرسل الأمراء إلى أبي بكر يُعلمونه بما وقع من الأمر العظيم وطلبوا منه مددا ً ، فكتب إليهم أن اجتمعوا وكونوا جندا ً واحدا ً ، فأنتم أنصار الله ، والله ينصر من ينصره ويخذل من يكفره ، ولن يؤتى مثلكم عن قلة ، ولكن من تلقاء الذنوب فاحترسوا منها.
ثم قال أبو بكر رضي الله عنه : والله لأشغلن النصارى عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد ، وبعث إليه بالعراق ليقدم إلى الشام ، وإن وصل إلى الشام فهو الأمير على الجميع ، فاستناب خالد المثنى بن حارثة ، وتوجه إلى الشام مسرعا ً في تسعة آلاف وخمسمائة وسلك طرقا ً لم يسلكها أحد قبله ، اختصارا ً للطريق فاجتاب البراري والقفار وقطع الأودية ، وأخذ دليلا ً وهو نافع بن عميرة الطائي.
وكانت أرضا ً معطشة فلما فقدوا الماء ، نحروا الإبل وسقوا ما في أجوافها للخيل ، ووصل في خمسة أيام ، وكان قد قال له أحد الأعراب قبل مسيره : إن أنت أصبحت عند الشجرة الفلانية في يوم كذا ، نجوت أنت ومن معك ، وإن لم تدركها هلكت أنت ومن معك ، فأصبحوا عندها فقال : عند الصباح يحمد القوم السرى ، فصارت مثلا ً ، وخرج رجل من نصارى العرب يجس أمر الصحابة فقال : وجدت قوما ً رهبانا ً بالليل فرسانا ً بالنهار ، والله لو سرق فيهم ابن ملكهم لقطعوه ، أو زنى لرجموه ، فقال له قائد الروم : والله لئن كنت صادقا ً لبطن الأرض خير من ظهرها.
ولما أقبل خالد من العراق لقيه رجل من نصارى العرب ، فقال له : ما أكثر الروم ، وما أقل المسلمين.
فقال خالد : ويلك أتخوفني بالروم ؟ إنما تكثر الجنود بالنصر وتقل بالخذلان لا بعدد الرجال ، والله لوددت أن الأشقر ( اسم فرسه ) برأ من وجعه ، وأنهم أضعفوا العدد.
وطلب ماهان قائد الروم أن يقابل خالد بن الوليد فخرج إليه خالد فقال ماهان : إنا قد علمنا أن الذي أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع ، فهلموا إلي أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعام ، وترجعون إلى بلادكم ، فإذا كان العام المقبل بعثنا لكم بمثله ، فقال خالد : إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت ، غير أنا قوم نشرب الدماء ، وأنه بلغنا أن لا دم أطيب من دم الروم فجئنا لذلك.
ثم تفرقا وتنازل الأبطال وتجاولوا في الحرب ، وقامت الحرب على ساق. وأقبلت الروم رافعة صلبانها ولهم أصوات مزعجة كالرعد ، والقساوسة والبطارقة تحرضهم على القتال ، وهم في عدد وعدة لم ير مثلها ، وحمل المسلمون على الروم حملة جل واحد ، فانكشفت الروم وفروا وانتهت المعركة بنصر ساحق للمسلمين.
لقد نقلت الموضوع من مدونة إحسان. و المصدر ،كتاب حقبة من التاريخ للشيخ عثمان الخميس.
جـــــــزاك الله خيـــــــرا …
فـــــــي ميــــــزان حسناتك ان شاءالله …