يبدو ان السوق فاجأ الكثيرين كالعادة!
رغم ان ما حدث كان متوقعا من مدة طويلة …
فسوقنا لا يختلف عن باقي اسواق المال الاخرى
ولا بد له من المرور بدورات الصعود والهبوط كغيره
ولا يوجد سبب للإصرار على حتمية استمراره في التصحيح (الانهيار) الى ما لا نهاية
ذكرت سابقا ان السوق انهى مرحلة التصحيح بنهاية عام 2006 بناء على دلائل فنية عديدة اوضحت بعضها في المنتدى
وكان من المتوقع بدء دورة الصعود الجديدة في بداية هذه السنة طبقا لنظريات وحسابات نسب التراجع والدورات الزمنية
وشاهدنا العديد من الدلائل التي تؤكد ظنوننا مثل دخول الاموال الذكية (وخاصة المحافظ الاجنبية) في ذلك الوقت والتي عرفنا عنها عند الخروج العنيف لبعضها بعد مسرحيات شركة اعمار
كما رأينا في وسائل الاعلام تأكيدات عديدة على انتهاء التصحيح من بعض الفعاليات الاقتصادية مثل محافظ المصرف المركزي ورئيس هيئة الاوراق المالية والسلع وغيرهم
وشهدنا عودة محافظ معينة للسوق المحلي (مثل شعاع) وإنشاء محافظ جديدة (مثل محفظة الضمان وغيرها لبنك الامارات الدولي) علما بأن هذه المحافظ بالذات كانت من الحالات النادرة التي استطاعت الافلات من الانهيار في الوقت المناسب
كما بدأت بعض البنوك الوطنية الكبرى حينها في تبسيط اجراءاتها المتعلقة بالتسهيلات المصرفية بضمان الاسهم (المارجن) في دلالة واضحة على توقعاتها ببدء دورة صعود جديدة للسوق
ولعلنا نذكر كذلك بدء مسلسل التحليلات و التقييمات الايجابية للعديد من الاسهم من قبل “بيوت الخبرة” الغير محايدة في مجملها
وذكرنا في ذلك الوقت بعض العوامل الاقتصادية الايجابية التي كانت تشجع على بدء دورة جديدة للسوق مثل تماسك اسعار النفط الخام خلافا للتوقعات السابقة و توقف مسلسل الانخفاضات المتتالية لمعدلات الفائدة الأمريكية وبوادر حدوث ركود في القطاع العقاري في الدولة … الخ
يعني كانت اغلب الدلائل تشير الى حتمية انتهاء التصحيح وبدء حركة صاعدة ايجابية جديدة للسوق
طبعا بإستثناء الأزمة الاقليمية للملف النووي الايراني والتي كانت ومازالت العقبة السلبية الرئيسية في المنطقة
وكانت توقعاتنا ان تشير الى حدوث ارتفاع خاطف ومفاجيء في المؤشر العام للسوق بنسبة %15 الى %20 متبوعا بالدخول في مرحلة تماسك في اتجاه صاعد معتدل
على ان تأتي اشارات البدء لهذه المرحلة متمثلة في صحوة متوقعة لسوق ابوظبي المالي بالتزامن مع بدء حفلة ما أسميته حينها بـ “اعمار الصغيرون” أي سهم سوق دبي المالي
وفعلا سارت الامور على ما يرام في بداية هذه السنة
الى ان قامت ادارة شركة اعمار العقارية بتوجيه عدة ضربات موجعة ومتتالية للسوق …
فشهدنا مهزلة إذلال المساهمين خلال اجتماع الجمعية العمومية الاخيرة وما شابها من تعامل غير حضاري حيال اعتراضات الحضور المغلوبين على امرهم بخصوص صدقة التوزيعات الهزيلة
ومرورا بصفقة دبي القابضة التي مازال يكتنفها الكثير من الغموض وتحوم عليها علامات الريبة والشكوك
وانتهاءا بفضيحة التغرير المتعمد بالمتداولين عن طريق تسريب (بصورة شبه رسمية عن طريق مدير اعمار للخدمات المالية) لتوقعات ارباح فصلية اعلى بكثير من الارباح الفعلية التي تم الاعلان عنها للربع الاول من 2007
اضافة الى التصريحات المتناقضة بخصوص احتمالية تحويل املاك الى مصرف اسلامي
وطبعا كل هذه الانتهاكات تضاف لسجل ادارة الشركة الحافل والمشين في خداع المتداولين والتلاعب بسعر السهم لمنفعة جهات معينة دون حسيب او رقيب
ولا عزاء لقوانين “حوكمة الشركات” ومباديء الافصاح والشفافية التي تتشدق بها ادارة الشركة
طبعا أدى ذلك الضغط الرهيب على سهم اعمار وعلى السوق بالتبعية الى تغيير كل الموازين والحسابات – على غرار مبدأ ان الخبر يقتل الشارت – ودخل السوق مباشرة بعدها في ما بدا انه نفق مظلم جديد
وتم الضغط على المؤشر العام بشراسة عن طريق سهم اعمار وبعض الاسهم الثقيلة وزنياً في حساب المؤشر العام مثل بنك دبي الاسلامي ودبي للاستثمار واملاك
وعمّ التشاؤم على العديد من المتداولين وخرجت التحليلات المرعبة في المنتديات عن استمرار انهيار السوق وحتمية هبوط الاسهم لقيعان جديدة
ولكن كانت بواطن الامور تظهر خلاف ما كان يبدو في الظاهر …
فقد كان بوسع أي شخص ينظر للأمور بمنطقية ان يستشّف بعض الظواهر المريبة التي كانت تشير الى الضغط المفتعل والغير مقنع على المؤشر العام للإيحاء بحتمية سقوطه للدرك الاسفل – مثلا،
– اغلب النقاط التي خسرها المؤشر كانت عن طريق سهم اعمار وبعض الاسهم المرتبطة به في تحركاتها بينما كانت العديد من الاسهم الاخرى تغرد خارج السرب
– عدم كسر سهم اعمار لقاعه التاريخي السابق المحقق قبل سنة بالرغم من نزول المؤشر العام لأدنى مستوياته!
– دخول سوق ابوظبي في دورة صعود قوية ومتوازنة خلال الفترة الماضية
تحقيق العديد من الاسهم في السوقين وبالذات في ابوظبي لإرتفاعات ممتازة شاملة الـ “لمت-اب” في كثير من الاحيان
– تحقيق بعض الاسهم لأسعار عليا جديدة وإعتلائها لمتوسط الـ 200 يوم
– استمرار دخول الاموال المؤسساتية الذكية (من محافظ محلية واجنبية) وبنائها لمراكز استثمارية في السوق بحسب الإحصاءات الدورية التي تنشر في وسائل الاعلام
اذا كل ما سبق كان يدل بكل وضوح على انحسار ضغوط المسار الهابط العام على السوق في تناقض واضح مع احتمالية استمرار مسلسل الانهيار البغيض كما يعتقد البعض
ويبقى السؤال معلقا بخصوص تصرفات ادارة شركة اعمار والمغزى المراد منها …
– فهل كان المراد “تنفيض” المساهمين كبارهم وصغارهم من سهم اعمار للإستئثار به من قبل جهات معينة لأسباب قد نعلمها لاحقا
– ام لتهميش متعمد لدوره كقائد للسوق ومحاولة تتويج اسهم “شابة” اخرى قد يكون بالإمكان رفعها بسهولة اكبر من اعمار الثقيل وبالتالي تمكين الملاك الاستراتجيين من تحقيق عوائد اكبر بكثير من اعمار التي قد تواجه مصاعب مرتبطة بالركود المتوقع في القطاع العقاري محليا خلال السنوات المقبلة
– ام لمحاولة انزال السهم والسوق عموما لمستويات اكثر اغراءا لدخول محافظ واموال اجنبية قد تكون ضرورية لتوفير الوقود الكافي لمرحلة الصعود المقبلة
فلابد من استيراد “حطب” جديد للسوق لأن الحطب المحلي تم حرقه عن بكرة ابيه تقريبا ويحتاج لوقت اطول لينمو من جديد …
اما السيولة التي تم الإستيلاء عليها من قبل المنتصرين في المعركة السابقة فقد تم توجيه غالبيتها الى مشاريع طويلة الأمد داخليا وخارجيا ولا ينتظر عودتها في القريب العاجل
– ام هل كان تخوفاً من ان تُجهض مبكرا محاولة صعود السوق حينها بدون التأكد من دخول سيولة جديدة
حيث انه من المعلوم ان الكثير من المتعلقين في سهم اعمار (وخاصة بعض المحافظ والهوامير) قاموا بتعديل اسعار شرائهم الى معدلات اقل بمرور الوقت وان النطاق الواقع بين 15 و 17 درهم سيكون مغرياً للعديد منهم لرش السهم بدون هوادة والخروج من السوق مما قد يؤدي الى انتكاسة كارثية
ولكن بغضّ النظر عن دواعي تصرفات ادارة اعمار – هناك شيء يجب ان لا يغيب عن بال الجميع
وهو ان هناك جهات معينة تجني ذهبا خالصا من السوق ولن تقوم بالإضرار به عمدا بأي حال من الاحوال
يعني قد يكون الضغط على السوق في صالح الجميع في النهاية لأنه سيؤدي الى طفرة اسرع من المتوقع على اساس ان لكل فعل هناك ردّ فعل مساوي له في المقدار ومعاكس في الاتجاه
يعني بالعربي الفصيح: كل ما فلان يمطّ اللاستيك اكثر – بينطلق اسرع وأقوى في النهاية …
والمهم الآن محاولة الاستفادة من تحركات السوق وبدون افراط في التفاؤل او التشاؤم
ولا يهم ان كان اعمار متوجها الى 7 او 17 او 70
المهم محاولة اغتنام الفرص وبحرص في اي سوق واي سهم
والله يعين كل من تعلق بأوهام الـ 7 دراهم خلال الشهور الطويلة الماضية …
كما يتوجب الحكم على تحركات السوق من خلال النماذج السعرية ومخرجات التحليل الأساسي والفني فقط وبدون المحاولات الغير مجدية للخوض في دوافع هذه التحركات ومغزاها مع وجوب التجاهل التام للشائعات والاخبار الغير موثوقة
وطبيعي ان هناك من يتضايق من هبوط السوق ولكن من الغريب ان نجد البعض منزعجين من صعوده
على قولة المثل: ” دمّيت كلني السمج ……… غفّيت كلني الطير”
ولكن طبعا السوق لا يبالي بمشاعر اي شخص في نهاية المطاف …
واختم مشاركتي بهذه الحكمة من “جيسي ليفرمور” احد اشهر المضاربين الأمريكيين قبل عشرات السنين:
“تسيطر مشاعر الخوف والأمل على المتداولين في السوق – ولكن تكمن المشكلة الكبرى في ان غالبيتهم يحسّون بهذه المشاعر بطريقة معكوسة – فهم يتعلقون بحبال الأمل في الوقت الذي يجب ان يشعروا فيه بالخوف بينما يتغلبهم الخوف في الوقت الذي كان من المفروض ان يحسّوا فيه بالتفاؤل”
اتمنى التوفيق والربح الوفير للجميع
مع اطيب تحية ،،
سومر
هذه المقال للاخ سومر وضعه في موضوع للاخ محمد السويد عن القائد الجديد دبي الاسلامي وحبيت ان انقله في موضوع منفصل كون المقال يستحق فتح موضوع له فقط
ارباب
جزاك الله خيرر ارباب
جزاك الله خير
كلام موزون ورؤية واضحة ونظرة ثاقبة لوضع السوق
بارك الله فى الكاتب والناقل
من أجمل ما قرأت في هذا المنتدى
جزى الله الكاتب والناقل كل خير
الصراحه موضوع ينم عن رؤيه شموليه ويستحق افراد موضوع له وفق الله كاتبه وناقله وقارئه
جزاك الله كل خير أخي الغالي ارباب