الأزمة المالية تفرض الاندماجات بين المؤسسات الكبرى

قال حسين القمزي الرئيس التنفيذي لبنك نور الإسلامي إن ما يحصل الآن هو أزمة مالية عالمية وليس أزمة اقتصادية وأضاف قائلا لقد شاهدنا الأزمة التي عصفت بمنطقة جنوب شرق آسيا في نهاية القرن الماضي لقد كانت أزمة مالية وكان يمكن لها أن تتحول إلى أزمة عالمية لولا تدخل العالم لتطويقها، وبرأيي أن التدخل لدعم القطاع المالي من شأنه أن يحافظ على دعم الاقتصاد هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى فإن دولة الإمارات دولة غنية لها وضع مختلف ولديها سيولة فيما تحقق أسعار البترول في الوقت الحاضر مدخولات كبيرة، لذلك أنا مع استمرار السياسة الداعية إلى ضخ السيولة، فطالما أن السيولة مستمرة في المصارف فلن يتأثر اقتصادنا بهذه الأزمة، ولا أقصد ضخ السيولة فقط من قبل المصرف المركزي وإنما أي ضخ للسيولة سواء من الحكومات المحلية أو الحكومة الاتحادية، فيجب أن تبقى البنوك في حالة سيولة جيدة. وأناشد الجميع بعدم التعامل مع الأزمة المالية العالمية الحاصلة بقلق وهلع.

من جانبه أكد الدكتور مصطفى العاني المستشار الأول في مركز الخليج للأبحاث بأن الاندماجات والتي قد يعلن عنها في الإمارات ما هي إلا انعكاس للاندماجات العالمية الحاصلة في الولايات المتحدة وبريطانيا في محاولة للخروج من الأزمة المالية العالمية الحاصلة، وباعتقادي أن تلك الاندماجات لها حظ في النجاح لأنها ستخلق مؤسسات أكبر قادرة على تحمل الضغوط والمخاطر بصورة أكبر. وفيما يتعلق بقضية ضخ السيولة فلا يمكن تحديد إن كان ضخ السيولة هو الخطوة الصحيحة لسبب بسيط وهو أن ضخ السيولة هو عمل افتراضي يجاوزنا الأزمة العالمية الراهنة وقد يكون ضخ السيولة له آثار سلبية على المدى البعيد.

وبرأيي أن ضخ البنوك المركزية للسيولة هو بمثابة محاولة لإنعاش النظام المالي ولا يمكن تحديد إن كان ضخ السيولة سيحل الأزمة على المدى البعيد فالطفرة في الأملاك والتوسع العقاري أدى إلى توفير قروض غير مؤمنة وبدون شك فإن هناك حاجة لوضع قيود على قضية الإقراض العقاري حيث يجب وضع شروط تضمن تسديد تلك القروض. والأزمة المالية العالمية الحاصلة الآن أثبتت بما لا يدع للشك أن المؤسسات المصرفية التي كانت قائمة ثبت عدم قدرتها على مواجهة الأزمات مما يخلق ضرورة لإعادة هيكلة النظام المالي المحلي والإقليمي والدولي، فالأزمة الحاصلة أثبتت أن النظام المالي القائم ليس مثاليا في التعامل مع الأزمات فالقصور الموجود في النظام المالي هو أحد الأسباب الأساسية للأزمة فقضية إعادة الهيكلة ستكون جزءا من حل الأزمة وجزءا من تجنب الأزمات المقبلة.

وقال خالد حارب بن حارب المدير التنفيذي لإدارة العقارات بدبي ورلد سنترال إنه لا بد أن تلجأ الشركات التي لديها عجز مالي بضرورة اندماجها مع شركات أخرى للحصول على الدعم المالي واللوجستي. وخصوصا المؤسسات العقارية التي عليها الوفاء بالمشاريع والالتزامات التي عليها.

وأشار بن حارب إلى أن الاندماج سيؤدي بدوره إلى إرجاع الثقة إلى السوق، كما أنه جيد بالنسبة لقطاع البنوك حيث سيقلل من مخاطر التمويل، ويزيد من كفاءتها، ليخلق نوعا من الثقة النفسية والمالية للمتعاملين.

وأضاف: يعتبر الاندماج حلا مؤقتا للشركات الملتزمة والتي قد تقع تحت طائلة القانون، وعلى القطاعات في الدولة سواء كانت الحكومية أو الخاصة التضافر كافة وتقديم بعض التسهيلات ، والتريث في حال حدوث أزمات مماثلة، والعمل على دراستها لتقليل أكبر قدر ممكن من أضرارها.

ودعا بن حارب إلى وجود مثل هذه الأنواع من الاندماجات، وبالذات في القطاعات العقارية نظراً لضخامة المشاريع العقارية الحالية في الدولة، والتي يخطط لها على مر السنوات المقبلة. ووصف خالد القصار، الشريك والرئيس التنفيذي ل«بيسك غروب» انه من الواجب تشجيع الاندماجات بين المصارف المحلية، لإيجاد كيانات مصرفية كبرى تستطيع أن تواكب النمو الهائل في دولة الإمارات كما في المنطقة.

وقال: نعتقد أن أول الغيث لهذا التوجه كان في الإعلان عن اندماج مصرفي دبي الوطني والإمارات بتوجيه وتشجيع من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي. ومنذ سنة وحديث الاندماج المصرفي لم يهدأ وإن كانت تختفي الأخبار عنه أحياناً لكننا نعتقد أنها لم تتوقف يوماً في الكواليس المصرفية.

وأوضح القصار أن الأزمة المصرفية الأميركية اليوم، التي سيكون لها ترددات عالمية كبرى لسنوات مقبلة على أكثر من قطاع، فإن ما حصل في بلاد العم سام سينعكس ولا شك على أسواق كثيرة، ومنها في منطقتنا وإن بنسب متفاوتة. ونوه بأنه لا يوجد تأثير مباشر على المصارف الوطنية في الدولة.

فإن ما حصل سيشجع ولا شك على المضي قدماً في سياسة الاندماج المصرفي في الدولة، وهو توجه معتمد على أعلى المستويات برعاية مباركة ونظرة ثاقبة من القيادة الحكيمة في الإمارات. ونوه القصار إلى أن الشركات العقارية، بحاجة أكبر للاندماج، وتكوين شركات تستطيع أن تكون بمنأى عن أي هزات عالمية أو إقليمية أو محلية.

وأضاف: إذا كانت المصارف الإماراتية بطبيعة أعمالها وجغرافية نشاطاتها في الدولة والمنطقة، ونوعية الرقابة عليها والأنظمة المرعية الإجراء التي تحكم عملها بمنأى عن التأثيرات الخارجية في الوقت الراهن، فيما الشركات العقارية لا تتمتع بنفس الحصانة وهي بحاجة ماسة إلى أن تأخذ العبر مما حدث في الأسواق الأميركية مهما كان حجمها أو قدراتها.

وأكد محمد نصر عابدين الرئيس التنفيذي لبنك الاتحاد الوطني ضرورة تطوير البنوك بوجه عام بشكل أسرع وتدعيم قدراتها المالية سواء عن طريق الاندماج أو زيادة رؤوس الأموال بشكل كبير بأسلوب علمي وعملي مدروس مع مراعاة أن تكبير الحجم وحده ليس ضمانا للقدرة وحسن الأداء ولكن الحجم الكبير يجب أن تدعمه قوة إدارية واعية تجعله قادرا على التطور والاستمرار وزيادة قدرته على المنافسة.

وقال إن التوجه إلى الاندماج لا يجب أن يكون بشكل متسرع أو كرد فعل لظروف معينة ولكن يجب أن يتم وفق إستراتيجية ومنهجية واضحة ومدروسة مشيرا إلى أن هذه النظرة تعزز ضرورة التحرك بشكل مخطط ومدروس لتطوير قدرات البنوك سواء كانت قدرات مالية أو إدارية كي تحافظ على إمكانية دخول المنافسة الشرسة التي تتوقع أن نراها في هذا القطاع بشكل أوضح في المستقبل.

من جانبه قال احمد الشال رئيس الشؤون المالية بمصرف دبي إن فكرة الاندماج في حد ذاتها هناك من يرون انه ليست هناك ضرورة الآن طالما أن البنوك المحلية بصفة عامة تحقق نتائج متميزة تعد من اعلى معدلات النمو في الأداء في القطاعات المصرفية في معظم بلدان العالم وبالتالي لا يرون ضرورة للمساس بتركيبة المصارف الحالية.

وهناك وجهة نظر أخرى تنظر إلى المستقبل وترى أن الاستناد إلى النتائج الايجابية الحالية ليس بالضرورة مؤشرا على قدرة المصارف باحجامها الحالية على مواكبة رياح التغيير والانفتاح العالمي ومتطلبات التنمية وإحجام المشروعات التي أصبحت تتميز بكبر حجمها وضخامة احتياجاتها التمويلية. وأكد الشال انه شخصيا يرى الاندماجات وتكوين كيانات مصرفية عملاقة انسب وسيلة لمواجهة الأزمات والتواجد بقوة على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي.

كفاية أولير ، أبوبكر الشيزاوي ، عبدالفتاح منتصر