اعتبر عبدالحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية أن خطة الإنقاذ الأمريكية تعتبر (إنقاذاً مؤقتاً) من الأزمة الراهنة للنظام المالي الأمريكي، وللنظام المالي العالمي، ولكنها من جانبٍ آخر في الأجل الطويل تؤكد أن الاقتصاد الأمريكي في طريقه إلى المزيد من التأزم اقتصادياً ومالياً، كون هذه الخطة ستصل تكلفتها نسبياً إلى ما يقارب 5في المائة من إجمالي الناتج الإجمالي للاقتصاد الأمريكي لعام 2008م. واضاف ان هذا يعني ارتفاع فاتورة الدين العام للحكومة الأمريكية من نحو 9تريليونات دولار أمريكي ( 63.2في المائة من حجم الاقتصاد)، إلى ما يقارب 9.7تريليونات دولار أمريكي ( 68.2في المائة من حجم الاقتصاد). أيضاً ستساهم فاتورة هذا الحل المكلف في رفع عجز الحساب الجاري للاقتصاد الأمريكي من نحو 615مليار دولار ( 4.3في المائة من حجم الاقتصاد)، إلى أكثر من 1.3تريليون دولار أمريكي ( 9.3في المائة من حجم الاقتصاد). وقال ل “الرياض” ان كل هذا يؤكد بغض النظر عن موافقة مجلس النواب على الخطة أن ضعف الاقتصاد الأمريكي في طريقه إلى المزيد من العمق والاتساع، وبالتالي سنشاهد نتائج قريبة ربما تكون مفاجئة لاجتماع الخريف (صندوق النقد والبنك الدوليين) المتوقع انعقاده في 13أكتوبر 2008م القادم، والذي سيحمل لواء أوراق التغيير فيه الجانب الألماني بصفته الشقيق الأكبر في المنظومة الأوروبية (الوحدة الأوروبية).
وأضاف العمري: لقد وصل العالم اليوم اقتصادياً إلى ضرورة إقرار تغيير وتجديد شامل وعميق لخارطة النظام الاقتصادي والمالي عالمياً، وهذا مطلب مدعوم بحيثيات قوية وبراهين على أرض الواقع لا تقبل الشك؛ أن الاقتصاد الأمريكي لم يعد ذلك المؤهل لأن ترتهن إليه بقية اقتصادات العالم المعاصر، خاصةً في ظل حالة الضعف الكبير التي يمر بها اليوم، ولا يظهر في المستقبل القريب أنه سيشفى منها، وما قد يُلقي به هذا الضعف من نتائج سلبية وخيمة على الاقتصاد العالمي، كما شهدنا جزءاً مبسطاً منه خلال الفترة القصيرة الماضية، بسبب أزمة الرهن الأمريكية، وكيف أنها جرّت وراءها أسواق واقتصادات العالم بأسره خلفها إلى الحضيض.
وعن الوضع في منطقة الخليج قال عبدالحميد العمري، بالنظر إلى أوضاعنا في منطقة الخليج كون هذه المنطقة واحدةً من أكبر ممولي الاقتصاد الأمريكي (كاستثمارات، أو كديون)، فلا شك أن التأثير عليها سيكون أكثر وطأة، هذا عدا ارتباط عملات هذه الدول الناشئة بالدولار الأمريكي؛ الذي بدأت أيضاً آثار زيادة طبعه داخل أمريكا دون تغطية من أي أصول حقيقية تتسرب إلى خارجها، كل هذا من شأنه أن يزيد من الحاجة والضغط على تلك الاقتصادات الخليجية للتفكير في سياسات اقتصادية ومالية أكثر تحرراً من الارتباط المجحف في الوقت الراهن باقتصاد يعيش حالة من الضعف لم يسبق أن مرَّ بها منذ 1929م. ويزداد الأمر أهمية بالنسبة للسعودية وبقية شقيقاتها الخليجية إذا نظرنا إلى حافز النمو والنشاط المشروع الذي تمر وستمر به لعقدين قادمين.
وأعرب عن اعتقاده بأنه من الخطأ استمرار مثل هذا الارتباط بين اقتصادات تتحفز للنمو والتوسع والنشاط الأكثر من جهة، ومن جهة أخرى اقتصاد شهدناه لأكثر من سبع سنواتٍ مضت يتهاوى من ضعفٍ إلى ضعفٍ أكثر تعقيدا. وانتقد عبد الحميد العمري عضو جمعية الاقتصاد السعودية الأجهزة المالية في الخليج وتحديدا في السعودية، وقال: إنه من الضرورة بمكان – في الوقت الراهن والحاسم- أن تتحول الأجهزة الاقتصادية والمالية لدينا في الخليج، وفي السعودية تحديداً من منطقة إصدار التبريرات والتصريحات بعدم تأثر اقتصادنا من أزمة الرهن العقارية الأمريكية، وما سيعقبها من تبعاتٍ أكثر سلبية، قبل أن تقع الفأس في الرأس. وإن كنت أخشى أن تكون قد وقعت بالفعل! كون أكثر من 90في المائة من احتياطيات السعودية المالية المقدرة بأكثر من 2تريليون ريال، مودعة في أروقة النظام المالي الأمريكي! هذا التحرك المأمول يبدأ بوضع خطط لإدارة الأزمة المتوقعة بشح السيولة في الاقتصاد، وما سينتج عنها من احتمال انكشاف العديد من المراكز المالية للكيانات المالية والبنكية لدينا، انتقالاً إلى البدائل المتاحة للارتباط والتكامل مع كيانات اقتصادية أكثر قوة ومتانة كالوحدة الأوروبية، وزيادة فرص الشراكة التجارية معها، إضافةً إلى الدول الأكثر نمواً في العالم اليوم ممثلة في الصين والهند وشرق آسيا عموماً.