الى جانب الاهتمام الدولي بمتابعة تداعيات الأزمة المالية العالمية، والتي تضرب في كل مكان، يعيش العالم هذه الأيام حالة قلق بالغة من تسلل الحليب الصيني أو منتجاته بعد كارثة تلوثها بمادة الميلامين التي ذهب ضحيتها مئات الأطفال في الصين وبعض دول جنوب شرق آسيا، والعثور في تلك البلاد على عينات”قاتلة” في أنواع من حلويات عالمية يقبل عليها الأطفال، وتحتوي على منتجات حليب صيني· مما حدا بالأمانة العامة للبلديات في الدولة الى حظر دخول هذه المنتجات الى البلاد· وهذه هي المرة الثانية في أقل من ستة أشهر تضرب الصناعات الصينية في مقتل بعد قضية منتجات الأطفال البلاستكية الواردة من هناك· وفي ذروة هذا القلق كنت أزور سوق”التنين” المتعارف على تسميته بالسوق الصيني، والمقام على مساحة واسعة في أطراف دبي· وصاحبت افتتاحه إشاعة ترددت على نطاق واسع حول إصدار إدارة الجنسية والإقامة في دبي تأشيرات لمليون عامل صيني للعمل في هذا السوق والمدينة السكنية التي ستقام معه، وقد نفت الإدارة الإشاعة في وقتها· هالني الإقبال الواسع على السلع المعروضة هناك، خاصة من قبل النساء ، لا لشيء الا لمجرد رخص أسعارها من دون وجود اي تقييم مطمئن لمستوى جودتها أو سلامة محتوياتها، خاصة مع وجود أطعمة وعقاقير طبية من ذلك البلد· كما أن غالبية هذه البضائع تعتمد على تقليد سلع من علامات تجارية شهيرة لا سيما للهواتف النقالة والأجهزة الكهربائية· ولا يوجد في السوق المترامي الأطراف والمصمم على شكل تنين أي ممثل لمراقبة الأسواق من بلدية دبي أو غيرها من الهيئات والجهات المختصة· في زواية وجدت صينياً يتحدث العربية بطلاقة يبيع أعشاباً وعقاقير يقول إنها مقويات ومنشطات ، و”الربع ” المهووسون بالفحولة يتدافعون من حولها رغم كل تلك التحذيرات من المركبات الصيدلانية التي تردنا من هناك·
وعند باعة الإلكترونيات والهواتف تجد كثيرين ممن يتميزون غضباً بعد اتضاح خلل ما اشتروا، ولا تجد على لسان البائع من عبارة سوى أنه أبلغهم مسبقاً بعدم وجود ضمان، فيتحول الغضب الى استجداء لإيجاد مخرج·
ولفت نظري طريقة تعامل الحمال الصيني في ذلك السوق، إذ أن أجرته عشرون درهما عن كل ساعة يقضيها وهو يسير خلف زبونه، وتذكرت غيره من العمال الآسيويين في”شبرة” الخضرة الذين يظل الواحد منهم يسير خلفك حتى تنتهي من مشترواتك، ويقنع بعد ذلك بالمقسوم· ربما هذا الاختلاف لأن الأول من رعايا دولة عظمى من الخمس الكبار الذين يملكون حق” الفيتو”، والآخر من بلاد تغمرها الفيضانات والأعاصير على مدار العام· ومن بين الفريق الأول”مليارديرات” اشتروا جزيرة من جزر العالم بملايين الدولارات، وفي الأخير هو فارق ”مقامات” في ”دنيا الحمالين”· اما الذين يستعينون بالمواد الموجودة في هذه السوق لإكمال ”تشطيبات” بيت العمر، فنقول لهم انتبهوا جيدا، وتذكروا المثل الشعبي القديم” من استرخص اللحمة خانته المرقة”· وكلكم نظر!!
منقول عن جريدة الاتحاد للكاتب علي العمودي
تصفّح المقالات
2 thoughts on “التنين في ديارنا”
Comments are closed.
المفارقة المضحكة المبكية في نفس الوقت أن بعض الزبائن تظن أن البضاعة الصينية دائماً رديئه. حصل ذات الشيء لي شخصيا عندما أردت أن أشتري رخام لأرضيات منزلي. كنت ألاحظ أن باعة الرخام يصنفونه الى “صيني” و “بلد أخرى أعرق في هذا المجال” (مثل الهند، إيطاليا، البرازيل، البرتغال، …). فالصيني زهيد السعر و الباقي غالي. لقناعتي بعدم وجود مجال المقارنه، إشتريت الصيني لأن الرخام طبيعي و لا يوجد فرق بينه و بين الإيطالي مثلا. هذا كان قبل 3 سنوات. الآن و بعد أن علم الكل هذه المعلومه، إرتفع الرخام الصيني لأسباب عديده إحداها تضاعف تكلفة الشحن البحري و أصبح مساوٍ لرخام باقي الدول. قابلت أحدهم (بائع رخام) من فتره وجيزه و سألته عن مختلف أنواع الرخام فقال لي بأن لا فرق بين البضاعة الصينية و باقي البضائع (إن تساوى النوع)، مع إنه هو نفس الشخص الذي كان يقول أن البضاعه الصينية لن تنفعني و أشار عليّ بالأخرى.
ولكن المثل يقول “اللي ضرب ضرب، و اللي هرب هرب”.
ما أريد أن أصل إليه هو أن الصناعة الصينية ليست رديئه و لا جيده (متوسطه) و لا ممتازه. إذاً ماذا ؟
لتعلم أخي القارئ و أخي المستهلك، أن الصناعة الصينية تنقسم من حيث الجودة الى ثلاث أقسام إن جاز لنا التقسيم. جودة عاليه، جودة متوسطه و جودة رديئه (أو سمها لا جودة على الإطلاق). الشركات و المصانع الصينية تختلف من حيث الهيكلة و التنظيم بإختلاف الزبون المرتقب. فالزبون الأوروبي مثلا قد تعود على البضائع الممتازة الصنع، فسترى أن البضائع الصينية المنتشرة هناك ممتازة الصنع. في حين ترى البضائع الصينية في الهند مثلا رديئة الصنع، لماذا ؟
لا أريد أن أدخل في تفاصيل قد يمل منها القارئ، ولكني أريد أن يعلم القارئ أنه في دولة غير صناعية (في الوقت الحالي) و مفتوحة السوق و الدخل السنوي أو قل الشهري للأفراد غير متساوٍ على الإطلاق. و هنا تكمن المعادلة الصعبه. ستجد أن جميع أنواع البضائع متواجدة في الأسواق، ولكن بنسب متفاوته. هنا يأتي دور الزبون، فالزبون يجب أن يعلم ماذا يريد. فهل يعقل أن يأخذ بضاعة بثمن بخس و يتوقع جودة عاليه؟ كما أنه قد يدفع ثمنا باهضا لبضاعة رديئه بثمن مرتفع لمجرد أنه ظن أن السعر هو المعيار الوحيد.
همسه،