الإمارات اليوم – عبير عبدالحليم /

أجمع خبراء إماراتيون وعرب على أن الأزمة المالية العالمية بدأت تنعكس ايجابياً على القطاع العقاري في الدولة، على الرغم من تخوف بعضهم من حدوث انعكاسات سلبية على القطاع.

وقالوا إن الأزمة أدت بالفعل إلى خفض كلفة المشروعات العقارية الجديدة التي بدأ التعاقد بشأنها خلال الأيام القليلة الماضية بنسبة تتراوح بين 15% و20%، فضلاً عن قلة حالات التباطؤ في تسليم الوحدات السكنية والإسراع في تنفيذ المشروعات العقارية المختلفة، متوقعين استمرار العائد المرتفع على الاستثمار في القطاع العقاري، والذي يتراوح بين 20% و30%.

وقدر الخبراء حجم استثمارات القطاع العقاري في الدولة بنحو تريليوني دولار تمثل معظم الاستثمارات العقارية الخليجية، وتشمل أسهم الشركات العقارية في البورصة والعقارات السكنية والتجارية والسياحية في الدولة وطالبوا بسن التشريعات المتعلقة بالقطاع العقاري لزيادة كفاءته وقدرته على جذب الاستثمارات اللازمة، خصوصاً في ظل الأزمة المالية العالمية.

انعكاسات إيجابية
وتفصيلاً، قال رئيس غرفة صناعة وتجارة أبوظبي، المهندس صلاح بن عمير الشامسي، في تصريحات لـ«الإمارات اليوم» على هامش أعمال المؤتمر العربي الأول للتنمية العقارية والعمرانية الذي بدأ أعماله أول من أمس، في أبوظبي «بدأت الأزمة تنعكس إيجابياً على القطاع العقاري في الدولة، حيث أدت إلى خفض كلفة تنفيذ المشروعات العقارية الجديدة التي بدأ التعاقد بشأنها بنسبة 15% على الأقل، وهو ما سيظهر في دراسات الجدوى للمشروعات والمناقصات التي ستجري خلال الفترة المقبلة».

وتابع «ستقل حالات التباطؤ وستحدث سرعة أكبر في تنفيذ المشروعات، حيث ستتوافر شركات المقاولات العالمية بكثرة في السوق المحلية بعد توقف تنفيذ مشروعات عدة في أوروبا وأميركا نتيجة للأزمة، وذلك بعد معاناة طويلة استمرت الأشهر الماضية نتيجة تأخر تسليم المشروعات ونقص شركات المقاولات في السوق المحلية».

وأضاف «لن يحدث تباطؤ في القطاع العقاري كما ردّد بعضهم خلال الفترة الماضية، وستظل أسعار العقارات والإيجارات مرتفعة نتيجة للنقص الحاد في الوحدات السكنية، الذي يقدر العام المقبل في أبوظبي وحدها بنحو 70 ألف وحدة سكنية، وفقاً لدراسات الغرفة».

وأوضح الشامسي «تشير المؤشرات المتوافرة بعد مرور أكثر من سنة على الأزمة العالمية إلى أن التطور العقاري في الإمارات سيستمر طالما استمر المطورون في تحقيق العوائد المجزية، وستستمر البنوك في توظيف فوائضها المالية في القطاع العقاري بكثرة نتيجة لتحقيق أرباح طائلة». ولفت إلى أن «العوائد في القطاع العقاري في الإمارات تتراوح بين 20% و30%، وهو أعلى معدل مقارنة بالقطاعات الأخرى، ومن المتوقع استمرار هذا العائد خلال الفترة المقبلة».

حجم الاستثمارات
من جهته، قدر المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، رفعت عبدالحليم الفاعوري، حجم الاستثمارات العقارية في الإمارات بما قيمته تريليوني دولار (34.7 تريليون درهم) تمثل السواد الأكبر للاستثمارات العقارية في منطقة الخليج بأكملها.

وقال «تقدر إحصاءات ودراسات المنظمة قيمة الاستثمارات العقارية في الدول العربية مجتمعة بـ ستة تريليونات دولار، تمثل 70% من إجمالي الأموال المستثمرة في الدول العربية فيالمجالات كافة »، وتابع «تقدر المنظمة أن 70% من هذه الاستثمارات العقارية العربية موجودة في الخليج، وأن معظمها، أو ما يوازي تريليوني دولار على الأقل موجودة في الإمارات، بما فيها أسهم شركات عقارية في البورصة والعقارات السكنية والتجارية والسياحية المختلفة».

وأوضح الفاعوري أن «الأزمة العالمية أدت لنتائج ايجابية على القطاع العقاري في الإمارات بصفة خاصة، حيث بدأت تُظهر انخفاضاً في تكلفة البناء، ما سيؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات، وبالتالي زيادة الطلب على العقارات مع زيادة المعروض، ما يؤدي إلى وصول الأسعار لنقطة التوازن بعد ذلك».

واستطرد «على عكس ما ذهبت إليه تقارير دولية بانخفاض أسعار العقارات بشكل كبير في الإمارات، نتوقع انخفاضاً في حدود 20% على الأكثر في بعض الإمارات فقط، يعوضه بل ويفوقه زيادة في الطلب على العقارات في الدولة تتجاوز 50%، ما يؤدي إلى زيادة أرباح الشركات العقارية عن طريق بيع وحدات أكثر بكثير مما يحدث حالياً».

ولفت إلى أن «أسعـار العقـارات في العـادة ترتفع بشـكل كبـير، لكنهـا لا تنخفض بشكل كبـير، بـل يكـون انخفاضـاً محسوبـاً وأحيانـاً طفيفاً يؤدي لتصحيح سعري ولا يضر بالشركات العقارية التي ستستمر في تحقيق أرباح كبيرة في السوق الإماراتية».

جذب الاستثمارات
واتفق الفاعوري في أن «أي تأثير سلبي للأزمة المالية في عقارات المنطقة سيكون طفيفاً بالنظر إلى أن الاستثمارات الأجنبية لا تزيد على 10% من حجم الاستثمارات العقارية العربية حالياً»، مضيفاً أن «تأثيرات الأزمة نفسية في مجال العقارات أكثر من كونها واقعية، كما أن تأثيرها في البورصة أكثر من تأثيرها في العقارات».

وقال «إن الإمارات ستجتذب المزيد من الاستثمارات العقارية بسهولة كبيرة الفترة المقبلة»، موضحاً أنه «بالنظر إلى توفّر السيولة والإجراءات الاحترازية المهمة التي اتخذتها الإمارات، خصوصاً ضمان الودائع المصرفية، فضلاً عن توفر ظروف الأمان والسلامة، فنتوقع استمرار قدرة الإمارات على جذب المزيد من الاستثمارات العقارية الضخمة خلال الفترة المقبلة».

وطالب المدير العام للمنظمة العربية بـ«تبني تشريعات وتنظيمات ضابطة للقطاع العقاري في الدول العربية لمعالجة قضايا الرهن والتقييم والتمويل في القطاع العقاري»، مشيراً إلى «وجود ضعف في الموارد البشرية التي تتعامل في القطاع العقاري، خصوصاً في قطاعات الرهن والتمويل».

ولفت إلى أنه «يوجد ضعف في الكوادر البشرية العربية التي تتعامل مع قضايا التمويل العقاري في البنوك العربية، على سبيل المثال، كما أنه من غير المقبول أن يقوم سماسرة غير مدربين بتقييم عقارات تصل قيمتها إلى مليارات الدراهم».

انخفاض متوقع
بدوره، قدر الخبير العقاري الخليجي عضو مجلس إدارة ورئيس لجنة العقارات في غرفة تجارة وصناعة البحرين، حسن إبراهيم كمال، أن «تكلفة البناء ستنخفض بنسبة تصل إلى 20% جراء الأزمة بالنسبة للمشروعات الجديدة التي يتم بحث تمويلها حالياً»، لافتاً إلى أن «انخفاض الكلفة سينعكس على حدوث انخفاض في أسعار الخدمات العقارية كافة، ما سيترتب عليه دخول شرائح جديدة من المواطنين كانت مستبعدة ولم تكن لديها القدرة على دخول هذه السوق، وهو ما يأتي في مصلحة الأطراف كافة، سواء مصلحة الشركات العقارية أو المستثمرين أو المواطنين».

ودعا كمال «شركات التطوير العقاري وكبار المستثمرين في القطاع إلى إعادة ترتيب حساباتهم والتركيز على التنمية المستدامة بلا مضاربات، وذلك تحقيقاً لمصلحة المجتمع».

وقلل كمال من «احتمالات حدوث أي تأثيرات سلبية للأزمة في القطاع العقاري»، وقال «معظم الاستثمارات العقارية في منطقة الخليج، وعلى رأسها الإمارات، ممولة تمويلاً ذاتياً وليس مصرفياً، كما أن هناك أصولاً ضخمة تغطي التمويلات المحلية والأجنبية على حد سواء»، داعيًا إلى «توحيد الجهود لوضع قانون خليجيي موحد للاستثمار العقاري يستفيد من الأزمة وينظم شؤون القطاع العقاري كافة».

بدوره، قال مستشار المنظمة العربية للتنمية الإدارية، الدكتور عثمان الزبير أحمد، إن «معظم الاستثمارات العقارية في الدول العربية هي استثمارات عربية، وإن حجم الأموال الأجنبية المستثمرة في سوق العقارات في الدول العربية لا يزيد على 10% من إجمالي الاستثمارات العقارية في السوق العقارية العربية»، لافتاً إلى أن «حجم التأثير السلبي في الدول العربية سيكون طفيفاً للغاية نتيجة لذلك، بعكس مناطق أخرى في العالم».

الإمارات الرابعة عالمياً في مبيعات الأراضي
قدرت ورقة العمل التي قدمها إلى المؤتمر العربي الأول للتنمية العقارية والعمرانية مستشار رئيس الوزراء المصري السابق وعميد كلية الدراسات الإسلامية في مؤسسة قطر لتربية العلوم وتنمية المجتمع، الدكتور حاتم القرنشاوي، حجم المشروعات العقارية الجاري تنفيذها في دول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من 2.39 تريليون دولار. وكشفت الدراسة أن «الإمارات تأتي في المرتبة الرابعة عالمياً من حيث مبيعات الأراضي، متقدمة بذلك 23 مركزاً عن عام 2007، وتمثل 5.8% من إجمالي مبيعات الأراضي عالمياً».

وقال القرنشاوي في تصريح لـ«الإمارات اليوم»: «إن مؤشرات الإمارات العقارية مشجعة للغاية، حيث تشير الأرقام إلى أن مبيعات الأراضي في دبي بلغت 39.3 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، وفي حالة الاستمرار بهذا المعدل بنهاية العام، ستتخطى الإمارة مبيعات الأراضي المحققة في الولايات المتحدة التي تمثل 50 مليار دولار عام 2007».

ولفت إلى أنه «من المنتظر إنشاء 3000 برج متوسط ومرتفع بحلول عام 2025 في إمارة دبي، وهي بالفعل في مرحلة التصميم أو التخطيط أو الإنشاء».

وأضاف «تبلغ قيمة المشــروعات في القطاع الإســكاني في أبوظبي حالياً 460 مليار دولار، في حين يــبلغ معدل النمو في قطـاع الإنشاءات في القطــاع التجاري في أبوظبي 200%، ومن المــتوقع أن يصل حجم الزيادة في معدل قروض التمويل العقاري في الدولة إلى 22% بنهاية العام الجاري مقابل 5% فقط عام 2007».