عبد العزيز خانصاحب: تراجع العقار فرصة لصعود قطاعات أخرى
بقلم أمل دويدار في يوم الاثنين, 02 فبراير 2009 أتمنى ألا تكون «لعبة مفتعلة»! هكذا بدأ رجل الأعمال وصاحب شركة خانصاحب للهندسة المدنية عبد العزيز خانصاحب حديثه عن الأزمة العالمية، مستدركا أن الأزمة في جوهرها أزمة ثقة تسببت فيها مؤسسات مالية عالمية لم تراعي سوى مصالحها، واختفت على أثرها تريليونات الدولارات، يحاول العالم اليوم استعادتها، وهذا أمر مرهون أولا وأخيرا باستعادة الثقة في المؤسسات المالية العالمية.

استعرض رجل الأعمال المعروف عبد العزيز خانصاحب العديد من القضايا، وفي مقدمتها تداعيات الأزمة على قطاع العقار، والسيناريوهات المتوقعة مستقبلا، ثم انتقل للحديث عن الوضع الاقتصادي للإمارات في ظل التوقعات التي تشير إلى تباطوء النمو خلال عام 2009، ومستقبل مشاريع التنمية في ظل انخفاض أسعار البترول. وفيما يلي نص الحوار:

كيف تقيم الوضع الاقتصادي للإمارات؟

هناك متشائمون ومتفائلون وأعتقد أنه من المبكر الحكم على الوضع الاقتصادي بشكل عام لاسيما وأن جزء كبير من تداعيات الأزمة «نفسي»، ولم تكن بنفس الحدة التي أصابت بلدانا كثيرة من العالم، وإن كنت أعتبرها فرصة لإعادة النظر في خطط ومشروعات التنمية التي كانت تسير بخطى سريعة للغاية، خاصة وأنه لا يوجد سبب يدفعنا لتنفيذ المشاريع بالسرعة التي كانت تسير عليها.


وكيف ترى المشهد العقاري؟

الصورة لم تكتمل بعد، وأعتقد أن تأثير الأزمة سيكون في إطار ضيق ومحدود. وما هي إلا شهور قليلة ثم يعاود هذا القطاع نشاطه من جديد، ولكن ليس كسابق عهده على الأقل! لمن ينظرون لهذا القطاع كاستثمار قصير الأجل، كما كان يحدث في وقت الطفرة. من المرجح أن تتغير ملامح هذا السوق بالنسبة لهؤلاء، ومن يعتقد أن الملاك لن يخضعوا لتطورات السوق الحالية، فهذا الاعتقاد لا ينطبق إلا على المتمكنين ماليا فقط، أما المقترضين من البنوك فلهم وجهة نظر أخرى، حيث أعتقد أنهم سوف يضطرون للبيع بأي ثمن لتأمين أقساط البنوك. وعموما المستثمرون في القطاع العقاري نوعان: الأول لديه قدرة مالية ويعتبر استثماره طويل الأجل، والثاني ينظر له كاستثمار سريع ويبني توقعاته لتحقيق العائد الاستثماري في أقصر مدة ممكنه لذلك يضطر للاقتراض من البنوك، وهؤلاء ليس أمامهم أي خيار سوى الرضوخ لوضع السوق. حاليا السوق مازال سوق المؤجر، ولكن خلال الربع الأول من العام سوف تتضح الصورة أكثر وأعتقد أن السوق وقتها سيصبح سوق المستأجر.

هذا التراجع في سوق العقارات، هل يمكن اعتباره تراجعا تصحيحيا أم ركودا قد يؤدي إلى انهيار؟

السوق حاليا في طريقه إلى الاستقرار. وأعتقد أنه لا مجال لعودة الطفرة المبالغ فيها التي استفاد منها من استفاد وكسب من كسب. والأمور سوف تأخذ وضعها الطبيعي، فقد بدأ السوق يستوعب الانخفاض البسيط في سعر الوحدات العقارية والتعامل مع السوق بشكل عام وفق المعطيات الجديدة، لاسيما وأن قطاع العقارات في الإمارات قد استوعب موارد مهمة وربما يحتاج إلى أن يتباطأ حتى يتمكن المطورين والمتاجرين بالعقارات إعادة النظر في إستراتيجياتهم لمواجهة التحديات الجديدة في المستقبل. فضلا عن أن التراجع التصحيحي في أسعار العقارات يعتبر مرغوبا كونه سيتيح الفرصة أمام قطاعات أخرى للنمو حرمت من رأس المال لفترات طويلة.

كيف ترى تأثير الأزمة المالية العالمية على اقتصاد الإمارات؟

الإمارات لم تتأثر كثيرا بتداعيات الأزمة المالية العالمية، وذلك بفضل الفوائض التي حققتها من أسعار النفط قبل تراجعها، الأمر الذي سيجعلها قادرة على مواصلة الإنفاق على مشاريع البنية الأساسية.

هل تأثر البنوك بتلك الأزمة فعلي؟

لاشك أن البنوك الأجنبية التي شهدت عمليات توسع كبيرة في الآونة الأخيرة- قبل الأزمة – تأثرت بمشاكل بلدانها، وسوف تكون أقل نشاطا في الفترة المقبلة، الأمر الذي قد يؤثر على قدرتها التمويلية، على عكس البنوك الوطنية التي مازالت تتمتع باحتياطيات نقدية، فضلا عن تدخلات البنك المركزي لدعمها بالسيولة اللازمة لمواجهة التداعيات.

توريط الفقراء

برأيك هل يعاني الاقتصاد المحلي من أزمة سيولة أم أزمة ثقة؟

أعتقد أن البنوك أصبحت متحفظة أكثر، الأمر الذي يشعر البعض بوجود أزمة سيولة. لا أعتقد أن هناك أزمة بالمعنى الحقيقي، لاسيما وأن البنك المركزي قد وفرها للبنوك التي قد تضطر لذلك، إلا أن بعضها لم يستفد منها «طواعية» بسبب «طمعها»، و إلا ما الذي يدفع البنك لمنح قرض بفائدة 11 % فيما البنك المركزي يمنحه بـ 4 % فقط؟ ومؤخرا أعلن عدد من البنوك عن تخفيض التسهيلات على بطاقات الائتمان بالنسبة للعملاء غير الملتزمين، وهذا دليل على أنها في السابق كانت كريمة جدا مع عملائها، وبالفعل نجحت في توريط الفقراء منهم. أما أزمة الثقة فمردها عدم الإعلان عن حجم الخسائر التي تكبدتها البنوك والقطاعات الاستثمارية الأخرى. .

وهل تعتقد أن غياب الشفافية كان سببا في الانعكاسات السلبية للأزمة المالية على اقتصاد الإمارات؟

لاشك بذلك، وللأسف نحن لم نعتد الحديث أو الإفصاح عن أزماتنا بصراحة ووضوح، مما أعطى المجال للشائعات التي لا تستند على حقائق مؤكدة، وأصبح كل من هب ودب يفتي على كيفه، وهذا راجع لغياب جهة محايدة تقيم الوضع الاقتصادي بكل تجرد وشفافية. فقد باتت الشفافية أمرا ملحا ليس باعتبارها من متطلبات التصنيف الخاص بالدول في عالم اليوم، ولكن بعد الوقائع التي مرت بها بعض الشركات الحكومية وغيرها، وفي ظل حالة أزمة الثقة من جانب المستثمرين تجاه اقتصاد الدولة، أصبحت الشفافية مبدأ مطلوبا.. بل وواجبا لأن توفير المعلومة الصحيحة أضحى من أهم متطلبات المستثمر الجاد، ومن مقومات البيئة الاستثمارية «الصحية» فضلا عن كونها حقا يفترض أن يكون في متناول الجميع

.

الديون المعدومة

على ذكر البنوك، أعلن البنك المركزي الإماراتي مؤخرا أن هناك ما يقرب من 22 مليار درهم ديونا معدومة، كيف سيكون الوضع مع المساهمين مع اقتراب فترة التوزيعات النقدية والأرباح؟

أعتقد أنه ينبغي على البنوك أو الشركات التي لديها ديونا معدومة، إما تخفيض نسب التوزيعات النقدية للمساهمين مقارنة بالعام الماضي، وتعويضهم بأسهم مقابل نسب التخفيض، أو القبول بإلغاء توزيع أية أرباح، بهدف المحافظة على السيولة من جهة، والتخلص من المشكلة دفعة واحدة، واعتبار أرباح هذه السنة كأنها لم تكن. الأمر يعتمد على ما ستقرره الجمعيات العمومية لهذه الشركات، وعلى كيفية اختيار الوسيلة المثلى لإرضاء المساهمين من جهة، والمحافظة على وضعها المالي من جهة أخرى، لاسيما وأن عدم التوزيع قد يخفف من الأعباء على الشركات ويعزز من فرص تحسنها مستقبلا.

كيف ترى المشهد العقاري الآن، وكيف تقيمه في ظل تشدد البنوك في عمليات الإقراض؟

الحكمة تقتضي إعادة النظر في التوسع العقاري، وبخاصة قطاع التملك الذي كان يعتمد على المستثمر الأجنبي الذي تضرر بفعل الأزمة العالمية ونقص التمويل. لذلك أعتقد أن قوانين التنظيم العقاري يمكنها أن تصلح ما أفسدته الممارسات السابقة، وتحد من عملية المضاربات ودخول مستثمرين ومطورين غير جادين أضروا بالقطاع أكثر مما أفادوه. لذلك فإن تشدد البنوك حاليا في منح قروض عقارية وتحديد سقف التسهيلات التي تقدمها البنوك للقطاع العقاري بنسبة 20 % أمر ضروري في هذه المرحلة، إذ لابد من تنويع المخاطر من جهة والعمل على تحقيق التوازن بين مختلف القطاعات في الاقتصاد الوطني من جهة أخرى. رغم أهمية القطاع العقاري فإنه قطاع غير منتج، وبالتالي من الضروري توفير التمويل اللازم للقطاعات الأخرى المنتجة.

التريث مطلوب

وماذا عن قطاع المقاولات الذي تأثر من أزمة الائتمان؟

ما من شك في أن القطاع العقاري والبناء والتشييد من القطاعات التي تأثرت بشدة بالأزمة العالمية بعد المصارف والأسواق المالية. صحيح أن الهدوء النسبي لحركة المشاريع العمرانية وخاصة العقارية، سوف ينسحب بالتالي على نشاط قطاع المقاولات التي تحملت شركاته أكثر من طاقتها خلال الفترة السابقة وتحملت الكثير من الأعباء والمشكلات، ولكن ليس ذلك التأثير الكبير وان كنت أعتقد أن الشركات سوف تقوم بأعمالها بعيدا عن ضغط مدد التنفيذ التي تستوجب الاعتماد على أعداد أكبر من العمالة التي ستخف نسبيا، وهو أمر جيد، لكن هذا الأمر لن يؤثر على نسب أرباح الشركات التي ستظل ثابتة وان خف حجم الأعمال. ولو كنا تدرجنا في تنفيذ المشاريع بوتيرة ثابتة لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن لاسيما وأن الطفرة الإنشائية التي شهدتها الإمارات، وبخاصة دبي، كانت محط اندهاش واستغراب العالم كله، لدرجة أن التطور الحاصل سبق البنية التحتية بمراحل. لذلك لا داعي للسرعة في تنفيذ المشاريع التي أثرت سلبا على كافة مناحي الحياة، وخلقت الكثير من المشاكل التي كنا في غنى عنها. علينا استكمال البنية التحتية ومن ثم استكمال مشروعات التطوير والتحديث وفق برامج زمنية مريحة لكافة الأطراف.

ظاهرة تسريح العمالة، التي طالت عددا من القطاعات، ألا ترى أنها أعطت انطباعات سيئة عن الوضع الاقتصادي للدولة؟

لا يمكن اعتبار استغناء عدد من الشركات عن جزء من عمالتها مؤشرا سلبيا على الوضع الاقتصادي للدولة، لكن الإعلان عن هذه الحالات في هذا التوقيت هو الذي خلق هذه النظرة التشاؤمية، وان كان لا يعدو كونه مجرد إعادة نظر في طريقة أداء الشركات خلال المرحلة المقبلة تحسبا لأي جديد وهو أمر وارد تحت أي ظرف من الظروف. نحن نتحمل مسئولية تعديل خططنا قصيرة الأمد بطريقة تتلاءم مع الأجواء العالمية الراهنة.

وهل يمكن أن تتسبب هذه المشكلة في خلق أزمة سيولة من نوع آخر للشركات التي ستجد نفسها بين مطرقة الأزمة وسندان نقص المشاريع؟

لا يمكن أن تسبب أزمة سيولة إلا للشركات المشكوك في وضعها وفي قدرتها المالية، وفي إدارتها قبل أي شيء. إذ يفترض على كل شركة أن يكون لديها احتياطي مادي يغطي مستحقات العمالة في أي لحظة يتم فيها الاستغناء عنها بموجب القانون، ولا يجب أن يؤثر هذا الأمر على السيولة النقدية لديها.

ملف العمالة الوافدة من الملفات الضاغطة، كيف تراه؟

تزايد هيمنة العمالة الوافدة سيؤدي إلى سيطرة الأجانب جزئيا على بعض قطاعات الاقتصاد الوطني، بعد أن أصبح وجودها أمرا واقعا في بعض القطاعات مثل قطاع المقاولات، والقطاع العقاري، والوساطة المالية. وإعادة النظر في خطط الاستثمار والبرامج الاقتصادية، من شأنه أن يضع حلاً لتلك المشكلة ويحد من الاعتماد على المزيد منها. وتشير الإحصاءات إلى سيطرة العمالة الآسيوية على 87.1 بالمئة من سوق العمالة، في حين تبلغ نسبة العمالة من كل الجنسيات الأخرى، بما فيها العربية 12.9 بالمئة.

ما رأيكم في تصريحات بعض المسئولين في البلدان المصدرة للعمالة والتي تصف عمالة بلدانها بأنها عمالة «مهاجرة» وليست مؤقتة، بما يترتب على ذلك من استحقاقات؟

العمالة الوافدة في الدولة هي عمالة مؤقتة يحددها عقد العمل والإقامة، وتنتهي بانتهائهما، ولكل الحق بالمطالبة بما يريد، ولا ننسى أن نظرة هؤلاء تنبع من مصلحة بلدانهم التي تعتبر تحويلات هذه العمالة مصدرا مهما من مصادر الدخل. لا يجب أن نفرط نحن بدورنا في مصلحة واستقرار بلدنا، ولا نكترث لتلك التصريحات، إلا في حدود ما تقتضيه مصلحة الدولة التي من حقها وحدها أن تقرر ما يناسبها لاسيما وأن الوضع لا يسمح بتجنيس غير العرب إذا رغبت الدولة في ذلك.

التركيبة السكانية

هل تعتقد أن تداعيات الأزمة على اقتصاد الإمارات تمثل فرصة للحد من الاعتماد على العمالة الوافدة ؟

لكي نحد من حجم العمالة الموجود حاليا يجب التخفيف من وتيرة المشاريع التي تعتمد على هذه العمالة، وأنا لا أرى ضرورة للإسراع في تنفيذ المشاريع حتى لا نصل إلى مرحلة الركود التي سبقتنا إليها دول أخرى. علينا التعلم من تجارب الآخرين، ولنعتبر الأزمة المالية فرصة طيبة لإعادة النظر في التركيبة السكانية، ومنح الأولوية في العمل للمواطنين ومن ثم دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية والإسلامية.

هناك من يتوقع حدوث منافسة شرسة وحرق أسعار بسبب قلة المشروعات وكثرة عدد الشركات، كيف ترى سبل مواجهة ذلك؟

السوق مفتوح لمن يرغب في حرق الأسعار والعمل دون التكلفة، والسؤال هو إلى متى سيتحملون الخسارة؟. أتصور أن المسألة مسألة وقت، والبقاء للشركات التي تتمتع بوضع مالي جيد.

.
خريف دبي

كثرت الأقاويل والشائعات حول الوضع الاقتصادي لدبي، ما رأيك في طريقة التعاطي معها؟ وما ردك على بعض وسائل الإعلام العربية التي وصفت المرحلة الحالية بأنها «خريف دبي»؟

الكل يتحدث عن وجود أزمة في دبي، لمجرد أن هناك عددا من الشركات تمر بأزمة سيولة. هؤلاء كأنهم اختصروا الإمارة في عدد من الشركات التي تمر بظروف تعاني منها كبريات الشركات في أي مكان في العالم. هذا أمر وارد، لكن التضخيم مرده أن الأنظار دائما مسلطة على هذه المدنية التي أدهشت العالم بتطورها وبسرعة نموها. أنا على ثقة من أن اقتصاد الإمارات قوي وقادر على التكيف والتغلب على الأزمات، لكني أعتب على الجهات المعنية وفي مقدمتها المصرف المركزي، لأنه لم يفصح عن حجم خسائر بنوكنا المحلية التي لها استثمارات في الخارج جراء الأزمة العالمية، كون الشفافية مطلوبة في مثل هذه الظروف. ولو أننا تعاملنا مع الأمر بشفافية منذ البداية ، لما أفسحنا المجال للقيل والقال والشائعات. لقد فعلت إمارة دبي خيرا بتشكيلها للمجلس الذي سيرصد تداعيات الأزمة على القطاعات المختلفة، تحسبا لأي جديد، لأن الشفافية في أسواق المال بالمنطقة مطلوبة، إضافة إلى القطاعات التي كانت تغيب عنها الرقابة كالقطاع العقاري. أعتقد أن هناك انطباعاً مغلوطاً في وسائل الإعلام حول قدرة دبي المالية التي تمر الآن بما يمكن أن نسميه «استراحة المحارب» وليس «خريف» بعد أن كانت تسابق الزمن في تنفيذ خطط واستراتيجيات لبناء دبي الحديثة، التي لم ولن تعتمد فقط على التسهيلات الائتمانية.

وهل تعتقد أن أزمة السيولة هذه حقيقية، أم مفتعلة؟

إذا كانت مفتعلة لتصحيح وضع خطأ، فلا بأس في ذلك لأننا وصلنا لمرحلة كانت البنوك المحلية فيها كريمة أكثر من اللازم، وتساهلت في منح القروض التي كانت تتنافس فيما بينها على منحها وخلقت مجتمعا غارقا في الديون، ووضعا لم يستفد منه سواها، ولعل من إيجابيات الأزمة الحالية أنها منحتنا فرصة إعادة النظر في الكثير من الأوضاع ومن بينها سياسة الائتمان، الأمر الذي سيساعد على خفض معدلات التضخم التي بلغت 12 % عام 2008.

أسباب نقص السيولة

هناك من يعتقد أن شح السيولة في الإمارات يرجع إلى شائعات فك ارتباط العملة المحلية وخروج الأموال الساخنة ؟ كيف ترى الأمر؟

يجب التأكيد أولا على أن السيولة متوفرة في الدولة وإن كانت محدودة. وما حدث لم يكن بسبب خروج الأموال الساخنة فقط، أو بسب عدم فك ارتباط العملة المحلية بالدولار خاصة وأن هناك مســتثمرين أجانب في المنطقة خسروا أموالهم في السوق الأمريكية وغيرها من الدول التي تضررت واضطرتهم الأزمة المالية الحالية إلى سحب أموالهم لتغطية خسائرهم الأمر الذي حد من السيولة المتوفرة، وليلقي شبح شح السيولة بظلاله على السوق المحلية ودفع البنوك إلى تشديد معايير الإقراض ما أدى إلى اضطراب السوق العقارية المحلية بسبب فجوة التمويل. أستبعد حدوث أزمة مالية حقيقية في الدولة التي مازال اقتصادها قوي وقادر على تخطي العقبات.

تشير التوقعات إلى تباطؤ النمو الاقتصادي لعام 2009 بسبب تراجع أسعار النفط، هل تعتقد أن ذلك يؤشر لتدهور الوضع الاقتصادي مستقبلا؟

على الرغم من تلك التوقعات، أعتقد أن التوسع في الإنفاق الحكومي سيظل مستمرا لعام 2009 معتمدا على الفوائض المالية المحققة من أسعار البترول السابقة، وبالتالي لن يكون هناك تأثير يذكر على العوائد التي يتم ضخها في الاقتصاد الوطني مع الاستمرار في تنفيذ البرامج الاستثمارية. كما اعتقد أيضا بمحدودية تأثير انخفاض أسعار النفط على السيولة المتدفقة للإمارات، التي بنت ميزانيتها على ما دون الأربعين دولاراً لبرميل النفط، حتى وان أدى هذا التراجع في الأسعار إلى خفض الفوائض المالية مستقبلا. كما أن نجاح الإمارات في السنوات الأخيرة في توجيه جزء كبير من مداخيلها النفطية للاستثمار الداخلي، وتوظيفها في مشاريع بنية تحتية تنموية طموحة تخدم الرؤية المستقبلية للدولة وإستراتيجيتها في التنويع الاقتصادي سوف يحول بشكل أو بأخر دون أن يكون لانخفاض أسعار البترول تأثير سلبي على الاقتصاد الإماراتي الذي يتوقع أن يواصل تسجيل معدلات نمو جيدة بالرغم من الأزمة المالية العالمية، وإن كانت أقل عن مستويات السنوات السابقة.
أقل الخاسرين

مازلت أعتقد أن الشركات العائلية أفضل حالا من غيرها وكانت أقل الخاسرين في هذه الأزمة، وإذا اعتبرنا أن 95 % من الشركات في الإمارات هي شركات عائلية فإن سبب خروجها بأقل خسارة من هذه الأزمة يعزى لاعتمادها على رؤوس أموالها مع القليل من الاعتماد على أسواق الأوراق المالية أو العالمية. قد يكون تأثرها فقط من خلال تقلص الطلب على إعادة التصدير بالنسبة للشركات التي تعمل في التجارة، وذلك فضلا عن أن عنصر المجازفة والمخاطرة برأس المال لديها أقل، إذ يحرص أصحابها على سمعة العائلة في السوق وأن تكون بمنأى عن أية مخاطر تعرضها لهزات تفقدها الثقة. لقد عمقت الأزمة المالية مفهوم الشركات العائلية وجعلت الكثير منها يفكر مليا وربما يؤجل فكرة طرحها أو جزء منها للاكتتاب وتحويلها إلى مساهمة عامة، فما حدث سيعيد النظر في المفاهيم السائدة لصالح الشركات العائلية التي ستظل فيها العائلة أقوى من الفرد.

تعتقد أن البنية التشريعية في الإمارات كافية لردع الفساد، أم أنها بحاجة لمزيد من القوانين؟

القوانين موجودة، لكن مشكلتنا في تطبيقها وأيضا في هيكلية بعض المؤسسات وخاصة الحكومية أو التي تمتلك الحكومة فيها نسبة ما. فمن غير المعقول أن تعطى مسؤولية المحاسبة والمراقبة على الأداء لمن يرأسها، لذلك أعتقد أن مراقبة الأداء يجب أن تتولاها جهة مستقلة بعيدة عن سلطة المسئولين في هذه الجهات لضمان الشفافية والحيادية.

5 thoughts on “مقابلة مع رجل/ أعتبره رجل أعمال من الدرجه الأولـى في دبـي.

  1. الكلام منطقي و لكن التطبيق صعب ..

    عضو أو رئيس مجلس ادارة شركه ما و في نفس الوقت عضو في هيئة الأوراق الماليه و في نفس الوقت عضو في ادارة السوق و في نفس الوقت عضو في و في و في …

    الشخص نفسه هو القاضي و هو الجلاد و هو الح(…) …

    كيف سينصلح الحال !!

  2. موضوع راق لي كثيرا

    اعجبتني الاسئله واعجبني اكثر الردود

    كثر الله من امثاله

    بالمناسبه
    دبي هي دبي

    ستظل في المقدمه

    نعم استراحة محارب ووراها رجال

    وعلى قناعه بأننا سنرى جديدها قريبا

    فانتظروها

    شكرا على النقل

    اثلجت صدري

  3. تعتقد أن البنية التشريعية في الإمارات كافية لردع الفساد، أم أنها بحاجة لمزيد من القوانين؟

    القوانين موجودة، لكن مشكلتنا في تطبيقها وأيضا في هيكلية بعض المؤسسات وخاصة الحكومية أو التي تمتلك الحكومة فيها نسبة ما. فمن غير المعقول أن تعطى مسؤولية المحاسبة والمراقبة على الأداء لمن يرأسها، لذلك أعتقد أن مراقبة الأداء يجب أن تتولاها جهة مستقلة بعيدة عن سلطة المسئولين في هذه الجهات لضمان الشفافية والحيادية.

    كلام منطقي وان شاء الله يتغير الواقع

Comments are closed.