الأخوة والأخوات الصحافيين
بدايةً أشكر الأخوة والأخوات الصحافيين، وأقدر حرصهم على التواصل معي عبر الموقع الرسمي لرئيس الوزراء… هذه هي المرة الثانية التي أجيب فيها على أسئلتكم إلكترونياً… المرة الأولى كانت قبل ثماني سنوات. وأعترف لكم أن هدفي آنذاك من الحوار مع زملائكم إلكترونياً، كان إثارة اهتمام أبناء وطني ومجتمع الإمارات بالإنترنت… في ذلك الوقت كان استخدام الاتصال عبر الشبكة محدوداً جداً، وكانت الإنترنت معروفة لخاصة الخاصة، لكن استخدامها والنفاذ إليها في الإمارات اليوم بات من تقاليد العمل في الحكومة والقطاع الخاص، وباتت لشرائح واسعة من المجتمع، بخاصة الشباب، وسيلة المعرفة والترفيه والاتصال المفضلة، ووفق أحدث التقارير الدولية، فإن الإمارات تقود المنطقة في مجال الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات متصدرةً جميع دول الشرق الأوسط.
وقد اخترت اليوم اللقاء بكم عبر الموقع، لأن صحفاً عديدة طلبت خلال الأشهر الأخيرة إجراء حوار معي، ولم تكن مشاغلي تسمح بتلبية هذه الطلبات… ووجدت أن اللقاء عبر الموقع يتيح لمن يرغب توجيه الأسئلة التي يريد… وفعلاً تلقيت منذ الإعلان عن اللقاء مئات الأسئلة من عدة صحف محلية وعربية، وها أنا أجيب عليها. وأعتذر مقدماً للأخوة والأخوات الذين لن أجيب عن بعض أسئلتهم التي سبقهم في طرحها زملاء آخرون، ويستطيعون أن يعتبروها أسئلتهم.
أما أسئلة أبنائي وأخواني المواطنين، والأسئلة الموجهة من غير الصحافيين، فسأجيب عليها في يومٍ آخر، سيتم الإعلان عنه قريباً.
أسئلة من شفيق الأسدي – صحيفة “الحياة” – لندن
أهنئكم أولاً باسم صحيفة “الحياة” على إطلاق موقعكم الالكتروني للتواصل مع الصحافة والإعلام. وإذا كان يدلّ ذلك على شيء فإنه يؤكد مدى الانفتاح والشفافية التي تتمتع بها سياسة سموكم. وهي السياسة التي تنسجم مع السياسة العامة لدولة الإمارات وتشكل أساساً للنهج الديمقراطي المتميز وتجربة متفردة على المستويين الإقليمي والعالمي.
أتوجه لسموكم بعدد من الأسئلة، وسأكون أنا والصحيفة في غاية الشكر والإمتنان لسموكم في الإجابة عليها.واعذروني على الصراحة في طرح الأسئلة لأن الهدف هو المساهمة في الرد على الحملة التي تتعرض له دبي في ضوء الأزمة المالية العالمية .
1 – سمو الشيخ تتعرض دبي وهي صاحبة التجربة المتميزة على الصعيدين العربي والعالمي لحملة واسعة تشكك في تجربتها التنموية والنهضوية الشاملة في ضوء الأزمة المالية العالمية. كيف تنظرون إلى هذه الحملة ودوافعها وكيفية التعامل معها؟
أنا لا يزعجني النقد أو الحديث عن السلبيات. فإذا كان النقد موضوعياً استفدنا منه، وإذا كانت السلبيات موجودة عالجناها. ولكن في أشهر ما بعد الأزمة المالية العالمية، بعض ما كتب لم يكن نقداً أو إشارةً لسلبيات. كان “قصفاً إعلامياً” يستهدف دولة الإمارات كنموذج لدولة اتحادية عربية ناجحة ومزدهرة، ويستهدف دبي بنموذجها التنموي وإنجازاتها ومكانتها العالمية. ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام الغربية المرتبطة بدوائر أعمال دولية اعتمدت منهجاً متعمداً يستهدف صرح الدولة الاتحادي ونموذج دبي التنموي، وكانت تقاريرها السلبية عن دبي يومية تقريباً، كأنما كانت في سباق مع الزمن لإلحاق الأذى بدولة الإمارات.
أما عن دوافع الحملة، فالله سبحانه وتعالى وحده العالم بالنوايا. لكن يبدو أن نجاح العربي، سواء كان فرداً أو دولة أو مدينة أو شركة ذنب لا يغتفر عند البعض، ويبدو أن البعض ينزعج من ولادة صورة عربية مغايرة لصورهم النمطية المشوهة للعربي والدولة العربية.
يا أخي، نموذجنا ليس أعلى برج في العالم، وأحسن مطار، وأفخم فندق، وأكبر ميناء وجزر صنعها الإنسان… هذه معالم ومنشآت مهمة وفريدة من نوعها وشهيرة على مستوى العالم… نموذج دبي يكمن في أنها منطقة عربية شحيحة الموارد الطبيعية، تمتلك رؤية واضحة لمتطلبات التنمية الشاملة والنهضة، ونجحت في استثمار مواردها البشرية وموقعها الجغرافي وخبراتها التجارية في تحقيق التنمية بمعدلات قياسية، وفي توسيع قنوات التواصل بين الشرق والغرب، وفي إثبات إمكانية تعايش أبناء الثقافات المختلفة معاً في بيئة عربية إسلامية منفتحة ومتسامحة.
ونموذجنا، الذي هو جزء من نموذج دولة الإمارات، يكمن في النجاح بتنويع الاقتصاد، وفي إثارة اهتمام المنطقة العربية والجوار بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحكومة الإلكترونية واقتصاد المعرفة، وفي تسهيل وصول أبناء المنطقة إلى أفضل الممارسات العالمية والخبرات الدولية في مختلف المجالات عبر المعارض والمؤتمرات والأنشطة الأخرى. وفي إثبات جدوى الاستثمار في المنطقة وفي المعرفة وفي الإنسان، وفي رفع توقعات أبناء المنطقة إلى مستويات الإدارة الحكومية الرشيدة والشفافة، وجودة الخدمات العامة وكفاءة البنى التحتية. وفي توخي أعلى المستويات الدولية في التعليم والخدمات الصحية، وفي اقتحام مجالات استثمارية في أصول عالمية كالموانىء والمطارات والأسواق المالية وغيرها، والنجاح في بناء مركز مالي عالمي ودخوله في شراكات مع مؤسسات عالمية ذات عراقة وشهرة وتأثير، وفي المنافسة عالمياً في مجالات النقل الجوي والبحري، وفي مبادرات العمل الخيري التنموي في الدول الأقل حظاً… هذه بعض ملامح نموذج دبي الذي جذب انتباه العالم، واستقطب اهتمامات المنطقة العربية وأبنائها، وألهم الكثيرين وشحذ هممهم… هل هذا النموذج هو المستهدف؟ سؤال طرحته على نفسي وأخواني، ولا أنتظر له جواباً، لأننا اعتدنا في الإمارات على الإجابة بالعمل لا بالقول… ونحن ماضون في طريقنا، متوكلون على الله ومعتمدون على عقول وسواعد أبنائنا ورجال أعمالنا والمؤمنين بدبي وهم كثيرون.
نموذج أبوظبي مستهدف أيضاً من بعض الدوائر، فهي تقود اتحاداً عربياً ناجحاً، وطرحت مبادرات ذات طبيعة استراتيجية بالغة الأهمية كمدينة “مصدر”… هل قرأت عما كتب في بعض وسائل الإعلام الغربي عن اهتمام أبوظبي بمتحف “اللوفر” والمتاحف الأخرى؟ وهل تناولوا مبادرة إيجابية من دون أن يقحموا صورهم النمطية عن العربي وعن الخليجي؟… اليوم التركيز على دبي… لكن لن يوفروا نموذجاً عربياً ناجحاً ولن يفوتوا فرصة تلوح لتناوله بسلبية مماثلة للسلبية التي تناولوا فيها دبي… وهنا أشير إلى بعض الإعلام الغربي وليس كل الإعلام الغربي، وقد طالعنا في وسائل إعلام غربية معالجات متزنة لتأثيرات الأزمة على الإمارات ودبي.
2 – سمو الشيخ: الحملة تتركز على اعطاء إشارات بأن دبي تواجه أزمة اقتصادية تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً فما هو التأثير الفعلي للأزمة على دبي اقتصادياً واجتماعياً.
لا، الحملة ذهبت إلى مدى أبعد مما أشرت إليه… كاتب أمريكي معروفة اتجاهاته كان همه مثلاً أن يروج إلى أن تجربة دبي في تعايش الثقافات لم تنجح، وذهب إلى حد القول أن “دبي مدينة فصل الحضارات لا لقاء الحضارات”. وقد وصل إلى هذا الاستنتاج استناداً إلى أن دبي تعاقب الذين يخدشون الحياء على الشواطىء العامة.
أما الإشارات عن أن تبعات الأزمة العالمية على دبي تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً، فهي إشارات عن “أمنيات” البعض أو أوهامهم وليس عن حقائق الواقع. الأسس الاقتصادية والتنموية قوية وراسخة، ولو لم تكن كذلك لما تمكنا من التعامل بكفاءة عالية مع تبعات الأزمة المالية العالمية… أضف إلى ذلك أن دبي ليست طائراً يغرد منفرداً. إنها عضو في سرب دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو سرب قوي وعفي وناجح وقادر على مواجهة أصعب التحديات.
3 – تتحدث الأطراف المتورطة في الحملة الإعلامية على دبي عن “تفجر الفقاعة” التي طالما تحدثوا عنها سابقاً. فماذا تقولون لأصحاب هذا القول؟
قلت سابقاً أن حديث “الفقاعة” أسمعه منذ تفتح وعيي على الدنيا، وهي موجودة فقط في عقول الذين يرددونها وغالباً لا يعرفون معناها. وقد انفجرت هذه الفقاعة في عقول مردديها أكثر من مرة… لا بأس بمن يرددها مجدداً… ستبدي له الأيام ما كان جاهلاً، وسيأتيه بالأخبار من لم يزود.
نحن بخير، وقد عبرنا الأزمة بأقل قدر من الخسائر، وفي ثقافتنا نقول: تفاءلوا بالخير تجدوه، لذلك اعتدنا على النظر أولاً إلى جزء الكوب الممتلىء بالماء، وحين ننظر إلى الجزء الفارغ، لا نتحسر على الفراغ، بل نفكر في أفضل وأسرع السبل المؤدية إلى ملئه.
4 – إذا وضعنا الحملة الظالمة التي تتعرض لها دبي خلف ظهورنا. كيف تنظرون سموكم للخروج من الأزمة الراهنة؟
الأزمة العالمية بلغت ذروتها في شهري سبتمبر “أيلول” وأكتوبر “تشرين الأول” من العام الماضي. وكان وقعها شديداً على العالم بأسره، وولدت حالة من الذعر في دول الاقتصادات المتقدمة.
في ذلك الوقت كان طبيعياً أن يكون وقع الأزمة على المنطقة شديداً جداً، بخاصة وأن غموض عمق الأزمة المالية في أمريكا وبقية مجموعة الدول السبع، أدى إلى شلل الائتمان الدولي، وتوقف العمليات بين البنوك، وتعليق الاعتمادات المتبادلة، وتجميد عمليات الإقراض
مرحلة الذعر هذه انتهت، بخاصة بعد تدخل حكومات دول الاقتصادات الكبرى لتنظيم قطاعاتها المصرفية والمالية وقيامها بتخصيص مبالغ ضخمة لإنعاش اقتصادها… وهذا ما مكن القمة الثانية لمجموعة العشرين في لندن قبل أيام، من الاتفاق على حزمة من القرارات والإجراءات الهادفة لإنعاش الاقتصاد العالمي وتنظيم الأسواق الدولية.
بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أقول باطمئنان، أننا نجحنا في احتواء مخاطر الأزمة المالية العالمية في فترة قياسية، نتيجة حسن سياسات المصرف المركزي، وإجراءات الحكومة بتأمين السيولة للمصارف وحماية الودائع، والإجراءات الأخرى على المستوى المحلي مثل ضخ حكومة أبوظبي سيولة إضافية للمصارف المؤسسة في الإمارة، وإصدار حكومة دبي لسندات بقيمة 20 مليار دولار.
انتهاء حالة الذعر في دول الاقتصادات المتقدمة ودخولها في مرحلة علاج آثار الأزمة، وقرارات قمة العشرين الثانية، أشاع درجة مهمة من الارتياح والتفاؤل على مستوى العالم، وهذا تطور مهم ينعكس إيجاباً على كافة دول العالم بما فيها دولة الإمارات التي تتمتع أساساً باقتصاد متنوع وقوي ومتعدد الإمكانيات.
5 – اتخذت الحكومة الاتحادية اجراءات سريعة للتعامل مع الأزمة، غير أن الكثير من المراقبين يقول بأن هذه الإجراءات غير كافية لخروج الإمارات وخصوصا دبي من الأزمة؟
الإجراءات التي اتخذناها في الحكومة الاتحادية كانت فعلاً سريعة وفعالة، لكنها أيضاً كانت مدروسة وتلبي احتياجات مواجهة وتجاوز الآثار السلبية للأزمة العالمية…. وقد قلت أن اقتصادنا انتقل من منطقة الأزمة إلى منطقة الحل. بطبيعة الحال، نحن نتابع أوضاعنا وتطورات قطاعات اقتصادنا عبر هيئات متخصصة اتحادية ومحلية، كما نتابع التطورات في الاقتصاد العالمي والأسواق الدولية. وكل المؤشرات والحمدلله إيجابية وتدعو إلى التفاؤل. وإذا استدعت التطورات مستقبلاً إجراءات إضافية فسنقدم عليها.
6 – طرحت دبي سندات بقيمة 20بليون دولار، وسارع مصرف الإمارات المركزي إلى الاكتتاب بها بمبلغ 10بلايين دولار الأمر الذي فسر على أنه مساعدة من أبوظبي لدبي للخروج من الأزمة. كيف تقيمون هذا الإجراء الذي أقدم عليه مصرف الإمارات المركزي، وماذا عن الشق الثاني من السندات
يبدو أن كثيرين لا يدركون حقائق الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة… حسناً، أنا أرحب بهذا التفسير لأنه يؤكد عمق وتجذر الروابط بين إمارات الدولة، فضلاً عن أنه يؤكد قوة مصرفنا المركزي وثقته الكبيرة باقتصاد دبي.
نحن أصدرنا سندات بعشرين مليار دولار وطرحنا نصفها للاكتتاب، واكتتب المصرف المركزي بكامل المبلغ، وندفع عليها فائدة سنوية بنسبة 4%. وما طرحناه يلبي احتياجاتنا في هذه المرحلة، وعند الحاجة سنطرح الشق الثاني في حينه، وهو محل اهتمام جهات عديدة
7 – كثر الحديث عن أن دبي ستبيع بعض شركاتها وأن أبوظبي ستكون شريكاً لدبي في الكثير من المشاريع القائمة أو التي تحت التنفيذ. ما هي الحقيقة في هذا الأمر؟
هذا الحديث يندرج في الإشاعات والتكهنات التي تحولت إلى أخبار في صحف دولية مرموقة… يا أخي بين أبوظبي ودبي لا يوجد بيع وشراء… كل ما في دبي هو لأبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وكل ما في أبوظبي هو لدبي وأبوظبي وبقية الإمارات… وأحيلك إلى حديث صاحب السمو الأخ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في مارس الماضي، قال سموه في هذا الخصوص: ” أعتقد بأن هناك سوء فهم ومبالغة في تقدير انعكاسات الأزمة علينا. كما أن هناك تفسيرات خاطئة حول طبيعة العلاقة التي تربط الإمارات الأعضاء في الاتحاد. فنحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك، وبالنسبة إلى الإجراءات التي تتخذ سواء على صعيد الاتحاد أو على صعيد كل إمارة لمعالجة الأزمة، فإنها إجراءات معلنة وواضحة ولا حاجة لإطلاق التوقعات في شأنها”.
8 – سمو الشيخ هل تشعرون بأي تهديد يطال دبي نتيجة الأزمة الحالية؟
لم نشعر لا في ذروة الأزمة المالية ولا الآن بأي تهديد. الأسوأ مر وصار وراءنا. ومنذ اشتعال الأزمة لم يعلن مصرف أو شركة حكومية الإفلاس. ولم ينكسر أي من قطاعات الاقتصاد، وننفذ خططاً وبرامج عمل تستفيد من دروس الأزمة وتكفل التعافي من آثارها السلبية.
9 – حدثت في الآونة الأخيرة عمليات اغتيال في دبي تطرح بشكل جدي موضوع الأمن فيها. وإذا كان يسجل للأمن في دبي سرعة اكتشاف مرتكبي هذه العمليات، ماذا تقولون بشأن الردّ على الأقوال التي تقول إن منع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق أولاً؟
بالطبع، الوقاية خير من العلاج، ومنع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق… عادة ما يسمع الناس عن إجراءات العلاج، لكنهم لا يسمعون عن إجراءات الوقاية. جرائم الاغتيال التي حدثت في دبي في الأشهر الأخيرة يقل عددها عن نصف عدد أصابع اليد الواحدة، وهذا ليس تقليلاً من خطورتها. إنها الاستثناء الذي يؤكد القواعد الراسخة. والأساس أن دولة الإمارات العربية بما فيها دبي هي من أكثر دول العالم أمناً واستقراراً، وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن أجهزتنا المختصة تولي الإجراءات الوقائية أهمية قصوى. في كل الأحوال، معدل الجرائم في دولة الإمارات هو من أقل المعدلات في العالم، ونعمل على أن تظل كذلك، ولا يغير من هذه الحقيقة سعة انتشار أخبار جريمة أو جريمتي قتل بسبب شهرة المغدورين فيهما.
10 – مع وطأة الأزمة المالية العالمية على دبي يلاحظ استمرار الأنشطة الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية بجوائزها المالية الضخمة فما هو تفسيركم للإستمرار في هذه الأنشطة في دبي؟
هذه الأنشطة مقررة في أوقات سابقة على الأزمة، وبعضها دوري يقام سنوياً مثل كأس دبي العالمية للخيل ومنتدى الإعلام العربي وجائزة الصحافة العربية، وبعضها بدأ دورته الأولى مثل مهرجان الشعر العالمي…. ما الغريب في استمرار هذه الأنشطة؟
الغريب هو أن لا تستمر. أما مبالغ الجوائز فلم تتغير عن المعروف والمعلن سابقاً… هل تلمح في سؤالك إلى أن هذه الجوائز باتت عبئاً على دبي؟ إذا كان الأمر كذلك، فأطمئنك إلى أننا بخير ومشاريعنا تحت التنفيذ لم تتوقف، وأقساط القروض والسندات دفعت وتدفع في مواعيدها، والموردون والمقاولون بدأوا في استلام مستحقاتهم.
11 – يتم التركيز في ضوء هذه الأزمة علي قيام الشركات العاملة في دبي ومعظمها تحت مظلة “دبي القابضة” بإنهاء خدمات الكثير من موظفيها والعاملين فيها. فماذا تم في هذا المجال، وماذا عن ما يتردد بأن حملة إنهاء خدمات الموظفين والعاملين ستبلغ ذروتها في الأشهر القادمة؟
بعد الأزمة المالية العالمية، بادرت كل الشركات الكبرى في العالم إلى مراجعة أوضاعها ومشاريعها ومواردها ونفقاتها وإعادة هيكلة إداراتها وكادرها على ضوء الوقائع الجديدة. “دبي القابضة” ليست استثناءاً، وشركاتها تعمل على أسس تجارية، ومن الطبيعي أن يتم الاستغناء عن الموظفين الذين لم تعد لهم وظائف أو مهام. ولا توجد حملة ولا ذروة في الأشهر القادمة أو بعدها أو قبلها. العملية تنظيمية صرفة.
12 – تعرضت دبي لحملات إعلامية تقول بأن إنهاء خدمات الموظفين تركز على جنسيات عربية محددة. فما هي حقيقة الموقف؟
أيضاً هذا من قبيل الإشاعات التي تحولت إلى أخبار في وسائل الإعلام. ربما يكون نشاط معين تأثر أكثر من غيره بالأزمة مثل نشاط العلاقات العامة والإعلان وصدف أن إحدى الجنسيات العربية تتواجد بكثافة في هذا النشاط، أو قطاع شهد مراجعة واسعة كقطاع المقاولات، وصدف أن نسبة كبيرة من مهندسي الشركات المتأثرة من جنسية معينة… أبداً لا تركيز على أية جنسية عربية أو غير عربية.
13 – قمتم في الأيام الأخيرة بزيارة لروسيا الاتحادية وكان ذلك استمراراً لزياراتكم للدول ذات الثقل الاقتصادي على المستوى العالمي وكان آخرها ألمانيا والصين. فهل ترون أن هذه الزيارات ما زالت مجدية في ضوء الأزمة الراهنة، وهل ستستمر مستقبلاً وماهو الهدف منها؟ وماذا حققت زيارتكم الأخيرة لموسكو؟
هذا سؤال غريب… الأزمة المالية العالمية أزمة عابرة، وعلاقاتنا مع دول العالم، بخاصة ذات الثقل الاقتصادي، هي علاقات دائمة ومن واجبنا السعي لتنميتها وتطويرها. وفي أوقات الأزمات ذات الأبعاد العالمية تزداد الزيارات الخارجية أهمية لتبادل الرأي والتشاور حول التطورات العالمية وتعزيز التعاون الثنائي، بخاصة وأن المشهد الدولي يمر في مخاض من شأنه أن ينتج نظاماً عالمياً اقتصادياً وسياسياً جديداً
14 – هل تعتقدون أن الأزمة الراهنة تفرض إجراء تغييرات على المستويين المحلي في دبي وعلى المستوى الإتحادي في دولة الإمارات، خصوصاً مع إشاعات بأن تغييراً وزارياً يتم الإعداد له حالياً؟
بطبيعة الحال، واقع ما قبل الأزمة العالمية هو غير الواقع بعدها. وكل من لا يستوعب الواقع الجديد ويتفاعل معه بإيجابية لما فيه مصلحة الوطن والمواطن يكون مقصراً. وها أنت تعود وتسألني عن إشاعات تتعلق بتغيير وزاري يعد له حالياً… أنت بنفسك تقول إشاعات!
15 – العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي يقولون “بأن لا خوف على دبي مهما كان وقع الأزمة عليها” لأنها تستند في نهاية الأمر إلى القوة المالية لأبوظبي التي تمتلك أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، ماذا تقولون في هذه المسألة؟
العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي لا يختصرون العلاقات بين الإمارتين بالحسابات المالية. المال تفصيل صغير في حقيقة أكبر وأسمى عمقها محتد واحد وقربى ونسب، وجوهرها صرح الدولة الاتحادية الذي كانت لبنته الأولى في “السميح” حين التقى الشيخان المؤسسان زايد وراشد في 18 فبراير 1968 وأصدرا بيانهما التاريخي باتفاقهما على إقامة اتحاد فدرالي بين أبوظبي ودبي، ودعيا أخوانهما حكام الإمارات للانضمام إلى الاتحاد…. هل تعرف معنى وقفتنا قبل أيام مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في “دار الاتحاد” تحت علم الاتحاد؟ وفي المكان نفسه الذي وقف فيه الشيخان المؤسسان زايد وراشد وإخوانهما حكام الإمارات يوم الإعلان عن قيام دولتنا واتحادنا… هل تقدر مشاعرنا في تلك اللحظة؟… هذه أشياء لا تقدر بمال الدنيا..
العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي وكافة الإمارات في إطار الدولة الاتحادية، يعرفون أنها خيار الحكماء العقلاء الأحرار الذين تهديهم قلوبهم إلى الأشياء الأصلية التي تنفع الناس وتبقى في الأرض، وهم من صنف الناس الذين قال عنهم المولى عز وجل: يؤثرون على أنفسهم ولو بهم خصاصة.
وأحيلك مجدداً إلى ما قاله أخي الشيخ خليفة: ” نحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي متماسك “.
أسئلة من مات سلاتر- صحيفة ” ذي ناشيونال
أبدى المجلس الوطني الاتحادي ملاحظات تشير إلى أن الحكومة لا تهتم برأيه، وأنه في الحقيقة يملك قوة قليلة. ما الدور الذي تراه للمجلس الوطني في عملية صنع القرار، وبأية طريقة يمكن أن يتطور مستقبلاً؟
أنا أتلقى دائماً شكر المجلس على تعاون الحكومة ولم تصلنا أية ادعاءات بتجاهل الحكومة لآراء المجلس، ولطالما عبرنا عن تقديرنا لدور المجلس في عملية صنع القرار. كل مشاريع القوانين تعرض على المجلس، ودائماً ما تضيف مناقشاته لهذه المشاريع. ويناقش المجلس الوزراء في سياسات وأداء وزاراتهم، ويوجه لهم الأسئلة ويجيبون عليها ضمن المهل المحددة. نحن نؤمن بأهمية المجلس، ونحترم دوره الفعال في مسيرة الدولة منذ تأسيسها، ودوره في تطور مستمر، ودورته الحالية سجلت بداية لتغيير طريقة اختيار الأعضاء، فلأول مرة تم تشكيل جمعيات انتخابية في الإمارات قامت بانتخاب نصف أعضاء المجلس، وحرصنا على المشاركة الفعالة للمرأة في عضوية المجلس، وتبلغ نسبة العضوات 22% من عدد أعضاء المجلس وهي من أعلى النسب في العالم.
في كل الأحوال، منذ تأسيس الاتحاد اخترنا نهج التدرج. نحن في دولة الإمارات لا نعمل بأسلوب حرق المراحل. وتنظيماتنا وإجراءاتنا تتوافق مع واقعنا وخصوصيتنا. وشعبنا سعيد بهذا النهج ويلمس نتائجه في الازدهار والاستقرار.
أنا أعرف ما تردده بعض التقارير الأجنبية في تناولها للديمقراطية في الإمارات. كتاب هذه التقارير يقيسون على أساس مرجعياتهم الفكرية والحضارية وتجارب وخبرات بلدانهم التي يزيد عمر بعضها على ثلاثمائة سنة…. أسهل شيء إجراء انتخابات عامة ووضع صناديق اقتراع ونشر صور وكلام كبير عن الديمقراطية. لكن القيادة لا تبحث عن الشهرة، ولا تستورد نماذج جاهزة قد تكون صالحة لمجتمعات أخرى لكنها بالتأكيد لا تصلح لمجتمعنا…. قبل أشهر احتفلنا بالعيد الوطني السابع والثلاثين… هل تعرف كيف كانت أوضاعنا قبل ذلك الوقت؟…. هل لديك فكرة عن حال التعليم ونسبة الأمية والبنى التحتية والخدمات العامة؟… هل تعرف تفاصيل بنيتنا الاجتماعية كيف كانت وكيف تطورت؟… اليوم وبعد الإنجازات الضخمة في كافة المجالات نسير ومعنا شعبنا بوعي وثقة في مرحلة التمكين…. التمكين الاقتصادي والإداري والنسائي والثقافي وكذلك في التمكين السياسي، وكانت الانتخابات النصفية لأعضاء المجلس الوطني خطوة مهمة جداً في التدرج نحو ما يرتضيه شعبنا ويحقق مصالح وطننا.
قضايا حقوق العمال والاتجار بالبشر ما زالت تؤثر على صورة دولة الإمارات في الخارج. وبينما توجد سياسات واضحة تتوخى أفضل المعايير الدولية في هذا المجال، فإن المعدل الفعلي لمحاكمات المرتكبين على الحقوق في هذه القضايا يبدو منخفضاً. ماذا فعلتم لمعالجة هذا الوضع؟
أريدك أن تطالع نتائج الاجتماع الأخير للجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، وأن تطالع التقارير الدولية التي تشير إلى التطور الكبير في تعاطي دولة الإمارات مع هاتين القضيتين. حتى التقارير الدورية لوزارة الخارجية الأمريكية تعترف بهذا التطور، وبخاصة في موضوع الإتجار بالبشر.
نحن نهتم بحقوق العمال وبضمان حرية الإنسان ليس لنفوز برضا التقارير الدولية، ولكن لأننا حريصون على تعزيز حقوق الإنسان وتجذير قيم العدالة والتسامح وتقديم نموذج للدول العربية والإسلامية التي تتمسك بإطارها الديني والثقافي وتتفاعل مع المجتمع الدولي بكل الاحترام والتعاون…..ديننا الحنيف وقيمنا وأخلاقنا لا تقبل بهضم حقوق الإنسان أي كان وضعه ونوع عمله وأصله وجنسه ودينه. نحن بطبيعتنا ننفر من الظلم، ونتعاطف مع المحتاجين والمنكوبين ومؤسساتنا الخيرية تنشط في عدد كبير من الدول الأقل حظاً، ولا نقبل أن تهدر كرامة شخص واحد، رجلاً كان أم امرأة.
أما عن عدد القضايا المعروضة على القضاء في هذا المجال، فهي تعكس الواقع… ولو أحصيت عدد القضايا التي نظرتها المحاكم، لوجدت أنها من أعلى النسب في العالم قياساً لعدد السكان.
رئيس الوزراء، حاكم دبي، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسس جودولفين، ورياضي وشاعر…. كيف توفق بين أدوارك السياسية وغير السياسية، وماذا تفعل للترفيه عن نفسك؟
اليوم فيه 24 ساعة، أي 1440 دقيقة، أي 86400 ثانية… هذا وقت كاف للعمل وممارسة الهوايات والرياضة… هذا إذا كنت تحترم الزمن وتحسن تنظيم وقتك. ومن يستمتع في عمله كأنما أضاف خمسة أيام للأسبوع. وأنا أستمتع بعملي الذي هو رسالتي في الحياة: خدمة وطني وشعبي، وتزداد متعتي وأنا ألمس تقدم وازدهار وطني وشعبي… ثم أنا لا أعمل منفرداً، في كل أعمالي ومهامي لدي فريق عمل أقوده وأوجهه وأدربه وأشجعه وأعتمد عليه. في داخل كل إنسان ينبوع لا ينضب من القدرات الكامنة، لكن لا يوجد إنسان غير محدود القدرات. المهم معرفة القدرات والكشف عنها وحسن استخدامها.
أما كيف أرفه عن نفسي، ففي البر والبحر مع أفراد أسرتي ومع كتاب… فضلاً عن ممارسة رياضة ركوب الخيل. حبي للخيل جزء من كياني وتاريخي وأصله الأول خرج من أرضي.
كيف ستتعاون الحكومة الاتحادية وحكومة دبي لإعادة قيادة النموذج الاقتصادي ومواجهة ما تتوقعه اقتصادات عدة وهو انخفاض دائم للائتمان المتاح في أسواق رأس المال العالمية؟
سواء انخفض الائتمان المتاح عالمياً أو لم ينخفض، فإن نموذجنا الاقتصادي مستقر ويتطور في السياقات التي حددناها في وقت سابق. احتياجات دبي للائتمان تتجه أصلاً للانخفاض، فقروض دوائر الحكومة، وهي متواضعة قياساً إلى حجم الاقتصاد، هي استثمارات في البنى التحتية وليست نفقات جارية. ومعظم مشاريع البنى التحتية ذات طبيعة إنتاجية، مثل قطار دبي، المطار، وتوسعات توليد الطاقة. أما قروض الشركات الحكومية فهي ذات طبيعة تجارية صرفة، وحساباتها تستند إلى قاعدة تكلفة القرض وعائد الاستثمار…. الأزمة المالية العالمية أثرت على سيولة الشركات ليس إلا، وهو تأثير مؤقت، ولدينا الوسائل الكافية لتوفير السيولة الضرورية.
ثم ان اقتصاد دبي هو جزء من اقتصاد الإمارات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التعاطي معه باعتباره اقتصاداً مستقلاً. وسأعطيك مثالاً واحداً… نقول مصارف أبوظبي ومصارف دبي ومصارف الشارقة… هذه أقوال مجازية، والتعريف يتصل بموقع المقر الرئيسي فقط، لأن كل المصارف تعمل في كافة الإمارات، وتخضع جميعها لسياسة مالية ونقدية واحدة يشرف عليها جهة واحدة هي المصرف المركزي.
على أي الأحوال، القروض متوفرة دائماً، وحتى بعد الأزمة بأشهر قليلة كانت متاحة، لكن ليس كل متاح مرغوب. فالمسألة تخضع لحسابات مالية دقيقة، ولمعادلات الجدوى والتكلفة والعائد.
أسئلة من سلمان الدوسري – صحيفة “الشرق الأوسط” – لندن
1. قضية التركيبة السكانية تؤرق المواطنين في الامارات.. كما تؤرقكم بكل تأكيد، أعلنتم عن مبادرات بهذا الشأن، وكشفتم عن عدد قليل منها.. هل لكم ان تكشفوا لنا عن المزيد من هذه المبادرات؟
مسألة التركيبة السكانية مهمة لتشعبها وتداخل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد حدد صاحب السمو رئيس الدولة سياستنا في هذه المسألة بأننا ننظر إلى التركيبة السكانية من منظور إيجابي يجسد قدرة شعبنا ودولتنا على صهر هذا الكم والتنوع البشري في إطار إنساني قادر على إعطاء نموذج لقدرة التفاعل الإنساني في عملية البناء والنهوض بدولتنا لتتبوأ مكانة متقدمة على الصعيد الحضاري والتنموي مع اكتساب احترام وتقدير المنظمات الإقليمية والعالمية لتعاملنا الإنساني والحضاري مع جميع المقيمين في بلادنا وخلق وإيجاد الحوافز أمامهم للمساهمة الفاعلة في عملية التنمية التي تشهدها الإمارات.
وهذه الرؤية، كما قال صاحب السمو رئيس الدولة، لا تخفي عن أعيننا ضرورة المحافظة على هويتنا الوطنية. ومن هذا المنطلق جاء تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية للتعامل مع مشكلة التركيبة السكانية، ونحن نقدر عالياً عمل هذه اللجنة التي وضعت العديد من المبادرات للتعامل مع هذه القضية واتخاذ الإجراءات الفعالة في هذا الشأن. ونحن بصدد إجراءات وقرارات أخرى في إطار سياستنا المعلنة والشفافة للتعامل مع مسألة التركيبة السكانية بشكل حضاري ومن دون الإخلال بالتزاماتنا الإنسانية والدولية وبما يحقق الهدف من تنويع التركيبة السكانية في بلادنا.
وبطبيعة الحال، يبقى أبناؤنا وبناتنا وأجيالنا الجديدة مفتاح الحل الاستراتيجي لمسألة التركيبة…. من هنا، يظل تطوير التعليم وتنمية قدرات وإمكانيات الكادر الوطني الإماراتي في مقدمة اهتماماتنا، ونحن متفائلون بأجيالنا الشابة، ومعتزون بروح الانتماء الوطني التي تملأ جوارحهم، وبإدراكهم المتنامي لأهمية الاعتماد على الذات، والمشاركة بفعالية في بناء الوطن، وأنا أتابعهم وأنتظر منهم الكثير، وأدعوهم إلى مضاعفة الجهد والتحصيل المعرفي وتعزيز القدرات الذاتية في مختلف المجالات، ليكونوا باقة متميزة تتسابق عليها مؤسسات القطاعين العام والخاص
2. قبل عام تقريبا قمتم بتعديل وزاري واسع.. وذكرتم بأن أي وزير عرضة للتغيير.. هل هناك أي خطط لتعديل وزاري قريب؟
هناك قاعدة ننطلق منها وهي أن الحكومة خادم الشعب…. وأن الخدمة يجب أن تكون على أعلى مستوى، وأن يحصل عليها الناس بسهولة ويسر. والتعديل يتم إذا ما اقتضته الضرورة وبما نراه مناسبا للتعاطي بفعالية مع متطلبات العمل الوطني وبما يعزز قدرة الحكومة الاتحادية على تحقيق الأهداف المحددة في إستراتيجيتها وما يستجد من أهداف جديدة تبعاً للتطورات على أرض الواقع. ولم أزل عند قولي بأن أي وزير أو مسؤول لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه سيكون عرضة للتغيير ليفسح مكانا لمن هو أجدر بتحمل المسؤولية… والمرجعية الأساسية لأية قرارات بهذا الخصوص هي معايير الأداء ومستوى إنجاز مشاريع خطط التطوير.
3. بصراحة من هم خارج الامارات يعتقدون بوجود حساسية بين الامارات السبع.. استنادا للنظام الفيدرالي الذي تنتهجه الدولة، بماذا تردون؟
لا أعرف ماذا تعني بكلمة حساسية، وما علاقة هذه الكلمة بالنظام الاتحادي. لكني أقدر أن سبب سؤالك، هو التقارير الإعلامية التي حاولت في تناولها لانعكاسات الأزمة المالية العالمية على دولة الإمارات، وضع فواصل واختلاق تباينات بين أبوظبي ودبي، وهي محاولات خبيثة تغافلت عن الكيفية التي تصدت بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وعن الأداء الرائع لمؤسساتنا الاتحادية بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة. كان الأداء اتحادياً بامتياز، وقدم دليلاً جديداً على كفاءة وقوة الدولة الاتحادية وأظهر مجدداً قدرتها على مواجهة أصعب التحديات.
على أي الأحوال، ما دمت قد فتحت هذا الموضوع، فمن المفيد التذكير بأن الإمارات السبع اختارت النظام الاتحادي عن وعي وإدراك بأنه أنسب النظم القابلة للحياة والبقاء والتطور. كان الآباء المؤسسون حكماء وذوي بصيرة وأصحاب رؤية مستقبلية. ومن يعرف تاريخ المنطقة وواقعها السابق على قيام الاتحاد يدرك عظمة إنجاز الاتحاد وإقامة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وإذا كانت العبرة بالنتائج كما يقولون، فانظر إلى مكانة وتقدم وإنجازات وازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة بعد نيف وسبعة وثلاثين عاماً من قيام الاتحاد. دولة الإمارات دولة مؤسسات تحتكم في كافة شؤونها إلى مرجعية دستورية، بما في ذلك توزيع الاختصاصات بين السلطات المحلية والسلطة الاتحادية. ومثل كل الدول الاتحادية تختص السلطة الاتحادية بكافة الشؤون السيادية سواء تعلقت بالسياسة الدفاعية أو بالقوات المسلحة أو بالأمن العام أو بالسياسة الخارجية أو بالسياسة المالية أو بالتشريعات الكلية الخاصة بالقضاء والاقتصاد والعمل وإقامة الأجانب…
ولعل من أهم الإنجازات التاريخية التي نعتز بها، بناء الهوية الوطنية الإماراتية التي لم تكن موجودة قبل قيام الدولة الاتحادية، وهذه الهوية تستقر عميقاً في نفوس جميع أبناء الإمارات، وتسري في عروقهم مسرى الدم، وتملؤهم بمشاعر العزة والكبرياء والولاء والانتماء لوطنهم الإمارات.
كل مسؤول ومواطن في الإمارات يعلي انتماءه الوطني الإماراتي على انتمائه لمنطقته. وأساساً لا تعارض بل تكامل. وحين يقدم شخص نفسه على أنه من أبوظبي أو الفجيرة أو دبي فإنه لا يختلف عن المصري الذي يقدم نفسه بأنه من القاهرة أو أسيوط أو الاسكندرية، أو السعودي الذي يقدم نفسه بأنه من الرياض أو مكة المكرمة أو الدمام. مع الأسف، بعض الذين لا يعرفون الإمارات وحقائق الحياة فيها، يفتون في ما لا يفقهون. نحن كما قال أخي الشيخ خليفة: أعضاء في كيان واحد وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك.
لا توجد أية حساسيات بين الإمارات، بل تكافل وتعاضد في إطار الدولة الواحدة، والهوية الوطنية الواحدة، وفي الوقت ذاته، وفي إطار هذه الدولة الواحدة، توجد مساحة فسيحة للتنافس على الخير والإنجاز والامتياز وخدمة الوطن والمواطنين… وهذا تنافس حميد، وهو أحد أهم أسس نهضة الإمارات وتقدمها.
4. هل انتم من أنصار اعطاء صلاحيات أكثر للحكومة الاتحادية، مقابل تقليل دور الحكومات المحلية لصالح الدولة؟
لا يوجد تنازع على الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية. توجد اختصاصات اتحادية وأخرى محلية محددة بوضوح وفي دستور الدولة. وكما أشرت فإن كافة الشؤون السيادية هي من اختصاص الاتحاد ممثلاً بصاحب السمو رئيس الدولة والمجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي.
الحكومة الاتحادية تحظى بكافة الصلاحيات التي تمكنها من أداء مهامها المنصوص عليها في الدستور. ومسألة الصلاحيات الأكثر أو الأقل ليست موضوعاً نظرياً، علماً بأن التوسع في اللامركزية ومنح سلطات الحكم المحلي صلاحيات أوسع هو اتجاه عالمي حتى في الدول المكونة من إقليم واحد.
فقد ثبت أن اللامركزية تؤمن فعالية أكبر في التعاطي مع شؤون التنمية وترفع من كفاءة الخدمات الحكومية وتزيد من إنتاجية المؤسسات العامة.
ونحن في الإمارات حريصون على تحقيق التكامل في الأدوار والمهمات والأداء بين الوزارات والهيئات الاتحادية والدوائر والمؤسسات المحلية، وصولاً إلى أرقى مستويات الأداء الحكومي في دولة الإمارات بشكل عام
5. عندما تحدث الازمات .. يلتفت العالم الى دبي.. هذه المرة كانت الازمة المالية العالمية.. هل يضايقكم التركيز العالمي الكبير على سلبيات دبي في ظل الظروف الحالية؟
نحن نعرف حجمنا ولا نغالي في دورنا. دبي نالت شهرة عالمية لنجاحها في بناء نموذج تنموي ونهضوي فريد. وقد تحدثت لأحد زملائك عن بعض ملامح هذا النموذج. وأنت تعرف أن لشهرة النجاح ضريبة لا مناص من دفعها، واهتمام العالم بما تفعله دبي لتخطي انعكاسات الأزمة العالمية أمر طبيعي، ليس لأن الناس يركزون على الناجحين فقط، بل لأن الأزمة أدخلت نموذج دبي التنموي، وما رافقه من إنجازات ونجاحات ذات أفق عالمي، في امتحان الأزمة العالمية الصعب. البعض راهن على فشل دبي في الامتحان لأنه لا يعرف الإمارات، ولا يعرف أن ما حققته دبي مبني على أسس قوية وتراكم مهم من الخبرات والإنجازات وعلاقات الأعمال عبر العالم، وهو جزء مما حققته دولة الإمارات من تقدم وازدهار.
والبعض من خارج منطقتنا، تمنى لو أن الأزمة تغرق نموذج دبي، أعرف تماماً أن دوائر مالية واقتصادية لم تكن سعيدة بسياقات التنمية الشاملة والاستثمار والمنافسة عالمياً في إدارة الأسواق المالية والموانىء وفي صناعة النقل الجوي وفي إتاحة أحدث منجزات التكنولوجيا وخبراتها لأبناء المنطقة
الإمارات أجابت بنجاح على الأسئلة الصعبة في امتحان الأزمة المالية العالمية، ولن يطول الوقت الذي يتحول فيه التركيز الإعلامي على ما وصفته بالسلبيات، لصالح دبي ودولة الإمارات.
6. قبل نحو عام تقريبا، وفي زيارة لكم الى القارة الاسيوية.. حذرتم من هذه الازمة.. لماذا لم تحتاطوا للأزمة حتى لا تتأثر دبي خصوصا، والامارات عموما من تبعات هذه الازمة ؟
حجم الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وتأثيراتها على كل دول العالم كان مفاجئاً للجميع. ما حذرت منه آنذاك هو الفوضى العارمة في أسواق المال والسلع، وتهميش دور المؤسسات المالية الدولية وعجزها عن أداء أدوارها المفترضة في عالم تحولت فيه الأسواق الدولية إلى سوق واحدة لكنها لا تخضع لأية قواعد أو تنظيمات أو مراقبة دولية. وطالبت دول الاقتصادات الكبرى بالتحرك السريع وبإعادة النظر في دور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي، وهو ما فعلته مجموعة العشرين في مطلع هذا الشهر.
أما لماذا لم نحتاط حتى لا نتأثر من تبعات الأزمة، فإن أية احتياطات اتخذناها أو اتخذتها أية دولة في العالم، لم تكن لتوفر حصانة من آثار الأزمة، ولولا أننا في الإمارات نجحنا في بناء اقتصاد قوي ومؤسسات فاعلة، ومزجنا من الأساس بين سياسات مصرفية متحفظة بإشراف المصرف المركزي وبين سياسات الانفتاح الاقتصادي التي ننتهجها، لما استطعنا مواجهة انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادنا، ولكنت شهدت إفلاسات في المصارف والشركات الكبرى. وطأة الأزمة علينا في الربع الأخير من العام الماضي كانت شديدة لكنها أقل بكثير مما أصاب دول الاقتصادات المتقدمة.
7. بالرغم من نفي مسؤولي حكومة دبي الدائم بعدم وجود خطة لبيع حصص في الشركات لامارة أبوظبي، إلا ان التكهنات في هذا المجال لا تتوقف.. أليس من الطبيعي ان تتعاون الامارات بعضها البعض في مثل هذه الازمات.. لو حدث مثل هذا الأمر؟
الإمارات لا تنتظر الأزمات لتتعاون. والشراكات أساساً عديدة بين أبوظبي ودبي. ومؤسسو جميع الشركات المساهمة العامة ومكتتبوها في غالبيتهم العظمى من أبوظبي ودبي، واستثمارات أبناء أبوظبي في دبي وأبناء دبي في ابوظبي ضخمة. ودبي كانت ومنذ القدم وما زالت مفتوحة لاستثمارات وأعمال جميع أبناء الإمارات.
أما عن التكهنات الواردة في سؤالك، فهي مجرد تكهنات، وهي ليست بريئة، وجاءت في سياق حملة مغرضة على نموذج دبي. ولم ينف هذه التكهنات مسؤولو حكومة دبي فقط، بل تفضل صاحب السمو رئيس الدولة ونفاها في شهر مارس “آذار” الماضي.
في تقديراتكم هل سيجنح الاقتصاد الاماراتي للركود في العام الحالي.. أم انه سيكون هناك شيئا من النمو؟ وكم نسبته؟
نحن متفائلون بقدرة المؤسسات الوطنية والإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها على تحقيق نمو اقتصادي بمعدلات أقل بطبيعة الحال من المعدلات التي حافظ عليها اقتصادنا في الأعوام السابقة. المؤسسات الدولية المتخصصة تتوقع نمواً طفيفاً في اقتصاد الإمارات هذا العام، وهناك تقديرات أخرى بنمو في الإمارات بنسبة 3%.
9. هناك من يرى ان رب ضارة نافعة.. فالأزمة المالية اعادت الأمور الى طبيعتها بعد سنوات من التضخم الذي كان يهدد اقتصاد دبي والامارات.. في رأيكم هل يمكن اعتبار التصحيح القاسي الذي شهده قطاع العقار، مثلا، حلا لمشكلة ربما كانت ستكون أسوأ مستقبلا؟
الأزمات دائماً تكون مصحوبة بالفرص، والمهم هو التركيز على المستقبل، وإيجاد الأطر التي تضمن كفاءة الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة. الإجراءات التي تم اتخاذها سواء على الصعيد الاتحادي أو على الصعيد المحلي في مواجهة الأزمة إجراءات مدروسة تضمن الخروج من تأثيراتها بأقل الأضرار. وقد أثبتت دولة الإمارات قدرة على تجاوز أزمات سابقة وستثبت مجدداً نجاحها في تجاوز هذه الأزمة. وتقوم لجان متخصصة برصد ومتابعة تطورات الأزمة على المستوى العالمي وتأثير هذه التطورات علينا. وتضع الخطط وتقدم المقترحات الملائمة للتعاطي مع كافة التطورات.
10. أخيراً.. القصص الخيالية. والأشاعات لا تتوقف عن دبي وانها أصبحت مدينة أشباح.. وان عشرات الألوف يسرحون اسبوعيا من وظائفهم.. وغيرها من القصص.. الايحزنكم طريقة التعاطي هذه مع أزمة دبي على وجه الخصوص ؟
لقد تعودنا ألا نعير اهتماما للشائعات، وردنا عليها يكون دائماً بالعمل والإنجازات. هذه الإشاعات والقصص المُختلقة تدهش كل من يزورنا في هذه الأيام. وقد قابلت الكثير من الزوار في الآونة الأخيرة الذين أبدوا دهشتهم من زحمة الفنادق والشوارع والأسواق. إن نجاح دبي هو السبب الحقيقي في تلك القصص المختلقة، فالأزمة في دبي هي أزمة نجاحها الذي حافظت عليه لعقود عدة. هل غاب عن مروجي تلك الإشاعات أن عالمية دبي تجعلها أكثر تأثراً من غيرها بتطورات الاقتصاد العالمي؟ نحن مع حرية التعبير ولكن في إطار من النزاهة والموضوعية والدقة.
أمر مؤسف أن نرى صحفاً تعتمد في تقاريرها على الإشاعات والأقاويل والتكهنات على الرغم من أنها تفاخر دائماً بدقتها وموضوعيتها. نحن ندرك شدة المنافسة الاقتصادية بين دول العالم، ودائماً ما وجدت الحروب الاقتصادية غير المعلنة بين أصحاب النشاط الاقتصادي الواحد، وحين تتحول إلى لاعب دولي في بعض الأنشطة الاقتصادية عليك أن لا تنتظر دروباً مفروشة بالورود والرياحين… هل تعرف عدد شركات الطيران الدولية الكبرى المتربصة بطيران الإمارات؟ وهل تظن أن شركات الخدمات الدولية ذات الصلة سعيدة بنجاح موانىء دبي في إدارة عشرات الموانىء في أوروبا وآسيا وأفريقيا؟ وهل تتوقع أن تكون أسواق المال الدولية سعيدة بنجاح سوق دبي المالي الدولي ومشاركته في ملكية بعض أهم أسواق المال الدولية؟
11. كلام سموك صحيح، وما تحدثت به لا يخطر على بال كثيرين؟
أزيدك من الشعر بيت… طيران الإمارات على سبيل المثال لم تحقق نجاحها المشهود على المستوى الدولي فقط بل حفزت إلى إنشاء شركات طيران عربية تسير على نهج طيران الإمارات، ودفعت جميع شركات الطيران العربية إلى تحسين أساطيلها وخدماتها… وهذا كله ضاعف من حصة شركات الطيران العربية في صناعة النقل العالمي… اليوم باتت طيران الإمارات مقياساً لكفاءة الخدمة والتشغيل ليس على المستوى العربي فقط ولكن على مستوى العالم
العالم يعترف بك لأنك ناجح ومتميز ومبادر وقادر على المنافسة لكنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الاعتراف عن رضا وقبول….
أسئلة من محمود الحضري – جريدة “الاتحاد” – الإمارات
1 – طلبتم سموكم في العام الماضي من وزارة المالية الإعداد المبكر للميزانية الاتحادية للدولة 2009 ، وكان لذلك الخروج بالميزانية قبل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بدون أي عجز ، فهل سيكون للأزمة المالية العالمية تأثير على ميزانية 2010، خاصة فيما يتعلق باحتياجات المواطن الأساسية؟
في السنوات الثلاث الأخيرة تصدر الميزانية الاتحادية في وقت مبكر وقبل دخول العام المالي الجديد. أما خروج ميزانية 2009 بدون عجز فمسألة طبيعية ناجمة عن عدم تأثر موارد الميزانية بآثار الأزمة المالية العالمية. ولا أعتقد أن آثار الأزمة ستطال ميزانية سنة 2010، باقٍ على السنة الجديدة سبعة أشهر، وهذه فترة طويلة ربما نشهد في نهايتها مؤشرات لقرب انتعاش الاقتصاد العالمي.
2 – هناك من يقول أن مناصب دبي العليا تتركز على عدد محدود من الأشخاص، وهو ما وصفه البعض بظاهرة الـ “سوبر مان” فهل لنا أن نعرف رد سموكم؟
ما المقصود بمناصب دبي العليا؟ مناصب الدوائر أم الشركات أم المؤسسات؟ أم الهيئات أم جميع هذه الجهات معاً؟
ردي أن المناصب العليا متاحة لجميع الكفاءات من المواطنين، ودائماً ما تجري عملية تجديد الدماء. وظاهرة “السوبرمان” التي تتحدث عنها ليست موجودة. أعرف أن البعض كتب عن هذا الأمر، لكن دققوا في واقع المناصب العليا، ستكتشفون عدم وجود هذه الظاهرة.
3 – لجأت بعض الشركات في ظل الأزمة إلى تأجيل بعض المشروعات وإعادة جدولتها، فهل لنا أن نعرف الموقف بالنسبة لمشروعات البنية الأساسية التي تقوم بها الحكومة؟ خاصة في ظل التغييرات التي يقال أنها ستطال الخطط ا?
تصفّح المقالات
4 thoughts on “اللقاء الإعلامي الأول مع رئيس الوزراء”
Comments are closed.
اللقاء الإعلامي الأول مع رئيس الوزراء
الأخوة والأخوات الصحافيين
بدايةً أشكر الأخوة والأخوات الصحافيين، وأقدر حرصهم على التواصل معي عبر الموقع الرسمي لرئيس الوزراء… هذه هي المرة الثانية التي أجيب فيها على أسئلتكم إلكترونياً… المرة الأولى كانت قبل ثماني سنوات. وأعترف لكم أن هدفي آنذاك من الحوار مع زملائكم إلكترونياً، كان إثارة اهتمام أبناء وطني ومجتمع الإمارات بالإنترنت… في ذلك الوقت كان استخدام الاتصال عبر الشبكة محدوداً جداً، وكانت الإنترنت معروفة لخاصة الخاصة، لكن استخدامها والنفاذ إليها في الإمارات اليوم بات من تقاليد العمل في الحكومة والقطاع الخاص، وباتت لشرائح واسعة من المجتمع، بخاصة الشباب، وسيلة المعرفة والترفيه والاتصال المفضلة، ووفق أحدث التقارير الدولية، فإن الإمارات تقود المنطقة في مجال الاهتمام بتكنولوجيا المعلومات متصدرةً جميع دول الشرق الأوسط.
وقد اخترت اليوم اللقاء بكم عبر الموقع، لأن صحفاً عديدة طلبت خلال الأشهر الأخيرة إجراء حوار معي، ولم تكن مشاغلي تسمح بتلبية هذه الطلبات… ووجدت أن اللقاء عبر الموقع يتيح لمن يرغب توجيه الأسئلة التي يريد… وفعلاً تلقيت منذ الإعلان عن اللقاء مئات الأسئلة من عدة صحف محلية وعربية، وها أنا أجيب عليها. وأعتذر مقدماً للأخوة والأخوات الذين لن أجيب عن بعض أسئلتهم التي سبقهم في طرحها زملاء آخرون، ويستطيعون أن يعتبروها أسئلتهم.
أما أسئلة أبنائي وأخواني المواطنين، والأسئلة الموجهة من غير الصحافيين، فسأجيب عليها في يومٍ آخر، سيتم الإعلان عنه قريباً.
أسئلة من شفيق الأسدي – صحيفة “الحياة” – لندن
أهنئكم أولاً باسم صحيفة “الحياة” على إطلاق موقعكم الالكتروني للتواصل مع الصحافة والإعلام. وإذا كان يدلّ ذلك على شيء فإنه يؤكد مدى الانفتاح والشفافية التي تتمتع بها سياسة سموكم. وهي السياسة التي تنسجم مع السياسة العامة لدولة الإمارات وتشكل أساساً للنهج الديمقراطي المتميز وتجربة متفردة على المستويين الإقليمي والعالمي.
أتوجه لسموكم بعدد من الأسئلة، وسأكون أنا والصحيفة في غاية الشكر والإمتنان لسموكم في الإجابة عليها.واعذروني على الصراحة في طرح الأسئلة لأن الهدف هو المساهمة في الرد على الحملة التي تتعرض له دبي في ضوء الأزمة المالية العالمية .
1 – سمو الشيخ تتعرض دبي وهي صاحبة التجربة المتميزة على الصعيدين العربي والعالمي لحملة واسعة تشكك في تجربتها التنموية والنهضوية الشاملة في ضوء الأزمة المالية العالمية. كيف تنظرون إلى هذه الحملة ودوافعها وكيفية التعامل معها؟
أنا لا يزعجني النقد أو الحديث عن السلبيات. فإذا كان النقد موضوعياً استفدنا منه، وإذا كانت السلبيات موجودة عالجناها. ولكن في أشهر ما بعد الأزمة المالية العالمية، بعض ما كتب لم يكن نقداً أو إشارةً لسلبيات. كان “قصفاً إعلامياً” يستهدف دولة الإمارات كنموذج لدولة اتحادية عربية ناجحة ومزدهرة، ويستهدف دبي بنموذجها التنموي وإنجازاتها ومكانتها العالمية. ولاحظنا أن بعض وسائل الإعلام الغربية المرتبطة بدوائر أعمال دولية اعتمدت منهجاً متعمداً يستهدف صرح الدولة الاتحادي ونموذج دبي التنموي، وكانت تقاريرها السلبية عن دبي يومية تقريباً، كأنما كانت في سباق مع الزمن لإلحاق الأذى بدولة الإمارات.
أما عن دوافع الحملة، فالله سبحانه وتعالى وحده العالم بالنوايا. لكن يبدو أن نجاح العربي، سواء كان فرداً أو دولة أو مدينة أو شركة ذنب لا يغتفر عند البعض، ويبدو أن البعض ينزعج من ولادة صورة عربية مغايرة لصورهم النمطية المشوهة للعربي والدولة العربية.
يا أخي، نموذجنا ليس أعلى برج في العالم، وأحسن مطار، وأفخم فندق، وأكبر ميناء وجزر صنعها الإنسان… هذه معالم ومنشآت مهمة وفريدة من نوعها وشهيرة على مستوى العالم… نموذج دبي يكمن في أنها منطقة عربية شحيحة الموارد الطبيعية، تمتلك رؤية واضحة لمتطلبات التنمية الشاملة والنهضة، ونجحت في استثمار مواردها البشرية وموقعها الجغرافي وخبراتها التجارية في تحقيق التنمية بمعدلات قياسية، وفي توسيع قنوات التواصل بين الشرق والغرب، وفي إثبات إمكانية تعايش أبناء الثقافات المختلفة معاً في بيئة عربية إسلامية منفتحة ومتسامحة.
ونموذجنا، الذي هو جزء من نموذج دولة الإمارات، يكمن في النجاح بتنويع الاقتصاد، وفي إثارة اهتمام المنطقة العربية والجوار بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحكومة الإلكترونية واقتصاد المعرفة، وفي تسهيل وصول أبناء المنطقة إلى أفضل الممارسات العالمية والخبرات الدولية في مختلف المجالات عبر المعارض والمؤتمرات والأنشطة الأخرى. وفي إثبات جدوى الاستثمار في المنطقة وفي المعرفة وفي الإنسان، وفي رفع توقعات أبناء المنطقة إلى مستويات الإدارة الحكومية الرشيدة والشفافة، وجودة الخدمات العامة وكفاءة البنى التحتية. وفي توخي أعلى المستويات الدولية في التعليم والخدمات الصحية، وفي اقتحام مجالات استثمارية في أصول عالمية كالموانىء والمطارات والأسواق المالية وغيرها، والنجاح في بناء مركز مالي عالمي ودخوله في شراكات مع مؤسسات عالمية ذات عراقة وشهرة وتأثير، وفي المنافسة عالمياً في مجالات النقل الجوي والبحري، وفي مبادرات العمل الخيري التنموي في الدول الأقل حظاً… هذه بعض ملامح نموذج دبي الذي جذب انتباه العالم، واستقطب اهتمامات المنطقة العربية وأبنائها، وألهم الكثيرين وشحذ هممهم… هل هذا النموذج هو المستهدف؟ سؤال طرحته على نفسي وأخواني، ولا أنتظر له جواباً، لأننا اعتدنا في الإمارات على الإجابة بالعمل لا بالقول… ونحن ماضون في طريقنا، متوكلون على الله ومعتمدون على عقول وسواعد أبنائنا ورجال أعمالنا والمؤمنين بدبي وهم كثيرون.
نموذج أبوظبي مستهدف أيضاً من بعض الدوائر، فهي تقود اتحاداً عربياً ناجحاً، وطرحت مبادرات ذات طبيعة استراتيجية بالغة الأهمية كمدينة “مصدر”… هل قرأت عما كتب في بعض وسائل الإعلام الغربي عن اهتمام أبوظبي بمتحف “اللوفر” والمتاحف الأخرى؟ وهل تناولوا مبادرة إيجابية من دون أن يقحموا صورهم النمطية عن العربي وعن الخليجي؟… اليوم التركيز على دبي… لكن لن يوفروا نموذجاً عربياً ناجحاً ولن يفوتوا فرصة تلوح لتناوله بسلبية مماثلة للسلبية التي تناولوا فيها دبي… وهنا أشير إلى بعض الإعلام الغربي وليس كل الإعلام الغربي، وقد طالعنا في وسائل إعلام غربية معالجات متزنة لتأثيرات الأزمة على الإمارات ودبي.
2 – سمو الشيخ: الحملة تتركز على اعطاء إشارات بأن دبي تواجه أزمة اقتصادية تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً فما هو التأثير الفعلي للأزمة على دبي اقتصادياً واجتماعياً.
لا، الحملة ذهبت إلى مدى أبعد مما أشرت إليه… كاتب أمريكي معروفة اتجاهاته كان همه مثلاً أن يروج إلى أن تجربة دبي في تعايش الثقافات لم تنجح، وذهب إلى حد القول أن “دبي مدينة فصل الحضارات لا لقاء الحضارات”. وقد وصل إلى هذا الاستنتاج استناداً إلى أن دبي تعاقب الذين يخدشون الحياء على الشواطىء العامة.
أما الإشارات عن أن تبعات الأزمة العالمية على دبي تهدد الأسس التي قامت عليها اقتصادياً وتنموياً، فهي إشارات عن “أمنيات” البعض أو أوهامهم وليس عن حقائق الواقع. الأسس الاقتصادية والتنموية قوية وراسخة، ولو لم تكن كذلك لما تمكنا من التعامل بكفاءة عالية مع تبعات الأزمة المالية العالمية… أضف إلى ذلك أن دبي ليست طائراً يغرد منفرداً. إنها عضو في سرب دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو سرب قوي وعفي وناجح وقادر على مواجهة أصعب التحديات.
3 – تتحدث الأطراف المتورطة في الحملة الإعلامية على دبي عن “تفجر الفقاعة” التي طالما تحدثوا عنها سابقاً. فماذا تقولون لأصحاب هذا القول؟
قلت سابقاً أن حديث “الفقاعة” أسمعه منذ تفتح وعيي على الدنيا، وهي موجودة فقط في عقول الذين يرددونها وغالباً لا يعرفون معناها. وقد انفجرت هذه الفقاعة في عقول مردديها أكثر من مرة… لا بأس بمن يرددها مجدداً… ستبدي له الأيام ما كان جاهلاً، وسيأتيه بالأخبار من لم يزود.
نحن بخير، وقد عبرنا الأزمة بأقل قدر من الخسائر، وفي ثقافتنا نقول: تفاءلوا بالخير تجدوه، لذلك اعتدنا على النظر أولاً إلى جزء الكوب الممتلىء بالماء، وحين ننظر إلى الجزء الفارغ، لا نتحسر على الفراغ، بل نفكر في أفضل وأسرع السبل المؤدية إلى ملئه.
4 – إذا وضعنا الحملة الظالمة التي تتعرض لها دبي خلف ظهورنا. كيف تنظرون سموكم للخروج من الأزمة الراهنة؟
الأزمة العالمية بلغت ذروتها في شهري سبتمبر “أيلول” وأكتوبر “تشرين الأول” من العام الماضي. وكان وقعها شديداً على العالم بأسره، وولدت حالة من الذعر في دول الاقتصادات المتقدمة.
في ذلك الوقت كان طبيعياً أن يكون وقع الأزمة على المنطقة شديداً جداً، بخاصة وأن غموض عمق الأزمة المالية في أمريكا وبقية مجموعة الدول السبع، أدى إلى شلل الائتمان الدولي، وتوقف العمليات بين البنوك، وتعليق الاعتمادات المتبادلة، وتجميد عمليات الإقراض
مرحلة الذعر هذه انتهت، بخاصة بعد تدخل حكومات دول الاقتصادات الكبرى لتنظيم قطاعاتها المصرفية والمالية وقيامها بتخصيص مبالغ ضخمة لإنعاش اقتصادها… وهذا ما مكن القمة الثانية لمجموعة العشرين في لندن قبل أيام، من الاتفاق على حزمة من القرارات والإجراءات الهادفة لإنعاش الاقتصاد العالمي وتنظيم الأسواق الدولية.
بالنسبة لنا في دولة الإمارات العربية المتحدة، أقول باطمئنان، أننا نجحنا في احتواء مخاطر الأزمة المالية العالمية في فترة قياسية، نتيجة حسن سياسات المصرف المركزي، وإجراءات الحكومة بتأمين السيولة للمصارف وحماية الودائع، والإجراءات الأخرى على المستوى المحلي مثل ضخ حكومة أبوظبي سيولة إضافية للمصارف المؤسسة في الإمارة، وإصدار حكومة دبي لسندات بقيمة 20 مليار دولار.
انتهاء حالة الذعر في دول الاقتصادات المتقدمة ودخولها في مرحلة علاج آثار الأزمة، وقرارات قمة العشرين الثانية، أشاع درجة مهمة من الارتياح والتفاؤل على مستوى العالم، وهذا تطور مهم ينعكس إيجاباً على كافة دول العالم بما فيها دولة الإمارات التي تتمتع أساساً باقتصاد متنوع وقوي ومتعدد الإمكانيات.
5 – اتخذت الحكومة الاتحادية اجراءات سريعة للتعامل مع الأزمة، غير أن الكثير من المراقبين يقول بأن هذه الإجراءات غير كافية لخروج الإمارات وخصوصا دبي من الأزمة؟
الإجراءات التي اتخذناها في الحكومة الاتحادية كانت فعلاً سريعة وفعالة، لكنها أيضاً كانت مدروسة وتلبي احتياجات مواجهة وتجاوز الآثار السلبية للأزمة العالمية…. وقد قلت أن اقتصادنا انتقل من منطقة الأزمة إلى منطقة الحل. بطبيعة الحال، نحن نتابع أوضاعنا وتطورات قطاعات اقتصادنا عبر هيئات متخصصة اتحادية ومحلية، كما نتابع التطورات في الاقتصاد العالمي والأسواق الدولية. وكل المؤشرات والحمدلله إيجابية وتدعو إلى التفاؤل. وإذا استدعت التطورات مستقبلاً إجراءات إضافية فسنقدم عليها.
6 – طرحت دبي سندات بقيمة 20بليون دولار، وسارع مصرف الإمارات المركزي إلى الاكتتاب بها بمبلغ 10بلايين دولار الأمر الذي فسر على أنه مساعدة من أبوظبي لدبي للخروج من الأزمة. كيف تقيمون هذا الإجراء الذي أقدم عليه مصرف الإمارات المركزي، وماذا عن الشق الثاني من السندات
يبدو أن كثيرين لا يدركون حقائق الحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة… حسناً، أنا أرحب بهذا التفسير لأنه يؤكد عمق وتجذر الروابط بين إمارات الدولة، فضلاً عن أنه يؤكد قوة مصرفنا المركزي وثقته الكبيرة باقتصاد دبي.
نحن أصدرنا سندات بعشرين مليار دولار وطرحنا نصفها للاكتتاب، واكتتب المصرف المركزي بكامل المبلغ، وندفع عليها فائدة سنوية بنسبة 4%. وما طرحناه يلبي احتياجاتنا في هذه المرحلة، وعند الحاجة سنطرح الشق الثاني في حينه، وهو محل اهتمام جهات عديدة
7 – كثر الحديث عن أن دبي ستبيع بعض شركاتها وأن أبوظبي ستكون شريكاً لدبي في الكثير من المشاريع القائمة أو التي تحت التنفيذ. ما هي الحقيقة في هذا الأمر؟
هذا الحديث يندرج في الإشاعات والتكهنات التي تحولت إلى أخبار في صحف دولية مرموقة… يا أخي بين أبوظبي ودبي لا يوجد بيع وشراء… كل ما في دبي هو لأبوظبي ودبي وبقية الإمارات، وكل ما في أبوظبي هو لدبي وأبوظبي وبقية الإمارات… وأحيلك إلى حديث صاحب السمو الأخ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في مارس الماضي، قال سموه في هذا الخصوص: ” أعتقد بأن هناك سوء فهم ومبالغة في تقدير انعكاسات الأزمة علينا. كما أن هناك تفسيرات خاطئة حول طبيعة العلاقة التي تربط الإمارات الأعضاء في الاتحاد. فنحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك، وبالنسبة إلى الإجراءات التي تتخذ سواء على صعيد الاتحاد أو على صعيد كل إمارة لمعالجة الأزمة، فإنها إجراءات معلنة وواضحة ولا حاجة لإطلاق التوقعات في شأنها”.
8 – سمو الشيخ هل تشعرون بأي تهديد يطال دبي نتيجة الأزمة الحالية؟
لم نشعر لا في ذروة الأزمة المالية ولا الآن بأي تهديد. الأسوأ مر وصار وراءنا. ومنذ اشتعال الأزمة لم يعلن مصرف أو شركة حكومية الإفلاس. ولم ينكسر أي من قطاعات الاقتصاد، وننفذ خططاً وبرامج عمل تستفيد من دروس الأزمة وتكفل التعافي من آثارها السلبية.
9 – حدثت في الآونة الأخيرة عمليات اغتيال في دبي تطرح بشكل جدي موضوع الأمن فيها. وإذا كان يسجل للأمن في دبي سرعة اكتشاف مرتكبي هذه العمليات، ماذا تقولون بشأن الردّ على الأقوال التي تقول إن منع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق أولاً؟
بالطبع، الوقاية خير من العلاج، ومنع عمليات الاغتيال هو الأجدى أن يتحقق… عادة ما يسمع الناس عن إجراءات العلاج، لكنهم لا يسمعون عن إجراءات الوقاية. جرائم الاغتيال التي حدثت في دبي في الأشهر الأخيرة يقل عددها عن نصف عدد أصابع اليد الواحدة، وهذا ليس تقليلاً من خطورتها. إنها الاستثناء الذي يؤكد القواعد الراسخة. والأساس أن دولة الإمارات العربية بما فيها دبي هي من أكثر دول العالم أمناً واستقراراً، وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن أجهزتنا المختصة تولي الإجراءات الوقائية أهمية قصوى. في كل الأحوال، معدل الجرائم في دولة الإمارات هو من أقل المعدلات في العالم، ونعمل على أن تظل كذلك، ولا يغير من هذه الحقيقة سعة انتشار أخبار جريمة أو جريمتي قتل بسبب شهرة المغدورين فيهما.
10 – مع وطأة الأزمة المالية العالمية على دبي يلاحظ استمرار الأنشطة الثقافية والإعلامية والفنية والرياضية بجوائزها المالية الضخمة فما هو تفسيركم للإستمرار في هذه الأنشطة في دبي؟
هذه الأنشطة مقررة في أوقات سابقة على الأزمة، وبعضها دوري يقام سنوياً مثل كأس دبي العالمية للخيل ومنتدى الإعلام العربي وجائزة الصحافة العربية، وبعضها بدأ دورته الأولى مثل مهرجان الشعر العالمي…. ما الغريب في استمرار هذه الأنشطة؟
الغريب هو أن لا تستمر. أما مبالغ الجوائز فلم تتغير عن المعروف والمعلن سابقاً… هل تلمح في سؤالك إلى أن هذه الجوائز باتت عبئاً على دبي؟ إذا كان الأمر كذلك، فأطمئنك إلى أننا بخير ومشاريعنا تحت التنفيذ لم تتوقف، وأقساط القروض والسندات دفعت وتدفع في مواعيدها، والموردون والمقاولون بدأوا في استلام مستحقاتهم.
11 – يتم التركيز في ضوء هذه الأزمة علي قيام الشركات العاملة في دبي ومعظمها تحت مظلة “دبي القابضة” بإنهاء خدمات الكثير من موظفيها والعاملين فيها. فماذا تم في هذا المجال، وماذا عن ما يتردد بأن حملة إنهاء خدمات الموظفين والعاملين ستبلغ ذروتها في الأشهر القادمة؟
بعد الأزمة المالية العالمية، بادرت كل الشركات الكبرى في العالم إلى مراجعة أوضاعها ومشاريعها ومواردها ونفقاتها وإعادة هيكلة إداراتها وكادرها على ضوء الوقائع الجديدة. “دبي القابضة” ليست استثناءاً، وشركاتها تعمل على أسس تجارية، ومن الطبيعي أن يتم الاستغناء عن الموظفين الذين لم تعد لهم وظائف أو مهام. ولا توجد حملة ولا ذروة في الأشهر القادمة أو بعدها أو قبلها. العملية تنظيمية صرفة.
12 – تعرضت دبي لحملات إعلامية تقول بأن إنهاء خدمات الموظفين تركز على جنسيات عربية محددة. فما هي حقيقة الموقف؟
أيضاً هذا من قبيل الإشاعات التي تحولت إلى أخبار في وسائل الإعلام. ربما يكون نشاط معين تأثر أكثر من غيره بالأزمة مثل نشاط العلاقات العامة والإعلان وصدف أن إحدى الجنسيات العربية تتواجد بكثافة في هذا النشاط، أو قطاع شهد مراجعة واسعة كقطاع المقاولات، وصدف أن نسبة كبيرة من مهندسي الشركات المتأثرة من جنسية معينة… أبداً لا تركيز على أية جنسية عربية أو غير عربية.
13 – قمتم في الأيام الأخيرة بزيارة لروسيا الاتحادية وكان ذلك استمراراً لزياراتكم للدول ذات الثقل الاقتصادي على المستوى العالمي وكان آخرها ألمانيا والصين. فهل ترون أن هذه الزيارات ما زالت مجدية في ضوء الأزمة الراهنة، وهل ستستمر مستقبلاً وماهو الهدف منها؟ وماذا حققت زيارتكم الأخيرة لموسكو؟
هذا سؤال غريب… الأزمة المالية العالمية أزمة عابرة، وعلاقاتنا مع دول العالم، بخاصة ذات الثقل الاقتصادي، هي علاقات دائمة ومن واجبنا السعي لتنميتها وتطويرها. وفي أوقات الأزمات ذات الأبعاد العالمية تزداد الزيارات الخارجية أهمية لتبادل الرأي والتشاور حول التطورات العالمية وتعزيز التعاون الثنائي، بخاصة وأن المشهد الدولي يمر في مخاض من شأنه أن ينتج نظاماً عالمياً اقتصادياً وسياسياً جديداً
14 – هل تعتقدون أن الأزمة الراهنة تفرض إجراء تغييرات على المستويين المحلي في دبي وعلى المستوى الإتحادي في دولة الإمارات، خصوصاً مع إشاعات بأن تغييراً وزارياً يتم الإعداد له حالياً؟
بطبيعة الحال، واقع ما قبل الأزمة العالمية هو غير الواقع بعدها. وكل من لا يستوعب الواقع الجديد ويتفاعل معه بإيجابية لما فيه مصلحة الوطن والمواطن يكون مقصراً. وها أنت تعود وتسألني عن إشاعات تتعلق بتغيير وزاري يعد له حالياً… أنت بنفسك تقول إشاعات!
15 – العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي يقولون “بأن لا خوف على دبي مهما كان وقع الأزمة عليها” لأنها تستند في نهاية الأمر إلى القوة المالية لأبوظبي التي تمتلك أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، ماذا تقولون في هذه المسألة؟
العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي لا يختصرون العلاقات بين الإمارتين بالحسابات المالية. المال تفصيل صغير في حقيقة أكبر وأسمى عمقها محتد واحد وقربى ونسب، وجوهرها صرح الدولة الاتحادية الذي كانت لبنته الأولى في “السميح” حين التقى الشيخان المؤسسان زايد وراشد في 18 فبراير 1968 وأصدرا بيانهما التاريخي باتفاقهما على إقامة اتحاد فدرالي بين أبوظبي ودبي، ودعيا أخوانهما حكام الإمارات للانضمام إلى الاتحاد…. هل تعرف معنى وقفتنا قبل أيام مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في “دار الاتحاد” تحت علم الاتحاد؟ وفي المكان نفسه الذي وقف فيه الشيخان المؤسسان زايد وراشد وإخوانهما حكام الإمارات يوم الإعلان عن قيام دولتنا واتحادنا… هل تقدر مشاعرنا في تلك اللحظة؟… هذه أشياء لا تقدر بمال الدنيا..
العارفون بحقيقة العلاقات بين أبوظبي ودبي وكافة الإمارات في إطار الدولة الاتحادية، يعرفون أنها خيار الحكماء العقلاء الأحرار الذين تهديهم قلوبهم إلى الأشياء الأصلية التي تنفع الناس وتبقى في الأرض، وهم من صنف الناس الذين قال عنهم المولى عز وجل: يؤثرون على أنفسهم ولو بهم خصاصة.
وأحيلك مجدداً إلى ما قاله أخي الشيخ خليفة: ” نحن أعضاء في كيان واحد، وأجزاء في جسد واحد قوي متماسك “.
أسئلة من مات سلاتر- صحيفة ” ذي ناشيونال
أبدى المجلس الوطني الاتحادي ملاحظات تشير إلى أن الحكومة لا تهتم برأيه، وأنه في الحقيقة يملك قوة قليلة. ما الدور الذي تراه للمجلس الوطني في عملية صنع القرار، وبأية طريقة يمكن أن يتطور مستقبلاً؟
أنا أتلقى دائماً شكر المجلس على تعاون الحكومة ولم تصلنا أية ادعاءات بتجاهل الحكومة لآراء المجلس، ولطالما عبرنا عن تقديرنا لدور المجلس في عملية صنع القرار. كل مشاريع القوانين تعرض على المجلس، ودائماً ما تضيف مناقشاته لهذه المشاريع. ويناقش المجلس الوزراء في سياسات وأداء وزاراتهم، ويوجه لهم الأسئلة ويجيبون عليها ضمن المهل المحددة. نحن نؤمن بأهمية المجلس، ونحترم دوره الفعال في مسيرة الدولة منذ تأسيسها، ودوره في تطور مستمر، ودورته الحالية سجلت بداية لتغيير طريقة اختيار الأعضاء، فلأول مرة تم تشكيل جمعيات انتخابية في الإمارات قامت بانتخاب نصف أعضاء المجلس، وحرصنا على المشاركة الفعالة للمرأة في عضوية المجلس، وتبلغ نسبة العضوات 22% من عدد أعضاء المجلس وهي من أعلى النسب في العالم.
في كل الأحوال، منذ تأسيس الاتحاد اخترنا نهج التدرج. نحن في دولة الإمارات لا نعمل بأسلوب حرق المراحل. وتنظيماتنا وإجراءاتنا تتوافق مع واقعنا وخصوصيتنا. وشعبنا سعيد بهذا النهج ويلمس نتائجه في الازدهار والاستقرار.
أنا أعرف ما تردده بعض التقارير الأجنبية في تناولها للديمقراطية في الإمارات. كتاب هذه التقارير يقيسون على أساس مرجعياتهم الفكرية والحضارية وتجارب وخبرات بلدانهم التي يزيد عمر بعضها على ثلاثمائة سنة…. أسهل شيء إجراء انتخابات عامة ووضع صناديق اقتراع ونشر صور وكلام كبير عن الديمقراطية. لكن القيادة لا تبحث عن الشهرة، ولا تستورد نماذج جاهزة قد تكون صالحة لمجتمعات أخرى لكنها بالتأكيد لا تصلح لمجتمعنا…. قبل أشهر احتفلنا بالعيد الوطني السابع والثلاثين… هل تعرف كيف كانت أوضاعنا قبل ذلك الوقت؟…. هل لديك فكرة عن حال التعليم ونسبة الأمية والبنى التحتية والخدمات العامة؟… هل تعرف تفاصيل بنيتنا الاجتماعية كيف كانت وكيف تطورت؟… اليوم وبعد الإنجازات الضخمة في كافة المجالات نسير ومعنا شعبنا بوعي وثقة في مرحلة التمكين…. التمكين الاقتصادي والإداري والنسائي والثقافي وكذلك في التمكين السياسي، وكانت الانتخابات النصفية لأعضاء المجلس الوطني خطوة مهمة جداً في التدرج نحو ما يرتضيه شعبنا ويحقق مصالح وطننا.
قضايا حقوق العمال والاتجار بالبشر ما زالت تؤثر على صورة دولة الإمارات في الخارج. وبينما توجد سياسات واضحة تتوخى أفضل المعايير الدولية في هذا المجال، فإن المعدل الفعلي لمحاكمات المرتكبين على الحقوق في هذه القضايا يبدو منخفضاً. ماذا فعلتم لمعالجة هذا الوضع؟
أريدك أن تطالع نتائج الاجتماع الأخير للجنة الدولية لحقوق الإنسان في جنيف، وأن تطالع التقارير الدولية التي تشير إلى التطور الكبير في تعاطي دولة الإمارات مع هاتين القضيتين. حتى التقارير الدورية لوزارة الخارجية الأمريكية تعترف بهذا التطور، وبخاصة في موضوع الإتجار بالبشر.
نحن نهتم بحقوق العمال وبضمان حرية الإنسان ليس لنفوز برضا التقارير الدولية، ولكن لأننا حريصون على تعزيز حقوق الإنسان وتجذير قيم العدالة والتسامح وتقديم نموذج للدول العربية والإسلامية التي تتمسك بإطارها الديني والثقافي وتتفاعل مع المجتمع الدولي بكل الاحترام والتعاون…..ديننا الحنيف وقيمنا وأخلاقنا لا تقبل بهضم حقوق الإنسان أي كان وضعه ونوع عمله وأصله وجنسه ودينه. نحن بطبيعتنا ننفر من الظلم، ونتعاطف مع المحتاجين والمنكوبين ومؤسساتنا الخيرية تنشط في عدد كبير من الدول الأقل حظاً، ولا نقبل أن تهدر كرامة شخص واحد، رجلاً كان أم امرأة.
أما عن عدد القضايا المعروضة على القضاء في هذا المجال، فهي تعكس الواقع… ولو أحصيت عدد القضايا التي نظرتها المحاكم، لوجدت أنها من أعلى النسب في العالم قياساً لعدد السكان.
رئيس الوزراء، حاكم دبي، ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ومؤسس جودولفين، ورياضي وشاعر…. كيف توفق بين أدوارك السياسية وغير السياسية، وماذا تفعل للترفيه عن نفسك؟
اليوم فيه 24 ساعة، أي 1440 دقيقة، أي 86400 ثانية… هذا وقت كاف للعمل وممارسة الهوايات والرياضة… هذا إذا كنت تحترم الزمن وتحسن تنظيم وقتك. ومن يستمتع في عمله كأنما أضاف خمسة أيام للأسبوع. وأنا أستمتع بعملي الذي هو رسالتي في الحياة: خدمة وطني وشعبي، وتزداد متعتي وأنا ألمس تقدم وازدهار وطني وشعبي… ثم أنا لا أعمل منفرداً، في كل أعمالي ومهامي لدي فريق عمل أقوده وأوجهه وأدربه وأشجعه وأعتمد عليه. في داخل كل إنسان ينبوع لا ينضب من القدرات الكامنة، لكن لا يوجد إنسان غير محدود القدرات. المهم معرفة القدرات والكشف عنها وحسن استخدامها.
أما كيف أرفه عن نفسي، ففي البر والبحر مع أفراد أسرتي ومع كتاب… فضلاً عن ممارسة رياضة ركوب الخيل. حبي للخيل جزء من كياني وتاريخي وأصله الأول خرج من أرضي.
كيف ستتعاون الحكومة الاتحادية وحكومة دبي لإعادة قيادة النموذج الاقتصادي ومواجهة ما تتوقعه اقتصادات عدة وهو انخفاض دائم للائتمان المتاح في أسواق رأس المال العالمية؟
سواء انخفض الائتمان المتاح عالمياً أو لم ينخفض، فإن نموذجنا الاقتصادي مستقر ويتطور في السياقات التي حددناها في وقت سابق. احتياجات دبي للائتمان تتجه أصلاً للانخفاض، فقروض دوائر الحكومة، وهي متواضعة قياساً إلى حجم الاقتصاد، هي استثمارات في البنى التحتية وليست نفقات جارية. ومعظم مشاريع البنى التحتية ذات طبيعة إنتاجية، مثل قطار دبي، المطار، وتوسعات توليد الطاقة. أما قروض الشركات الحكومية فهي ذات طبيعة تجارية صرفة، وحساباتها تستند إلى قاعدة تكلفة القرض وعائد الاستثمار…. الأزمة المالية العالمية أثرت على سيولة الشركات ليس إلا، وهو تأثير مؤقت، ولدينا الوسائل الكافية لتوفير السيولة الضرورية.
ثم ان اقتصاد دبي هو جزء من اقتصاد الإمارات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التعاطي معه باعتباره اقتصاداً مستقلاً. وسأعطيك مثالاً واحداً… نقول مصارف أبوظبي ومصارف دبي ومصارف الشارقة… هذه أقوال مجازية، والتعريف يتصل بموقع المقر الرئيسي فقط، لأن كل المصارف تعمل في كافة الإمارات، وتخضع جميعها لسياسة مالية ونقدية واحدة يشرف عليها جهة واحدة هي المصرف المركزي.
على أي الأحوال، القروض متوفرة دائماً، وحتى بعد الأزمة بأشهر قليلة كانت متاحة، لكن ليس كل متاح مرغوب. فالمسألة تخضع لحسابات مالية دقيقة، ولمعادلات الجدوى والتكلفة والعائد.
أسئلة من سلمان الدوسري – صحيفة “الشرق الأوسط” – لندن
1. قضية التركيبة السكانية تؤرق المواطنين في الامارات.. كما تؤرقكم بكل تأكيد، أعلنتم عن مبادرات بهذا الشأن، وكشفتم عن عدد قليل منها.. هل لكم ان تكشفوا لنا عن المزيد من هذه المبادرات؟
مسألة التركيبة السكانية مهمة لتشعبها وتداخل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وقد حدد صاحب السمو رئيس الدولة سياستنا في هذه المسألة بأننا ننظر إلى التركيبة السكانية من منظور إيجابي يجسد قدرة شعبنا ودولتنا على صهر هذا الكم والتنوع البشري في إطار إنساني قادر على إعطاء نموذج لقدرة التفاعل الإنساني في عملية البناء والنهوض بدولتنا لتتبوأ مكانة متقدمة على الصعيد الحضاري والتنموي مع اكتساب احترام وتقدير المنظمات الإقليمية والعالمية لتعاملنا الإنساني والحضاري مع جميع المقيمين في بلادنا وخلق وإيجاد الحوافز أمامهم للمساهمة الفاعلة في عملية التنمية التي تشهدها الإمارات.
وهذه الرؤية، كما قال صاحب السمو رئيس الدولة، لا تخفي عن أعيننا ضرورة المحافظة على هويتنا الوطنية. ومن هذا المنطلق جاء تشكيل لجنة عليا برئاسة وزير الداخلية للتعامل مع مشكلة التركيبة السكانية، ونحن نقدر عالياً عمل هذه اللجنة التي وضعت العديد من المبادرات للتعامل مع هذه القضية واتخاذ الإجراءات الفعالة في هذا الشأن. ونحن بصدد إجراءات وقرارات أخرى في إطار سياستنا المعلنة والشفافة للتعامل مع مسألة التركيبة السكانية بشكل حضاري ومن دون الإخلال بالتزاماتنا الإنسانية والدولية وبما يحقق الهدف من تنويع التركيبة السكانية في بلادنا.
وبطبيعة الحال، يبقى أبناؤنا وبناتنا وأجيالنا الجديدة مفتاح الحل الاستراتيجي لمسألة التركيبة…. من هنا، يظل تطوير التعليم وتنمية قدرات وإمكانيات الكادر الوطني الإماراتي في مقدمة اهتماماتنا، ونحن متفائلون بأجيالنا الشابة، ومعتزون بروح الانتماء الوطني التي تملأ جوارحهم، وبإدراكهم المتنامي لأهمية الاعتماد على الذات، والمشاركة بفعالية في بناء الوطن، وأنا أتابعهم وأنتظر منهم الكثير، وأدعوهم إلى مضاعفة الجهد والتحصيل المعرفي وتعزيز القدرات الذاتية في مختلف المجالات، ليكونوا باقة متميزة تتسابق عليها مؤسسات القطاعين العام والخاص
2. قبل عام تقريبا قمتم بتعديل وزاري واسع.. وذكرتم بأن أي وزير عرضة للتغيير.. هل هناك أي خطط لتعديل وزاري قريب؟
هناك قاعدة ننطلق منها وهي أن الحكومة خادم الشعب…. وأن الخدمة يجب أن تكون على أعلى مستوى، وأن يحصل عليها الناس بسهولة ويسر. والتعديل يتم إذا ما اقتضته الضرورة وبما نراه مناسبا للتعاطي بفعالية مع متطلبات العمل الوطني وبما يعزز قدرة الحكومة الاتحادية على تحقيق الأهداف المحددة في إستراتيجيتها وما يستجد من أهداف جديدة تبعاً للتطورات على أرض الواقع. ولم أزل عند قولي بأن أي وزير أو مسؤول لا يرقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه سيكون عرضة للتغيير ليفسح مكانا لمن هو أجدر بتحمل المسؤولية… والمرجعية الأساسية لأية قرارات بهذا الخصوص هي معايير الأداء ومستوى إنجاز مشاريع خطط التطوير.
3. بصراحة من هم خارج الامارات يعتقدون بوجود حساسية بين الامارات السبع.. استنادا للنظام الفيدرالي الذي تنتهجه الدولة، بماذا تردون؟
لا أعرف ماذا تعني بكلمة حساسية، وما علاقة هذه الكلمة بالنظام الاتحادي. لكني أقدر أن سبب سؤالك، هو التقارير الإعلامية التي حاولت في تناولها لانعكاسات الأزمة المالية العالمية على دولة الإمارات، وضع فواصل واختلاق تباينات بين أبوظبي ودبي، وهي محاولات خبيثة تغافلت عن الكيفية التي تصدت بها دولة الإمارات العربية المتحدة لتداعيات الأزمة المالية العالمية، وعن الأداء الرائع لمؤسساتنا الاتحادية بقيادة صاحب السمو رئيس الدولة. كان الأداء اتحادياً بامتياز، وقدم دليلاً جديداً على كفاءة وقوة الدولة الاتحادية وأظهر مجدداً قدرتها على مواجهة أصعب التحديات.
على أي الأحوال، ما دمت قد فتحت هذا الموضوع، فمن المفيد التذكير بأن الإمارات السبع اختارت النظام الاتحادي عن وعي وإدراك بأنه أنسب النظم القابلة للحياة والبقاء والتطور. كان الآباء المؤسسون حكماء وذوي بصيرة وأصحاب رؤية مستقبلية. ومن يعرف تاريخ المنطقة وواقعها السابق على قيام الاتحاد يدرك عظمة إنجاز الاتحاد وإقامة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وإذا كانت العبرة بالنتائج كما يقولون، فانظر إلى مكانة وتقدم وإنجازات وازدهار دولة الإمارات العربية المتحدة بعد نيف وسبعة وثلاثين عاماً من قيام الاتحاد. دولة الإمارات دولة مؤسسات تحتكم في كافة شؤونها إلى مرجعية دستورية، بما في ذلك توزيع الاختصاصات بين السلطات المحلية والسلطة الاتحادية. ومثل كل الدول الاتحادية تختص السلطة الاتحادية بكافة الشؤون السيادية سواء تعلقت بالسياسة الدفاعية أو بالقوات المسلحة أو بالأمن العام أو بالسياسة الخارجية أو بالسياسة المالية أو بالتشريعات الكلية الخاصة بالقضاء والاقتصاد والعمل وإقامة الأجانب…
ولعل من أهم الإنجازات التاريخية التي نعتز بها، بناء الهوية الوطنية الإماراتية التي لم تكن موجودة قبل قيام الدولة الاتحادية، وهذه الهوية تستقر عميقاً في نفوس جميع أبناء الإمارات، وتسري في عروقهم مسرى الدم، وتملؤهم بمشاعر العزة والكبرياء والولاء والانتماء لوطنهم الإمارات.
كل مسؤول ومواطن في الإمارات يعلي انتماءه الوطني الإماراتي على انتمائه لمنطقته. وأساساً لا تعارض بل تكامل. وحين يقدم شخص نفسه على أنه من أبوظبي أو الفجيرة أو دبي فإنه لا يختلف عن المصري الذي يقدم نفسه بأنه من القاهرة أو أسيوط أو الاسكندرية، أو السعودي الذي يقدم نفسه بأنه من الرياض أو مكة المكرمة أو الدمام. مع الأسف، بعض الذين لا يعرفون الإمارات وحقائق الحياة فيها، يفتون في ما لا يفقهون. نحن كما قال أخي الشيخ خليفة: أعضاء في كيان واحد وأجزاء في جسد واحد قوي ومتماسك.
لا توجد أية حساسيات بين الإمارات، بل تكافل وتعاضد في إطار الدولة الواحدة، والهوية الوطنية الواحدة، وفي الوقت ذاته، وفي إطار هذه الدولة الواحدة، توجد مساحة فسيحة للتنافس على الخير والإنجاز والامتياز وخدمة الوطن والمواطنين… وهذا تنافس حميد، وهو أحد أهم أسس نهضة الإمارات وتقدمها.
4. هل انتم من أنصار اعطاء صلاحيات أكثر للحكومة الاتحادية، مقابل تقليل دور الحكومات المحلية لصالح الدولة؟
لا يوجد تنازع على الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية. توجد اختصاصات اتحادية وأخرى محلية محددة بوضوح وفي دستور الدولة. وكما أشرت فإن كافة الشؤون السيادية هي من اختصاص الاتحاد ممثلاً بصاحب السمو رئيس الدولة والمجلس الأعلى للاتحاد ومجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي.
الحكومة الاتحادية تحظى بكافة الصلاحيات التي تمكنها من أداء مهامها المنصوص عليها في الدستور. ومسألة الصلاحيات الأكثر أو الأقل ليست موضوعاً نظرياً، علماً بأن التوسع في اللامركزية ومنح سلطات الحكم المحلي صلاحيات أوسع هو اتجاه عالمي حتى في الدول المكونة من إقليم واحد.
فقد ثبت أن اللامركزية تؤمن فعالية أكبر في التعاطي مع شؤون التنمية وترفع من كفاءة الخدمات الحكومية وتزيد من إنتاجية المؤسسات العامة.
ونحن في الإمارات حريصون على تحقيق التكامل في الأدوار والمهمات والأداء بين الوزارات والهيئات الاتحادية والدوائر والمؤسسات المحلية، وصولاً إلى أرقى مستويات الأداء الحكومي في دولة الإمارات بشكل عام
5. عندما تحدث الازمات .. يلتفت العالم الى دبي.. هذه المرة كانت الازمة المالية العالمية.. هل يضايقكم التركيز العالمي الكبير على سلبيات دبي في ظل الظروف الحالية؟
نحن نعرف حجمنا ولا نغالي في دورنا. دبي نالت شهرة عالمية لنجاحها في بناء نموذج تنموي ونهضوي فريد. وقد تحدثت لأحد زملائك عن بعض ملامح هذا النموذج. وأنت تعرف أن لشهرة النجاح ضريبة لا مناص من دفعها، واهتمام العالم بما تفعله دبي لتخطي انعكاسات الأزمة العالمية أمر طبيعي، ليس لأن الناس يركزون على الناجحين فقط، بل لأن الأزمة أدخلت نموذج دبي التنموي، وما رافقه من إنجازات ونجاحات ذات أفق عالمي، في امتحان الأزمة العالمية الصعب. البعض راهن على فشل دبي في الامتحان لأنه لا يعرف الإمارات، ولا يعرف أن ما حققته دبي مبني على أسس قوية وتراكم مهم من الخبرات والإنجازات وعلاقات الأعمال عبر العالم، وهو جزء مما حققته دولة الإمارات من تقدم وازدهار.
والبعض من خارج منطقتنا، تمنى لو أن الأزمة تغرق نموذج دبي، أعرف تماماً أن دوائر مالية واقتصادية لم تكن سعيدة بسياقات التنمية الشاملة والاستثمار والمنافسة عالمياً في إدارة الأسواق المالية والموانىء وفي صناعة النقل الجوي وفي إتاحة أحدث منجزات التكنولوجيا وخبراتها لأبناء المنطقة
الإمارات أجابت بنجاح على الأسئلة الصعبة في امتحان الأزمة المالية العالمية، ولن يطول الوقت الذي يتحول فيه التركيز الإعلامي على ما وصفته بالسلبيات، لصالح دبي ودولة الإمارات.
6. قبل نحو عام تقريبا، وفي زيارة لكم الى القارة الاسيوية.. حذرتم من هذه الازمة.. لماذا لم تحتاطوا للأزمة حتى لا تتأثر دبي خصوصا، والامارات عموما من تبعات هذه الازمة ؟
حجم الأزمة المالية العالمية وتداعياتها وتأثيراتها على كل دول العالم كان مفاجئاً للجميع. ما حذرت منه آنذاك هو الفوضى العارمة في أسواق المال والسلع، وتهميش دور المؤسسات المالية الدولية وعجزها عن أداء أدوارها المفترضة في عالم تحولت فيه الأسواق الدولية إلى سوق واحدة لكنها لا تخضع لأية قواعد أو تنظيمات أو مراقبة دولية. وطالبت دول الاقتصادات الكبرى بالتحرك السريع وبإعادة النظر في دور واختصاصات وآليات عمل المؤسسات المالية الدولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي، وهو ما فعلته مجموعة العشرين في مطلع هذا الشهر.
أما لماذا لم نحتاط حتى لا نتأثر من تبعات الأزمة، فإن أية احتياطات اتخذناها أو اتخذتها أية دولة في العالم، لم تكن لتوفر حصانة من آثار الأزمة، ولولا أننا في الإمارات نجحنا في بناء اقتصاد قوي ومؤسسات فاعلة، ومزجنا من الأساس بين سياسات مصرفية متحفظة بإشراف المصرف المركزي وبين سياسات الانفتاح الاقتصادي التي ننتهجها، لما استطعنا مواجهة انعكاسات الأزمة العالمية على اقتصادنا، ولكنت شهدت إفلاسات في المصارف والشركات الكبرى. وطأة الأزمة علينا في الربع الأخير من العام الماضي كانت شديدة لكنها أقل بكثير مما أصاب دول الاقتصادات المتقدمة.
7. بالرغم من نفي مسؤولي حكومة دبي الدائم بعدم وجود خطة لبيع حصص في الشركات لامارة أبوظبي، إلا ان التكهنات في هذا المجال لا تتوقف.. أليس من الطبيعي ان تتعاون الامارات بعضها البعض في مثل هذه الازمات.. لو حدث مثل هذا الأمر؟
الإمارات لا تنتظر الأزمات لتتعاون. والشراكات أساساً عديدة بين أبوظبي ودبي. ومؤسسو جميع الشركات المساهمة العامة ومكتتبوها في غالبيتهم العظمى من أبوظبي ودبي، واستثمارات أبناء أبوظبي في دبي وأبناء دبي في ابوظبي ضخمة. ودبي كانت ومنذ القدم وما زالت مفتوحة لاستثمارات وأعمال جميع أبناء الإمارات.
أما عن التكهنات الواردة في سؤالك، فهي مجرد تكهنات، وهي ليست بريئة، وجاءت في سياق حملة مغرضة على نموذج دبي. ولم ينف هذه التكهنات مسؤولو حكومة دبي فقط، بل تفضل صاحب السمو رئيس الدولة ونفاها في شهر مارس “آذار” الماضي.
في تقديراتكم هل سيجنح الاقتصاد الاماراتي للركود في العام الحالي.. أم انه سيكون هناك شيئا من النمو؟ وكم نسبته؟
نحن متفائلون بقدرة المؤسسات الوطنية والإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها على تحقيق نمو اقتصادي بمعدلات أقل بطبيعة الحال من المعدلات التي حافظ عليها اقتصادنا في الأعوام السابقة. المؤسسات الدولية المتخصصة تتوقع نمواً طفيفاً في اقتصاد الإمارات هذا العام، وهناك تقديرات أخرى بنمو في الإمارات بنسبة 3%.
9. هناك من يرى ان رب ضارة نافعة.. فالأزمة المالية اعادت الأمور الى طبيعتها بعد سنوات من التضخم الذي كان يهدد اقتصاد دبي والامارات.. في رأيكم هل يمكن اعتبار التصحيح القاسي الذي شهده قطاع العقار، مثلا، حلا لمشكلة ربما كانت ستكون أسوأ مستقبلا؟
الأزمات دائماً تكون مصحوبة بالفرص، والمهم هو التركيز على المستقبل، وإيجاد الأطر التي تضمن كفاءة الأداء في مرحلة ما بعد الأزمة. الإجراءات التي تم اتخاذها سواء على الصعيد الاتحادي أو على الصعيد المحلي في مواجهة الأزمة إجراءات مدروسة تضمن الخروج من تأثيراتها بأقل الأضرار. وقد أثبتت دولة الإمارات قدرة على تجاوز أزمات سابقة وستثبت مجدداً نجاحها في تجاوز هذه الأزمة. وتقوم لجان متخصصة برصد ومتابعة تطورات الأزمة على المستوى العالمي وتأثير هذه التطورات علينا. وتضع الخطط وتقدم المقترحات الملائمة للتعاطي مع كافة التطورات.
10. أخيراً.. القصص الخيالية. والأشاعات لا تتوقف عن دبي وانها أصبحت مدينة أشباح.. وان عشرات الألوف يسرحون اسبوعيا من وظائفهم.. وغيرها من القصص.. الايحزنكم طريقة التعاطي هذه مع أزمة دبي على وجه الخصوص ؟
لقد تعودنا ألا نعير اهتماما للشائعات، وردنا عليها يكون دائماً بالعمل والإنجازات. هذه الإشاعات والقصص المُختلقة تدهش كل من يزورنا في هذه الأيام. وقد قابلت الكثير من الزوار في الآونة الأخيرة الذين أبدوا دهشتهم من زحمة الفنادق والشوارع والأسواق. إن نجاح دبي هو السبب الحقيقي في تلك القصص المختلقة، فالأزمة في دبي هي أزمة نجاحها الذي حافظت عليه لعقود عدة. هل غاب عن مروجي تلك الإشاعات أن عالمية دبي تجعلها أكثر تأثراً من غيرها بتطورات الاقتصاد العالمي؟ نحن مع حرية التعبير ولكن في إطار من النزاهة والموضوعية والدقة.
أمر مؤسف أن نرى صحفاً تعتمد في تقاريرها على الإشاعات والأقاويل والتكهنات على الرغم من أنها تفاخر دائماً بدقتها وموضوعيتها. نحن ندرك شدة المنافسة الاقتصادية بين دول العالم، ودائماً ما وجدت الحروب الاقتصادية غير المعلنة بين أصحاب النشاط الاقتصادي الواحد، وحين تتحول إلى لاعب دولي في بعض الأنشطة الاقتصادية عليك أن لا تنتظر دروباً مفروشة بالورود والرياحين… هل تعرف عدد شركات الطيران الدولية الكبرى المتربصة بطيران الإمارات؟ وهل تظن أن شركات الخدمات الدولية ذات الصلة سعيدة بنجاح موانىء دبي في إدارة عشرات الموانىء في أوروبا وآسيا وأفريقيا؟ وهل تتوقع أن تكون أسواق المال الدولية سعيدة بنجاح سوق دبي المالي الدولي ومشاركته في ملكية بعض أهم أسواق المال الدولية؟
11. كلام سموك صحيح، وما تحدثت به لا يخطر على بال كثيرين؟
أزيدك من الشعر بيت… طيران الإمارات على سبيل المثال لم تحقق نجاحها المشهود على المستوى الدولي فقط بل حفزت إلى إنشاء شركات طيران عربية تسير على نهج طيران الإمارات، ودفعت جميع شركات الطيران العربية إلى تحسين أساطيلها وخدماتها… وهذا كله ضاعف من حصة شركات الطيران العربية في صناعة النقل العالمي… اليوم باتت طيران الإمارات مقياساً لكفاءة الخدمة والتشغيل ليس على المستوى العربي فقط ولكن على مستوى العالم
العالم يعترف بك لأنك ناجح ومتميز ومبادر وقادر على المنافسة لكنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الاعتراف عن رضا وقبول….
أسئلة من محمود الحضري – جريدة “الاتحاد” – الإمارات
1 – طلبتم سموكم في العام الماضي من وزارة المالية الإعداد المبكر للميزانية الاتحادية للدولة 2009 ، وكان لذلك الخروج بالميزانية قبل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية بدون أي عجز ، فهل سيكون للأزمة المالية العالمية تأثير على ميزانية 2010، خاصة فيما يتعلق باحتياجات المواطن الأساسية؟
في السنوات الثلاث الأخيرة تصدر الميزانية الاتحادية في وقت مبكر وقبل دخول العام المالي الجديد. أما خروج ميزانية 2009 بدون عجز فمسألة طبيعية ناجمة عن عدم تأثر موارد الميزانية بآثار الأزمة المالية العالمية. ولا أعتقد أن آثار الأزمة ستطال ميزانية سنة 2010، باقٍ على السنة الجديدة سبعة أشهر، وهذه فترة طويلة ربما نشهد في نهايتها مؤشرات لقرب انتعاش الاقتصاد العالمي.
2 – هناك من يقول أن مناصب دبي العليا تتركز على عدد محدود من الأشخاص، وهو ما وصفه البعض بظاهرة الـ “سوبر مان” فهل لنا أن نعرف رد سموكم؟
ما المقصود بمناصب دبي العليا؟ مناصب الدوائر أم الشركات أم المؤسسات؟ أم الهيئات أم جميع هذه الجهات معاً؟
ردي أن المناصب العليا متاحة لجميع الكفاءات من المواطنين، ودائماً ما تجري عملية تجديد الدماء. وظاهرة “السوبرمان” التي تتحدث عنها ليست موجودة. أعرف أن البعض كتب عن هذا الأمر، لكن دققوا في واقع المناصب العليا، ستكتشفون عدم وجود هذه الظاهرة.
3 – لجأت بعض الشركات في ظل الأزمة إلى تأجيل بعض المشروعات وإعادة جدولتها، فهل لنا أن نعرف الموقف بالنسبة لمشروعات البنية الأساسية التي تقوم بها الحكومة؟ خاصة في ظل التغييرات التي يقال أنها ستطال الخطط الاستراتيجية؟
لا تأجيل لأي من مشاريع البنية الأساسية، أما المشاريع الأخرى، فما هو تحت التنفيذ سيستكمل، وما لم يبدأ تنفيذه بعد تنطبق عليه إعادة الجدولة الزمنية… أما التغييرات التي ستطال الخطة الاستراتيجية، فسيعلن عنها فور إنجازها. الخطط دائماً معرضة للتعديل في الأوقات العادية وفي أوقات الأزمات.
أسئلة من رائد برقاوي – صحيفة “الخليج” –
محمد بن راشد يطالع زاوية” تواصل مع رئيس الوزراء” قبل الإجابة
محمد بن راشد يقرأ بتمعن أحد الأسئلة المرسلة من الإعلاميين للموقع
الله يحفظك يا بو راشد ذخر لدولة
وبأذن الله الأزمة تعدي على خير في ظل القيادة الحكيمة
بتوفيق
جزاك الله خيراً ، و بوراشد قول وفعل .. وننتظر الكثير منه وهو قد المسؤولية ولله الحمد ، والله يوفقهم لخير الوطن المواطن ، والله كريم ويشيلون الرومي من التشكيل الوزاري ويضعون شخص أكثر مسؤولية