أخي في الله:
تاجر ما شئت واربح ما شئت فلن تجد مثيلا لهذه التجارة الرابحة ، نعم لن تجد أربح ولا أنفع ولا أثمن من التجارة مع الله.
يقول جل وعلا :
{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}
{وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}
{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
{وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}
وفي صحيح البخاري: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا”.
أنفق أخي ولا تخشَ الفقر وتذكّر حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عندما قال لبلال الحبشي: “أَنْفِقْ بِلاَلُ ، وَلاَ تَخَافَنَّ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلاَلاً”.
َرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ ، وَالأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
واعلم أخي المسلم أنّ مالك لا ينقص بالصدقة ، حتى لو ذهب مالك بالصدقة فإنّك ستفوز بالأجر والثواب الذي ينفعك يوم لا ينفع مال ولا بنون، وقد قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: “ثَلاثَةٌ أَقْسِمُ عَلَيْهِنَّ : مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا …”. رَوَاهُ الترمذي ، والبزار في مسنده واللفظ له.
نعم فتصدقوا ، فتصدقوا ، فهي صدقة عن النفس وعلى النفس قبل أن تكون صدقة على الآخرين.
والتصدق والسخاء وبذل المال هو من أخلاق النبيين والأولياء والصالحين:
فقد روى البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: “مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – شَيْئًا قَطُّ فَقَالَ: لاَ”.
وعن أنس رضي الله عنه قال: “كَانَ رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَحْسَن النَّاسِ وَأَجْوَد النَّاسِ وَأَشْجَع النَّاسِ”. رواه البخاري في صحيحه.
وعندما أمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالصدقة أتى أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه بكل ماله ووضعه بين يديّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ؟” فقال: أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَه. رواه أبو داود والترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
والمعنى : أي تركت لهم حب الله ورسوله ورضاهما.
وروي عن محمد بن حمير : أن عمر بن الخطاب مر ببقيع الغرقد فقال : السلام عليكم يا أهل القبور ، أخبار ما عندنا أن نساءكم قد تزوجت ودوركم قد سكنت وأموالكم قد فرقت، فأجابه هاتف : أخبار ما عندنا أن ما قدمناه وجدناه ، وما أنفقناه ربحناه ، وما خلفناه فقد خسرناه.
ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب القبور ، وابن السمعاني.
فعلى ماذا تبخل أخي!! وعلى من تبخل؟ إنك لا تبخل إلا على نفسك، فبادر إلى الصدقة واغتنم الفرصة ولا تفوتها فتندم أشد الندم وساعتها لن ينفعك الندم… {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
وفقني الله وإياك أخي إلى طاعته وما فيه محبته ومرضاته.
“رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات”
“سبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ ، سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيم”