عصام حجى العالم المصرى المسؤول عن برنامج استكشاف المريخ فى «ناسا»: مركباتى الفضائية وصلت المريخ بسهولة.. وعانيت «الأمرين» لإدخالها مصر
يوصف العالم المصرى الشاب عصام حجى فى دوائر المعارف الغربية بـ«رجل المريخ»، فهو واحد من ٨ علماء فى وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، مهمتهم استكشاف سطح المريخ، والتمهيد لنزول البشر عليه عام ٢٠٢٠، لكن الإعلام ومراكز البحث العربية لا تكاد تعرفه.
الرجل الذى يصعد بسرعة الصاروخ فى ناسا، ويدرب رواد الفضاء، مصرى خريج جامعة القاهرة، لكنه تقدم باستقالته منها كمدرس مساعد بسبب «الروتين»، الذى رفض تجديد بعثته لمواصلة مهامه البحثية فى «ناسا»، إلا إذا تقدم بإجازة لمرافقة الزوجة.
«المصرى اليوم» التقته وتعرفت منه على الجديد فى أبحاث الفضاء وأوضاع الباحثين المصريين فى الخارج.
وإلى نص الحوار:
■ بداية.. ما طبيعة الدور الذى تقوم به حاليا فى الوكالة الأمريكية لعلوم الفضاء «ناسا»؟
– حاليا.. أنا واحد من ٨ خبراء مسؤولين عن متابعة الإشارات الواردة من المريخ على مدار الساعة، بالإضافة إلى دورى فى التنسيق مع رواد الفضاء وتدريبهم على استخدام أجهزة التصوير الرادارى فى الوصول بشكل دقيق لأماكن تجمع الجليد تحت سطحى المريخ والقمر، والتعرف على خواصهما الجيوفيزيائية وأساليب جمع العينات من هذه المناطق، وفى نفس الوقت دراسة المكونات الجيولوجية للقمر.
وقبل عام تقريبا، انتقلت من معهد بحوث الفضاء فى هيوستن إلى القيادة العامة لناسا، ومشروع اكتشاف المريخ التابع لها فى لوس أنجلوس، وأعمل حاليا كمسؤول عن مركبات الفضاء ورئيس الفريق البحثى فى معمل محركات الدفع الصاروخى وهو أكبر معامل ناسا وأشهرها على الإطلاق.
■ مر عامان على هبوط المركبة الفضائية «مارس إكسبريس» للمرة الأولى على سطح المريخ، وعليها أجهزة تصوير من تصميمك.. ما التطور الذى حدث فى مشروع استكشاف المريخ حتى الآن؟
– أعتقد أننا قطعنا شوطا كبيرا وأحرزنا تقدما فى اكتشاف القمر والمريخ، بعد إطلاق المركبتين مارس إكسبريس وMRO فى ٢٠٠٤، وقمنا بإطلاق مركبتين جديدتين، واحدة بالتعاون مع الهند، وأخرى فى ناسا، وبدأنا نطور التدريبات الخاصة لرواد الفضاء ونحاكى الواقع الذى يمكن أن يمروا به أثناء عودتهم للقمر وزيارتهم للمريخ سنة ٢٠٢٠، للتعرف أكثر على خصائص الكوكب المغلف بالغاز الأحمر والذى أصاب التصحر جميع أراضيه.
■ ما النتائج التى عادت بها هذه المركبات حتى الآن؟
– أهم النتائج اكتشاف الجليد تحت سطح المريخ، فكلنا يعرف أننا كنا نعيش وحدنا فى المجموعة الشمسية، لكن المثير أن تتوصل من خلال أبحاثك إلى إشارات تقول إنه ربما كانت هناك حياة على سطح المريخ، ونحن نتنبأ بذلك من اكتشافنا– بشكل يقينى– وجودا للمياه والجليد على أرضه، ونريد التحقق من السؤال الملح «هل كانت هناك كائنات تعيش قبل عدة آلاف أو ملايين من السنوات؟» وهذا ما نريد معرفته عام ٢٠٢٠. كما أننا عثرنا على الجليد فى المناطق الاستوائية، وهو ما لم يكن معروفا فى السابق.
■ ما دورك فى تجهيز هذه المركبات الفضائية التى تغزو المريخ؟
– دورى يتركز فى تصميم ومتابعة عمل أجهزة التصوير الرادارى المثبتة على هذه المركبات، وبواسطتها يمكن تقديم صور واضحة لأماكن تواجد المياه على سطح القمر والمريخ، إلى جانب تدريب رواد الفضاء على استعمال هذه الأجهزة، ومحاكاة الواقع الذى سيرونه عندما يهبط الإنسان لأول مرة على سطح المريخ، إضافة لانتهائى والفريق البحثى المرافق لى من تحديد أقرب مناطق الجليد من سطح القمر لتوليد المياه منه لأول مرة.
■ وما أهمية هذه الاكتشافات؟
– أعتقد أن مشروع اكتشاف الجليد والمياه على سطح القمر هو الأهم بعد رحلة رواد الفضاء على متن المركبة أبوللو أوائل السبعينيات، مع فارق بسيط فى دراساتنا هذه المرة، هو أن رواد الفضاء سيعودون إلى القمر فى نهاية ٢٠٢٠، لكن ليس لاتخاذه مكانا لمعيشة الإنسان، وإنما لتحويله إلى محطة دائمة للرحلات الفضائية لاستكشاف المجموعة الشمسية، ومهمتنا هنا تتركز فى تدريب رواد الفضاء على استخراج المياه من تحت سطح القمر للاستخدام الشخصى طوال فترة إقامتهم ولتوليد الوقود اللازم «الهيدروجين» لمركبات الفضاء والعودة للأرض، وهكذا يتحول القمر إلى محطة مدارية للانطلاق إلى باقى الكواكب.
■ هناك فكرة قد تعتبر رفاهية زائدة، لكن البعض يقوم بها وهى السياحة الفضائية، وصعود الهواة إلى سطح القمر.. ما رأيك فى هذه الخطوات؟ وهل استخراج المياه فى القمر يساعد على تنفيذها؟
– السياحة الفضائية هى نوع من الفضول لأصحابها، أكثر منها لأغراض علمية، والفضول وحده ليس سيئا، وبعض الأغنياء حول العالم يسعون لخوض هذه التجربة، لكن العيش على القمر ليس هدفا قريب التحقيق فى المدى الزمنى المنظور، لن ننقل بشرا إلى هناك، والهدف من العمل فوق سطحى القمر والمريخ هو اكتشاف أوجه التقارب بينهما وبين الأرض، وبالتالى يمكن التنبؤ بمستقبل كوكبنا الأخضر، وفهم ماضيه بصورة أفضل.
■ لماذا كوكب المريخ على وجه التحديد هو من يساعدنا على فهم كوكبنا الصغير؟
– نحن نعرف كوكبنا فقط الذى نعيش عليه، لكن إذا عرفنا أن كوكبى المريخ والأرض كانا توأمين، أحدهما لا يزال يعيش، والآخر تحول إلى صحراء بفعل العوامل الفلكية واختفت المياه من سطحه، فهذا يساعدنا على معرفة أثر التغير المناخى الذى يتدهور بشدة على كوكب الأرض، وهكذا فإن كوكب المريخ يعتبر نافذة مفتوحة لمعرفة الأرض بصورة أفضل، كما أن كوكب الزهرة يمثل حالة بدائية لما مر به كوكب الأرض قبل أن تظهر الحياة على سطحه.
■ منذ عام ونصف العام كنت فى مصر للمرة الأخيرة، وتقدمت حينها باستقالة مسببة من جامعة القاهرة، هل ما زلت مصرا على هذه الاستقالة؟
– للأسف، ليس أمامى إلا الاستقالة، لأن الجامعة رفضت تجديد بعثتى العلمية أكثر من ٣ سنوات حصلت خلالها على الدكتوراه من جامعة باريس فى علوم الفضاء، وانتدبت بعدها للمشاركة فى المشروع العالمى لاكتشاف المريخ، وحين طلبت تجديد البعثة العلمية إلى «ناسا» فوجئت بتعقيدات إدارية لأن المادة ١١٧ تمنع زيادة فترة البعثات العلمية على ٣ سنوات، والغريب أنهم قالوا لى «ليس أمامك إلا طلب أخذ إجازة لمرافقة الزوجة».
وشعرت أن الروتين واللوائح أهم عندهم من البحث العلمى، والغريب أن الاستقالة التى رفضها الدكتور على عبد الرحمن الرئيس السابق للجامعة لم تنته إلى شىء حتى الآن، فلا هم قبلوا استقالتى كمدرس مساعد فى قسم الفلك ولا هم رفضوها، وأنا ألتمس العذر لجامعة القاهرة لأنهم مكبلون بإجراءات روتينية هى أهم لدى من وضعوها من البحث العلمى والتقدم فيه.
■ هل هناك استخدامات أخرى للتصوير الرادارى يمكن الاستفادة منها فى الحياة العملية على سطح الأرض؟
– طبعا، يمكن الاستفادة من هذه التكنولوجيا فى تحديد مناطق المياه فى الصحراء بصورة دقيقة، بل واكتشاف كل ما فى باطن الأرض من بترول وثروات وآثار وخلافه، والحصول على صور واضحة لكل ذلك، ويمكن أيضا اكتشاف أماكن الألغام ورسم خريطة لها بالأقمار الصناعية، وبذلك تستفيد الدول النامية والمتقدمة من هذه التكنولوجيا المتقدمة فى استخدامات مختلفة.
■ وهل تم تصوير أى مناطق فى مصر بالرادار فى الفترة الماضية؟
– حدث ذلك فى الواحات البحرية فى سنة ٢٠٠٥، وطبقنا هذه التكنولوجيا لأول مرة على الأرض هناك، وتوصلنا لأماكن تواجد المياه تحت الصحراء الغربية، وشاركت معنا جامعة القاهرة وهيئة المساحة المصرية، لكن التصوير كان هدفه التأكد من جدوى تكنولوجيا التصوير الرادارى أكثر منه لأغراض استكشافية، كما أن تحليل هذه البيانات يحتاج إلى أجهزة كمبيوتر عملاقة ومتخصصين غير متوفرين فى مصر حتى هذه اللحظة، وكنت أتمنى أن تستفيد الجامعة أكثر من ذلك.
■ لماذا تم اختيار الصحراء الغربية فى مصر لاختبار مركبات استكشاف المريخ؟
– هناك تشابه بين طبيعة وجيولوجية الصحراء الغربية المصرية والمريخ، كان أول من أشار إليه العالم المصرى الكبير فاروق الباز منذ أواخر الستينيات، وإضافة إلى دافعى الإنسانى لأننى مصرى من الدرجة الأولى، وأتمنى ان تستفيد مصر من تكنولوجيا التصوير الرادارى فى اكتشاف المياه، لأنه لا يعقل أن نبحث عن المياه فى الصحراء المصرية بهذه الطرق البدائية، وكان هناك تعاون مع بعض الجهات كالمساحة الجيولوجية وجامعة القاهرة، لكن الصلاحيات المتاحة للهيئات العلمية والأفراد قليلة.
■ ألم يحدث أن سعى أى من الباحثين المصريين للتواصل معك؟
– كان هناك طالب فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة راسلنى للاستفادة من هذه التكنولوجيا فى رسالة ماجستير عن استخدام تكنولوجيا التصوير بالرادار لدراسة خزانات المياه تحت القاهرة وعلاقته بالتطور العمرانى، إلا أنها رفضت.
■ ما حكايتك مع جامعة القاهرة، وهل يصيبك هذا التعامل بالإحباط؟
– ليست لدى مشكلة شخصية مع الجامعة، وأنا أحترم كل القائمين على هيئتها العلمية وألتمس لهم العذر، فقد عملت موظفا فى الحكومة لمدة ٣ سنوات، وأتفهم الصعوبات الخاصة والروتين فى المنظومة المصرية، ولم أصب بالإحباط على المستوى الشخصى، لكنى أشعر بالحزن، لأننى أسمع فى زياراتى إلى القاهرة عن الاستفادة من علماء مصر فى الخارج، لكن هذا لم يحدث، هناك تطفيش لعلمائنا فى الخارج، وهم لا يعرفوننا إلا فى الزيارات العائلية حين نكون هنا لأسبوع أو أسبوعين فى إجازة عائلية، وبعد نشر مشكلة استقالتى فى «المصرى اليوم» فوجئت بعشرات الرسائل على بريدى الإلكترونى لعلماء مصريين حدث معهم نفس التعنت واصطدموا بنفس الروتين، وبعضهم وصل إلى مراتب علمية عالية فى كمبريدج وهارفارد وأكسفورد.
■ ما شعورك حين ترى هذه التعقيدات وتقارنها بأوضاع العلماء والباحثين فى الخارج؟
– الشىء المخيف بالنسبة لى هو المستقبل، فقد أصبحنا خارج التطور، ليست هناك دولة أحسن من أخرى، فى فرنسا مثلا لديهم رؤية استراتيجية لوضعهم العلمي، وهم دائما يشعرون بالمسؤولية تجاه شبابهم والمساءلة التاريخية التى سيتعرضون لها، والمقارنة بين الباحثين فى مصر والخارج ستكون ظالمة، وليست أوضاعهم المعيشية هنا هى مشكلتهم الوحيدة، لكن حياتهم العلمية غير موظفة فى الواقع، أبحاثهم لا تطبق، ونحن نعلق دائما تخلفنا على شماعة الإمكانات، ونقول إن الجامعات العربية خسرت موقعها فى التصنيف العالمى بسبب الإمكانات، ونغفل تماما عامل الروتين والمحسوبية فى الترقيات العلمية.
■ ما تفسيرك للنجاح الذى وصلت إليه فى حياتك العلمية فى الخارج؟
– نجاحى بدأ من مصر، أنا خريج مدرسة ثانوية حكومية وجامعة حكومية، لكن الفرصة التى أتيحت أمامى هى التى أنقذتنى من مصير زملائى الذين ساءت أوضاعهم فى قسم الفلك بعلوم القاهرة، أنا أذكر أن مدرسى فى الثانوية رفض فكرة دراستى للفلك فى الجامعة وقال لى «هاتشتغل إيه؟ مسحراتى»، أنا أتألم لأوضاع زملائى الباحثين هنا لأنها «مزرية» وأغلبهم تحولوا إلى موظفين يمضون «حضور وانصراف»، ويقومون بأبحاث وهمية للترقية فقط، ومصيبة التعليم عندنا أنه انفصل عن الواقع منذ أصبحنا بلد «بتاع شهادات فقط».
■ هل سنراك فى مهمة بحثية قريبا فى الصحراء الغربية؟
– أتمنى ذلك، لكن عقدتى من الروتين لا يمكننى التخلص منها بعد خروجى من مطار القاهرة، وأنا سعيد بزيارتى الأخيرة للقاهرة لأنى لأول مرة أدخل إلى مصر بجواز السفر المصرى وعليه ابنتى التى تعبت حتى أضيفها على الجواز، وكل ما أتمناه أن أستطيع إدخال معدات ناسا البحثية فى رحلتى القادمة للصحراء الغربية والواحات فى فبراير ٢٠١٠، لأنهم فى عام ٢٠٠٥، احتجزوا الروبوتات والمركبات الفضائية فى قرية البضائع أسبوعا حتى تتم محاسبتنا جمركيا وكأنها أجهزة منزلية، ولم يفرج عنها إلا باتصالات واسعة، وأنا أتعجب، كيف أن المركبات التى صممتها وصلت للمريخ دون عوائق.. وعانيت «الأمرين» حتى تدخل إلى الصحراء الغربية فى مصر؟
الله يوفقه في عمله
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك
والله صدقت !!
قراءه ممتعه للمقابله لكن مؤسفه في نفس الوقت ، عقول عربيه فذه يتبناها الغرب وعندنا وجودهم بدون فايده ، بعده العرب فيهم خير بس مب مستغلين بالشكل الصحيح ، وله حد يشجعهم ،،،،،
الناس نوعان، نوع عبقري يعمل بجد و يتطور و نوع يجمع و يدير العباقرة و يتطور……ولا عزاء للبقية!!!!!