“””:::”””::: اتـ ــ ـرك لـ ــ ــي همـ ـ ـــ ــومك :::”””:::”””

اكتب كل همومك على ورقة وأنا أخلصك منها كلها، ولن أتقاضى منك أجرا. ولن أطلب منك شكرا ولا عرفانا بالجميل. سأخلصك من كل الهموم دفعة واحدة، الهموم التي تشكو منها وتنوء بحملها. لكن هناك شرط واحد، فمن غير المعقول أن أتحمل وحدي هموم كل الناس، بل يجب أن تتعاون معي. اترك لي همومك، ولكن خذ بدلا منها هموم شخص آخر، وإذا حملت هذه الهموم الجديدة فيجب أن تفكر فيها وتجد لها حلا. إن ما سيحدث هو عملية نقل بسيطة، سأخرج قلبك من جسدك وأضع مكانه قلب شخص آخر. وسأترك لك اختيار أحد القلوب التي تعجبك، سأترك لك حرية قراءة كشوف الهموم التي كتبها غيرك. اختر أنت أي كشف يعجبك، وأنا أعطيك قلب صاحب الكشف. لا تخف.. لن أجري لك عملية جراحية، ولن أفتح صدرك لأضع فيه القلب الجديد. إن عملية نقل القلوب لن تكلفك نقطة واحدة من دمك، إنها عملية إيحاء بسيطة، سيخرج قلبك من صدرك بالإيحاء، ويدخل القلب الجديد بالإيحاء أيضا. وجاءت الألوف تحمل همومها، وراحت تفحص كشوف هموم الآخرين. وطال الفحص، وإذا بالألوف تعود أدراجها.
كل منهم عاد بهمومه التي جاء بها، فلقد اكتشف كل واحد منهم أن همومه أقل بكثير جدا من هموم الآخرين. لقد وردت هذه القصة في الأساطير اليونانية، فقد تعبت الآلهة من شكوى الناس وسخطهم وتصورهم أن مصائبهم أكثر من مصائب غيرهم. فعرضت عليهم هذا الحل البسيط الذي لم يقبلوا به، وفضلوا الاحتفاظ بهمومهم. وصور الراحل علي أمين بقلمه الرائع تذمر البشر المستمر من كل شيء ومن أي شيء، مَن يملك ومَن لا يملك، فالساخطون في ازدياد والشاكرون القانعين تتناقص أعدادهم. التقيت بزميل انقطعت أخباره منذ زمن، أخبرتني أنه حصل على الماجستير ويعمل في وظيفة مرموقة، لكنه غير قادر على التمتع بمزايا وظيفته.
سألته: لم لا؟ فقال: لأن الراتب ضئيل.. 40 ألفا فقط، وغيري يستلم 100 ألف وأكثر.
وددت لو قلت له: ولم لا تنظر لمن يقبض أقل منك وبعضهم لديه دكتوراه، وأغلبهم لديهم الخبرة، وهو بنظري أهم من الشهادات، ولا تصل رواتبهم نصف راتبك.. لكنني كنت أعرف أنه لن يسمع، وإن سمع فلن يقتنع، همه الكبير (الراتب) أكبر من كل الكلمات.