التحليل الأساسي والتحليل الفني لأسعار الأسهم
التحليل الأساسي والتحليل الفني لأسعار الأسهم
* د. عبدالكريم قاسم حمامي
يبذل المستثمرون فى بورصات الأسهم فى العالم قصاري جهودهم للتعرف بشكل مسبق علي اتجاه تحركات الأسهم صعوداً أو هبوطاً بغية تحقيق أكبر عائد ممكن.
فما هى الوسائل المتاحة التى يمكن عن طريقها التنبؤ بشكل صحيح بقمة السوق أو قعره، أو الكشف بشكل مبكر وصحيح عن قمة سعر سهم شركة معينة أو قعره؟
هناك فى الحقيقة عدد كبير من الوسائل يستخدمها المحللون الاقتصاديون ومديرو صناديق الاستثمار المشتركة Mutual Funds وصناديق التقاعد ومؤسسات الأبحاث فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان وبقية دول العالم.
تقسم هذه الوسائل إلي فئتين هما
فئة التحليل الأساسى Fundamental Analysis
وفئة التحليل الفنى Technical Analysis
أولاً: التحليل الأساسى
يرتكز التحليل الأساسى علي ثلاث وسائل هى تحليل الاقتصاد وتحليل الصناعات وتحليل الشركات.
(1) تحليل الاقتصاد
* يشتمل تحليل الاقتصاد لأى بلد بالدرجة الأولي علي ما يلى:
– تحديد النمو المتوقع.
– التعرف علي عوامل اقتصادية مهمة مثل مستوي البطالة، مستوي التضخم والذى يؤثر بشكل مباشر علي مستوي الفوائد، ومستوي دخل الفرد والذى يؤثر علي قوته الاستهلاكية.
– الوفر أو العجز بميزانية الحكومة.
– الوفر أو العجز بميزان المدفوعات والتجارة الخارجية، الأمر الذى يؤثر علي سعر صرف العملة.
ويحاول المحللون الأساسيون، عن طريق دراسة تلك العوامل الاقتصادية المهمة فى أى بلد، التنبؤ باتجاه سوق البورصة فيه.
فمن المعروف أن البورصات تتجه بشكل عام للصعود فى فترات الازدهار الاقتصادى والهبوط فى فترات الركود والانكماش الاقتصادى، فنتائج التحليل الاقتصادى تساعد المستثمر علي اختيار الوقت المناسب لدخول سوق الأسهم أو الخروج منها.
(2) تحليل الصناعات
* أما تحليل الصناعات فيهدف للتعرف علي مستقبلها فى ظل التطورات الاقتصادية فى البلد المعنى،
فمن المعروف أن هذه الصناعات لا تستفيد بدرجة متساوية من أى ازدهار اقتصادى،
ولا تتأثر بنفس القوة بأي ركود يصيب الاقتصاد.
ففى الثمانينات مثلاً أدي الإنفاق العسكرى الهائل، بسبب الحرب الباردة وسباق التسلح، إلي نمو قوى فى قطاع الصناعات الحربية، وخاصة فى الولايات المتحدة الأمريكية، مما أدي إلي تفوق أسهم أغلب شركات هذا القطاع علي أسهم الكثير من الشركات فى قطاعات صناعية أخري.
فالمستثمر الذى قام بتحليل هذا القطاع بشكل مبكر، وتمكن من الكشف عن إمكانيات نموه وتوسعه وربحيته، ووظف أموالاً فى أسهم شركاته، حقق آنذاك عائداً استثمارياً ممتازاً.
أما فى التسعينات وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتى وجدار برلين، فقد بدأت أغلب الدول الصناعية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية فى تقليص ميزانيات الدفاع للتخلص من العجز فى ميزانياتها ولتخفيض الديون التى تراكمت عليها بسبب برامج التسلح الباهظة التى نفذتها أثناء فترة سباق التسلح.
ففى ظل الانكماش فى الإنفاق العسكرى انقلبت الأحوال بالنسبة لهذا القطاع، وبدأ التقلص مما أدي إلي تراجع قوى فى ربحية غالبية الشركات المنتمية إليه وبالتالى إلي انخفاض أسعار أسهمها. فالمستثمر الذى تمكن عن طريق تحليل أوضاع هذا القطاع الصناعى التنبؤ بشكل مبكر بهذه التطورات السلبية والانسحاب فى الوقت المناسب من هذا القطاع، وبيع استثماراته فيه أنقذ نفسه من خسائر كبيرة ومؤكدة.
والآن وفى مطلع القرن الحادى والعشرين وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م فى نيويورك وواشنطن بدأ قطاع الصناعات الحربية الأمريكية بالانتعاش بسبب ارتفاع الإنفاق العسكرى مما سيؤدى إلي تحسن مبيعات شركات هذا القطاع وبالتالى ارتفاع ربحيتها وأسعار أسهمها.
إن التحليل الأساسى للقطاعات الصناعية المختلفة يمكِّن المستثمر من اختيار القطاعات التى يتوقع لها الازدهار والنمو والربحية فى ظل التطورات الاقتصادية المنتظرة.
بعد ذلك يستطيع المستثمر الانتقال إلي المرحلة التالية والتى تهدف إلي تحليل شركات هذه القطاعات المختارة للتعرف علي الشركات الرائدة فيها.
(3) تحليل الشركات
* يهدف تحليل الشركات بالدرجة الأولي لتحديد ربحيتها ومدي نموها وقوتها المالية وقدرتها علي منافسة غيرها من الشركات المنتجة فى القطاع عينه لاختيار الشركة الأولي فى كل قطاع والتى من المتوقع أن تتفوق من حيث نموها وربحيتها علي قريناتها فى هذا القطاع.
إن دراسة أوضاع الشركات ومتابعة أحوالها باستمرار تمكِّن المستثمرين من التعرف وبشكل مبكر علي أية متغيرات إيجابية أو سلبية قد تطرأ علي أوضاع هذه الشركات فتؤثر علي أسعار أسهمها.
ثانياً: التحليل الفنى
تحاول وسائل التحليل الفنى، والتى يزيد عددها علي الأربعين والمطبقة علي أسواق الأسهم ككل أو علي أسعار الأسهم الإفرادية، التنبؤ بالتغيرات التى ستطرأ علي مؤشرات الأسهم فى الأسواق أو علي أسعار الأسهم الإفرادية فى المستقبل، عن طريق دراسة سلوك هذه المؤشرات والأسعار فى الماضى ومتابعة ظروف العرض والطلب علي الأسهم فى هذه الأسواق ومعدلات التعاملات فيها.
ويستخدم المحللون الفنيون بيانات وإحصائيات عن قيم مؤشرات الأسهم فى الماضى فى الأسواق التى يتابعونها للاستدلال منها علي اتجاه تحرك هذه الأسواق فى المستقبل صعوداً أو هبوطاً واستنتاج أى انحراف عن هذا الاتجاه.
أما بالنسبة للأسهم الإفرادية فهم يجمعون أيضاً إحصائيات عن أسعار هذه الأسهم وأحجام التعامل بها فى الماضى لاستخدامها للتنبؤ باتجاه تحرك هذه الأسعار فى المستقبل.
فالمحللون الفنيون يعتقدون بأن أسعار الغد تتأثر إلي حدٍ كبير بأسعار اليوم والأمس.
ويمكن تصنيف وسائل التحليل الفنى إلي مجموعتين رئيسيتين هما:
أ- تهدف المجموعة الأولي إلي تنبؤ اتجاه السوق ككل عن طريق دراسة ما يمكن تسميته أدلة السوق Market Indicators، فبواسطة هذه الأدلة يحاول المحللون الفنيون التعرف علي قعر السوق Market Bottom وبالتالى علي بداية السوق الصاعدة Bull Market.
وبالوسائل ذاتها يحاول هؤلاء المحللون الكشف عن نهاية السوق الصاعدة، أى قمة السوق Market Top. ومن أهم هذه الوسائل من المجموعة الأولي:
– نظرية داو Dow Theory.
– مؤشر مجلة بارونز للثقة Barronصs Confidence Index.
– نسبة مشتريات صغار المستثمرين من الأسهم ومبيعاتهم.
ب- المجموعة الثانية من وسائل التحليل الفنى يمكن تطبيقها علي السوق ككل وعلي سهم شركة معينة للتعرف علي تغير سعره واتجاه هذا التغير مستقبلاً من أهم وسائل المجموعة الثانية:
– الرسوم البيانية المسماة Charts.
– المعدلات المتحركة Moving Averages.
– أحجام التعامل Volume of Trading.
أخيراً قد يتساءل القارئ؛ علي أى من الطريقتين (التحليل الأساسى أو التحليل الفنى) يمكن الاعتماد بشكل موثوق به لاستطلاع المستقبل والتعرف علي حركة الأسواق أو أسعار الأسهم الإفرادية المحتملة؟
الاختيار
لقد دلت التجربة العملية علي أن التحليل الأساسى يمثل الطريقة الأكثر صحة للتنبؤ بمستقبل السوق.
أما طريقة التحليل الفنى فكثيراً ما تخطئ فى التنبؤ. فقد تعطى هذه الطريقة إشارة بيع Sell Signal أى أنها تتوقع انخفاض السوق ثم يحدث العكس فترتفع السوق.
بناء علي نقطة الضعف هذه تقوم بعض شركات الأبحاث بتطبيق الطريقتين جنباً إلي جنب لتؤكد إحداهما صحة نتائج الأخري.
ثم إن طريقة التحليل الأساسى قابلة للتطبيق فى سوق أى بلد كالمملكة العربية السعودية أو غيرها من الأسواق فى الوطن العربى.
أما طريقة التحليل الفنى فقد طورت بالاعتماد علي السوق الأمريكية. وللتمكن من تطبيقها علي سوق الأسهم فى مكان آخر، لابد من إدخال تعديلات علي العديد من وسائلها.
* باحث اقتصادى سورى مقيم فى الرياض.