هما العشر الاوائل من ذي الحجه وقد اقسم الله بهم لفضل هذه الايام
﴿ وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ* وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ّ﴾ (الفجر:1-4)
هذه الآيات القرآنية الأربع جاءت في مطلع سورة الفجر, وهي سورة مكية, وآياتها ثلاثون(30) بعد البسملة, وقد سميت بهذا الاسم لاستهلالها بالقسم بالفجر( وقتا وصلاة), ويدور المحور الرئيسي لهذه
السورة المباركة حول عدد من ركائز العقيدة الإسلامية, شأنها في ذلك شأن كل السور المكية, وأشارت سورة الفجر كذلك إلي عدد من صور العقاب الذي نال أمما سابقة كانت قد كفرت بأنعم ربها فعاقبها الله ـ تعالي
ـ جزاء كفرها, كما ألمحت إلي بعض الأحداث المصاحبة ليوم القيامة, وإلي ما سوف يتبعه من بعث, وحشر, وحساب, وجزاء, وخلود إما في الجنة أو في النار, واستعرضت السورة عددا من طبائع النفس
الإنسانية في كل من حالات الرخاء والشدة, واستنكرت عددا من أمراض تلك النفوس التي قد تكون سببا في خسرانهم في الدنيا والآخرة, وأوضحت أن من سنن الله ـ تعالي ـ في خلقه سنة الابتلاء بالخير والشر
فتنة.
وتبدأ هذه السورة المباركة بقسم من الله ـ تعالي ـ بالفجر, وهو ـ زمانا ـ يمثل الفترة التي يبزغ فيها أول خيط من الشفق الصباحي علي جزء من سطح الأرض, فيعمل ذلك علي محو ظلمة الليل بالتدريج حتي شروق
الشمس, ويبدأ الفجر الصادق عندما يكون الجزء من سطح الأرض الذي يبدأ عنده هذا الوقت في وضع بالنسبة إلي الشمس تكون فيه وكأنها علي بعد18,5 درجة تحت الأفق, وتظل الشمس ترتفع في حركتها الظاهرية حول
الأرض( والتي تتم بدوران الأرض حول محورها أمام الشمس) إلي أن تظهر الحافة العليا للشمس عند الأفق فتشرق الشمس, وأول ما يصل إلي الأرض من الجزء المرئي من ضوء الشمس هو الطيف الأحمر, وتليه بقية
ألوان الطيف المرئي بالتدريج حتي يري نور النهار ببياضه المعهود.
ووقت صلاة الصبح هو من طلوع الفجر الصادق من جهة الشرق, وانتشاره بالتدريج حتي يعم الأفق.
وظاهرة الفجر تدور مع الأرض في دورتها اليومية حول محورها أمام الشمس, فتنتقل من منطقة إلي أخري بانتظام حتي تمسح سطح الأرض كله بالتدريج.
ووقت الفجر يصاحب عادة بقدر من الصفاء والنقاء البيئي الذي قد لايتوافر لأي وقت آخر من أوقات اليوم, ولذلك فإنه يتميز بالنداوة, والرقة, والهدوء والسكينة, وينعكس ذلك علي الإنسان وعلي غيره من مختلف
الخلائق, ومن هنا كان القسم الإلهي بالفجر, والله ـ تعالي ـ غني عن القسم لعباده.
ويلي القسم بالفجر قسم آخر يقول فيه ربنا ـ تبارك وتعالي ـ وليالي عشر وهي الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك وفيها ليلة القدر التي أنزل الله ـ تعالي ـ القرآن الكريم فيها,ولذلك يصفها بأنها
ليلة مباركة( الدخان:3) وبأنها خير من ألف شهر[ القدر:1-5] ووصفها رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بقوله الشريف:" ليلة خير من ألف شهر, من حرم خيرها فقد حرم, وقوله: من قام ليلة القدر
إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه[ البخاري].
وكان رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يجتهد في العشر الاواخر من رمضان ما لا يجتهد في سواها, وسن لنا سنة الاعتكاف فيها, فكان يعتكف فيها حتي توفاه الله ـ تعالي ـ ثم اعتكف أزواجه وصحابته من
بعده.
ويأتي في مقابلة الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك الأيام العشرة الأولي من شهر ذي الحجة وفيها يوم عرفة الذي وصفه الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ بقوله: خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة, وعن
ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال في الأيام العشر الأولي من ذي الحجة ما نصه: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلي الله ـ عز وجل ـ من هذه الأيام قالوا: يارسول الله:
ولا الجهاد في سبيل الله؟
قال ـ صلي الله عليه وسلم ـ ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بشئ من ذلك.
وعن أم المؤمنين السيدة حفصة بنت عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم: صيام عاشوراء, والعشر من ذي الحجة, وثلاثة أيام من كل شهر, والركعتين قبل
الغداة.
من كل ما سبق يتضح لنا أن الله ـ تعالي ـ قد خص الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك بأن جعلها أشرف عشرة ليالي في السنة, وجعل أشرفها علي الإطلاق ليلة القدر, كما جعل أشرف عشرة ايام( بمعني
النهار) هي الأيام العشرة الأولي من ذي الحجة, وجعل أشرفها علي الإطلاق هو يوم عرفة, ولما كان الوقوف بعرفات ينتهي مع غروب الشمس كان المقصود بالأيام العشرة الأولي من ذي الحجة هو نهار هذه الأيام,
والعبادة فيها مركزة بالنهار بدليل أن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ كان يصومها في غير أداء لفريضة الحج, ولذلك استحب أهل العلم صوم يوم عرفة إلا بعرفة( أي لغير الحاج).
من هنا كان الاستنتاج الصحيح بأن المقصود بالقسم في سورة الفجر بالليالي العشر هي الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان المبارك, وليست الأيام العشرة الأولي من شهر ذي الحجة أو من شهر المحرم كما رأي بعض
المفسرين
من 1 الى 10 ذي الحجة
==============
ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة ، و لا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه و ماله ، فلم يرجع من ذلك بشيء
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 5548
خلاصة حكم المحدث: صحيح