كثير يعلم القصة المشهورة عن مناظرة خاطفة بين سني وشيعة ، ولعل لها أصلًا ما وهي تحكى على أنماط متعددة
دخل عليهم وقد تأبّط نعليه فتعجبوا من منظره وسألوه ، فقال :
السني : نِعمَ الشيعة لولا أنهم كانوا يسرقون النعال على عهد رسول الله من أبواب المساجد (!)
الشيعة : كذبت ! لم يكن ثم شيعة أصلا على عهد رسول الله
السني :انتهت المناظرة !!
=
مدلول القصة التي يقع مضمونها كثيرا في المجادلات بين أهل السنة وبينهم ، مبني على قاعدة جليلة في معرفة الحق
لأن هناك من يقول :تحيرنا :نتبع الصوفية ؟، أم الأشاعرة ؟ أم المعتزلة؟ ، نتبع فلان أم فلان ؟ ..إلخ
فيكفي العاقل في درك طريق الحق أن يعلم :أنّ جميع هذه الفِرق لها زمان في التاريخ معلوم ظهرت فيه بأفكارها المحدثة ، ولم تكن من قبل في عهد النبي ولا صحابته ، والله تعالى يقول: ( وقال الذين كفروا
للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه)
فهاهم الكفار يقولون :لو كان هذا الدين حقا لما سبقنا إليه مثل بلال وعمار ! ...
استنبط من الآية الحافظ ابن كثير رحمه الله معنى بديعًا فقال : (وأما أهل السنة والجماعة فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة : هو بدعة ، لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه ، لأنهم لم يتركوا خصلة من
خصال الخير إلا وقد بادروا إليها . )
ولهذا كان إجماع السلف حجة ، لأن الدين اكتمل فمن جاء بعدهم بشيء محدث مخالف لما هم عليه من اعتقاد أو قول أو عمل ، كان مردودًا عليه باطلًا ولا بد ..