العلامة الشيخ محمد الراوي لـ موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
أكد العلامة الشيخ محمد الراوي عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن مصيبة العالم الإسلامي تكمن في الطغاة المستبدين الذين تطاردهم الشعوب في الميادين العامة والمساجد والجامعات معلاً ذلك بأنهم "
حاربوا الحياة، وألغوا العدالة وداسوا على الكرامة والحرية والاستقلال" وقال في حواره لـ " المستشار " إن " جميع المشاكل القائمة في العالم الإسلامي هي من صنع الطغاة، ولهذا حارب القرآن استبداد الظالمين،
ومقت الفساد في الأرض".
ولفت كذلك إلى أن الاستبداد والطغيان في القديم أو الحديث يجر بعضه بعضا ويرتبط بعضه ببعض وأن صفحات الدكتاتورية القديمة هي ذات ديكتاتورية العصر الحديث.
- بداية نود التعرف على فضيلة الشيخ محمد الراوي؟
ولدت في قرية من قرى صعيد مصر بأسيوط تسمى قرية ( ريفا ) سنة 1928, وكانت تشتهر بحفظ القرآن الكريم, ولقد حفظته وعمري 13 سنة, والتحقت بمعهد أسيوط الأزهري وكان هو المعهد الوحيد على مستوى صعيد مصر, وامتحنت
في حفظ القرآن كله لكي ألتحق بالسنة الأولى الابتدائية, وكانت الابتدائية 4 سنوات, وكان الطالب في ذلك الوقت ينتهي من الابتدائية ويدخل الثانوي مباشرة، وكانت سنواته 5 سنوات بعدها يدخل الكلية في الجامع
الأزهر, وكانت كليات الأزهر في ذلك الوقت ثلاث كليات فقط هي : اللغة العربية, وأصول الدين, والشريعة.
أحببت أصول الدين بسبب القرآن الكريم, وكنت قد دخلت بعد تفوقي في الثانوية الأزهرية كلية اللغة العربية, فقمت بسحب أوراقي منها لكي ألتحق بأصول الدين, فذهل الناس, لأن اللغة العربية كانت مطلوبة في ذلك
الوقت, ولأن الدارسين بها يعملون في المدارس والمعاهد مباشرة بعد التخرج, ولكن حبي الشديد للقرآن ودراسته جعلني أؤثره على كل شئ, وأرى فيه متعتي غير العادية منذ الطفولة.. والسبب في ذلك جدتي رحمها الله؛
فوالدي توفي وكان عمري سنتين ووالدتي كانت لها أم تحفظ القرآن, وكانت مثلاً في التقى والرشد والثبات والصبر وكان اسمها ( وسيلة ).. وكانت امرأة ذات رأي يضرب بها المثل في المنطقة كلها, وقد تأثرت بها بشدة,
عاشت مائة سنة لم تصب ذاكرتها بأي ضعف, وكنت ـ وأنا طفل ـ أنام معها فأجدها تستيقظ في السحر وتقرأ القرآن بصوت يبكيني.. ومن يومها وقفت نفسي للقرآن, وأي مكان أطلب فيه بعيداً عن القرآن لا أستجيب.. فالقرآن
مادة حياتي, وحبي له لا أتكلفه.
تخرجت في الكلية عام 1954م وسبقني فيها الشيوخ : مناع القطان والقرضاوي وأحمد العسال, وتزوجت ابنة خالي وعمرها 13 سنة وثلاثة أشهر وأتمت تعليمها معي, وقد تخرجت في كلية الشريعة, وعندي الآن عدد من الأحفاد
من ابن مدرس بكلية الهندسة وبنتين, يعيشون كلهم معي.
سافرت إلى نيجيريا سنة 1965م في إعارة أخذت شكل الهجرة, ومن نيجيريا تعاقدت مع جامعة الإمام ابن سعود في المملكة العربية السعودية, فعملت رئيس قسم القرآن الكريم, وكنت الأجنبي الوحيد الذي يمسك رئيس قسم
جامعة سعودية, وظللت في السعودية لمدة 25 سنة مع بقائي في عملي بالأزهر طوال فترة الشيخ عبد الحليم محمود والشيخ بيصار وحتى وفاة الشيخ جاد الحق, وبعدها قدمت استقالتي!!
- كيف تنظر للثورات الشعبية التي حدثت في تونس ومصر وأطاحت بالطغاة الظالمين؟
الطغاة هم مصيبة العالم الإسلامي، وهم ظالمون مستبدون تطاردهم الشعوب في الميادين العامة والمساجد والجامعات والسكك والشوارع، لأنهم حاربوا الحياة، وألغو العدالة وداسوا على الكرامة والحرية والاستقلال ليس
عندنا في العالم الإسلامي مشكلة إلا وهي من صنع الطغاة، ولهذا حارب القرآن استبداد الظالمين، ومقت الفساد في الأرض : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين
جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد " وقال للطغاة : " فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا " وجعل نتيجة ظلمهم : " فقطع دابر
الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ".
والحقيقة، أنني كلما قرأت عن الاستبداد والطغيان في القديم أو الحديث أجده يرتبط بعضه بعضاً، ويأخذ بعضه بحجز البعض الآخر، فصفحات الدكتاتورية القديمة هي ديكتاتورية العصر الحديث المتخلفة. لكن مهما كان
جبروت الظالم، ومهما كان بطشه، ومهما كان الدعم له من الأعداء؛ فإن كل ذلك يتلاشى أمام صبر وثبات وتضحيات الشعوب.
http://www.almostshar.com/web/Subject_Desc.php?Subject_Id=3289&Cat_Subject_Id=35&Cat_Id=3