بسم الله الرحمن الرحيم
فقد كثرت في الآونة الأخيرة وعمت بها البلوى مسألة بيع السيارات بالتقسيط، وصورتها أنك تذهب إلى المعرض فتختار السيارة التي تناسبك، ويقول لك الموظف بالمعرض ثمنها نقدًا بكذا وإلى أجل بكذا، فإذا اخترت
الدفع المؤجل؛ فتكتب معهم العقد، ثم يُعلِمون البنك الذي يتعاملون معه والذي يقوم بدفع ثمن السيارة كاملاً للمعرض، ولكنه لن يستلم السيارة بعد أن اشتراها من المعرض بل ستقوم أنت باستلامها من المعرض وليس
البنك، ثم تقوم بسداد الأقساط إلى البنك وليس المعرض باعتبار أن البنك قد اشتراها من المعرض.
ونلخص هذه الصورة في عدة نقاط:
1- أن السيارة في البداية تكون مملوكة للمعرض وليس البنك.
2- أن أمامك خياران: إما أن تشتري السيارة نقدًا، وهذا لا إشكال فيه، وإما أن تشتريها بالتقسيط وهنا يزيد الثمن الإجمالي للسيارة في حالة التقسيط عن ثمن الشراء النقدي، وهي صورة جائزة على رأي جمهور أهل
العلم في حكم البيع بالتقسيط.
3- أنك تتعاقد مع المعرض عند الاتفاق.
4- أنك تستلم السيارة من المعرض.
وإلى هنا لا إشكال لأن المعرض يفترض أنه هو المالك للسيارة وأنك قمت معه بعملية شراء بالتقسيط.
5- وهنا محل الإشكال، وهو أن البنك يقوم بشراء السيارة نقدًا من المعرض بعد أن قمت أنت بالتعاقد مع المعرض، حتى يستلم منك هو الأقساط باعتباره المالك الجديد للسيارة، فيكمن الإشكال في نقطتين:
أ- أنك ستقوم بالسداد للبنك على اعتبار أنه أصبح مالك السيارة، فيكون قد باعك ما ليس عنده وما لم يحزه، لأنك تعاقدت واستلمت السيارة من المعرض وليس البنك، وهذا حرام لقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:
(... لا تبع ما ليس عندك) صححه العلامة الألباني.
ب- أن هذه حيلة ربوية تكمن في خباياها صورة قرض بفائدة جرَّ نفعًا، وكأن البنك أعطاك ثمن السيارة كاملاً كقرض ثم تقوم أنت بسداده على أقساط بفائدة، وهو عين الربا المحرم.
ويزول هذا الإشكال في إحدى حالتين:
أن البنك يشتري السيارة نقدًا ثم تكون في حيازته بعد أن يأخذها من المعرض ثم تتعاقد مع البنك على شراء السيارة بأجل بزيادة عن الثمن الذي اشتراها هو به، وهذا حكمه حكم البيع بالتقسيط.
أن المعرض الذي باعك السيارة وتعاقدت معه واستلمتها منه يأخذ هو منك الأقساط على اعتبار أنه هو مالك السيارة، وهذا أيضًا حكمه حكم البيع بالتقسيط.
والله تعالى أعلى وأعلم.
فتاوى أهل العلم:
فتوتان للَّجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية:
1- س: إن فيه بعضًا من الأشخاص الذين يبيعون السيارات بأنواعها، يذهب إليه المشتري، فيطلب منه بيع سيارة بالتقسيط، ويقول: أنا أقدم لك مبلغ كذا من الفلوس، والباقي يزيدها البائع من عنده، ويروح يشري له
السيارة ثم يأخذ عليه ثلث الذي زاده من عنده البائع، أو ثلث ما بقي عليه، والثلث يأخذ في المائة 100 خمسون 50 ريال، والمائة تبقى لم يقسمها، فمثلًا زاد من عنده عشرة آلاف 10.000 ريال، يأخذ فيها خمسة 5000
ريال ربحًا، علمًا أن البيع والشراء صار قبل أن يملك البائع السيارة.
ج: إذا كان الواقع ما ذكر؛ حرمت تلك المعاملة؛ لأن واقعها بيع دراهم بدراهم، وذلك من الربا المحرم بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، ولأنه باع ما ليس عنده، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الفتوى رقم (6675)
------------------------------------------
2- الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتي العام من المستفتي / فيصل عبد الحافظ الطياري ، والمحال إلى اللجنة
من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم(1509) وتاريخ 1/3/1420هـ وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه :
هناك بنك يشتري كل ما أطلبه من أثاث أو قطعة أرض أو سيارة بشرط أن أكون موظف وأن أحول راتبي في ذلك البنك ولمدة ( 5 ) خمس سنوات وذلك ضمانا لحقه . فمثلا : أذهب إلى ذلك البنك وأقول له أريد منك شراء سيارة
فيقول لي اذهب إلى الشركة أو المعرض الذي توجد فيها السيارة التي تريدها وأعطني من ذلك المعرض أو تلك الشركة ورقة رسمية مبين فيها قيمة السيارة . فإذا أحضرت الورقة ، أعطاني شيك باسم تلك الشركة أو المعرض
به قيمة السيارة وبرفقته ورقة مكتوبا فيها ادفعوا لحامل هذا الشيك سيارته . فإذا كان ثمن السيارة ( 100000 ) مائة ألف ريال فإنه يضيف عليها 7% للسنة الواحدة مقابل البيع الأجل ولمدة ( 5 ) خمس سنوات فيصبح
ثمن السيارة عليّ في الأوراق الرسمية لدى البنك (135000) مائة وخمس وثلاثون ألف ريال .
وهناك مثال آخر : إذا أردت شراء قطعة أرض فإنه يطلب مني إحضار ورقة من مكتب العقار أبين فيها قيمة الأرض ثم يدفع إلى الشيك ويضيف 7% فائدة مقابل الأجل ولمدة خمس سنوات . فإذا كان ثمن الأرض مائة ألف ريال
يصبح علي لذلك البنك 135 ألف ريال
هل هذا البيع نوع من أنواع بيع السلم لأنه ضمن حقه مقدما ولمدة خمس سنوات حيث أني موظف وأخذ علي أوراق وتعهدات بموجبها تحول راتبي تلقائيا لذلك البنك فيأخذ كل شهر قسطه ويترك لي الباقي .
وهل هذا البيع جائز شرعا أم لا .
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأنه : لا يجوز التعامل بالمعاملة المذكورة لأن حقيقتها قرض بزيادة مشروطة عند الوفاء والصورة المذكورة مجرد حيلة وإلا فهي معاملة ربوية محرمة في الكتاب والسنة وإجماع
الأمة فيجب ترك التعامل بها طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب .
وبالله التوفيق . وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
الفتوى رقم (20838)
------------------------------------------
فتوتان للشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله-:
1- س 11: هناك شركة لها مندوبون لدى معارض السيارات فمن أراد شراء سيارة بالتقسيط فإنه يتفق مع صاحب المعرض على القيمة ثم يتصل بمندوب هذه الشركة فتقوم الشركة بدفع كامل قيمة السيارة لمعرض السيارات ثم تقسط
الشركة المبلغ على المشتري بأقساط شهرية بفوائد. نرجو إفادتنا عن جواز التعامل مع هذه الشركة بالنسبة لأصحاب معارض السيارات وبالنسبة للمشترين ؟
ج: هذا العمل من الشركة التي أشرتم إليها مخالف للحكم الشرعي؛ لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك) .
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لحكيم بن حزام : (لا تبع ما ليس عندك) . وثبت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى
رحالهم ، وهذا العمل من الشركة المذكورة مخالف لهذه الأحاديث كلها؛ لأنها تبيع ما لا تملك ولا يجوز التعاون معها في ذلك؛ لقوله سبحانه : (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا
عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) والطريق الشرعي أن تشتري الشركة السيارات أو غيرها من السلع وتحوزها بمكان يخصها ثم تبيع على من يرغب الشراء منها نقدا
أو مؤجلا. وفق الله الجميع لما يرضيه.
مجموع فتاوى ابن باز 17/112 بترقيم الشاملة2
------------------------------------------
2- س 12: يسأل بعض الإخوان ممن يتاجرون في بيع وشراء السيارات بالأقساط ، ويقول: إنه يبيع السيارة على أساس أقساط شهرية ، حيث يتفق مع الشخص الذي يريد شراء سيارة بالأقساط ، وذلك لحاجته إلى ذلك ، ويتفق معه
على البيع قبل أن يشتري له السيارة ضامنا أرباحه أولا فما حكم ذلك؟
ج: إذا كان بيع السيارة ونحوها على راغب الشراء بعدما ملكها البائع وقيدت باسمه وحازها فلا بأس ، أما قبل ذلك فلا يجوز؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : (لا تبع ما ليس عندك) ، ولقوله صلى
الله عليه وسلم : (لا يحل سلف وبيع ولا بيع ما ليس عندك) ، وهما حديثان صحيحان ، فوجب العمل بهما والحذر مما يخالف ذلك ، والله ولي التوفيق.
مجموع فتاوى ابن باز 17/114 بترقيم الشاملة2
------------------------------------------
فتوتان للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
1- السؤال: فضيلة الشيخ: تقدمت بطلب إلى إحدى الشركات لشراء سيارة بالتقسيط، فأبلغوني بقيمة القسط والدفعة الأولى، وأبلغوني أن السيارة إن لم تكن موجودة فسوف يشترونها ثم يبيعونها عليَّ بالتقسيط، وإذا زالت
رغبتي فيها فلي الحق أن أتراجع عن شرائي ولكن بعد فترة، وأبلغوني بأن الأمر انتهى وكأنهم اشتروها، فسألتهم هل كتبت باسم الشركة فقالوا: لا. إنما عليك الحضور وأخذ أوراقها وتسجيلها باسمك في المرور، وأخبروني
بأنه قد تكون وصلت إلى معرض يتعاملون معه أو لم تصل بعد السيارة، فلا أدري هل هذه الطريقة شرعية أم لا؟ وما هي الطريقة الشرعية؟
الجواب: أولاً: إذا كانت السيارة ليست عند البائع ولكنه باعك سيارة بشرط أن يشتريها لك ثم يبيعها لك، فهذا حرام ولا يجوز، إلا إذا باعها منك برأس مالها فلا بأس؛ لأنه ليس هناك رباً إذا باعها برأس مالها.
أما إذا باعها منك بربح فإن هذا الربح ربا، لكنه ليس رباً صريحاً؛ بل هو رباً مغلفاً بصورة عقد ليس بمقصود؛ فإن البائع لم يقصد الشراء لنفسه من الأصل إنما قصد الشراء لك، فيكون كالذي أقرضك القيمة بزيادة،