الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم نقف على أثر ثابت في هذا الباب، ولو كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم تعمدوا فعل شيء معين ومخصوص بهذا الماء لنقل ذلك، ولو كان يتعلق بذلك سنة أو شريعة لنقل أيضا.
والعبرة بحدث الوفاة نفسه وما يتعلق به من أحكام ومواقف، وينبغي أن تتعلق الهمة بحقوق النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه وسنته، وكيفية أداء ذلك على الوجه الذي يرضي الله تعالى. فهذا هو ما انشغل به
الصحابة الكرام رضي الله عنهم. فينبغي للمسلم أن يستفيد من العظات بموته صلى الله عليه وسلم ويدع ما لا فائدة منه. وقد سبق بيان هذا في الفتويين: 43460، 45274.
ومما يروى في هذا الباب ولم تثبت صحته، ما رواه الإمام أحمد قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ عَنْ حَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ الْمَاءُ مَاءُ غُسْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ غَسَّلُوهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ يَسْتَنْقِعُ فِي جُفُونِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ عَلِيٌّ يَحْسُوهُ. رواه أحمد. قال محققو المسند ـ شعيب
الأرنؤوط وآخرون ـ : إسناده ضعيف لانقطاعه؛ جعفر بن محمد - وهو الصادق - لم يدرك ذلك ولم يسنده (مسند أحمد وفيه أيضا يحيى بن يمان العجلي، وهو صدوق عابد يخطئ كثيرا وقد تغير، كما في (التقريب). وقال الذهبي
في (الكاشف): صدوق، فُلِجَ فساء حفظه اهـ. وقال في (من تكلم فيه وهو موثق): صالح الحديث، قال النسائي: ليس بالقوي. وقال ابن سعد: يغلط. اهـ.
ثم إن هذا ـ إن صح ـ إنما يدل على التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم لا غيره، فلا يجوز قياس غيره عليه، فالتبرك بغير النبي عليه الصلاة والسلام بدعة منكرة، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى، منها الفتاوى
ذات الأرقام التالية: 13373، 14693، 37404، 57162.
وراجع للفائدة عن تغيسله صلى الله عليه وسلم وتكفينه ودفنه، الفتوى رقم: 34498.
والله أعلم.