علي حمادة : من ميلوسوفيتش الى تايلور فبشّار
2012/04/28
علي حمادة
علي حمادة
في تسعينات القرن الماضي قتل الرئيس الصربي الاسبق سلوبودان ميلوسوفيتش ومعاونوه كاراديتش و ملاديتش آلاف المدنيين المسلمين العزل في البوسنة تحت شعار الحفاظ على وحدة يوغوسلافيا. وبعد سنوات تدخل المجتمع
الدولي رغما عن روسيا الاتحادية حليفة ميلوسوفيتش، وحسم المعركة ليخرج ميلوسوفيتش وقادته العسكريين من المعادلة الاقوى على الارض الى زنزانة المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا. بعض القادة مثل كاراديتش
وملاديتش ظلوا هاربين من وجه العدالة الدولية لسنوات عدة، الى ان جرى اعتقالهم وسيقوا الى المحكمة في لاهاي.
مات سلوبودان ميلوسوفيتش في السجن و لم تهتز الدنيا.
شارلز تايلور الذي وصل سدة الرئاسة في ليبيريا خاض حربا شبيهة بحرب البوسنة في الفترة عينها بين ١٩٩٦ و ٢٠٠٢ وذهب ضحيتها عشرات الآلاف وتخللتها اعمال وحشية منهجية من قتل واغتصاب وتعذيب . وفي النهاية جرى
تدخل دولي أنهى الحرب وخرج تايلور من الرئاسة ليساق بعدها الى زنزانة المحكمة الخاصة بسييراليون التي انتهت الى ادانته قبل أيام بارتكاب جرائم حرب، بما شكل الادانة الاولى بهذه التهمة منذ محكمة نورمبرغ
التي قامت بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة قادة المانيا النازية. وقد عُدّت ادانة تايلور على انها احدى أقوى الرسائل التي تبعث للقتلة اينما وجدوا بأن العدالة الدولية، وإن تكن ماكينتها بطيئة، فإنه
يستحيل الافلات منها.
قبل سنوات وللتذكير فقط شهدنا كيف ان محاكم عادية في بلدان اوروبية أصدرت أحكاما بتوقيف ديكتاتور تشيلي اوغوستو بينوشيه الذي أنهى حياته طريد العدالة في كل مكان على الرغم من حماية المؤسسة العسكرية
التشيليانية له حتى بعد تقاعده و بلوغه سنّا متقدمة. على صعيد آخر، كلنا يتذكر كيف قامت المحكمة الخاصة بلبنان لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه و قادة الاستقلال المتصلة قضاياهم بجريمة الحريري. فقد
فعل قتلة الداخل والخارج كل ما في وسعهم لعرقلة التحقيق اولا، ثم قيام المحكمة و لم يفلحوا. و المفارقة ان الحكومة الحالية التي تدين بقيامها لـ”حزب الله” والنظام في سوريا ما وجدت سبيلا للتملص من موجبات
لبنان كدولة حيال المحكمة فمولتها ثم جددت لها. وقد صدر قرار اتهامي أول يوجه التهمة لعناصر قيادية في “حزب الله” باغتيال الحريري، ويتوقع صدور قرار اتهامي آخر يتهم النظام في سوريا ايضا.
يستفاد مما تقدم ان قطار العدالة الدولية عندما يتحرك فإنه يصير أشبه بالكاسحة التي لا يقف امامها شيء. والحال ان ما يحصل في سوريا من أعمال وحشية يرتكبها النظام و ترقى الى مصاف الجرائم ضد الانسانية ومن
شأنها ان تضع بشار الاسد وبطانته في مرمى العدالة مهما حصل، وفي يوم ليس ببعيد، لن يجد له مكانا يلجأ اليه هربا من العدالة الدولية، وخصوصا ان عناصر قيام محكمة خاصة بسوريا صارت جاهزة. فمتى دور
“الدكتور”؟
تحديث للسؤال برقم 1
http://www.sooryoon.net/archives/53236