السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة نرجو من جميع الاعضاء اللتزام بقوانين المنتدى وعدم نشر برنامج او فلم او اغنية او اي شئ له حقوق ملكية كما يمنع نشر السيريالات والكراكات للبرامج ومن يخالف تلك التعليمات سيتم حظر حسابة للابد والسلام عليكم ورحمة الله

ما هي أشهر قصيدة للشاعر تميم البرغوثي؟

0 تصويتات
سُئل يونيو 12، 2015 في تصنيف الإجابة على الأسئلة بواسطة كريستوف كولومب (9,980 نقاط)
هل قصيدة في القدس هي أشهر قصيدة له باعتبارها أول قصيدة شارك بها في برنامج أمير الشعراء

4 إجابة

0 تصويتات
تم الرد عليه يونيو 13، 2015 بواسطة no name (10,460 نقاط)
في القدس :
مَرَرْنا عَلــى دارِ الحبيب فرَدَّنا
عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفســي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ
فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ
إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُـسَرُّ
ولا كُلُّ الغـِيابِ يُضِيرُها
فإن سـرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه
فليسَ بمأمـونٍ عليها سـرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً
فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها
***
في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته
يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في في طلاءِ البيتْ
في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها
في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ..
رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،
قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى
وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً
تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاًمَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ
في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ
في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ
في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ!
***
وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً
أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم،! وتبصرُ غيرَهم
ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ
أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ، يا بُنَيَّ، حجابَ واقِعِها السميكَ
لكي ترى فيها هَواكْ
في القدسِ كلًّ فتى سواكْ
وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها
ما زِلتَ تَرْكُضُ إثْرَهَا مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها
رفقاً بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ
في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ
***
يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ
دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
والقدس تعرف نفسها..
إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ
فكلُّ شيء في المدينة
ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ
في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ
حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ
تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ
في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ
في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،
فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،
تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها
تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها
تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها
إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها
***
وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها
ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ
في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ
كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ
ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،
أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،
وَهْوَ يقول: ?لا بل هكذا?،
فَتَقُولُ: ?لا بل هكذا?،
حتى إذا طال الخلافُ تقاسما
فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ
إن أرادَ دخولَها
فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ
***
في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،
باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهانَلتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ
أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،
فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً
فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ
في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ
واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ
وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: ?لا تحفل بهم?
وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: ?أرأيتْ!?
في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،
كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،
والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ
في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً
لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ
يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ
في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،
فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ
***
في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها
الكل مرُّوا من هُنا
فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا
أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ
فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،
فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا
يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا
يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ
العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها
والقدس صارت خلفنا
والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،
تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ
إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ
قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ
يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟
أَجُنِنْتْ؟
لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ
لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ
في القدسِ من في القدسِ لكنْ
لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت.
0 تصويتات
تم الرد عليه يونيو 15، 2015 بواسطة dr.water (10,100 نقاط)
القصيدة التي أوصلت تميم إلى قمة شاطئ الراحة
أن تكتب الشعر فهذه ميزة، ولكنك أن تجيد معه فن الإلقاء فهذا هو التميز والإبداع بعينه، ذلك هو تميم البرغوثي الشاعر الفلسطيني الذي صدح بصوته من على منبر شاطئ الراحة في دولة الإمارات العربية المتحدة عبر
قناة أمير الشعراء الفضائية وأبو ظبي وإمارات إف إم، ذلك الذي أباح بكل سخرية مرة وموجعة أحداث وأخبار وتاريخ محنة القدس وما آلت إليه، فهو لا يُنطق النص فحسب، بل أنطق الحجر والشجر والبشر وكل ما خلق الله،
اسمع إليه وهو يصف المدينة العريقة فيقول: "امرر بها واقرأ شواهدها بكل لغات أهل الأرض" فهو ينطق الشواهد والأحجار ليجعلها شاهدة العصر على عروبتها ويقول: " في القدس أبنية حجارتها اقتباسات من الإنجيل
والقرآن" ويقول عن الملل التي سكنت أو عبرت هذه المدينة العريقة التاريخية: "الكل مروا من هنا فالقدس تقبل من أتاها كافراً أو مؤمنا امرر بها واقرأ شواهدها فيها الزنج والإفرنج والقفجاق والصقلاب والبشناق
والتاتار والأتراك وأهل الله والهُلاك والفقراء والملاك والفجار والنساك فيها كل من وطئ الثرى أرأيتها ضاقت علينا وحدنا يا كاتب التاريخ ماذا جدّ فاستثنيتنا يا شيخ فلتعد القراءة والكتابة مرة أخرى". يقول
تميم هذا لمن يستكثرون علينا أن نعيش بكرامة فيها، يقول باستنكارٍ عجيب لهذا الآخر الذي توطن واستوطن فيها، أترى هل أنت أحق منا بالعيش فيها حتى ضاقت علينا بما رحبت؟ فلم لا يكون لنا وطن مثلما هي وطن
للقادمين مما وراء النهر ومن جميع الأنحاء، وعلى كثرة من هم في القدس سواء كانوا أحياءً أم أمواتاً، ماكثين أم عابرين، لا يرى تميم فيها ظاهرٌ إلا أمجادها العربية وشواهدها الفلسطينية فهو يقول بما معناه أو
خلف السطور: لا تحزن أيها العربي ولا تبتأس على ما أصابها وما آلت إليه فمردها أن لا تكون إلا عربية فلسطينية، ولا يكون فيها إلا أنت، اسمع إليه وهو يقول: "في القدس لو صافحت شيخاً أو لامست بنايةً لوجدت
منقوشاً على كفيك نص قصيدة يا ابن الكرام أو اثنتين"، ويقول: "لا تبك عينك أيها المنسيُّ من متن الكتاب لا تبك عينك أيها العربي واعلم أنه في القدس من في القدس لكن لا أرى في القدس إلا أنت".
وسواء كان هذا ماضياً أو حاضراً أو مستقبلاً فهو يراها بعروبتها وتاريخها الفلسطيني العريق، فالبرغم مما تعانيه المدينة من أسرٍ وتكبيلٍ واحتلالٍ جاثم، إلا أن الصبح فيها حرّ، اسمع إليه وهو يقول: " فالصبح
حرٌّ خارج العتبات، لكن إن أراد دخولها فعليه أن يرضى بحكم نوافذ الرحمن"، نعم عليه أن يرضى بقضاء الله الذي قُدِّر له، فهو يؤكد بأنك لو شاهدت المدينة مرة واحدة، فسوف تراها حيثمات وجهت وجهك. اسمع إليه
يقول: "متى تُبصِر القدس العتيقة مرة فسوف تراها العين حيث تديرها". ففي القدس رغم كثرة النكبات إلا أن هناك فسحة من الأمل المشرق والمستقبل المنتظر، اسمع إليه يقول: " في القدس رغم تتابع النكبات ريح طفولة
في الجو، ريح براءة، في القدس رغم تتابع النكبات ريح براءة ريح طفولة في الجو فترى الحمام يطير يعلن دولة في الريح بين رصاصتين"، فلعله ينتظر هذا المستقبل الواعد والزاهر لمدينة السلام.
لقد استغرق إلقاء القصيدة ثماني دقائق وأربعون ثانية، صفق له خلالها الجمهور أربعة عشر مرة، تراوحت مدة التصفيق ما بين خمسة عشر إلى خمسة وثلاثين ثانية لكل مرة، مما يؤكد على عراقة وأصالة المبدع بإبداعه
الجميل، فالإلقاء هو الغناء هو الفن الذي يُلقى على المستمعين والمشاهدين، فيكون التأثير والتأثر من المبدع إلى المشاهد المستمع بحماس وقوة، فهو بعطائه وإلقائه يؤدي إلى زيادة إحساس المشاهد معه بالقصيدة،
وهذا المبدع الذي يتحسس أحاسيس الناس ويشعر بشعورهم ما هو إلا موهوب ومفطور على أصالة فنية عريقة غنائية، سمفونية عجيبة تتناغم في انسجام تام مع النغم والإشارة التي لا تقل أهمية عن الصوت الجميل وكأنها
أنامل عازف تضيف للمبدع الشاعر إبداعات جديدة في الجمال ولهيب العاطفة، أيكم يكتب الآخر يا تميم .. هذه الهديل أم بوح الوطن المكلوم ! أيكم يكتب الآخر .. هذا الرحيق من الزهور أم نشيد الزعفران. هذا الصهيل
من خليج العرب على شاطئ الراحة يفجر أوردتي ويشذب طفولتي، إن سنابلنا تنضج في غير ميعاد والموجوع رفيقا سجن ورؤيا، والرعاة يا صديقي يتقاسمون أنين الدم، لكننا ندرك أن امتطاء الخيول هو أول الإنتشاء. أي سحر
هذا الذي تقول، وأي غزل بهذا النول تطول، أي شعر وأي كلام هذا: "مررنا على دار الحبيب فردنا عن الدار قانون الأعادي وصورها". أيكم أنطق الآخر؟ أأنت تنطق الأحجار والأشجار أم نصك هذا رواية تاريخ مسرود! أأنت
قلت للناس تشجعوا أم بوحك المرفه بالندى ! أيكم يا تميم؟
فالإنسان يتكلم فهذا طبيعي، لكنه غير ذلك كلام النص بهذا البوح الجميل العريق، فاللوهلة الأولى من ذكر عنوان القصيدة "في القدس" ظننت أنه سوف يصل مع اللجنة إلى طريق مسدود، بل إلى اللاعودة لضفاف شاطئ
الراحة، لا لانتقاص في المكان أو استهانة به، بل لما وصل إليه المكان من اجترار وترديد على أفواه الشعراء والشعر وإن موضوع القدس قد تجاوز المدى والنقد، لكن الإبداع يظل يمتشقه من يقدر على سوقه بلا لجام،
فاللغة لا تصنع شعراً، لكن الشاعر المبدع هو الذي يخلق لغة شعرية تتواصل مع نفسها والآخرين، كما أن الإلقاء يزيد الشعر فنية وأناقة وجمالاً، فكان رائعاً جميلاً بشعره وبوحه وإلقائه وإشاراته التي تعبر عن
احساس فنان، وتعبر أكثر عما يريد توصيله وقوله من خلال شعره المختزن في ذاكرته بعد، فقد دوّن تاريخ المدينة بكل سخرية ومرارة بأسلوب يحاكي الوجع والألم وسجل بإبداع فني أنيق تفاصيل أحداث، تجسد دفقات من
الدلالات ذات الصور والأبعاد الجمالية العذبة، ففي تعداد الملل التي مرت على القدس ذكر أربعة عشر ملة، ثم أضاف بصمته العربية بتثبيتنا فيها، "أتراها ضاقت علينا وحدنا"، كما أن صلاته على الإسفلت والتحرك في
شوارع المدينة عبر سيارة أجرة صفراء إلى آخر التفاصيل شكلت هذه القصيدة لوحة معمارية فسيفسائية، وربما الذي أراد قوله أهم وأعمق من الذي قاله.
إن شعرية تميم التراثية لا تتنصل ولا تنفصل عن تراثنا المجيد وتاريخنا التليد فالتناص ظاهروملفوظ فأنتج قصيدة رائعة وقوية فاسمع إليه وهو يقول: " في القدس مدرسة لمملوك أتى مما وراء النهر، باعوه بسوق نخاسة
في أصفهان لتاجر من أهل بغداد أتى حلباً، فخاف أميرها من زرقة في عينه اليسرى، فأعطاه لقافلة أتت مصر فأصبح بعد بضع سنين غلاب المغول وصاحب السلطان". فهو بهذا النص يستند إلى القرآن الكريم وخاصة على قصة
سيدنا يوسف عليه السلام فكان بذلك يقترب بلغته من لغة السامع بحسه الانساني ورحابة صدره وثقافته الواسعة العميقة وشجاعة متناهية سطرها بكل ثقة نصه وقدمه على كل من معه من الشعراء. فهذا البوح المرفه بالندى
يغزل منه شعراً عظيماً يسطر من خلاله ملحمة بطولية يستحق عليها الثناء والتقدير والفوز بإمارة الشعر، فهو يرسم فيها صورة اليهودي المهاجر مما وراء النهر ومن جميع الأصقاع، فشكل في قصيدته ظاهرة أدبية كثيراً
ما تحدث عنها الشعراء من أمثال الشاعر الكبير محمود درويش، فكان أن تمرّد على هذا الواقع المنكوب كما يظهر في قصيدته هذه.
كما تظهر في قصيدته الحكمة، اسمع إليه وهو يقول: " وما كل نفس حين تلقى حبيبها تسر ولا كل الغياب يضيرها فإن سرّها قبل الفراق لقاؤه فليس بمأمون عليها سرورها متى زرت القدس العتيقة مرة فسوف تراها العين حيث
تديرها". إن تميم وهو يرسم اليهودي في لباسه بقبعته وملامح وجهه ولون شعره وعينه وجلده إلى آخر التفاصيل ليؤكد بهذا على هوية وعروبة هذه المدينة بإبرازه هذه التناقضات بين اليهودي والعربي الفلسطيني، كما أن
هناك تناقضات اجتماعية وسياسية ودينية وثقافية عامة فتكاد القصيدة تشكل ظاهرة بعينها ونحن لسنا بصدد التأكيد أو الحديث عن هذه الظاهرة وتشويه صورة الآخر بقدر ما نؤكد على عمق الصراع الذي يتجذر فينا ويمتد
ليصل إلى أطول استعمار عرفته البشرية في العصر الحديث، فبعدسته المحدبة يرى تميم الآخر على حقيقته بكل تناقضاته وسلبياته وفجاجته وغطرسته ومدى قدرته على تغيير ملامح الأرض والإنسان، أي هذا الوطن بترابه
العطر المضمخ بالدماء الزكية، هذا الوطن الذي ما انفك مبدع فلسطيني أو عربي يتغنى به. فتميم يرى هذا الوطن من خلال مروره بالقدس في سيارة أجرة صفراء لأنه لا يملك الإقامة الدائمة، فيصور هذه المدينة بعدسته
السريعة ويسجل قضية بلاده في قصيدته وهو يمتطي صهوة الشعر من على شاطئ الراحة في الخليج العربي، فصور بذلك أصدق صورة لمشاعر شاعر بحب وطنه دون أن يعيش هذا الوطن أو هذا الواقع المتأزم، فهو يتفاعل معه من
خلال الصور والمشاهد التي يراها من على شاشات التلفزة العالمية، وهذه انفعالات أقوى من تلك التي تنتاب المرء وهو في غمرة الأحداث ويحس الآلام ويعيش المهالك وأخطار المسالك، فالشعر الآني وليد اللحظة أضعف
العاطفة من ذلك الذي يخرج بعد انقضاء الأحداث والأخطار، ولعل قائلاً يقول: بل هو أقوى ، لكن هذه العاطفة سرعان ما تخبو وتتلاشى فيما بعد. أما الشعر الذي يختمر في وجدان الشاعر وهو يعيد صياغة كلماته بهدوء
وتأني وهو بعيد عن الأحداث أصدق إحساس وشاعرية، فالذي يعيش الحدث عاطفته ملتهبة يشوبها التأثير الآني أو اللحظي، والوطن ليس آني. فالوطن عند تميم لا يقف عند ماض أو حاضر، بل يمتد ليشمل المستقبل، اسمع إليه
وهو يقول في هذه القفلة الرائعة: " واعلم أنه في القدس من في الق
0 تصويتات
تم الرد عليه يونيو 26، 2015 بواسطة معزوفة اغسطس (9,980 نقاط)
قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف
المعنى كعبة وانا بوَفْد الحروف طايف
وألف مغزل قصايد في الإدين لافف
قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف
أنا لما اشوف مصر ع الصفحة بكون خايف
ما يجيش في بالي هرم ما يجيش في بالي نيل
ما يجيش في بالي غيطان خضرا وشمس أصيل
ولا جزوع فلاحين لو يعدلوها تميل
حكم الليالي ياخدهم في الحصاد محاصيل
ويلبّسوهم فراعنة ساعة التمثيل
وساعة الجد فيه سخرة وإسماعيل
ما يجيش في بالي عرابي ونظرته في الخيل
وسعد باشا وفريد وبقيّة التماثيل
ولا ام كلثوم في خِمسانها ولا المنديل
الصبح في التاكسي صوتها مبوظُّه التسجيل
ما يجيش في بالي العبور وسفارة اسرائيل
ولا الحضارة اللي واجعة دماغنا جيل ورا جيل
قالولي بتحب مصر أخدني صمت طويل
وجت في بالي ابتسامة وانتهت بعويل
قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف
لكني عارف بإني إبن رضوى عاشور
أمي اللي حَمْلَها ما ينحسب بشهور
الحب في قلبها والحرب خيط مضفور
تصبر على الشمس تبرد والنجوم تدفى
ولو تسابق زمنها تسبقه ويحفى
تكتب في كار الأمومة م الكتب ألفين
طفلة تحمّي الغزالة وتطعم العصفور
وتذنِّب الدهر لو يغلط بنظرة عين
وبنظرة أو طبطبة ترضى عليه فيدور
وأمي حافظة شوارع مصر بالسنتي
تقول لمصر يا حاجّة ترّد يا بنتي
تقولها احكي لي فتقول ابدأي إنتي
وأمي حافظة السِيَر أصل السِيَر كارها
تكتب بحبر الليالي تقوم تنوَّرْها
وتقول يا حاجة إذا ما فرحتي وحزنتي
وفين ما كنتي أسجل ما أرى للناس
تفضل رسايل غرام للي يقدّرها
أمي وأبويا التقوا والحر للحرة
شاعر من الضفة برغوثي وإسمه مريد
قالولها ده أجنبي، ما يجوزش بالمرة
قالت لهم ياالعبيد اللي ملوكها عبيد
من إمتى كانت رام الله من بلاد برة
يا ناس يا أهل البلد شارياه وشاريني
من يعترض ع المحبة لما ربّي يريد
كان الجواب ان واحد سافر اسرائيل
وانا أبويا قالوله يللا ع الترحيل
دلوقت جه دوري لاجل بلادي تنفيني
وتشيِّب أمي في عشرينها وعشريني
يا أهل مصر قولولي بس كام مرة
ها تعاقِبوها على حُبَّ الفلسطيني
قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف
بحب أقعد علىالقهوة بدون أشغال
شيشة وزبادي ومناقشة في مآل الحال
وبصبصة ع البنات اللي قوامهم عال
لكن وشوشهم عماير هدها الزلزال
بحب لمعي وحلابِسَّة ومُحِّب جمال
أروح لهم عربية خابطة في تروللي
كإنها ورقِة مِسودّة مرميّة
جوّاها متشخبطة ومتكرمشة هيّه
أو شلّة الصوف، أو عقدة حسابيّه
سبعين مهندس ولا يقدر على حلي
فيجيبوا كل مفكّاتهم وصواميلهم
ويجرّبوا كل ألاعيبهم وتحاييلهم
ساعات كمان يغلطوا ويجربوا فيّه
بس الأكيد أنهم بيحاولوا في مشاكلي
وإنها دايماً أهون من مشاكلهم
أحب اقعد على القهوة مع القاعدين
وابص في وشوش بشر مش مخلوقين من طين
واحد كإنه تحتمس، يشرب القرفة
والتاني غلبان يلف اللقمة في الجرانين
والتالتة من بلكونتها تنادي الواد
والواد بيلعب وغالبهم ثلاثة اتنين
أتوبيس كإنه كوساية محشي بني آدمين
أقول بحكم القاموس، إن الهواء جماد
واشم ريحة شياط بس اللي شايفه رماد
عكازة الشيخ منين نابت عليها زناد
يسند على الناس ويعرج من شمال ليمين
والراديو جايب خبر م القدس أو بغداد
قالولي بتحب مصر فقلت مش عارف
قطر الندى قاعدة بتبيع فجل بالحزمة
أميرة عازز عليها تشحت اللقمة
عريانة ما سترها الا الضل والضلمة
والشعر الابيض يزيد حرمة على حرمة
والقلب قايد مداين زي فرشة نور
والفرشة واكلاها عتة والمداين بور
اللي يشوفها يقول صادقة حكاوي الجن
واللي يشوفها يقول كل الحقايق زور
عزيزة القوم عزيزة تشتغل في بيوت
عشر سنين عمرها لكن حلال ع الموت
صبية تمشي تقع ويقولو حكم السن
وسِتّها شعرها أصفر وكلّه بُكَل
كإنها مربية فيه اربعين كتكوت
ووشها زي وش الحاكم العربي
كإن خالقها راسمها على نبوت
تحكم وقطر الندى تسمع لها وتئن
أصل البعيدة وليّة أمرها، عجبي
على الهوا بحجة الكسوة يقيموا له سور
أحكي يا قطر الندى والا ما لوش لازمة
حكاية ابن الأصول تفضل معاه لازمة
فيه ناس بتلدغ وناس ليها البكا لازمة
ياللي سطلت الخليفة بجوز عينين وشعور
كنت سما للأغاني والأغاني طيور
مين اللي باعك، عدوك، بعض أولادك
مين اللي كانوا عبيدك صاروا أسيادك
مين اللي سمى السلاسل في إديك دِبَل
مين اللي خط الكتاب مين كانوا أشهادك
وازّاي متى سألوكي "هل قبلتِ به"
سكتِّ ومشيتِ يا مولاتي في الزفة
لبنان وغزة وعراق فينا العدو تشفى
حطوا جثثنا يا حاجة تحت سجادك
ووقفت تستنى خيط الدم يبقى بحور
0 تصويتات
تم الرد عليه يوليو 5، 2015 بواسطة هيا (150,900 نقاط)
تميم نواف البرغوثي شاعر فلسطيني، اشتُهر في العالم العربي بقصائده التي تتناول قضايا الأمة، وكان أول ظهور جماهيري له في برنامج أمير الشعراء على تلفزيون أبو ظبي، حيث ألقى
قصيدة في القدس التي لاقت إعجابا جماهيريًا كبيراً واستحسان المهتمين والمتخصصين في الأدب العربي.
كانت قصيدة في القدس هي الأوفر حظا من حيث الاهتمام على الصعيد النقدي والأدبي والانتشار الجماهيري الواسع وهي التي ضمنت لتميم هذه المنزلة بين غيره من الشعراء وهذه الحظوة لدى جمهوره العربي وقد كان لهذه
القصيدة مع تميم قصة، فقد كتبها قبل مشاركته ببرنامج أمير الشعراء الذي أذيع على قناة أبو ظبي الفضائية والذي كان منبرا أذاع من خلاله القصيدة، وقد كتبها بعدما فشل في الوصول إلى المسجد الأقصى لصلاة الجمعة
حيث كان سنه أقل من 35 سنة وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تمنع ذلك لدواع أمنية فكتب هذه القصيدة متأثرا بذلك ونشرتها إحدى الصحف وظلت مغمورة ولم يهتم بها أحد إلى أن طفت على السطح بعد إذاعتها في ذلك
البرنامج.
فيما يلي نص القصيدة:-
في القدس
مَرَرْنا عَلــى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفســي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُـسَرُّ ولا كُلُّ الغـِيابِ يُضِيرُها
فإن سـرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه فليسَ بمأمـونٍ عليها سـرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها
في القدسِ
بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته، يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في طلاءِ البيتْ
في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها
في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ..
رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،
قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى
وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً
تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاً مَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ
في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ
في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ
في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ!
وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً
أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم،! وتبصرُ غيرَهم
ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ
أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ، يا بُنَيَّ، حجابَ واقِعِها السميكَ
لكي ترى فيها هَواكْ
في القدسِ كلًّ فتى سواكْ
وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها
ما زِلتَ تَرْكُضُ إثْرَهَا مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها
رفقاً بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ
في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ
يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ
دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
والقدس تعرف نفسها..
إسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ
فكلُّ شيء في المدينة
ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ
في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ
حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ
تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ
في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ
في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،
فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،
تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها
تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها
تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها
إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها
وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها
ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ
في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ
كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ
ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،
أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،
وَهْوَ يقول: “لا بل هكذا”،
فَتَقُولُ: “لا بل هكذا”،
حتى إذا طال الخلافُ تقاسما
فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ
إن أرادَ دخولَها
فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ
في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،
باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ
أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،
فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً
فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ
في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ
واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ
وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: “لا تحفل بهم”
وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: “أرأيتْ!”
في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،
كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،
والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ
في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لامستَ بنايةً
لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ
يا بْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ
في القدس، رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،
فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ
في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها
الكل مرُّوا من هُنا
فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا
أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ
فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ
والتتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،
فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى
كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا
يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا
يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ
العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها
والقدس صارت خلفنا
والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،
تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ
إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ
قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ
يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟
أَجُنِنْتْ؟
لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ
لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ
في القدسِ من في القدسِ لكنْ
لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت.
...