فهذه الإبتلاءات تصيب المؤمنين ، وعلى قدر إخلاص المؤمن ، يكون الإبتلاء العظيم ، ليرفع الله به الدرجات والمقامات .
وأشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل كما جاء في الحديث الشريف .
لو لم يقتل سيد الشهداء ، حب رسول الله ، وريحانة حبيب الله ، سيدنا أبا عبد الله الحسين عطشانا بشط الفرات ، ولو لم يقتل رضيعه في حجره بسهم مسموم ، ولو لم تساق بنات رسول الله ، إلى الطاغية يزيد عليه
لعائن الله .
لو لم تسطر فاجعة آل البيت بالدماء في كربلاء ، لكان اليوم كل المسلمين ، يعتقدون أن إسلام يزيد بن معاوية هو الإسلام الحق ، لأن الحسين رضي بحكمه ولم يخرج عليه .
وكذلك اليوم ، فقد أراد الله لهذا الصحابي الجليل ، الذي كان مجاب الدعوة ، من أولياء الله الصالحين ، وكان يسمى راهب الصحابة .
وقد عاش حياته كلها مجاهدا ، ولما رأى الحق مع إمام المتقين علي كرم الله وجهه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( علي مع الحق ، والحق مع علي )) .
وامتثالا لأمر رسول الله الذي أوصى المخلصين من الصحابة بقتال الناكثين ، والقاسطين والمارقين مع علي عليه السلام . ( الناكثين طلحة والزبير وكل من خرج معهم ) ( القاسطين أصحاب معاوية وجنده ) (
المارقين الخوارج ).
لذلك كان مع علي كرم الله وجهه خيار الصحابة ، أمثال عمار بن ياسر ، وشهيدنا حجر بن عدي رضي الله عنه الذي شهد مع الإمام كل المشاهد ، وظل وفيا له ، ولم يتنازل عن مواقفه قيد أنملة ، حتى غدر به الطاغية
معاوية بن أبي سفيان ، وقتله مع أصحابه وهم في وضع الأسرى .
واليوم عندما أراد الظلاميون ، الذين هم على نهج سلفهم معاوية ، الإساءة لهذا الرمز الإسلامي الشامخ ، فإنما هو ابتلاء آخر لهذا الرجل الصالح ، أراد الله أن يرفع له به درجة عنده ، وأن يرفع له في العالمين
، ولآل البيت عليهم السلام ذكرا .
فأصبح اليوم كل الناس ، حتى البسطاء منهم ، يعرفون من هو حجر بن عدي ، ومن هو الغادر بحجر بن عدي وأصحابه ، الذين غضبت لقتلهم السماء ، كما جاء في الحديث الشريف ، وأيضا من هم نباشوا قبور الصالحين ، خوارج
هذا العصر ! .