الحمد لله وبعد .
نسمع كثيرا عبارة : " كَـمَـا تَـكُـونُـوا يُـولَّـى عَـلَـيْـكُـم "
فهل هذه العبارةُ حديثٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟
وما درجته إن كان حديثا نبويا من جهة الصحة والضعف ؟
لمزيد من المعلومات الرجاء زيارة كامل الموضوع على الرابط التالي :
http://www.saaid.net/Doat/Zugail/71.htm
تحديث للسؤال برقم 1
جاءت هذه العبارة مرفوعةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين :
- الـطـريـق الأولـى :
روى القضاعي في مسند الشهاب (1/336) من طريق الكرماني بن عمرو ، ثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن ، عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ثم كما تكونون يولى أو يؤمر عليكم .
وفي هذا السند المبارك بن فضالة ، قال الحافظ ابن حجر في التقريب : صدوق يُدلِّس ويُسوي . وتدليس التسوية من أسوء أنواع التدليس .
وقد تكلم عدد من أهل العلم في روايته عن الحسن البصري .
قال نعيم بن حماد عن عبد الرحمن بن مهدي : لم نكتب للمبارك شيئا إلا شيئا يقول فيه : سمعت الحسن . وفي هذا السند لم يقل المبارك بن فضالة : حدثنا .
قال المناوي في فيض القدير عن هذا السند (5/47) :
قال ابن طاهر : والمبارك وإن ذكر بشيء من الضعف فالعمدة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة .ا.هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في تخريجه لأحاديث الكشاف (1/345) :
رواه القضاعي في مسند الشهاب وفي إسناده إلى مبارك مجاهيل .ا.هـ.
وقال العجلوني في كشف الخفاء (2/166) : وأخرجه ابن جميع في معجمه ، والقضاعي عن أبي بكرة بلفظ : يولى عليكم بدون شك ، وفي سنده مجاهيل .ا.هـ.
تحديث للسؤال برقم 2
- الـطـريـق الـثـانـيـة :
رواها الديلمي في مسند الفردوس ، والبيهقي في " الشعب "كما رمز له السيوطي في الجامع الصغير ، وذكر سنده المناوي في فيض القدير (5/47) فقال :
( فر ) وكذا القضاعي كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن جده عن ( أبي بكرة ) مرفوعا . قال السخاوي : ورواية يحيى في عداد من يضع .
( هب ) من جهة يحيى بن هشام عن يونس بن إسحاق ( عن أبي إسحاق ) عمر بن عبد الله ( السبيعي مرسلا ) بلفظ : كما تكونوا كذلك يؤمر عليكم ، ثم قال : هذا منقطع ، وراويه يحيى بن هشام ضعيف .ا.هـ.
وقال العجلوني في " كشف الخفاء " (2/166) :
قال في الأصل : رواه الحاكم ، ومن طريقه الديلمي عن ابي بكرة مرفوعا ، وأخرجه البيهقي بلفظ : يؤمر عليكم . بدون شك ، وبحذف أبي بكرة ؛ فهو منقطع .ا.هـ.
وأورد هذا الحديث السيوطي في الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة (ح 329) فقال :
حديث : " كما تكونوا يولى عليكم " .
ابن جميع في " معجمه " من حديث أبي بكرة ، والبيهقي في " الشعب " من حديث يونس بن أبي إسحاق ، عن أبيه مرفوعا ، ثم قال : هذا منقطع .
قال الشيخ محمد لطفي الصباغ محقق الدرر في الحاشية : ضعيف ...
وأورده أيضا المُلا علي القاري في الأسرار المرفوعة ( ح 281) ، والشوكاني في الفوائد المجموعة ( ح 624) وقال : في إسناده وضاع . وفيه إنقطاع .ا.هـ.
وجاء في تذكرة الموضوعات : في سنده انقطاع وواضع هو يحيى بن هاشم ، وله طريق فيه مجاهيل .ا.هـ.
وقال الزرقاني في مختصر المقاصد الحسنة ( ح 772) : ضعيف .
وقد ذكر الحديث العلامة الألباني في الضعيفة (320) ، وضعيف الجامع (4275) ، والمشكاة (3717) ، وقال : ضعيف .
تحديث للسؤال برقم 3
أثـرٌ عـن الـحـسـن الـبـصـري :
قال السخاوي في المقاصد الحسنة عند حرف الكاف :
وعند الطبراني معناه من طريق عمر وكعب الأحبار والحسن فإنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج فقال له : لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم ، إنا نخاف إن عزل الحجاج أو مات أن يستولي عليكم القردة والخنازير ، فقد روي أن
أعمالكم عمالكم ، وكما تكونون يولى عليكم .
وقد بحثت عنه في معاجم الطبراني بهذا اللفظ فلم أجده .
فـوائـدُ فـي ثـنـايـا الـبـحـث :
- الــفــائــدة الأولــى :
قال العجلوني في كشف الخفاء (2/166) : وفي فتاوى ابن حجر : وقال النجم : روى ابن ابي شيبة ، عن منصور بن أبي الأسود ، قال سألت الأعمش عن قوله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا "
[ الأنعام : 129 ] ما سمعتهم يقولون فيه ؟ قال : سمعتهم إذا الناس أمر عليهم شرارهم .
وروى البيهقي عن كعب قال : إن لكل زمان ملكا يبعثه الله على نحو قلوب أهله ؛ فإذا أراد صلاحهم بعث عليهم مصلحا ، وإذا أراد هلاكهم بعث عليهم مترفيهم .ا.هـ.
أما أثر الأعمش فقد رواه أيضا أبو نعيم في الحلية (5/51) .
- الــفــائــدة الــثــانــيــة :
قال العلامة الألباني في الضعيفة (320) بعد تخريجه للحديث :
ثم أن الحديث معناه غير صحيح على إطلاقه عندي ، فقد حدثنا التاريخ تولي رجل صالح عقب أمير غير صالح والشعب هو هو .ا.هـ.
تحديث للسؤال برقم 4
- الــفــائــدة الــثــالــثــة :
قال الطرطوشي في سراج الملوك ( ص 197) :
الباب الحادي والأربعون في " كما تكونوا يولى عليكم " .
لم أزل أسمع الناس يقولون : " أعمالكم عمالكم كما تكونوا يولى عليكم " إلى أن ظفرت بهذا المعنى في القرآن قال الله تعالى : " وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا " [ الأنعام : 129 ] ، وكان
يقال : ما أنكرت من زمانك فإنما أفسده عليك عملك .
وقال عبد الملك بن مروان : ما أنصفتمونا يا معشر الرعية ، تريدونا منا سيرة أبي بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم .....ا.هـ.
- الــفــائــدة الــرابــعــة :
استدل بعض أهل اللغة بلفظ هذا الحديث على فائدة لغوية ذكرها ابن هشام في المغني ، وسأنقل هذه الفائدة من " مختصر مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري " للشيخ محمد بن صالح بن عثيمين – رحمه الله
– ( ص 110 – 111) :
القاعدة الحادية عشرة :
من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام ، ولذلك أمثلة منها : إعطاء كلمة ( غير ) حكم ( إلا ) في الاستثناء ، وإعطاء حكم ( إلا ) حكم ( غير ) ، ومنها إعطاء ( أن ) حكم ( ما ) المصدرية المهملة في الإهمال
وبالعكس ، ومُثِّل له بقوله صلى الله عليه وسلم : " كما تكونوا يولى عليكم " ذكره ابن الحاجب ، والمعروف : " كما تكونون " ...ا.هـ.
انتهي هذا البحث الذي أرجو أن يكون فيه النفع والفائدة . آمين .