مساء الخير .. لكل متذوقي الشعر واللحن الجميل
لم تقترب أم كلثوم من أمير الشعراء، ربما لأنه كان يحتضن منافسها عبدالوهاب في ذلك الزمان البعيد، لكن شوقي المولع بالموسيقي والغناء قام بتوجيه دعوة لأم كلثوم، وقد لبت هي الدعوة سعيدة ومبتهجة وقامت
بالغناء في كرمة ابن هاني أمامه، وأحس الأمير الشعري بالنشوة تغمر روحه، فقام من مجلسه ليحيي أم كلثوم بعد أن غنت، حيث قدم لها كأسا من الطلا - الخمر، وقد تصرفت أم كلثوم بدبلوماسية ولباقة، حيث رفعت الكأس
لكي تمس شفتيها دون أن ترشف ولو قطرة واحدة، لأنها لا تشرب الخمر، وقد أعجب شوقي بتصرفها الدبلوماسي وبلباقتها، فضلا عن إعجابه بغنائها بطبيعة الحال.. وعندما خلا بنفسه وانفض الساهرون، كتب قصيدة رقيقة، وفي
الصباح أوصلها بنفسه حيث قال فيها :
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها .
واستخبروا الراح هل مست ثناياها
باتت على الروض تسقيني بصـافــيـه
لا لــلـسـلاف ولا لــلــــورد ريـــاهـــا
ما ضر لو جعلت كأسي مراشـــفهـــا
ولو سقتني بصاف من حـمـيـــاهــا
هيفاء كالبان يـلـتـف الـنـسـيـم بـهـــا
ويلفت الطير تحت الوشي عطفـاهــا
حـديـثـهـا الـسـحـر إلا انـــه نـــغـــــم
جــرت علــــــي فــم داود فــغــنـاهـا
حمامة الأيك من بالـشــجـو طـارحـها
ومن وراء الدجي بالشوق نـــاجـاهــا
القت إلي اللـيـل جـيـدا نــافـرا ورمــت
إليه اذنا وحــــــــارت فـيـــه عـيـنـاهـا
وعادها الشوق للاحباب فـــانـبـعثـت
تبكي وتـهـتــف احــيـانـا بـشـكـواهــا
يا أم كلثـومُ أيام الــــــهـوي ذهـبــت
كالحلم آهــــــــــــا لأيام الهــوى آهــا