أن النوم يلعب دوراً
هاماً فى تثبيت الذاكرة، فهناك علاقة قوية بين الذاكرة ونوع من أنواع النوم
يعرف بنوم حركة العين السريعة
(Rapid-Eye Movement (REM .. فإذا ما تم
حرمان الطلاب من هذا النوع من النوم بعد فترة من التعلم فإن مقدرتهم على
تذكر ما تعلموه تضعف خاصة ما يتعلق بالكيفية وليس ماذا، فمثلا تذكر الأسماء
لا يتأثر ولكن حل الألغاز والأحاجى يتأثر. وهناك من الأدلة ما يشير إلى أن
هناك فترة مثلى تقوم خلالها الذاكرة بالتعامل مع المعلومات وتخزينها، فإذا
لم تنعم بالنوم من النوع REM خلال هذه الفترة فسيضيع عليك معظم ما تعلمت.
ولكن كيف يحدث ذلك؟ يقول العلماء أنك أثناء نوم REM إما أن تقوم بتقوية
الذكريات أو المعلومات التى لم يتم تقويتها بعد أو تقوم باضعاف المعلومات
التى تم تثبيتها من قبل حتى يمكن استخدام أماكنها أو توصيلاتها فى تخزين
المعلومات الجديدة.. انها نظرية معقولة، ولكنها قد لا تشرح الصورة كاملة،
فليس نوم REM هو وحده المهم فى هذه العملية فان النوع الآخر من النوم
والمعروف بنوم الموجة البطيئة Slow-Wave Sleep (SWS) يساعد على تعلم
المهارات البدنية مثل تعلم رياضة كرة القدم أو السباحة مثلا.
الاجهاد والضغط النفسى يؤثر فى عمل الذاكرة:
بعض الناس ينتابهم شعور فجائى بالنسيان فترى مثلا من يقول ان الكلمة
كانت على لسانه ثم نسيها فجأة والطالب مثلا يقول انه ذاكر كل دروسه جيدا
ولكنه عندما وقف امام الممتحن أو جلس إلى ورقة الإجابة نسى كل شئ. لا تقلق
فالأمر ليس خطيراً وقواك العقلية سليمة تماما.. ولكن هناك عوامل عديدة تؤثر
فى الذاكرة..الاجهاد، الضغط النفسى، القلق، الخوف..كلها عوامل تساعد على
النسيان المؤقت للمعلومات. ولعلك قد حاولت مراراً تذكر شئ معين وأنت مرهق
أو قلق أو خائف ولم تصل إلى نتيجة.. وبمجرد تحسن حالتك تجد نفسك قد تذكرت
ما كنت تحاول استدعاءه.
ويفسر ذلك بأن كيمياء المخ والموصلات العصبية تعمل أفضل فى حالة
الاسترخاء. أما الشدة أو الضغط النفسى فيؤدى إلى افراز هرمون الكورتيزول من
الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلى، هذا الهرمون قاتل التركيز
Concentration Killer، كما يطلق عليه الدكتورDharma مؤلف كتاب Brain
longevity يؤدى إلى زيادة إفراز هرمون الانسولين ويمنع المخ وبالذات منطقة
الحصين أو قرن آمون Hippocampus المسئولة عن الذاكرة من استعمال السكر
بكفاءة، ويؤدى نقص الطاقة هذا إلى نقص كفاءة المخ كيميائياً ليس فقط فى
عمليات تخزين معلومات جديدة، ولكن أيضاً فى عمليات استرجاع المعلومات
المخزنة. بعض التمرينات الرياضية مثل اليوجا Yoga أو التنفس العميق قد
تساعد على الاسترخاء.
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن مركز قيادة الاجهاد (الخوف، القلق،
التوتر، الضغوط النفسية) يقع فى منطقة صغيرة من المخ قرب مركز الدماغ تسمى
Amygdala، وهى تشبه اللوزة فى الشكل؛ لذلك يطلق عليها هذا الاسم بالعربية،
وترتبط هذه اللوزة بالمناطق الأخرى فى المخ خاصة الهيبوثلامس (تحت المهاد)
عن طريق الألياف العصبية المنتشرة هناك. والهرمونات التى تفرز أثناء
الاجهاد لا تقتصر على الكورتيزول أو الـ Glucocorticoids فقط، وانما هناك
هرمونات أخرى كثيرة تفرز أثناء هذه المواقف العصيبة مثل الابنيفرين
(الأدرينالين) والنورابنيفرين من الأعصاب السمبثاوية ومن نخاع غدة
الأدرينال (جارالكلوية). وأما عن الثمن الذى يفرضه علينا هذا الإجهاد فهو
فادح ورهيب..فهو أولا يستنزف موارد كانت مخصصة اصلا لعمليات البناء
واستعمالات مهمة أخرى وقت السلم ولكن تم استعمالها لأغراض الدفاع والحرب.
وثانيا فهناك أعراض جانبية عديدة قد تحدث فى نفس الوقت، فالاجهاد طويل
المدى أو المتكرر يتسبب فى ارتفاع ضغط الدم وبمرور الزمن يؤدى ذلك إلى
زيادة سمك الشرايين التى تحمل الدم إلى النصف الأمامى من المخ Carotid
arteries الأمر الذى قد يؤدى إلى حدوث جلطة فى المخ أو سكتة دماغية.