المهدي المنتظر رجل شاب من المسلمين من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، من ولد الحسن بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله
أي اسمه على اسم النبي صلى الله عليه وسلم. واسم أبيه على اسم أبي النبي صلى الله عليه وسلم.
إن ظهور المهدي ليس أمراً كسبيا يكون باجتهاد من المهدي محمد بن عبد الله وطلب منه لهذا الأمر، كلا .. بل إنه لا يعلم بذلك أصلاً حتى يصلحه الله تعالى في ليلة ويهيئ له قوماً ليس لهم عدد ولا عدة ولا منعة
فيبايعونه عند الكعبة وهو كاره لهذه البيعة.
فمجئ المهدي آخر الزمان أمر قدري، قد قدره الله وكتبه عنده في أم الكتاب فهو كائن لا محالة شأنه في ذلك شأن ظهور المسيح الدجال ونزول عيس ابن مريم عليه السلام وخروج يأجوج ومأجوج وباقي علامات الساعة.
ولذلك نقول: إن الإيمان بالمهدي واجب شرعي وعقيدة لازمة للمؤمن لأن الأحاديث التي وردت بشأنه متواترة ، والمتواتر يفيد – عند جمهور العلماء- العلم القطعي، فالعلم بها واجب والعمل بها فرض لازم وقد يدخل في
دائرة الكفر من جحد أو أنكر حديثاً متواتراً.
صفته : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي مني – أي من نسلي – ، أجلى الجبهة – أي منحسر الشعر من مقدمة رأسه ، أو واسع الجبهة - ، أقنى الأنف – أي طويل الأنف و
دقة أرنبته مع حدب في وسطه - ، يملأ الأرض قسطاً و عدلاً ، كما ملئت ظلماً و جوراً ، و يملك سبع سنين ) . رواه أبو داود ( برقم 2485) و إسناده حسن .
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على ظهور المهدي ، و هذه الأحاديث منها ما جاء فيه النص على المهدي ، و منها ما جاء فيه ذكر صفته فقط :
1 – عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يخرج في آخر أمتي المهدي ؛ يسقيه الله الغيث ، تخرج الأرض نباتها و يعطى المال صحاحاً وتكثر الماشية وتعظم الأمة يعيش سبعاً أو
ثمانياً ) – يعني : حججاً - . مستدرك الحاكم (4/557-558) و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه و وافقه الذهبي .
2 - وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبشركم بالمهدي ؛ يبعث على اختلاف من الناس و زلازل فيملأ الأرض قسطاً و عدلاً ، كما ملئت جوراً و ظلماً ، يرضى عنه سكن السماء وساكن الأرض
، يقسم المال صحاحاً ، فقال له رجلاً : ما صحاحاً ؟ قال : بالسوية بين الناس ) قال : ( و يملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم عدله ، حتى يأمر منادياً فينادي فيقول : من له في مال حاجة ؟ فما يقوم من
الناس إلا رجل فيقول : ائت السدّان – يعني الخازن – فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً ، فيقول له : احث ، حتى إذا حجزه و أبرزه ؛ ندم فيقول : كنت أجشع أمة محمد نفساً أو عجز عني ما وسعهم ؟! قال :
فيرده فلا يقبل منه ، فيقال له : إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه ، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ، ثم لا خير في العيش بعده ) أو قال : ثم لا خير في الحياة بعده ) . المسند (3/37) و رجاله ثقات ،
و أنظر مجمع الزوائد ( 7/313-314) .
3 - عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( المهدي منا أهل البيت ، يصلحه الله في ليلة ) . المسند (2/58) بسند صحيح.
و قوله : ( يصلحه الله في ليلة ): فلعل المراد بذلك أن الله يصلحه للخلافة أي يهيئه لها، و يوفقه و يلهمه و يرشده ، بعد أن لم يكن كذلك. و قال القاري في المرقاة (5/180) : ( يصلحه الله في ليلة ) : أي يصلح
أمره و يفع قدره في ليلة واحدة ، أو في ساعة واحدة من الليل ، حيث يتفق على خلافته أهل الحل والعقد فيها. و هذا معناه قطعاً أن المهدي لن يعرف نفسه أنه المهدي حتى يبايعه الناس. و ليس قطعاً بطالب للخلافة و
لا ظان لأهليته لها، و لذلك يبايعه الناس و هو كاره.
4 - عن أم سلمة رضي الله عنها ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المهدي من عترتي ، من ولد فاطمة ) .سنن أبي داود (11/373) بسند صحيح .
5 - عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض ؛ تكرمة الله هذه الأمة . المنار المنيف لابن القيم
(ص 147-148) بسند جيد و له شواهد من الصحيح.
6 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( منا الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه ). ذكره المناوي في فيض القدير (6/17) بسنده صحيح.
7 - عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا يَوْمٌ– قال الشعراني : يعني من أيام الرب سبحانه المشار إليه بقوله تعالى :{ وإن يوماً عند
ربك كألف سنة مما تعدون} . اليواقيت ( ص 142) . –لَطَوَّلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى يَبْعَثَ فِيهِ رَجُلًا مِنِّي أَوْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُوَاطِئُ اسْمُهُ اسْمِي وَاسْمُ أَبِيهِ اسْمُ أَبِي–
فيكون اسمه : محمد بن عبد الله ، و فيه رد على الشيعة الذين يقولون : إنه محمد بن الحسن العسكري ، و معنى يبعث :أي يظهر - ، زاد في حديث فطر : ( يَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطًا وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْمًا
وَجَوْرًا ) . و في رواية للترمذي : «لا تذهب– أو :لا تنقضي –الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي». أبو داود ( برقم 4282) و هو حديث حسن صحيح و تحفة الأحوذي (6/486).
و قوله صلى الله عليه وسلم : ( حتى يملك العرب ) : قال القاري : أي ومن تبعهم من أهل الإسلام ، فإن من أسلم فهو عربي. و قال الطيبي رحمه الله : لم يذكر العجم ، و هو مراد أيضاً ، لأنه إذا ملك العرب ، و
اتفقت كلمتهم و كانوا يداً واحدة ، قهروا سائر الأمم . و يمكن أن يقال : ذكر العرب لغلبتهم في زمنه ، أو لكونهم أشرف أو هو من باب الاكتفاء ، ومراده : العرب والعجم ، كقوله تعالى{سرابيل تقيكم الحر} أي :
والبرد ، والأظهر أنه اقتصر على ذكر العرب لأنهم كلهم يطيعونه بخلاف العجم بمعنى ضد العرب ، فإنه قد يقع منهم خلاف في طاعته والله تعالى أعلم . مرقاة المفاتيح (5/179).
8 - روى الأمام أحمد عن زر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) . المسند (1/376) بسند صحيح.
9 - روى الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه بلفظ : ( لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً ، كما ملئت جوراً ) ، و في لفظ : ( لو لم يلق من الدنيا إلا يوم لبعث الله عز وجل
رجلاً منا يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً ). المسند (1/99) بسند صحيح