تعد الموجات اللاسلكية أو الكهرومغناطيسية أحد أهم الاكتشافات العلمية في العصر الحديث فلا يكاد يخلو منزل من الأجهزة التي تعتمد في تشغيلها على تلك الموجات، فهي التي تنقل
إلينا الأخبار والمعلومات والحوارات عبر الأثير ولملايين الأميال من جميع أنحاء العالم وعلى الرغم من أن هذه الموجات لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة إلا أنها استطاعت أن تغير من ملامح التاريخ والمجتمع الذي
نعيش فيه فإذا نظرت حولك ستجد المئات بل الملايين من الأجهزة التي أسهمت وبشكل كبير في تطور البشرية. ونذكر على سبيل المثال وليس الحصر بعض الأجهزة الرئيسية التي تعتمد بصفة أساسية على الموجات اللاسلكية:
محطات البث الإذاعي التي تعمل على موجات AM أو FM. الهواتف اللاسلكية. شبكات الحاسب الآلي اللاسلكية. الهواتف النقالة . أجهزة التليفزيون. أجهزة الاتصالات الفضائية. و أقبل الإنسان على استعمالها مندفعا
للاستفادة منها دون وعي و إدراك لمخاطرها الصحية
فالأسئلة التي تشغل بال كثير من الناس هل تتأثر صحتنا بالأدوات الكهربائية و الإلكترونية التي نستخدمها في منازلنا يوميا؟ وما مدى تأثير هذه الأدوات و الأجهزة الإلكترونية على أجسامنا ؟ للإجابة على مثل هذه
التساؤلات نستعرض معا هذا البحث الذى قاد فريقة دكتور محمد سعد الذي يشرح من خلاله التأثيرات الصحية للإشعاعات الكهرومغناطيسية الصادرة من استخدام الأجهزة الإلكترونية و منظومات الاتصالات و تأثيرها على صحة
الإنسان.
تنشأ الموجات الكهرومغناطيسية عن طريق تسخين الذرات مما يؤدي إلى اهتزاز الإلكترونات،وينتج عن حركة هذه الإلكترونات المهتزة مجال كهربائي متغير يولد مجالا مغناطيسيا في النقطة المجاورة وتبعا لنظرية
ماكسويل،ينتج عن هذا المجال المغناطيسي مجالا كهربيا مستحثا في النقطة المجاورة، وهكذا ينتشر الاضطراب من نقطة إلى أخرى عن طريق التغير المتناوب للمجالين الكهربي والمغناطيسي
خصائص الموجات الكهرومغناطيسية:
الأشعة الكهرومغناطيسية تنتشر في الفراغ بسرعة ثابتة هي سرعة الضوء ،تنتقل هذه الأشعة في الفراغ وتنقل الطاقة من المصدر إلى المستقبل ,لا تتأثر بالمجالات الكهربائية أو المغناطيسية, تنتشر في خطوط مستقيمة
وتخضع للخصائص الموجية من حيث الحيود والتداخل, موجات مستعرضة قابلة للاستقطاب.
تم اكتشاف هذه الأشعة على مراحل حيث كان العالم هيرتز Hertz 1887 أول من عمل في هذا المجال وكان المعروف في ذلك الوقت فقط أشعة الراديو والأشعة المرئية ومن ثم تم اكتشاف باقي الطيف الكهرومغناطيسي من خلال
الملاحظات والظواهر الفيزيائية.
وحين التحدث عن جزء خاص من هذا الطيف الكهرومغناطيسي مثل الضوء المرئي, المايكروويف والأشعة السينية وأشعة جاما وموجات التلفزيون والراديو كلها عبارة عن أشعة تعرف باسم الأشعة الكهرومغناطيسية
Electromagnetic Radiation وكلها لها نفس الخصائص ولكنها تختلف في الطول الموجي Wavelength أو التردد Frequency
طيف الموجات الكهرومغناطيسية
1-أشعة جاما:
و هي الموجات الأقصر طولا في الطيف الكهرومغناطيسي و الأكثر ترددا بالطبع وذات الطاقة الأعلى وذلك لأنها تنتج من التفاعلات النووية وكذلك من العناصر المشعة. اكتشفت بواسطة العالم الفرنسي
فيلارد(fillard)
تتميز هذه الأشعة بقدرتها على قتل الخلايا الحية. توجد أشعة جاما كثيرا في الفضاء الخارجي و تنتج عن الإنفجارات التي تحدث في الفضاء كما أنها تنتج أيضا عن الانفجارات الشمسية نتيجة للتفاعلات النووية وتصل
طاقة أشعة جاما إلى مليون إلكترون فولت. كما أن الانفجار الناتج عن القنبلة النووية ينتج طاقة هائلة جزء منها على شكل أشعة جاما تكون لها عواقب وخيمة .
--------------------------------------------------------------------------------
تطبيقات أشعة جاما
--------------------------------------------------------------------------------
الطب:
تستخدم أشعة جاما في الطب لقتل الخلايا السرطانية ومنعها من النمو. حيث تنفذ أشعة جاما في الجلد وتعمل على تأين الخلايا وهذا يسبب قتل تلك الخلايا.
الصناعة:
تستخدم أشعة جاما في الصناعة لفحص أنابيب البترول واكتشاف نقاط الضعف فيها.
كما تستخدم أشعة جاما في تخليص المواد الغذائية المصنعة من الجراثيم والبكتيريا وغيره.
العلوم:
تستخدم أشعة جاما في تطوير التفاعلات النووية والتجارب العلمية لكشف أسرار النواة.
خطورة أشعة جاما والحماية منها:
التعرض لأشعة جاما يسبب تأين للخلايا البشرية وتتسبب بصورة رئيسية في الإصابة بالسرطان. ولوقاية الأشخاص الذين يعملون في مجال أشعة جاما يستخدم حاجز سمكه 1سم من الرصاص حيث أن له أكبر معامل امتصاص لهذه
الأشعة.
2-الأشعة السينية:
الأشعة السينية ( أو أشعة X ) و تأتي بالترتيب بعد أشعة جاما في الطيف الكهرومغناطيسي تتميز بقدرتها على اختراق المواد اللينة بينما لا تخترق المواد القاسية اكتشفت أشعة اكس عام 1895 بواسطة العالم الألماني
وليام رونتجين Wilhelm Roentgen. حيث قام العالم رونتجين بقذف شعاع الكتروني ذو طاقة حركة عالية خلال تسريعها في فرق جهد كبير يصل إلى 30000 فولت في أنبوبة زجاجية مفرغة من الهواء. عند اصطدام الالكترونات
المسرعة بزجاج الأنبوبة المفرغة لاحظ رونتجين توهج واضح على شاشة فسفورية مثبتة على مسافة قصيرة منها . هذا التوهج استمر حتى حين وضع لوح خشبي بين الأنبوبة المفرغة والشاشة الفسفورية. وحتى يتأكد من أن هناك
أشعة جديدة هي التي اخترقت تلك الأجسام ووصلت للشاشة الفوسفورية قام رونتجن بتجربة إضافية وهي بأنه وضع يده أمام الأنبوبة المفرغة وشاهد على الشاشة الفوسفورية صورة لعظام يده، ولاحظ أنه اكتشف أشعة جديدة هي
أشعة إكس .
--------------------------------------------------------------------------------
تطبيقات أشعة اكس
--------------------------------------------------------------------------------
الطب:
من خصائص أشعة اكس عند تسليطها على جسم الإنسان لفترة زمنية متناهية في القصر يمكن تصوير العظام حيث أنها تنفذ من الجلد ولا تنفذ من العظم وبهذا تستخدم في تشخيص الكسور التي قد تصيب العظام.
الصناعة :
تستخدم أشعة اكس في الصناعة لفحص المواد المستخدمة في التصنيع والتأكد من جودتها، وكذلك في مراقبة الأمتعة في المطارات
العلوم:
تستخدم أشعة اكس في الأبحاث العلمية لدراسة التركيب البلوري للمواد ولمعرفة المواد الداخلة في تركيب مادة مجهولة مثل كشف المواد المكونة للخليط الذي استخدمه الفراعنة في التحنيط.
خطورة أشعة اكس:
بالرغم من الاستخدامات العديدة لأشعة اكس فإن التعرض لها أكثر من اللازم يؤدي إلى الإصابة بمرض تكسير كرات الدم الحمراء و السرطان خاصة لو علمن أنها أحد اللآشعاعات المنطلقة من التليفزيون أو حرق لخلايا
الجلد والسبب في ذلك يعود إلى أن أشعة إكس هي في حد ذاتها أشعة مؤينة، فعندما تصطدم أشعة إكس بالذرة فإنها تعمل على تحرير إلكترونات الذرة وتحولها إلى أيون موجب وتقوم الإلكترونات المتحررة بتحويل المزيد من
الذرات المجاورة إلى أيونات بالتصادم معها.
الأيونات أجسام مشحونة كهربياً وليست متعادلة مثل الذرات مما يسبب تفاعلات كيميائية غير طبيعية داخل الخلايا الحية، ومن الممكن أيضاً أن يحدث خلل في سلاسل حمض الــDNA ، وحدوث خلل في الـ DNA قد يسبب موتاً
لتلك الخلية مما يسبب الكثير من الأمراض غير المتوقعة أو أن تتحول الخلية الحية إذا لم تمت إلى خلايا سرطانية تنتشر في جسم الإنسان
قال باحثون فرنسيون إن احتمالات الإصابة بسرطان الثدي تزيد كلما تعرض الصدر لأشعة إكس من التلفزيون والماموجرام ، وبخاصة لدى السيدات اللاتي يمتلكن جينات لديها القابلية لذلك.
استند بحثهم هذا إلى تحليل أجري لـ1600 سيدة يحملن جين BRCA1 و BRCA2 وقال رئيس فريق الباحثين الدكتور دافيد جولدجار ان السيدات التي تعرضن لأشعة إكس، ولو بمقدار قليل، هن معرضات للإصابة بسرطان الثدي بنسبة
54% أكثر من السيدات اللاتي لم تتعرض صدورهن لهذا النوع من الأشعة
و وجدت الدراسة التي أجراها باحثون في الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في فرنسا أن التعرض لأشعة إكس قبل سن العشرين قد يكون سبباً في تزايد مخاطر الإصابة بسرطان الثدي لاحقاً.(27/حزيران/2006)
3-UVالأشعة فوق البنفسجية:
تأتي في الترتيب بعد الأشعة السينية و قبل الضوء المرئي في الطيف الكهرومغناطيسي تتواجد بنسبة كبيرة في الأشعة الكونية و لكن معظمها لا يصل إلى سطح الأرض بفضل الغلاف الجوي . اكتشفت الأشعة فوق البنفسجية في
العام 1801 من قبل العالم Johanna. Ritter
بواسطة تجربة عملية قام فيها باستخدام منشور لتحليل ضوء الشمس إلى ألوانه الأساسية وتعريض كل لون على عينة من الكلوريد ولاحظ أن الضوء الأحمر يحدث تأثير طفيف للكلوريد ولكن الضوء ذو اللون البنفسجي سبب في
اسمرار لون الكلوريد.
وبمجرد تعريض الكلوريد إلى المنطقة بعد اللون البنفسجي احترقت عينة الكلوريد تماماً، وهذا إثبات على وجود طيف كهرومغناطيسي غير مرئي بعد اللون البنفسجي أطلق عليه بالأشعة فوق البنفسجية.
تشع شمسنا كافة الأطياف الكهرومغناطيسية ولكن الإشعاع الذي يسبب اسمرار الجلد عند التعرض لأشعة الشمس هو الأشعة فوق البنفسجية حيث أن جزء غير بسيط من هذه الأشعة