يزداد الاهتمام ببناء الأجسام بصورة "طبيعية"، أي بناء عضلات مفتولة متكاملة دون استخدام العقاقير الخطرة أو المواد المحظورة. ويستمد الناس إلهامهم من الرياضيين المشاهير
ونجوم السينما ذوي الأجساد المتناسقة، ويتدفقون على صالات الألعاب الرياضية بحثا عن طرق لتنمية عضلات الذراع وعضلات البطن.
وكثيرا ما يندفع المبتدئون ويرتكبون أخطاء تؤدي إلى نتائج مخيبة للآمال وإلى عواقب صحية طويلة الأمد، كما يقول ديفيد غروغان رياضي بناء الأجسام في واشنطن العاصمة والحائز على عدة جوائز في مسابقات الهواة
لرياضة كمال الأجسام.
كما أن توقّعات الفرد العادي بشأن ما يستطيع إنجازه في صالة الألعاب الرياضية هي في الغالب توقّعات غير واقعية إلى حد بعيد. "فالناس لديهم تطلّعات بأن يصبحوا مثل بناة الأجسام المحترفين الذين يرون صورهم في
المجلات"، كما يقول غروغان الذي يبلغ من العمر 39 عاما الآن.
"إنه لأمر مضلّل تماما أن يرى صغار السن صور هؤلاء المحترفين في المجلات. فما يراه المرء في المجلة هو صورة لشخص تدرّب واتبع حمية غذائية لفترة 12 أسبوعاً. وهو شخص يتم تجميل صورته بإضفاء ألوان وظلال
عليها، وكثيرا ما يعاني جسمه من الجفاف. ويبدو صاحب الصورة هكذا لمدة يوم أو يومين فحسب إذ ما من وسيلة تسمح له بأن يكون على مثل هذه الصورة في كل يوم".
الحجم لا يعني الأفضل
ويسلك بعض بناة الأجسام طريقا محفوفا بالمخاطر حين يتناولون مواد كيماوية للحصول على نتائج باهرة. وتعاني رياضة بناء الأجسام-- على صعيد المحترفين ولكن حتى بين الهواة-- من انتشار المنشطات وهرمونات النمو
والمواد التي تساعد على حرق الدهون وغيرها من العقاقير والمواد الشبيهة بالعقاقير.
يقول نيل غروسمان وهو طبيب أسنان في مدينة بالتيمور في الـ57 من عمره: "يريد الجميع أن تكون لديهم أجسام أكبر حجما، حتى بناة الأجسام المخضرمين يسعون إلى ذلك باستمرار".
ويستمد الكثير من الناس تصوراتهم عن رياضة بناء الأجسام من صور المصارعين المحترفين أو من صور أفراد وصلوا مرحلة متقدمة من بناء الأجسام، مثل أرنولد شوارزنيغر الذي يعد أشهر مشاهير هذه الرياضة. وقد اعترف
شوارزنيغر بتعاطيه المنشطات أثناء ممارسته رياضة بناء الأجسام، وفي وقت كانت فيه هذه المنشطات قانونية.
وينتشر تعاطي المنشطات البنائية في بعض أوساط رياضة بناء الأجسام. يقول غروغان: "حين تذهب إلى تلك العروض الضخمة التي يشارك فيها متنافسون من كل أنحاء العالم، فإنك ترى وحوش المنشطات. هؤلاء يعيشون من أجل
اليوم الذي يستعرضون فيه عضلاتهم التي تكاد تنفجر أمام المشاهدين".
ويقول خبراء اللياقة البدنية إن آثار المنشطات البنائية وغيرها من المواد الكيماوية هي آثار وهمية، وإن المخاطر التي تمثلها على الصحة تفوق بكثير أية منافع قد تنجم عنها. وغالبا ما يؤدي تعاطي المنشطات
البنائية إلى السير على طريق الإدمان الدائم للعقاقير. يقول غروغان: "الأمر المؤسف حقا في ما يتعلق ببناة الأجسام المحترفين الذين يتعاطون العقاقير هو أن هؤلاء مدمنو عقاقير. إنهم أناس عجزة وعديمو
الفائدة".
الطرق الطبيعية أفضل
تقوم رياضة بناء الأجسام بطريقة طبيعية على تجنب تعاطي العقاقير والمواد المحظورة، وتعتمد على التدريب المتواصل والتغذية الجيدة لتحقيق الهدف المنشود. يقول غروغان: "إن الناس الذين يبنون أجسامهم بطريقة
طبيعية يفتخرون بما يحقّقون من إنجازات".
يقول غروسمان: "يسيء الناس الفهم في ما يتعلق بمن يدخلون مجال رياضة بناء الأجسام. إن عدد الحاصلين على شهادات عليا الذين يمارسون هذه الرياضة هائل ولا يُصدّق".
ويتطلب بناء الأجسام بصورة طبيعية ثلاثة أمور: تمرينات الضغط وتمرينات القلب والأوعية ونظام غذائي متكامل.
يقول غروسمان: "يتطلب نجاح المرء أن يكون في حالة لياقة عالية وأن يكون جسمه متناسقا ومتفهما لطبيعة التمرينات الرياضية وبرنامج التغذية".
وتؤدي تمرينات الضغط إلى تنمية مجموعة العضلات وذلك من خلال رفع الأوزان سواء بالطرق التقليدية أو من خلال الأجهزة الخاصة بذلك. وتتضمن التمرينات المركبة تنمية أكثر من مفصل واحد وأكثر من مجموعة عضلية
واحدة وهي مهمة لبناء قوة الجسم وتحسين لياقته الكلية. وتُعد تمرينات القرفصاء والبينش من التمرينات المركبة. وهناك تمرينات لتنمية عضلة بعينها وتقتصر على مفصل واحد كما هي الحال بالنسبة لعضلة
الذراع.
ولا يكفي رفع الأثقال لتضخيم العضلات بحيث تصبح مثل عضلات بناة الأجسام إذا لم يتم التخلّص من دهون الجسم. ومن المعروف أن دهون الجسم توسّد وتبطّن الجهاز العضلي وتعطي الجسم انحناءات ناعمة أو رخوة. وحينما
يتم خفض دهون الجسم إلى حدها الأدنى، تصبح حزم العضلات ظاهرة بشكل حاد.
وتمثل الدهون ما بين 20 - 25% من جسم الإنسان العادي، وتزداد نسبة الدهون بازدياد السمنة. وفي حين أن رياضياً عالي اللياقة قد تكون لديه دهون بنسبة 10%، فإن هذه النسبة تنخفض إلى 5% بالنسبة لمحترفي رياضة
بناء الأجسام.
يقول غروغان الذي يتراوح وزنه بين 110 -115 كيلوغرام عند التمرين لكنه يتراجع إلى 95 كيلوغرام حينما يبدأ في الاستعداد للدخول في المنافسات: "حجم الجسم مجرد وهم بالنسبة لمن يقومون ببناء أجسامهم بطريقة
طبيعية. فإذا ما نظر إلى شخص ما ورأى أنني أزن 90 كيلوغراماً وأنا أرتدي ملابسي، فإنه قد يعتقد أنني أعاني من مشكلة ما، ذلك أنني قد تخلّصت من دهون الجسم. ولكن الأمر يبدو مختلفا حين تقوم بمشاهدة بناة
الأجسام وهم يستعرضون عضلاتهم، فاستعراض العضلات يجعلك تظهر كبير الحجم".
مرحلة اللياقة
كلما كانت نسبة الدهون في جسم الإنسان أقل أصبح بوسعه أن يستعرض المزيد من العضلات. ويتم حرق الدهون عن طريق تمرينات القلب والأوعية أو عن طريق تمرينات تعزيز القدرة التنفسية -عادة ما يتم هذا بالتمرين على
آلات الجري أو الأجهزة الإهليليجية- ومن خلال اتباع نظام غذائي دقيق.
ويمكن للمرء أن يصل إلى أعلى حالات اللياقة بقضاء فترة ساعة أو أقل في صالة التمرينات الرياضية ثلاث أو أربع مرات في الأسبوع. يقول غروغان: "لا ينبغي أن تقضي أكثر من 45 دقيقة في رفع الأثقال، فجسمك لن
يتحمل أكثر من ذلك".
وهناك خطأ شائع بين المتدرّبين الجدد على بناء الأجسام وهو "الإفراط في التمرين" ورفع أثقال أكثر مما يجب على أمل دفع العضلات إلى حدها الأقصى من خلال إحداث "تمزقات صغيرة" في الأنسجة. بيد أنه من الأهمية
بمكان إعطاء العضلات الوقت الكافي للراحة والتعافي من الإجهاد.
وتستغرق هذه العملية ما بين 48 أسبوع إلى أسبوع. ويقوم بناة الأجسام بالتغلب على هذه المشكلة بالتركيز على تمرينات الضغط لمجموعة واحدة من العضلات في يوم ما، ثم ينتقلون إلى مجموعة أخرى في اليوم التالي،
وهكذا.
الاهتمام بالتغذية
يكمن السر في بناء الأجسام في القدرة على تطوير إجمالي الكتلة العضلية للجسم من خلال تمرينات الضغط والتخلص من الدهون دون فقدان العضلات.
يقول غروغان: "إذا لم تتبع نظاما غذائيا متوازنا أثناء التمرين، فإنك ستخسر العضلات أثناء عملية التخلص من الدهون". فنظام الغذاء المتوازن يعطي الجسم المواد اللازمة لبناء العضلات. ويضيف غروغان: "العادات
الغذائية ستؤثر في مدى التقدّم الذي تحرزه. التمرينات الجادّة في صالة الألعاب الرياضية أمر رائع، لكن إن لم تستمر في تزويد جسمك بالطاقة التي يحتاجها فإن هذه التمرينات مضيعة للوقت".
ويميل بناة الأجسام مثل غروغان إلى رفض الأنظمة الغذائية القليلة السعرات الحرارية وغيرها من بدع التغذية الأخرى. يقول غروغان: "هذه البدع لا معنى لها. فكل مجموعة غذائية لها غرض معيّن، وجسم الإنسان يحتاج
إلى الكربوهيدرات".
ويقول غروسمان إنه يتعيّن على بناة الأجسام أن يحسبوا احتياجاتهم اليومية للطاقة بناء على مستوى النشاط الذي يبذلونه وأن يقوموا بتنظيم نظامهم الغذائي وفقا لذلك. ويضيف غروسمان: "إنني أنظر إلى الأمر وكأنه
معادلة رياضية".
ورغم أن الكثيرين ممن يمارسون رياضة بناء الأجسام قد لا يصلون أبدا إلى المستوى التنافسي، إلا أن هذه الرياضة وسيلة جيدة للشعور بالصحة والظهور بمظهر جسدي لائق.
مسابقات كمال الأجسام
ليس هناك من معيار موضوعي لتقييم مظهر جسم الإنسان. فالجسم المثالي يعتمد على نظرة المشاهد.
ولذا، فإن التحكيم في مسابقات بناء الأجسام يعتمد بصورة خالصة على أذواق وتقييمات الأفراد.
يقول بوب غروسكين رئيس الجمعية القومية لبناة الأجسام الهواة: "ليست هناك معايير ثابتة صارمة. وما من وسيلة لتقييم الجسم بشكل قاطع".
لكن المحكمين، عموما، يسترشدون بثلاثة معايير توجيهية لتقييم بنية الجسم:
البنية العضلية: يقوم المحكّمون بالنظر إلى حجم وشكل ومتانة ووضوح النسق العضلي. وفي المسابقات التنافسية، تُولى أهمية خاصة للعضلات التي تُظهر خطوطا فاصلة واضحة بين المجموعات العضلية الملاصقة لبعضها
البعض.
التناسق: ينظر المحكّمون إلى انسجام بنية الجسم في علاقتها بأجزاء الجسد، ويقيّمون التناسق بين الجزأين العلوي والسفلي، وبين جانبي الجسم الأيمن والأيسر. وفي هذا الصدد، فإن الشكل الكلي وتناسب الأعضاء
وتوازنها فضلا عن المظهر الجمالي للجسم عموما هي جميعها نقاط تُؤخذ بعين الاعتبار.
طريقة العرض: مهارة المتسابق في عرض ما يتمتع به من مزايا جسدية من خلال اتخاذ أوضاع معينة وكيفية عرض الصدر والمشي أ