وصلت أسعار الذهب مستوى قياسياً عندما بلغ سعر الأوقية (الأونصة) 1000 دولار, وهذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها سعر الاوقية هذا السعر, ويتوقع المحللون الماليون ان تواصل
أسعار الذهب ارتفاعها وقد تصل الى حدود 1500 وحتى 2000 دولار في المستقبل
يذكر ان اسعار الذهب قد تدنت في نهاية عقد الثمانينات وأوائل عقد التسعينات, ووصل سعر أوقية الذهب الى حدود 270 دولارا وجاء الانخفاض آنذاك بسبب اختفاء نظام الحرب الباردة, وسقوط الاتحاد السوفيتي حيث قامت
الدول التي كانت جزءا منه ببيع كميات كبيرة من الذهب الذي كان مكدسا كاحتياط في مصارفها المركزية, اضافة الى ان صناعة الذهب في مناطق عديدة من العالم قد توسعت في تلك الفترة وتم اكتشاف مناجم جديدة, فأصبح
العرض أقوى من الطلب ولذلك تراجعت الأسعار.
لكن منذ نهاية عقد التسعينات بدأت أسعار الذهب مسيرة معاكسة, أي بدأت بالارتفاع وواصلت ارتفاعها سنة بعد أخرى حتى بلغت نسبة الارتفاع في العام 2007 حوالي 32% وسجلت في الاشهر الثلاثة الاولى من هذا العام
ارتفاعا بلغ نسبة 20% ويرجع المحللون أسباب هذا الارتفاع الى مجموعة من العوامل التي تجمعت دفعة واحدة لترفع السعر الى هذا المستوى, وترشح أسعار الذهب الى مزيد من الارتفاع ومن ابرز هذه العوامل:
أولاً: الانخفاض الحاد في سعر الدولار, فارتفاع أسعار الذهب بنسب عالية كان إزاء الدولار وليس إزاء عملات أخرى, وإذا تمت مقارنة أسعار الذهب بأسعار الدولار الآن, مع أسعار النصف الأول من عقد الثمانينات
فيمكن القول إن اسعار الذهب حتى عندما وصلت الى1000 دولار للأوقية لم تبلغ المستوى الذي بلغته في مطلع عقد الثمانينات حتى وصل سعر الأوقية الى 800دولار, ولذلك فإن ارتفاع أسعار الذهب من الناحية الفعلية هو
ارتفاع إزاء الدولار وليس إزاء العملات الدولية الأخرى, وهو ارتفاع اسمي وليس حقيقي من هذه الناحية.
ثانياً : الطلب على الذهب زاد منذ ان تدهورت أسعار الدولار, فالمعدن الأصفر كان دائماً الملاذ الآمن كمستودع للقيمة عندما تشهد العملات الدولية الأكثر انتشاراً تراجعاً, او اضطراباً في اسعارها, وهذا يعني
ان كثيراً من المدخرين تحولوا من الدولار, بعد تراجع أسعاره, ا لى الذهب للحفاظ على مدخراتهم واستثماراتهم, وحفز هذا الطلب على المعدن الاصفر, وهنا ينطبق على أسعار الذهب قانون العرض والطلب ذاته الذي يحكم
العلاقة بين جميع السلع .
ثالثاً: للعام الثالث على التوالي يحقق الاقتصاد العالمي نمواً مرتفعاً نسبياً, وخصوصاً في الدول النامية, وازدهار الاقتصاد يؤدي الى تقوية الطلب في جميع المجالات, وعلى جميع السلع, بما في ذلك الذهب, ذلك
ان كثيراً من سكان العالم ينفقون جزءاً من دخولهم على الذهب للاستخدامات المعروفة.
رابعاً: شهدت البورصات العالمية في الأشهر الأخيرة اضطراباً شديداً, وحالة اللايقين السائدة في سوق الأسهم, دفعت بكثير من المستثمرين الى شراء الذهب بدلاً من أسهم الشركات والعملة الاميركية, خاصة ان
الاقتصاد الأميركي يمر بمرحلة تباطؤ, وقد تتحول الى ركود, وفي مثل هذه الحالة تهرب الاستثمارات نحو السلع الأكثر استقراراً وأسعار الذهب مستقرة, بل ان التجارة في الذهب تحقق الكثير من الأرباح.
خامساً: بعد انهيار قطاع العقارات الذي استقطب في مرحلة من المراحل الكثير من الاستثمارات, حاز الذهب على المكانة ذاتها التي كانت لقطاع العقارت لعقود طويلة بوصفه مجالاً للتوظيف الاستثماري, خاصةً ان
التوظيف في الذهب الذي يواصل ارتفاعه باضطراد منذ سنوات يحفز المستثمرون على شراء الذهب لتحقيق الارباح, بدلاً من الارباح التي كان يحققها الاستثمار في قطاع العقارات.