علاقة الفلسفة بالعلم
ولكن العلوم والنظريات العلمية مع كونها منفصلة منذ قرون عن الفلسفة إلا أنها تعد -كما ذكرنا- أهم عامل وموجّه لجميع المدارس الفلسفية، بل سبباً في نشوء مدارس فلسفية عديدة؛ فمثلاً نرى أن القوانين التي
اكتشفها "نيوتن" أثّرت في جميع فلاسفة عهده وفيمن جاء من بعدهم بقرون، حيث أصبحت صورة العالم بعد اكتشاف هذه القوانين كأنها آلة ضخمة في كون ساكن ولانهائي بثلاثة أبعاد تسير حسب قوانين محددة ومعلومة،
وتَرسَّخ مبدأ "السبب – النتيجة" ترسخاً كاملاً، حتى قال بعضهم: "أعطني جميع المعلومات وأنا أسجل لك سير الكون حتى نهاية عمره".
وبعد اكتشاف "النظرية النسبية" من قِبل "أنشتاين"، و"النظرية الكمية" من قبل "ماكس بلانك" و "هايزنبرغ" وغيرهما من العلماء، اضمحلت تلك المدارس الفلسفية وظهرت مدارس فلسفية أخرى حسب المنظور الجديد لكون ذي
أبعاد أربعة (بُعده الرابع هو الزمان)، وتزلزل المبدأ السابق في "الحتمية" واختلفت النظرة إلى العالم في مقياسه الصغير (أي الذرة) وفي مقياسه الكبير أيضاً (أي الكون)؛ أي إن العلم أصبح يقود الفلسفة
ويوجهها.
ومن هنا تأتي الأهمية الفائقة للنظريات وللقوانين العلمية من الناحية الفكرية والفلسفية إضافة إلى أهميتها في التقدم التكنولوجي الذي يساهم في زيادة رفاهية الإنسان وتقدمه في مضمار المدنية.