مَن الذي كتبَ القرآن؟
يعتبر المسلمون أن القرآن كلام الله .. بينما يراه بعض المتشككين كلام محمد .. وأنا من ضمن أولئك الذين يرون أن كلا الجانبين على خطأ !
إن ما ورد في القرآن من أساطير ، واقترابه الشديد من المسيحية الابيونية ، خصوصاً في المرحلة المكية وبعض المدنية، تشير إلى أن جزء كبير من القرآن ليس من بنات أفكار محمد ، فمعظم ما كُتب فيه كان نقلاً عن
كتابات دينية أقدم .. أو بالأصح ترجمةً عنها !
فمن الذي كتب القرآن؟
لقد كانت بيئة محمد أمية وجاهلة في معظمها ، وافضل المحيطين به علماً كانوا أولئك الذين يحسنون كتابة وقراءة لغة أخرى ، ومستوى ثقافة القوم كانت أكثرها شفاهية ، فكل أشعارهم وخطبهم واتفاقياتهم كانت تدون
بلغة غير عربية ، أما دينهم الوثني الصرف فكانت كافة أحكامه بسيطة ومحفوظة في الأذهان حيث كانت شعائره في العادة منسوبة لأحداث قام بها عرب من ذات البيئة وتداولوها على مرّ الأجيال دون أن تحظى بالتدوين
الراقي الذي تتمتع به الأديان الأخرى ،أما الذي في أيدي الحاخامات والقساوسة الذين كانوا يسكنون المنطقة فمعظمه كتابات غير عربية تفتقر إلى المحلية التي تُحمّس العصبية القبلية ، لذا كانوا يرون أنها ديانات
مغايرة أتى بها أنبياء بعيدين عن محيطهم ومرسلين لأقوام غابرين غيرهم ، ولا تتناسب أحكامها مع مفاهيمهم البدوية لأن كتبها السماوية كُتبت بلغة غريبة عن ألسنتهم فبدت لهم دوماً أجنبية ووافدة حتى لو كانت في
جزء كبير منها تبشرالجميع وموجهة للكافة ، وذلك رغم انتشارها التاريخي بينهم ودخول أعراب كثيرون في عباءة النصرانية واليهودية.
يقول إبراهيم القبطي : (ومن الناحية الأخرى تخبرنا كتب التراث أيضا أن بيئة محمد كانت تحوي قلة ممن يعرفون الكتابة ، فكانوا نواة المشروع المحمدي ، فبعض الصحابة كانوا يتقنون الكتابة ، بل و بالأبجدية
السريانية أيضا ومنهم عليّ بن أبي طالب ، وعُمرُ بن الخطّاب، وطَلحة بن عبيد اللّه، وعثمان بن عفان ، وأبو عُبيدة بن الجَرّاح و زيْد بن ثابت، ومُعاوية بن أبي سُفيان، وحَنْظلة بن الربيع الأسديّ، وعبدُ
اللّه بن سعد بن أبي سرح وغيرهم ، وفي المدينة كان بعض من الأوس والخزرج واليهود بالطبع يكتبون العربية و العبرية ، و أن أجمعت الكتب على أن عدد من أتقن كتابة العربية كان محدودا ، ولم تحدد في الكثير من
الأحيان أبجدية الكتابة )
إذاً لم يكن ينقص العرب إلا كتاباً سماوياً بلغتهم وأبجديتهم يرون فيه محليتهم ويقوّي فيهم عصبيتهم العربية ليتكتلوا حوله كأمة ناشئة فتية تبحث عمن ينقذها من صراعاتها المحلية وينقلها إلى السياسة الدولية
التي كان يحكمها من جهتيها الفرس والروم.
وإذ يراقب محمد القادر على القراءة والكتابة ذلك منتبهاً إلى حاجة العرب إلى (كتاب) حتى يصبحوا أمة أهل (كتاب) كالأمم المجاورة..وجد في منزله كنزاً!
كل ما تعلمه محمد خلال رحلاته إلى الشام وهو يتاجر بأموال زوجته خديجة الأرملة الثرية ولقاءاته بالرهبان الكثيرة لا يقارن بما حصل عليه عند خديجة من كتابات دينية مترجمة إلى العربية.
إنها تركة ورقة بن نوفل.
كان ورقة هو قس مكة ، قريشي يلتقي مع محمد بالجد الرابع ، ينتمي لفرقة منشقة عن المسيحية تسمى الشيعة الابيونية وإن اختلفت المصادر في تحديد مذهبه لكنها أجمعت تقريباً على أنه قس نصراني.
المفاجآت تبدأ من أن ورقة وحسب بعض المصادر الإسلامية نفسها كان قديماً من الأحناف ..ولا تتوقف إلى هنا!
أثر ورقة بن نوفل في حياة محمد لم يكن عابراً ، ويكفي أن نعرف في هذا الصدد أنه شخصياً من زوّج محمد إلى خديجة وقام في الناس خطيباً وأبرم العقد وشهد عليه بنفسه وهو القس ! ، وكأني بمحمد في شبابه كان
أبيونياً إذ أنه تزوج أولى زيجاته على يد قس وفي القوم أقرباء له أولى بتزويجه من ورقة! ، فلماذا؟ ، والأدهى أن محمد بقى بها متزوجاً حتى وفاتها على عكس الشائع بين بني قومه وعلى عكس ما سيفعل لاحقاً..فلا
طلاق ولا زواج بثانية ولا بجارية حتى ..كأي نصراني ملتزم!.
إذاً لم يكن عم محمد (أبوطالب) مخطئاً أو عابثاً عندما قال أن (لمحمد بعد هذا الزواج لشأن عظيم) ، وأنى للعم أن يعلم المستقبل؟!
يبدو حقاً أنه شأن عظيم هذا الذي جعله يرتضي لابن اخيه الزواج من أرملة لرجلين سابقين وتكبره بعشرات السنين ، لتنمو علاقة بين محمد وورقة أخذت تتوطد إلى درجة مريبة في ظل التوراة والإنجيل اللذين كان
يترجمهما ورقة من العبرية إلى لسان عربي مبين!
امتدح محمد ورقة بعد وفاته حتى أنه أبصره في الجنة بثياب من سندس رغم موته على نصرانيته ! مما أوقع فقهاء الإسلام ودهاقنته في ارتباك ليفسروا ذلك حيث أن ورقة هو أول من قال بنبوة محمد !ومع ذلك لم يؤمن به
ولم يتبعه حتى مماته ، والواقع ان ورقة قد عاش أكثر من مئة عام أهدر معظمها في ترجمة الصحف الأولى وفقاً لعقيدته الأبيونية ، وتركها وراءه معربة وجاهزة ليستولي عليها محمد مدعياً إنها جاءته من السماء في
ذات الغار الذي كان يتعبد فيه ورقة قديماً!.
العقيدة الأبييونية : يمكن تلخيصها بأنها طائفة منشقة عن المسيحية التقليدية ، تنكرإلوهية المسيح وبنوّته إنكارا تاماً وترفض قيامته وصلبه ، ليس هذا فحسب بل إن من فرائض الأبيونية الاغتسال الدائم بالماء
والإحسان للفقراء والمساكين وعابري السبيل وغير ذلك من أعمال البر ....والأهم أنهم كانوا يصيمون شهراً واحداً سنوياً !
وللأمانة فإن للمسلمين ردوداً مطولة على هذا الطرح ، هاهنــــــــا مثال ، لكنها مع الأسف لا تعدو الإنكار الفاضح لنصوص ثابتة في أمهات الكتب التي يتبعها المذهب السني الإسلامي والالتفاق عليها ، فضلاً عن
اعتبار القائلين بدور لورقة في الدين الإسلامي يقولون أنه كتب القرآن بأكمله وهذا غير دقيق فأقصى ما نراه في هذا الصدد يقتصر على أن ترجمات ورقة ودراساته للأديان شكلت مرجعاً أساسياً لمحمد في تشكيل أساسيات
الدين الإسلامي ، ومنطقياً لا يمكن لمحمد الشاب وهو مشروع نبي حتى لو كان صادقاً ألا يهتم بما لدى شخص مثل ورقة ، مما يبقي على التساؤلات قائمة.
إن القول بأن ورقة هو كاتب القرآن طرح مسيحي متطرف فيه تسرع لا أجيزه بالكلية فضلاً عما طاله من انتقادات حتى من بعض الملحدين واللادينيين ، لكنه أيضاً لا يخلو من صحة مثيرة لا يمكنني تجاهلها ، وذلك مع
تسليمي أن هناك أيدي أخرى شاركت في كتابة القرآن فضلاً عن تأليف محمد نفسه وهو الرجل البليغ ، بالإضافة إلى ما طال القرآن من تعديلات بالحذف والإضافة في العهود التالية ، لكن إجمالاً..أرى أن لترجمات ورقة
يد مهمة في صياغة قصص القرآن وبعض أحكامه ، فلا يعقل أن يكون كل ما ورد أعلاه من علامات تعجب مجرد صدف ، وما تركه ورقة من أعمال الترجمة التي امتدت سنين طويلة لا يمكن أن يتجاهله محمد في دعواه الجديدة ،
سيما أن كافة المصادر الإسلامية قد أجمعت على أن الوحي قد فتر عن محمد بعد وفاة ورقة مباشرة ثم تتالى حامياً وسريعاً!، حيث تطلب الأمر من محمد وقتاً حتى يتدارك مصيبة موت ورقة وضرورة اعتماده على نفسه
تماماً في تلفيق الوحي مكتفياً بتركة نوفل المترجمة عن العبرية ، وهنا يكمن التشابه الكبير بين الأساطير الواردة في التوراة والإنجيل وشروحهما وتلك الواردة في القرآن ، ويبدو أن ورقة كان يترجم بالمعنى لا
بالحرفية متبعاً أسلوب السجع الذي كان يمتهنه الكثير من أشباه الأنبياء السابقين والكهان آنذاك ، حتى انتهى الأمر بمحمد إلى إتقان الفكرة بل والزيادة عليها بإطار من سمات الأعراب ، فحصل على ما يكفي من
أتباع يفوقون مكانةً الفقراء والمعوزين الذين ألتفوا حوله في البداية اتساقاً مع مباديء المسيحية الأبيونية.
لقد قام بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى كعبتهم المحببة بعد وفاة ورقة الذي كان يكره الوثنية ، في خطوة بارعة وذكية وذات دلالات لا يمكن لقوم يجلّون "البيت" تجاهلها ، ثم استولى على مكة عاصمة تجارتهم
الكبرى ، فاتبعوه تدفعهم العصبية والسياسة ورغبتهم في السيادة ، وبالتالي تمكن بمساعدتهم من ابتداع دينه الخاص بما يتناسب مع رغباتهم في تكديس الزوجات وملكات اليمين كيفما يشتهون والغزو وسفك الدماء باسم
الله هذه المرة بدلاً من اسم القبيلة واعداً إياهم بجنة ذات حور وذكر لا ينثني.
محمد بمعاونة ورقة بن نوفل أهدى العرب كتاباً بلغتهم منسوباً لله مباشرةً ولأول مرة في تاريخهم ..
وبدأ ت بذلك مأساة لازالت فصولها مستمرة...
سلامي .......... للعقلاء