وهذه المسألة معروفة . والأصل أن المرض عضوي , ثم ( إن ظهر بأنه ليس عضويا ) هو نفسي , ثم ( إن بدا بأن السبب ليس نفسيا ) , يمكن العرض على الراقي الشرعي .
أؤكد على هذا الترتيب إلا إذا اجتمعت ملابسات وقرائن أحوال ودلالات كثيرة جدا تدل من الوهلة الأولى على أن سبب الآلام نفسية أو على أن سبب الآلام مرجعها إلى سحر أو عين أو جن .
وتعدد أسباب آلام الرأس مذكور حتى عند القدامى من علمائنا مع تأخر علم الطب عندهم آنذاك .
قال ابن القيم رحمه الله مثلا من زمان " والصداع ألم في بعض أجزاء الرأس أو كله . وأنواعه كثيرة وأسبابه مختلفة ".
وذكر منها أسبابا عضوية ونفسية . فمن بين الأسباب العضوية ، قال : " يكون من قروح تكون في المعدة ، فيألم الرأس لذلك الورم لاتصال العصب المنحدر من الرأس بالمعدة , ويكون من ورم في عروق المعدة فيألم الرأس
بألم المعدة للاتصال الذي بينهما . ويعرض عن شدة الحر وسخونة الهواء , ويعرض عن شدة البرد , ويحدث من السهر وعدم النوم , ويحدث عن ورم في صفاق الدماغ ويجد صاحبه كأنه يضرب بالمطارق على رأسه ". ومن بين
الأسباب النفسانية ، قال " منه ما يحدث من الأعراض النفسانية ، كالهموم ، والغموم ، والأحزان ، والوساوس ، والأفكار الرديئة ".