أيها الأخوة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : حديثي إليكم اليوم عن فضل تفطير الصائمين وأجره وثوابه عند الله ، كما لا يخفى على الجميع منزلة الصوم ومكانة الصائمين عند الله عز
وجل ، ولذا كان الجزاء على تفطيرهم عظيماً يتناسب مع منزلة الصوم ومكانة الصائمين ، ولنقتطف بعض الأحاديث النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام التي تتحدث عن أجر وجزاء تفطير الصائمين
:
1- عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه عن النبي r قال : " من فطر صائماً أو جهز غازياً فله مثل أجره " رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجة وقال الترمذي حسن صحيح ، وخرجه الطبراني من حديث عائشة وزاد : "
وما عمل الصائم من أعمال البر إلا كان لصاحب الطعام ما دام قوة الطعام فيه " .
2- عن سلمان الفارسي رضي الله عنه عن النبي r قال : " من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شئ " ، قلنا : يا رسول الله ، ليس كلنا يجد ما يفطر
الصائم . فقال رسول الله r : " يعطى الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو مذقة لبن أو شربه ماء ، ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة " رواه ابن خزيمة والبيهقي
وغيرهما .
فيظهر لنا أيها الأخوة من خلال ما سبق من الأحاديث ثواب تفطير الصائمين وهو :
1. غفران الذنوب .
2. عتق الرقاب من النار .
3. له مثل أجر الصائم .
4. له أجر عمل الصائم ما دام قوة الطعام فيه ، قال ابن رجب : ( ومنها إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم ، فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم كما أن من جهز غازياً فقد غزا أو من خلفه في أهله فقد غزا
) أ.هـ كلامه يرحمه الله .
5. من سقى فيه صائماً سقاه الله من حوض المصطفى شربة لا يظمأ بعدها أبداً .
فالله الله أيها الأخوة الأعزاء لنبادر إلى تفطير الصائمين وتهيئة وإعداد ما نستطيع من اجل تفطيرهم وما أجمل تلك المشاهد الجميلة التي يراها الإنسان في رمضان في أروقة المسجد الحرام والمسجد النبوي
وساحاتهما من موائد مجهزة يعدها أهل الخير والبر والإحسان في هذا البلد لإخوانهم المسلمين الذين يأتون معتمرين ذاكرين راكعين ساجدين قائمين وتالين لكتاب الله ، مشهد رائع يأخذ بالألباب ويسحر العقول ويبهر
النفوس وهكذا يتكرر هذا المشهد في كل مسجد من مساجد العالم ، مشهد التعاطف والأخوة والمحبة والرحمة والمودة بين أبناء العالم الاسلامي .
أخوتي إن هذا الأجر العظيم يستطيع أن يناله كل واحد منا ، فهو لا يتطلب مبلغاً كبيراً من المال ولا أنواعاً فاخرة من أنواع الطعام وأصناف المأكولات ، وإنما كما قال رسول الله r : " يعطي الله الثواب من فطر
صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن " ، فلله الحمد أولاً وآخراً ، يقبل القليل ويعطي الكثير ، فلا تحقرن أخي المؤمن من المعروف شيئاً ، ولذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يحرصون على تفطير
الصائمين وما زالت هذه ولله الحمد سنة قائمة وعادة متعارفة ينشأ عليها الناس جيلاً بعد جيل ، فقد كان كثير من السلف يواسون من إفطارهم أو يؤثرون به ويطوون ، ومما أثر في ذلك :
1.كان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين ، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة وكان إذا جاء سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل فيرجع وقد أكل أهله ما بقى في الجفنة فيصبح
صائماً ولم يأكل شيئاً .
2. وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً ويجلس يروحهم وهم يأكلون .
3. كان حماد بن أبي سليمان يفطر كل ليلة في شهر رمضان خمسين إنساناً فإذا كان ليلة الفطر كساهم ثوباً ثوباً .
4. وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع اليه رغيفين كان يعدهما لفطره ثم طوى وأصبح صائماً .
5. وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو صائم .