ضرورة التمييز بين المريض النفسي والمجنون
حبوب السعادة تقضي على القلق وتمنح الجسم السكون والراحة
يتناول علم النفس الأمراض النفسية والعقلية تحت شكل تقسيمات وتصنيفات متعددة: فهي إما أن تكون نفسية ـ عصبية، وإما أن تكون عقلية.
الانحرافات النفسية أمراض وظيفية، تكون بدون تلف في تركيب المخ، كما أنها لاتنتج عن اختلال عضوي ولا تستند الى أساس تشريحي معروف. تلك هي، على سبيل المثال، الأفكار السوداء، القلق، الكآبة، وهن الأعصاب
)أستينيا(، نهك العزيمة، الحصار النفسي، المخاوف المرضية، الهستيريا، البارانويا... إلخ.
السلوك الاجتماعي الطبيعي للمريض النفسي:
المصاب بالمرض النفسي )أو النفسي ـ العصبي( شخص قل أن يتميز سلوكه الاجتماعي وشخصيته بالشذوذ إلا أن سلوكه هذا الذي يبدو طبيعيا هو مختلف في الحقيقة عن الميول الداخلية أو الاتجاهات النفسية الخفية عن أعين
الناس. والواقع أن المريض النفسي يقاد من قبل قوى غامضة ومتسلطة لا سلطان له عليها: تلك هي الحالة في العقدة النفسية مثلا، أو في حالة الخوف المرضي اللاطبيعي من الكلاب أو الظلام أو من الماء أو من النار أو
من الأماكن الفسيحة أو الأماكن الضيقة أو العالية.
المريض النفسي وعدم التلاؤم مع البيئة:
إن أشد مايتميز به المريض النفسي هو عدم تلاؤمه مع بيئته. إنه يعجز عن أن يتلاءم مع حقله الاجتماعي أي مع واقعه ومحيطه وعمله وماشابه.. هذا الصراع الانفعالي بينه وبين واقعه هو سبب المرض النفسي، وهنا تبرز
متاعب المريض وآلامه وعدم تلاؤمه وصراعاته مع مجتمعه..
ونتيجة ذلك نرى المريض يفتش عن حل للتلاؤم والتكيف، فنجد ذلك في محاولات توفيقية كأن يهرب مثلا الى النوم، أو كالنكوص الى الطفولة، أو الانهزام، أو الى مثل هذه الحلول السلبية..
المريض النفسي والمريض العقلي:
يتميز المريض النفسي عن المريض العقلي )المجنون( بأشياء كثيرة: الأول أنه يعي مرضه أو مابه من حالات نفسية غير سوية، كما يعي جيدا سلوكه ونشاطاته الفردية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، إن المصاب بالهلوسة
)هي انحراف بالحس والإدراك( قد يرى أو يسمع أشياء لاوجود لها في الواقع، إلا أنه يعلم جيدا أن هذه الأشياء التي يسمعها أو يراها لاوجود لها، لذلك يكون سلوكه طبيعيا وعاديا.
أما المريض العقلي )أنواع الجنون الكثيرة( فهو، بالعكس، قد يرى أو يسمع أشياء لاوجود لها ولكنه ـ وهذا مايميزه ـ يقتنع فعلا بوجودها ويكون بموجب ذلك سلوكه ونشاطه وحركاته.
ففي بعض أنواع الجنون يقول المريض بها، إنه يسمع صوتا أو يرى قادما من بعيد، لذلك فهو يصغي لهذا الصوت أو يجيب عن أسئلة وهمية أو يخاطب هذا الصوت غير الموجود. كما أنه قد يتقدم لمقابلة أو للهجوم على القادم
أو يشير إليه.. إن المجنون هنا، يظن وجود أشياء غير موجودة ويبني سلوكه على هذا. في الفصام، وهو نوع من الجنون، يكون المريض منطويا على نفسه، جامدا يهمل حاجياته الغريزية، إلا أنه ينقلب أحيانا الى وحش
فيهجم ليقتل طبيبه، أو الممرض، أو من يقع تحت يديه، بسبب ظنه أن هذا يريد به سوءا..
حالات من الأمراض النفسية:
المريض النفسي، عكس المريض العقلي، يعي ويعرف، فالذي يخشى أن يكون قد نسي باب غرفته ثم يرجع ليغلقه، ثم يكرر ذلك وبشكل دائم، هو مريض نفسي يعرف سلوكه هذا ووعيه وحالته، إلا أنه لايستطيع الفكاك من هذا
السلوك. كذلك القول بالذي ينسى مكان بيته فهو مريض نفسي مع سلامة عقله. إنه ينسى بيته لوجود صراع داخلي بين نفسه وبين البيئة أو الحقل الاجتماعي الذي هو هنا البيت أو مافيه أو مايمثله. بمعنى، أن نسيان
البيت هو الرغبة الدفينة لنسيان ما يسببه البيت من آلام وصراع وعدم تكيف.
الطبيب النفسي لاعيب في اللجوء إليه:
تسبب الأمراض النفسية آلاما قد تفوق الآلام البدنية، وقد لاتقل عنها حدة ومدة أو عمقا ودواما. بل إن المرض النفسي قد يؤدي أحيانا الى المرض العقلي، الى الجنون. والأمثلة هنا كثيرة وعديدة سواء أكان ذلك في
ميدان العمل أم في الحياة البيتية.
وفي جميع الأحوال، فإنه من الخطأ والخطر النظر إلى المرض النفسي على أنه عرضي أو أنه من العيب اللجوء إلى الطبيب النفسي للاستشارة والمداواة. لا خجل ولا غيب في اللجوء إلى طبيب الأمراض العقلية.
إن الأمراض النفسية قابلة للشفاء، وهي كغيرها من الأمراض البدنية تخضع للتحمية والقوانين والعلاج.
لقد اكتشف - مؤخراً - أكثر من دواء لمرض عقلي هو »الفصام«، فما ظنك بالأمراض النفسية؟ وحبوب السعادة كثيرة.. عديدة هي تلك الأقراص الطبية التي تنسينا الضجر والقلق والمخاوف ونضفي السكون والراحة.
إن مجتمعاتنا الحديثة أكثر عرضة من المجتمعات القديمة لإيقاع الإنسان بالمرض النفسي - العصبي.
إن مجتمع اليوم مجتمع يقوم على التنافس والصراع، وعلى الإجهاد وحب السيطرة والكسب. إنه زمن اللاطمأنينة، والمخاوف، وضعف الوازع الديني، وانهيار القيم والمثل الأخلاقية والاجتماعية.
طرق العلاج للأمراض النفسية:
يبدأ العلاج بالفحوصات الفيزيولوجية العامة ثم بفحوصات للغدد الصماء وما أشبه.. وفي المرحلة الثانية يُبحث عن كوامن العقدة النفسية، أي عن أسباب الصراع الانفعالي داخل المريض وعن مكونات أسباب اللاتلاؤم مع
البيئة.
أما العلاج الحقيقي فيبدأ بعد تشخيص هذه الأمور كلها وبعد المعرفة. وفي جعبة الطب السيكوسوماتي )النفسي - البدني( الكثير من الأدوية والمعالجات، وهي اليوم ذات أثر علاجي فعال.