ارتبطت مهنة المحاماة في أذهان الكثير من الناس بصورة المحامي في الأفلام والمسلسلات العربية فهو الشخص «الفهلوي» الذي يستطيع أن يقلب
الحق إلى باطل والباطل إلى حق، ويستطيع أن يكسب القضية لموكلة بجميع الطرق ولو كانت ملتوية بالخداع والمناورة وبعيداً عن الاعتبارات والقيم الدينية والأخلاقية، وهو الذي ينقذ موكله ويخلصه من التهمة
المنسوبة إليه كمن يخرج الشعرة من العجين كما يقال
المحاماة ظهرت كمهنة لها قواعدها وأصولها لأول مرة في مدينة أثينا باليونان وهي مدرسة المحاماة الأولى ، ثم عرفت روما المحاماة بعد انتقال الخطابة من أثينا ، ثم بعد ذلك عرفت وانتشرت مهنة المحاماة.
1. تعريف مهنة المحاماة وطبيعة عمل المحامي بصفة عامة
مهنة المحاماة مهنة جليلة لها قدسيتها ورسالتها السامية وهي مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة، فالمحامي شريك للقاضي في الوصول إلى الحكم بالعدل ، باعتبار ان كلا ً منهما يبحث دائما عن
الحقيقة ولان كلاهما له هدف وحيد عظيم ، هو إقامة العدالة، وإعلاء كلمة الحق في المجتمع
وطبيعة عمل المحامي تقوم على الإنابة القانونية ، حيث يقوم بعرض وجهة نظر موكله في خصومته، سواء أمام جهات القضاء المختلفة او دوائر الشرطة او هيئات التحكيم او الجهات الإدارية المختلفة ، ومن جهة أخرى فهو
يعاون القضاء في سبيل الوصول إلى الحقيقة والتطبيق الصحيح للقانون من خلال حضوره جلسات التحقيق والمحاكمة وإبداء دفوعه القانونية وأوجه دفاعه الشكلية والموضوعية حول النزاع المطروح، إذن ان طبيعة عمل
المحامي هي الوكالة والوكالة لا تشترط غياب الأصيل دوما ولكن الوكالة تنسحب أيضا إلى الوكالة في الحديث عن الأصيل الحاضر في مجلس الخصومة.
2. ضوابط عمل المحامي:
1. احترام القضاء: احترام مجلس القضاء حينما يمثل أمام الجهات القضائية من حيث الظهور بالمظهر اللائق بالمهنة مع ارتداء ثوب المهنة المتعارف عليها، والتزام أدب التخاطب والحديث والالتزام المعبر المباشر عن
موضوع الخصومة.
2. التزام نصوص وأحكام القانون
ينبغي على المحامي ان يكون على دراية كاملة بكافة الدراسات القانونية والوقوف أولا بأول على كل جديد فيها سواء تشريعات جديدة او تعديلات او نظريات او قواعد قانونية جديدة حتى يكون في أدائه لعمله كمحامي
ملتزمآ النصوص القانونية وأحكامها ، لان هذه هي لغة التخاطب بينه وبين أعضاء الهيئات القضائية وزملائه في المهنة،
كذلك ان يكون مطلعا ً ودارساً للعلوم الأخرى حتى يقوي ثقافته مثل علم النفس والطب الشرعي وعلم الاجتماع والتاريخ و الخ من العلوم ، حتى تكون عونا له في أداء مهنته.
3. التزام حدود النظام العام والآداب العامة
النظام العام: هو توفير السكينة والأمن والصحة للمواطن العادي او بأقل القليل عدم الاعتداء على هذه الحقوق.
الآداب العامة: هي كل ما يمس حياء المرء و حريته الجنسية .
و المحامي له دور كبير في الحفاظ على هذه الحقوق والتزام حدودها ومن الأمثلة على ذلك:.
vان يكون هناك قضية جنائية يتم نظرها في جلسة علنية وتمس الحياء العام فعليه ان يطلب في المحكمة عقد الجلسة بصفة سرية حفاظا ً على الآداب العامة.
vان كان هناك تحقيق مع متهم مصاب بمرض من الأمراض المعدية فعليه تنبيه عضو النيابة إلى ذلك حتى لا ينتشر المرض إلى الحاضرين، وعليه ان يتعامل مع موكليه في هذا الإطار لان تفعيل الالتزام محدود بالنظام العام
والآداب العامة من أهم واجبات المحامي.
4. عدم تجريح الحضور والشهود.
لولا وجود الخصومة ما وجدت السلطات القضائية ويقوم دور المحامي في الخصومة بصفة عامة على أساس دفع الظلم عن موكله والحصول له على حقوقه.
و ان نسبة الذكاء بين أفراد المجتمع متباينة، فقد يقوم احد الأطراف في خصومة ما ببث الحماس بحقه لدى الخصوم الآخرين،هنا لا ينبغي للمحامي بدافع الحماس الزائد إلى تجريح الخصوم والتقليل من عزائمهم ، للتنازل
عن الحقوق المطالبين بها ، بل على المحامي ان يلتزم نصوص القانون وحدود آداب المرافعة احتراما لذاته وللقضاء الذي يخاطبه.
3. الآداب العامة لمهنة المحاماة:
المحاماة لها آداب إذ على المحامي الذي يتم تقيده في جدول المحامين المزاولين ان يؤدي يمينا وهو "اقسم بالله العظيم ان أكون مخلصا للوطن وان أؤدي أعمالي بأمانة وشرف كما يقتضيها القانون والأنظمة وان أحافظ
على سر مهنة المحاماة وان احترم قوانينها وتقاليدها" المادة (5) من قانون تنظيم مهنة المحاماة
وان من آداب المهنة:-
1- ان لا يقبل قضية يعلم مسبقا بطلان الحق فيها.
2- ان يتجنب الإدلاء ببيانات كاذبة .
3- إلا يحاول الحصول من موكليه على مبالغ مصطنعة خارج نطاق إتعابه.
4- ان لا يتعاقد مع موكليه على أتعاب أساسها الفصل في الدعوى.
5- التزام المبتدئين بأحترام استاتذتهم في كل وقت ومناسبة.
وهذه الآداب للأسف لم ينص عليها قانون تنظيم مهنة المحاماة وقمت بسردها لهذا السبب
ولكن جاء في المواد 26-27-28 من قانون تنظيم مهنة المحاماة بعض الحدود الاداب والشروط لممارسة المهنة
وقد بينت المادة 26 ان من واجبات المحاماة وهي مهمة بمكان:
1- ان يكون له مكتب لائق.
2- ان يتقيد بمبادئ الاستقامة والنزاهة.
3- ان يدافع عن موكله بكل أمانة وإخلاص.
4- إلا يقبل أي دعوى ضد زميل او مجلس النقابة قبل إجازته من قبل المجلس .
5- ان يظهر أمام المحاكم بالرداء الخاص .
6- ان يشعر النقابة خطيا بأسماء المؤسسات والشركات التي عين وكيلا عاما او مستشارا قانونيا لها خلال مدة لا تزيد عن ثلاثين يوما من تاريخ تعينه.
وقد جاء في المادة 27:
1- ان لا يكون المحامي شريكا بأكثر من شركة المحاماة .
2- لا يجوز للمحامين الشركاء التوكل ضد بعضهم البعض.
3- لا يقبل الوكالة ضد:
أ- طريفين متخاصمين في دعوى واحدة
ب- ضد موكله بمقتضى وكالة عامة.
ت- ضد شخص كان وكيلا عنه في نفس الدعوى او الدعاوى المتفرعة عنها ولو بعد انتهاء وكالته.
ث- ضد جهة سبق ان أطلعته على مستنداتها ووجهه دفاعها على أتعاب استوفاها منها سلفا ً .
و قد جاء في المادة 28:
يحظر على المحامي :
1- السعي لجلب أصحاب القضايا ، إعلانات ووسطاء.
2- شراء القضايا والحقوق المتنازع عليها.
3- قبول السندات التجارية بطريق الحوالة لاسمه بقصد الادعاء بها دون وكالة.
4- أداء شهادة ضد موكله او إفشاء سر من أسراره.
5- إعطاء رأي او مشورة لخصم موكله في دعوى سبق له ان قبل الوكالة فيها او في دعوى ذات علاقة بها ولو بعد انتهاء وكالته.
وقد جاءت في المادة 29 لتضع العقوبات التأديبية على مخالفة المواد اعلاه ووضعت خيارات لمجلس النقابة باتخاذ العقوبات وهي:1- التنبيه2- التوبيخ3- المنع من مزاولة المهنة لمدة خمس سنوات 4- الشطب
النهائي من سجل المحاميين .
وان هذا النص به عيوب و يجب ان يستبدل بنص اخر لان المادة المذكورة تركت الخيار لمجلس النقابة بأيقاع العقوبة و ان هناك مخالفات تستحق الشطب النهائي ويجب ان لا يترك لمجلس النقابة الخيار في تحديد العقوبة
وكان يتوجب تحديد عقوبة كل مخالفة فمثلآ ارتكاب قبول دعوى ضد الموكل بموجب وكالة عامة تستحق عقوبة الشطب خمس سنوات و بحيث ان الاصل في قانون العقاب وضع العقوبة المناسبة لكل جرم و لايترك لصاحب السلطة
بايقاع العقوبة ايقاعها كيفما شاء بحيث لو استعرضنا العقوبات سنجدها تتراوح بين التوبيخ و الشطب النهائي و سيان بين ايقاع احدهما و ان مجلس النقابة لأي سبب من الاسباب قد يقع كلا منهما ضد اي محامي لنفس
المخالفة المنصوص عليها اعلاه .
4. ما هو تأثير وجود دولة القانون في دور المحامي:
كلما اتسعت مساحة الديمقراطية اتسعت فرص العمل العام والخاص للمحامي وكلما كان هناك دولة للقانون كلما عزز دور المحامي فمثال ذلك:
1- حق المتهم في الاستعانة بمحامي والذي نصت عليه المادة 14 من القانون الأساسي والتي الزمت بوجود محامي للمتهم في جناية
بحيث ان الاستعانة بمحام هي من أهم ضمانات التحقيق والمحاكمة وما يجري فيها وفي بلادنا هذا مكفول لكن لكل أسف يساء استخدامه ، فمثلا منع وكلاء النيابة الاتصال مع المتهم قبل الاستجواب رغم وجود نص في قانون
الإجراءات الجزائية بذلك المواد 102و103 .
وكذلك انتداب محامي للدفاع عن المتهم الذي لا يستطيع توكيل محامي يدفع له 50 شيقل عن كل جلسة وهذا به امتهان للمهنة 0
فالإنسان له الحق في اختيار المحامي الذي يرى انه من المناسب توكيله ليحمل عنه عبء الدفاع في دعواه وانه الأقدر على نقل وجهة نظره المجردة المدعمة بالأسانيد القانونية إلى جهات القضاء المختلفة ولذلك
المجال الجنائي يمكن للمتهم ان يختار المحامي الذي سيدافع عنه حينما يراه ويطمئن إليه إما في الدول التي لا تطبق الديمقراطية وتمارس حكما دكتاتوريا يحق للمتهم الاستعانة بمحام ولكن يكون مقيد وهو صوري
ولا يعطى فرص الاتصال مع موكله.
إذا ً كلما اتسعت الديمقراطية اتسع فرص العمل الجاد المستمر للمحامي .
5. دور المحامي على جميع الأصعدة:
يجب ان يكون للمحامي دور على جميع الأصعدة الإنسانية والثقافية والوطنية والسياسية والاجتماعية.
فمثلا ُ يجب ان يكون له حضور في كل المناسبات الاجتماعية مواسيا في التعازي ومهنا ً في الأفراح و كذلك يج