لقد أذهل القرآن الكريم عند نزوله فرسان البيان وشهد بروائعه حتى المُكابرين, وتضمن دلائل على الوحي للناس أجمعين تكشفها الأيام حينًا بعد حين فيستقر المضمون,
قال تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لّلْعَالَمِينَ. وَلَتَعْلَمُنّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ﴾ ص: 87و88, وقال تعالى: ﴿لّكُلّ نَبَإٍ مّسْتَقَرّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ الأنعام: 67, ولم يقل الأعلام أن إعجازه
مقصورٌ فحسب على زمن التنزيل؛ فقد ذخر بوصف ظواهر كونية عديدة في مجالات علمية متنوعة ليست كيفيتها معلومة لبشر زمن التنزيل, وليس من المُعتاد تناولها في أي كتاب آخر يُنسب للوحي؛ مع قابلية مطابقة الكشوف
العلمية بوجه يستقيم مع الدلالات في البيئة العربية, فالألفاظ معلومة لكن الكيفية مجهولة؛ حملها بتلطف نظم فريد وادخرتها أمثال توافق مضامينها الواقع المستور زمن التنزيل كدلائل على الوحي للقادمين
العالِمين بخفايا التكوين, قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاّ الْعَالِمُونَ﴾ العنكبوت: 43, والبرق والرعد والصواعق ظواهر كونية تناولها الكتاب الكريم؛ فورد
البرق بشيرًا بالمطر ونذيرًا يشهد للفطين بوحدانية الله تعالى وقدرته وتقديره وبديع صنعه وحكيم تدبيره, وجاء النظم شاهدًا بعلمه مُتَحَدِّيًا المُكابر بدلائل النبوة, يقول العلي القدير: ﴿بَلْ كَذّبُواْ
بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذّبَ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظّالِمِينَ﴾ يونس: 39.