أخي الكريم هذا الكلام كذب وافتراء ، وعرش الرحمن لا يهتز لموت بشر سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا
"عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"
وعند البخاري: "عن جابر رضى الله تعالى عنه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ، وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، فقال رجل لجابر: فإن
البراء يقول: اهتز السرير، فقال: إنه كان بين هذين الحيين ضغائن، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ" (متفق عليه)
وسأورد شرح النووي رحمه الله لهذا الحديث؛ لبيان مدى تخبط العلماء واختلافهم في تأويل الحديث.
يقول الإمام النووي رحمه الله: "اخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي تَأْوِيله , فَقَالَتْ طَائِفَة: هُوَ عَلَى ظَاهِره, وَاهْتِزَاز الْعَرْش تَحَرُّكُهُ فَرَحًا بِقُدُومِ رُوح سَعْد, وَجَعَلَ اللَّه تَعَالَى
فِي الْعَرْش تَمْيِيزًا حَصَلَ بِهِ هَذَا, وَلَا مَانِع مِنْهُ, كَمَا قَالَ تَعَالَى: { وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ } وَهَذَا الْقَوْل هُوَ ظَاهِر الْحَدِيث, وَهُوَ
الْمُخْتَارُ. وَقَالَ الْمَازِرِيّ: قَالَ بَعْضهمْ: هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ, وَأَنَّ الْعَرْش تَحَرَّكَ لِمَوْتِهِ. قَالَ: وَهَذَا لَا يُنْكَرُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ; لِأَنَّ الْعَرْش جِسْم مِنْ
الْأَجْسَام يَقْبَل الْحَرَكَة وَالسُّكُون. قَالَ: لَكِنْ لَا تَحْصُل فَضِيلَة سَعْد بِذَلِكَ, إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّه تَعَالَى جَعَلَ حَرَكَتَهُ عَلَامَةً لِلْمَلَائِكَةِ عَلَى مَوْته.
وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَاد اِهْتِزَاز أَهْل الْعَرْش, وَهُمْ حَمَلَتُهُ, وَغَيْرهمْ مِنْ الْمَلَائِكَة, فَحَذَفَ الْمُضَاف, وَالْمُرَاد بِالِاهْتِزَازِ الِاسْتِبْشَار وَالْقَبُول, وَمِنْهُ قَوْل
الْعَرَب: فُلَان يَهْتَزّ لِلْمَكَارِمِ, لَا يُرِيدُونَ اِضْطِرَاب جِسْمه وَحَرَكَته, وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ اِرْتِيَاحه إِلَيْهَا, وَإِقْبَاله عَلَيْهَا . وَقَالَ الْحَرْبِيُّ : هُوَ كِنَايَة عَنْ
تَعْظِيم شَأْن وَفَاته . وَالْعَرَب تَنْسُبُ الشَّيْءَ الْمُعَظَّم إِلَى أَعْظَم الْأَشْيَاء , فَيَقُولُونَ : أَظْلَمَتْ لِمَوْتِ فُلَانٍ الْأَرْضُ , وَقَامَتْ لَهُ الْقِيَامَة. وَقَالَ جَمَاعَةٌ :
الْمُرَاد اِهْتِزَاز سَرِير الْجِنَازَة , وَهُوَ النَّعْش, وَهَذَا الْقَوْل بَاطِل, يَرُدُّهُ صَرِيح هَذِهِ الرِّوَايَات الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِم: اِهْتَزَّ لِمَوْتِهِ عَرْش الرَّحْمَن, وَإِنَّمَا
قَالَ هَؤُلَاءِ هَذَا التَّأْوِيل لِكَوْنِهِمْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ هَذِهِ الرِّوَايَات الَّتِي فِي مُسْلِم . وَاللَّهُ أَعْلَمُ" (صحيح مسلم بشرح النووي)
ولعل في الحديث الآتي أبلغ رَدٍ على النووي، إذا افترضنا صحة هذه الأحاديث، حيث يذكر الحديث افتراءً على الله، تردد الله سبحانه وتعالى في قبض المؤمن:
"عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا
أحببته؛ كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا
أكره مساءته" (البخاري)
وهذا الحديث يضيف إلى الله سبحانه وتعالى مع صفة التردد في الأفعال صفة الحلول والاتحاد "كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها"