مسجد غدير خم
وهو قريب من الجحفة المسمّاة في هذا الزمان رابغ بين مكّة والمدينة في منتصف الطريق تقريباً وهو عامر مشهور وقد جدِّد عمارته بعض ملوك الهند من الشيعة في عصر الشيخ مرتضى الانصاري، روى الصدوق في الفقيه
بسنده عن الصادق (عليه السلام) انّه يستحبّ الصلاة في مسجد الغدير، لانّ النّبي (صلى الله عليه واله) أقام فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو موضع أظهر الله فيه الحق .
لمّا انتهت مراسيم الحج، وتعلّم المسلمون مناسك الحجّ من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرحيل عن مكة، والعودة الى المدينة، فأصدر امراً بذلك، ولمّا بلغ موكب
الحجيج العظيم الى منطقة «رابغ»(رابغ تقع الآن على الطريق بين مكة والمدينة.) التي تبعد عن «الجحفة»(من مواقيت الإحرام وتنشعب منها طرق المدنيين والمصريين والعراقيين.) بثلاثة أميال، نزل امين الوحي جبرئيل
على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمنطقة تدعى «غدير خم»، وخاطبه بالآية التالية:
{يا أيُّها الرَّسُولُ بَلُّغ مَا أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَبِّكَ وإن لمّ تَفعَل فَما بَلَّغتَ رِسالَتهُ وَاللهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاسِ} (المائدة / 67.).
إنّ لسان الآية وظاهرها يكشف عن أن الله تعالى ألقى على عاتق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مسؤولية القيام بمهمّة خطيرة، وأيّ امر اكثر خطورة من أن ينصّب علياً (ع) لمقام الخلافة من بعده على مرأى ومسمع
من مائة ألف شاهد؟!
من هنا أصدر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره بالتوقّف، فتوقّف طلائع ذلك الموكب العظيم، والتحق بهم من تأخر.
لقد كان الوقت وقت الظهيرة ، وكان المناخ حارّاً الى درجة كبيرة جداً، وكان الشخص يضع قسماً من عباءته فوق رأسه والقسم الآخر منها تحت قدميه،وصنع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مظلّة وكانت عبارة عن عباءة
أُلقيت على اغصان شجرة (سمرة)، وصلّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحاضرين الظهر جماعة وفيما كان الناس قد أحاطوا به صعد صلى الله عليه وآله وسلم على منبر أعدّ من احداج الإبل وأقتابها، وخطب في
الناس رافعاً صوته، وهو يقول:
« الحمد لله ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات اعمالنا الذي لا هادي لمن اضلّ، ولا مضلّ لمن هدى، وأشهد أن لا إله إلاّ هو، وأنّ محمداً عبده ورسوله.
أمّا بعد: ايّها الناس انّي أوشك ان أدعى فأجيب، وأنّي مسؤول وأنتم مسؤولون فماذا انتم قائلون؟»
قالوا: نشهد أنّك قد بلّغت ونصحت وجهدت، فجزاك الله خيراً.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: «ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله، وأنّ جنّته حق، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور؟».
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال صلى الله عليه وآله وسلم : «اللّهمّ اشهد».
ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وإنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبداً».
فنادى مناد: بأبي أنت وأمي يا رسول الله وما الثقلان؟
قال صلى الله عليه وآله وسلم: « كتاب الله سبب طرف بيد الله، وطرف بأيديكم، فتمسّكوا به، والآخر عترتي، وانّ اللطيف الخبير نبّأني إنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا
عنهما فتهلكوا».
وهنا اخذ بيد «عليّ _ عليه السلام _ » ورفعها، حتى رؤي بياض ابطيهما، وعرفه الناس اجمعون ثمّ قال:
«أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟»
قالوا: الله ورسوله أعلم
فقال صلى الله عليه وآله وسلم:
«إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا اولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه .
اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحب من أحبّه، وابغض من بغضه
وأدر الحق معه حيث دار »
. (راجع للوقوف على مصادر هذا الحديث المتواتر موسوعة الغدير للعلاّمة الأميني ).
فلمّا نزل من المنبر، استجاز حسان بن ثابت شاعر عهد الرسالة في أن يفرغ ما نزل به الوحي في قالب الشعر، فأجازه الرسول، فقام وأنشد:
يناديهم يوم الغدير نبيّهم *** بخمّ وأكرم بالنبيّ مناديا
يقول فمن مولاكم ووليكم *** فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهك مولانا وأنت وليّنا *** ولم تَرَ منّا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا عليّ فانّني *** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليّه *** فكونوا له أنصار صدقٍ مواليا
هناك دعا: اللهّم! وال وليّه *** وكن للذي عادى علياً معاديا
المصدر
http://ejabat.google.com/ejabat/thread?tid=173b1c01868cba57&hl=ar&table=%2Fejabat%2Fsearch%3Fq%3D%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2587%25D9%2588%2B%25D9%258A%25D9%2588%25D9%2585%2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25BA%25D8%25AF%25D9%258A%25D8%25B1%26hl%3Dar