ملحوظة أولية: لا يوجد بين كاتب هذا الكتاب وبين برنابا رسول السيد المسيح أي علاقة من قريب أو بعيد وإنما تعود كتابته إلى كاتب إيطالي
أو أسباني ليس قبل القرن الخامس عشر بأي حال من الأحوال وهذا ما سوف نراه في الإجابة التالية:
أبدا إجابتي بما كتب الأستاذ عباس محمود العقاد عن إنجيل برنابا في 26 أكتوبر 1959م :
:" تتكرر في هذا الإنجيل بعض أخطاء لا يجهلها اليهودي المطلع على كتب قومه، ولا يردّدها المسيحي المؤمن بالأناجيل المعتمَدة في الكنيسة، ولا يتورّط فيها المسلم الذي يفهم ما في إنجيل برنابا من المناقضة
بينه وبين نصوص القرآن".
وهذه بعض النقاط التي توضح ما هو "إنجيل" "برنابا"
خلفية تاريخية:
- في عام 1709 م وعند رجل اسمه كرامر مستشار ملك بروسيا ظهرت النسخة الأصلية من ذلك الكتاب "إنجيل برنابا" وقد أهداها الملك إلى الأمير أوجين سافوي ثم أودعت بمكتبة فينا سنة 1738م ومازالت محفوظة به حتى
اليوم.
- درس العلماء المختصون هذا الكتاب دراسة جيدة ووجدوا أن الورق المستخدم في هذه النسخة يعود إلى القرن السادس عشر وبدراستهم للغة و الأسلوب المكتوب بهما وجدا أنه مكتوب أصلاً باللهجة الإيطالية التي ظهرت
بعد عصر دانتي وليس مترجماً عن اليونانية أو العبرية اللغات الأصلية التي كتب بها الكتاب المقدس.
- وجد العلماء أن الرسم الموجود على غلاف هذه النسخة من طراز عربي وان بالصفحة الأولى منها عبارات مكتوبة باللغة العربية مثل: الله عظيم وإذا أرديتم (أي أردتم) من الله شيئاً، أرديتم (أي أردتم) خير
الأشياء. كما أنه توجد بهوامش النسخة المذكورة عبارات باللغة العربية، بعضها سقيم التركيب والبعض الآخر سليم.
- ويقول دكتور جورج سال العلاّمة الإنكليزي إنه وجد نسخة من هذا الكتاب أيضاً باللغة الأسبانية تكاد تكون معاصرة للنسخة الإيطالية، كتبها شخص اسمه مصطفى العرندي، يقول إنه ترجمها عن النسخة الإيطالية.
ومن هذه الخلفية التاريخية البسيطة يتضح لنا أن هذا الكتاب يعود إلى قرون متأخرة ولم يكن معروفاً قبل القرن الثامن عشر. وأنه مكتوب أصلاً بلغة لم يكن يتكلمها أي من تلاميذ السيد المسيح أو رسله في القرن
الأول وأغلبهم كانوا يكتبون كتبهم باللغة اليونانية (اللغة العالمية في ذلك العصر) ثم يترجم عنها إلى اللغات الأخرى. أما عن الرسوم الموجودة على الغلاف أو الكلمات المكتوبة على الهوامش فهي تشير أن الكاتب
ريما يكون إيطالي أو أسباني أعتنق الإسلام حديثاً و أراد أن يكتب كتاب يدعي أنه "انجيل" وينسبه إلى أحد الأشخاص المعروفين في تاريخ المسيحية الأولى لتأكيد معتقده الجديد. ولكن لأنه لم يكن ملماً كفاية
بمعتقده الجديد فقد كتب العديد من التعاليم التي تخالف معتقده الجديد والتي لا يستطيع أحد أن يقبلها.
وهذه بعض الأسباب التي لأجلها نرفض هذا الكتاب المزور:
أ. أن هذا الكتاب يظهر جهلاً واضحاً بالنواحي التاريخية:
وحاشا أن ننسب إلى الله له كل العظمة والمجد كتاب يحتوي على هذه الأخطاء التاريخية الشنيعة التي وقع فيها الكاتب نظراً لكتابته لتاريخ بلاد بعيدة هي فلسطين التي لم يعش فيها أبداً ومن أمثله هذه
الأخطاء:
1. جاء في فصل 3: 2 أنه عندما وُلد يسوع كان بيلاطس والياً على اليهود، وكان حنان وقيافا رئيسي كهنة. ومن المعروف تاريخيا أن بيلاطس كان والياً على اليهود في المدة من سنة 26-36م، وحنَّان كان رئيساً للكهنة
في المدة من سنة 6-15م، وقيافا في المدة من سنة 18-36م بعد ولادة المسيح بعدة سنوات. فكيف يخالف كتاب يدعي أنه يحتوي على الحق مثل هذه الأمور البسيطة المثبتة تاريخياً.
2. جاء في فصل 131: 6 و217: 61 أن هيرودس ملك الجليل كان يعبد الأوثان، مع أن التاريخ يعرفنا أن هيرودس كان أدومياً لكنه تهوّد وبنى هيكل أورشليم الذي تسمى باسمه "هيكل هيرودس" فكيف يبني هيكل اليهود شخصاً
وثنياً. كما أننا نعرف أن هيرودس كان يحضر إلى أورشليم في الأعياد للمشاركة فيها (لوقا 23: 7).
3. جاء في فصل 152: 25 أن اليهود في فلسطين كانوا يضعون الخمر في براميل يمكن دحرجتها، وهذا يخالف التاريخ فالبلاد المشهورة بصناعة الخمور وحفظها في براميل هي بلاد غرب أوروبا، وخاصةً إيطاليا وفرنسا
وأسبانيا أما اليهود فكانوا يضعون الخمر في زقاق من الجلد (يشوع 9 : 13). وهذه سقطة كبرى للكاتب الذي لم يكلف نفسه عناء البحث عن هذه المعلومات البسيطة وظن أن ما يحدث في أيامه في أوربا في القرون المتأخرة
التي عاش فيها هو نفس ما كان يحدث في فلسطين في القرن الأول وكتبه في كتاب ادعى أنه الإنجيل الصحيح!.
4. جاء في فصل 140: 9 أن العساكر كانوا يتدربون على الفنون الحربية في زمن السلم، مع أن هذا التدريب لم يكن مألوفاً في فلسطين أثناء وجود المسيح على الأرض، بل كان مألوفاً فقط في بلاد غرب أوروبا ابتداءً من
حوالي القرن العاشر، وفي غيرها من البلاد، في الوقت الحاضر.
5. جاء في فصل 91: 10 أنه كان في فلسطين ثلاثة جيوش بكل منها 000ر200 جندي مسلَّحون بالسيوف وهذا خطأ تاريخي لأن الرومان كانوا يحتلون فلسطين وقتئذ، ولم يسمحوا بتكوين جيوش مثل هذه فيها. ومن المعروف
تاريخياً أن عدد الجنود بدءاً من سوريا وفى كل المنطقة حتى نهر الفرات ( شاملة فلسطين ) هو أربع كتائب أي 24.000 جندي والمساحة المذكورة حوالي 100.000 ميل أي مثل مساحة فلسطين 10 مرات ولذلك فالقول بوجود
600.000 جندي في فلسطين شئ غير منطقي.
6. جاء في 91: 11 أن هيرودس الملك لم يكن له احترام عسكري في فلسطين. رغم أن التاريخ يخبرنا أن هيرودس بوصفه نائباً عن قيصر كانت له السلطة الكافية في هذه البلاد.
7. حاء في فصل 152 أن السلطتين الدينية والمدنية كانتا تسمحان للرومان بالدخول إلى الهيكل اليهودي لمجادلة يسوع في الأمور الدينية. وهذا خطأ فظيع يكتشفه كل من كان لديه إلمام بسيط بالتاريخ اليهودي
فالرومان، مثل غيرهم من الشعوب الوثنية، لم يكن يُسمَح لهم بالدخول إلا إلى دار الأمم، وهي بعيدة عن الهيكل ويفصلها عنه ثلاثة حواجز هي: دار إسرائيل، ودار النساء، ومساكن الكهنة.
8. جاء في فصل 2: 1 أن العذراء مريم لما وجدت أنها حبلى خافت أن يرجمها الشعب بتهمة الزنى، فاتّخذت لها عشيراً يُدعى يوسف. مع أن اتخاذ الفتاة عشيراً لها لم يكن معروفاً في بلاد فلسطين، بل في أوروبا. أما
العذراء مريم فكانت مخطوبة ليوسف قبل أن يبشرها الملاك بالحبل بالمسيح (لوقا 1: 26 و27).
9. جاء في فصل 194: 3 ما يدل على أن مريم ومرثا ولعازر الوارد ذكرهم في يوحنا 11 و12 كانوا من الموالي الذين يتصرّفون في أرضهم وفي الفلاحين الذين لديهم تصرُّف المالك الذي لا حدود لسلطته، مع أن هذا التصرف
لم يكن له وجود إلا في نظام الإقطاع الذي نشأ في غرب أوروبا في العصور الوسطى.
10. جاء في فصل 141: 17-20 وصف للمبارزات التي تقوم بين العشّاق مع أن هذه المبارزات لم يكن لها وجود إلا في غرب أوروبا قبيل الثورة الفرنسية، وكانت تُسمى وقتئذٍ الفروسية. فأين فلسطين في القرن الأول من
أوربا قبيل الثورة الفرنسية؟ أليس هذا جهلاً تاريخياً واضحاً لا يجوز أن يدعي معه أحد أن هذا الكتاب موحى به من الله ، الله كلي المعرفة المنزه عن كل جهل؟
11. جاء في 217: 63 أن يهوذا الإسخريوطي عندما صرخ أنه ليس يسوع، رماه اليهود بالحُمق، ووضعوا عليه رداءً أبيض. مع معرفتنا التاريخية أن الرداء الأبيض كان علامة الحداد على الموتى في أسبانيا (أو الأندلس)
لغاية القرن الخامس عشر ولم يكن من علامات الحداد في فلسطين في القرن الأول.
12. جاء في فصل 153: 8 و154: 1 أن السارق يُعدم شنقاً والقاتل تُقطع رأسه، مع أن هاتين العقوبتين كانتا تُطبَّقان في غرب أوروبا في العصور الوسطى وليس في بلاد اليهودية، لأن السارق في هذه البلاد كان يُعاقب
بردّ خمسة أو أربعة أمثال ما سرق إذا كان قد باعه، وضِعف ما سرقه إن لم يكن قد باعه (خروج 22: 1-15) وذلك بالإضافة إلى الذبيحة الكفارية التي كان يجب أن يقدمها عن خطيته. وأن من يقتل سهواً، كان يُصان من
القتل بالالتجاء إلى أحد مدن الملجأ. أما من يقتل عمداً فكان يُقتل بأي وسيلة، وليس بقطع رأسه فقط (عدد 35: 9-28).
13. جاء في فصل 69: 4-9 أن الكهنة كانوا يشغفون بركوب الخيل، دون أن تكون لهم الرغبة في الذهاب إلى الحروب. كما أنهم كانوا يحبون المجد كالجمهوريين، دون أن تكون لهم الرغبة في القيام بأعباء الجمهورية. مع
أن ركوب الخيل لم يكن شائعاً في فلسطين أيام المسيح، كما أنه ليس من تعاليم المسيح أن يدعو إلى الحروب. كما أن الرومان الذين كانوا يحكمون فلسطين بيدٍ من حديد، لم يكونوا يسمحون لأحدٍ من أهلها أن يفكر في
الحكم الجمهوري. ولكن هذه الأمور الثلاثة (الخاصة بركوب الخيل، والحروب، والحكم الجمهوري) كانت من الأمور الشائعة بين سكان غرب أوروبا في أواخر العصور الوسطى.
14. جاء في فصل 217: 88 أنهم وضعوا على جسد يسوع مئة رطل من الطيوب ، وعندما يذكر الكاتب هنا مئة رطل فهو يؤكد تاريخ كتابة هذا الكتاب فأول من استخدم الرطل كوحدة للوزن هم العثمانيون في تجارتهم مع إيطاليا
وأسبانيا ولم يكن الرطل كوحدة وزن معروفاً في زمن المسيح.
15. جاء في فصل 144: 10 أن كلمة فردوس كنعانية تعني يطلب الله. وبحسب 144: 13 نفس المعنى هو لكلمة فريسي! ويمدح الفريسي الحقيقي في فصل 151: 1 و2 و10-17 دون أن يدرك المعنى وأصل الكلمة. والواقع أن كلمة
فردوس فارسية وتعن