تفضلي
من جديد تهل علينا أحداث الفتنة الطائفية التي لا يريد أحد من عقلاء الأمة مواجهتها بشجاعة حرصاً على مصر والمصريين، ولا يصر الكثيرين مفضلين رفع شعارات الوحدة الوطنية والتلاحم وقوة العلاقات بين المسلمين
والأقباط دون النظر إلى تأثير هذه الأحداث المتتالية ودورها في تأجيج الصراع بين جناحي الأمة، وأن المجتمع في ظل هذه الأحداث سيظل ساخنا، وسيظل ينزف دماً في الوقت الذي نقف أمامه صامتون!!!
المشكلة هي أننا نعرف الداء والدواء، ولكن لا أحد منا يستطيع تقديم الدواء لأنه حبيس الأدراج داخل أروقة المسئولين، ولا يمكن أن نقوم نحن بهذا الدور في ظل تجاهل المسئولين التام لهذه المشكلات التي برزت
بشكل كبير منذ سبعينيات القرن الماضي، وإذا قام باحث مدقق وأمين سيرى أن نتائج هذه الأحداث تسببت في تصدع العلاقة بين المسلم والمسيحي، فحتى الحوادث التي يقول البعض أنها فردية أصبحت تتكرر،
ولا أبالغ حين أذكر أن مشكلة بناء الكنائس لا تزال هي المشكلة الأبرز والأكثر نصيبا في أسباب اندلاع الأحداث الطائفية، وغالبا ما تبدأ الازمة حينما يظهر منشور يبث شائعة لا أساس لها من الصحة، ولأننا في بلد
الشائعات، فسرعان ما تندلع المشكلة، ويشترك كثيرون في تصعيدها حتى ولو لم يكونوا على علم كامل بحقيقة الأمور!!!
ولاشك في أن هناك ترقب وانتظار كبير من اجل إقرار قانون موحد لبناء دور العبادة،من اجل القضاء على المشكلات الطائفية التي يعانى منها المجتمع المصري بين فترة وأخري،خاصة وان حوادث التوتر الطائفي التي شهدته
مصر منذ سبعينيات القرن الماضي كانت بسبب عدم التراخيص لبناء كنيسة،والهجوم على جمعية تقام بها الصلاة،وعلى الرغم من ذلك،ومع تعدد الحوادث الطائفية وانتقالها من القاهرة إلى مختلف المحافظات،إلا أن المشكلة
لاتزال كما هى،ولم يتم حلها،بل للأسف تتفاقم الأمور أكثر وأكثر ولم يعد احد يتوقع تأثير هذه الأمور في المستقبل القريب،في ظل التهوين من هذه الأحداث مع التركيز على إنها حوادث "فردية"!!!
وسنظل ندعو لإقرار قانون دور العبادة الموحد طالما ظل التجاهل والتعتيم من قبل الحكومة على هذا القانون،والذي معروض منه مشروعان ،الأول على الحكومة والآخر على البرلمان،ورغم ذلك لم تحن اللحظة كى تبادر
الحكومة باتخاذ خطوة واحدة تثبت جديتها فى الحفاظ على أمن المجتمع،والالتزام بالدستور والقانون،وأن يتم اعلاء امن المجتمع واستقراره على اى شيء أخر،ولابد ان تؤكد لنا الحكومة انها تسعى للحفاظ على مصالح
الوطن،وان تبادر بحل المشكلات من جذورها بدلا من تقبيل اللحى،واستغلال العلاقة الطيبة التى تجمع القيادات الدينية فى مصر من طمث الحقائق،واعتبار كل حادث طائفى حادث عابر،أو إدانة احد الأشخاص باعتباره مختل
عقليا!!!
ان مشروع قانون دور العبادة الموحد الذى تقدم به المستشار محمد جويلي رئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى بالبرلمان عام القانون 2005،وهو القانون الذي من الضرورة أن تكون له الأولوية في المناقشة
خلال اليام المقبلة،نظرا لأهميته, فليس من المعقول ونحن في عام 2007 أن نظل صامتين عن المشكلات الموجودة منذ عشرات السنين، وليس من المقبول أن يظل العمل ساريا
بقرار وزارة الداخلية عام 1934, وهذا القرار أصدره العزبي باشا وكيل وزارة الداخلية حينذاك ووضع شروطا عشرة يجب استيفاؤها قبل التصريح ببناء الكنائس! وإذا
كانت التعديلات الدستورية الأخيرة كشفت عن رغبة رئيس الجمهورية في تقليص سلطاته ومنحها للسلطة التنفيذية والبرلمان, فلماذا لا يتم إقرار هذا القانون الذي
يتماشي مع رغبة رئيس الجمهورية؟, والقرارات الجمهورية الأخيرة المتعلقة بدور العبادة تؤكد ذلك, فلأول مرة تم تفويض المحافظين في الترخيص بترميم الكنائس حسب
القرار الجمهوري رقم 13 لعام 1998, وتلي ذلك القرار 453 لعام 1999 الذي منح الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في كل محافظة بالترخيص لترميم دور العبادة,
وأخيرا القرار رقم 291 لعام 2005 والذي فوض المحافظين في الموافقة علي بناء أو إجراء توسعات في كنيسة قائمة, أي أنه لم يبق أمامنا سوي خطوة واحدة تنتهي
معها مشكلات بناء وترميم دور العبادة, وهذه الخطوة تتلخص في إصدار قانون لتنظيم أعمال بناء وترميم وتدعيم دور العبادة الموحد.
وقد أكد المستشار محمد جويلي انه ينتظر تقرير لجنة الإسكان بمجلس الشعب حول مشروع القانون لكي تتخذ الإجراءات الرسمية لمناقشته وإقراره,
خاصة وأن مشروع قانون دور العبادة يعد الأول من نوعه في تاريخ مجلس الشعب, ويقدم حلولا جذرية للمشكلات التي تنجم عن القيود المفروضة علي بناء الكنائس,
ويتفق تماما مع مبدأ المواطنة الذي تم إقراره مؤخرا في التعديلات الدستورية, ويرسخ قيم المساواة بين كل المصريين, ومن المهم إقرار هذا القانون ليعد باكورة
القوانين التي سيتم إقرارها خلال الفترة المقبلة
وغيرمعروف أسباب تأجيل هذه اللجنة لتقريرها ،فمشروع القانون قٌدم في مايو عام 2005, ووافقت عليه لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب بالإجماع, وتم تحويله إلي اللجنة
النوعية المختصة وهي لجنة الإسكان, وانفضت الدورة البرلمانية دون مناقشته, مما جعل المستشار جويلى لاعادة تقديمه مرة أخري في فبراير 2006 مع بدء دورة برلمانية
جديدة, ومشروع القانون متوقف علي تقديم لجنة الإسكان لتقريرها. ورغم مرور مدة طويلة علي تقديمه, إلا أنه لم يتخذ مساره الطبيعي في المناقشة,