من الطقوس المعروفة في شمال افريقيا بمختلف أنحائها ومناطقها سواء الناطقة بالأمازيغية أو بالعربية العامية، الطقس المعروف بـ(تاغنجا) أو تاسليت أونزار .. أي
عروس المطر الذي يعد من أقدم الشعائر الاستسقائية، ويهدف إلى استمطار السماء حين تكون الأرض والمحاصيل مهددة بالجفاف والتلف وشح المياه. وتتشابه طريقة ممارسة الطقس بعناصرها الرئيسية في مختلف المناطق، ولم
يتم تسجيل إلا اختلافات شكلية طفيفة جدا في ما بينها.
«تاغنجا» اسم لعروس خرافية على شكل خيال المآتى أو فزاعة، وهي كلمة أمازيغية معناها المغرف المصنوع من الخشب
وهي الطقوس والعادات التي كانت تعرفها كل مناطق شمال إفريقيا عند تأخر هطول المطر أو انحباسه لكون الماء كان ولازال هو مصدر الحياة و الرزق عند الجميع.
وتتمثل طقوس (تاسليت أونزار) أو تلغنجا/ تاغنجا في التطواف بمغرفة (أغنجا) مكسوة بزي عروس «تاسليت» في موكب تشارك فيه النساء والأطفال، يرددون الأهازيج والأدعية، ويطوفون عبر الدواوير والقرى والأضرحة، وفي
الطريق يتم رش الدمية بالماء من أعالي البيوت من قبل السكان، ويتم تحصيل واستلام العطايا والصدقات من الأهالي، حيث تخصص موادها لتهيئة مأدبة طقوسية تقام قرب مجرى نهر أو على بيدر، أو في مزار، أو على قمة
مرتفع حسب المناطق. هذه هي الخطوط العريضة لهذا الطقس، لكن بالطبع هناك اختلافات ضحلة في شكل الدمية والمواد التي تتخذ منها العروس أو كسوتها، أو في لقبها والأهازيج التي يتم ترديدها، ومن أمثلة ذلك أنه في
(أيت بعمران) بجنوب المغرب تحمل الدمية المسماة تلغنجا من قبل فتاة متبوعة بأخريات يرددن (يا تلغنجا نؤمن بالله القادر على إغاثتنا)، .. فيرش السكان الدمية والموكب بالماء، وفي (أيت بوزمور) تحمل
النساء المغرفة متقاطعة مع قصب ومزينة بعقد حيث تتخذ هيئة عروس.
وفي غرب الجزائر مثلا ترسم امرأة ملامح وجه الدمية على المغرفة بواسطة الكحل على ظهرها المقبب، وتزينها بأثواب وحلي، فتسند مهمة حملها إلى امرأة مسنة في طليعة الموكب الذي يردد الأهازيج أثناء طوافه، ويسكب
عليه السكان الماء، ويقدمون لهم العطايا. وتسمى الدمية بالاسمين معا (تاغنجا أو تاسليت أونزار).
ورغم أن الدمية تتخذ في الغالب من المغرفة (أغنجا) مكسوة بزي العروس، أو قد يكتفى بمغرفة أو ملعقة مطبخ بسيطة أثناء التطواف، ولكن هذه الدمى ورغم اختلاف ما صنعت منه، فإنها تظل تحمل إسم (غونجا) أو (تلغنجا)
أو (تاسليت أونزار).