تسن تعزية أهل الميت، تعزية المصابين، جاء في حديث: من عزى مصابا فله مثل أجره هكذا جاء في الحديث وإن كان ضعيفا، روي: أن النبي -صلى الله عليه
وسلم- رأى بنته فاطمة جاءت من قبل البقيع فسألها فقالت: جئت من أهل ذلك الميت فعزيتهم في ميتهم، أقرها على تعزية أهل الميت فإذا كان النساء يعزين، كذلك أيضا الرجال يعزون أهل الميت: أولاده وأبويه
وإخوته وبني إخوته وأعمامه وبنيهم، يعني: أقاربه الذين هم أولى به، فإنهم قد أصيبوا بمصيبة يستحقون أن تأتيهم فتسليهم وتخفف عنهم -أي: أمر هذه المصيبة-، وتحثهم على الصبر، وتحذرهم من التشكي، وتحذرهم من
النياحة ومن عمل الجاهلية.
يقول هنا: "وجَعْل علامة على المصاب" هكذا كانوا المصاب الذي مات أبوه يجعل عليه علامة، إما أن يلبس عمامة سوداء، وإما أن يلبس عباءة سوداء حتى يعرف فيعزى، هكذا ذكروا ولكن لا دليل على ذلك، وقد أنكر ذلك
شيخ الإسلام ابن تيمية في كثير من كتبه، ذكره في كتاب ( الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان )، وذكره أيضا في غيره من مؤلفاته، وذكره ابن القيم أيضا، دل ذلك على أن هذا من شعار الجاهلية، لا يجعل
المصاب على بدنه شيئا علامة يعلم بها، بل يجلس في بيته ليعزيه من يريده.
لا مانع من أن يجتمع أهل الميت: أولاده وإخوته في بيت أحدهم؛ حتى يقصدهم المعزي الذي يريد أن يسليهم ويريد أن يحثهم على الصبر؛ وذلك لأنهم قد يكونون متفرقين، قد يكون بعضهم في شرق البلاد وفي غربها فيتكلف
المعزي يذهب إلى هنا وإلى ههنا، فإذا اجتمعوا وجدهم بمكان فعزاهم وحثهم على الصبر ورغَّبهم في الأجر ونحو ذلك، وحصل على أجر التسلية، جاء في حديث عن حذيفة قال: "كنا نعد الاجتماع عند الميت وصنعة الطعام من
النياحة" وكأنه يقصد أناسا يجتمع أهل القرية كلهم في مكان الميت، يجتمعون ولو مائة أو أكثر، يجلسون ثلاثة أيام وهم عند أهل الميت، ولا شك أنهم يكونون بذلك كأنهم عظموا هذه المصيبة، فيكون ذلك من
النياحة.
وقد عَدَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- النياحة من أمر الجاهلية وقال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وقال: النائحة إذا
لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قَطِران، ودرع من جرب يعني: ميزة للنائحة -والعياذ بالله-؛ فلذلك لا تجوز النياحة.
يجوز إصلاح الطعام لأهل الميت، يصلح لهم أحد أقاربهم أو أحد جيرانهم؛ في الحديث عن عائشة قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم ما يشغلهم وذلك لأنهم في يوم
المصيبة يحزنهم أمر المصاب فلا يتفرغون لإصلاح طعام لأطفالهم؛ فيصلح لهم أقاربهم طعاما بقدر كفايتهم في هذه الأزمنة، اعتادوا أن يصلحوا طعاما كثيرا يكفي أهل البيت ومثلهم معهم أو ثلاثة أمثالهم معهم.
فنقول: الأصل أنهم يصلحون لهم طعاما يكفي أطفالهم ونساءهم، ولا يكون في ذلك إسراف، وأما أن أهل الميت يصلحونه للناس فلا، في بعض البلاد إذا اجتمع أهل البلد أو اجتمعت القبيلة قد يكونون مائة أو نحوها، كلفوا
أهل الميت بإصلاح ضيافة لهم، فربما يكلفونهم ويكون من ورثة الميت أطفال ويتامى فينفقون على أولئك الطالقين من مال ذلك الميت أو من مال أولئك اليتامى، فيكون في ذلك ضرر، ففي هذه الحال مَن عزَّى فلينصرفْ، من
جاء يعزي جلس خمس دقائق أو نحوهم وانصرف، ولا يجلس يكلف أهل الميت إصلاح طعام وغير ذلك.
المراجع
جامع شيخ الاسلام ابن تيمية
http://www.taimiah.org/Display.asp?pid=2&t=book63&f=tc9081700005.htm
***********
التعزية بقولهم البقية في حياتك
ماذا يقال لأهل الميت في التعزية، وما هو حكم قول ( يسلم رأسك أو قول البقية في حياتك )؟ ولكم جزيل الشكر
الفتوى :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمثل هذه الألفاظ يقولها بعض الناس لتعزية أهل الميت في مصيبتهم، وهي من جهة ألفاظها لا حرج فيها.. إذ هم يدعون له بسلامة الرأس وبقاء الحياة.
لكن لا ينبغي للمسلم أن يأتي بمثل هذه الألفاظ مستبدلاً إياها بالدعاء للميت بالمغفرة وللمصاب بالأجر، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال :( أرسلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم إليه
تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا في الموت، فقال للرسول: ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب.
)قال شيخ الإسلام ابن تيمية (: أما قول القائل: ما نقص من عمره زاد في عمرك فغير مستحب، بل المستحب أن يدعى له بما ينفع مثل أن يقول: أعظم الله أجرك وأحسن الله عزاك وغفر لميتك. ) انتهى
والله أعلم.
المصدر
اسلام ويب
http://ejabh.m5zn.com/arabic_article_33651.html