عن أنس رضي الله عنه قال: »كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه
بردائه جذبة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بالعطاء« متفق
عليه.
(كنت امشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)أتى به بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية إشعارًا باستحضاره لذلك
(وعليه برد نجراني) منسوب إلى نجران بلدة من بلاد من همدان من اليمن
(غليظ الحاشية) أتى به ليرتب عليه مزيد الأثر الآتي
(فأدركه أعرابي فجبذه جبذة شديدة) جبذه: قيل إنه لغة في الجذب وقيل إنه مقلوبه
(فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم) أي جانب من عاتق النبي صلى الله عليه وسلم والعاتق هو ما بين العنق والكتف
(وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته) وذلك من سوء أدبه وجفائه على عادة الأعراب
(ثم قال: يا محمد) يحتمل أن يكون قبل تحريم ندائه صلى الله عليه وسلم باسمه
(مر لي من مال الله الذي عندك) زاد البيهقي في روايته: »فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك،فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: المال مال الله وأنا عبده«
(فالتفت إليه فضحك) أي من قوله المنبئ بشأنه فشأن الإنسان دليل عقله
(ثم أمر له بالعطاء) العطاء عبارة عما يجتمع من الأموال من فئ أو غنيمة وخراج وتركة من لا وارث له.
والمراد هنا أمر له بشيء من ذلك، وقد جاء أنه حمل له على بعير شعيرًا وعلى الآخر تمرًا ذكره في الشفاء، وهذا فيه مزيد حسن خلقه صلى الله عليه وسلم؛ فإنه عفا عن جنايته عليه بجبذه وإيلامه بحاشية ذلك البرد
حتى أثر في عاتقه، وزاد على العفو بالبشر ببذل الإحسان.