تقوم حياة الإنسان بشكل كبير على (الأستروجين) حيث تحتاج أجسامنا كميات معينة منه لكي تقوم بوظائفها بشكل طبيعي ولكي نتمتع بصحة جيدة وخصوصاً عند التقدم في العمر،
و(الأستروجين) أساسي لحياتنا في أعمار أقل من أجل التطور الطبيعي لأجهزة التكاثر في كل من الذكر والأنثى، و(الأستروجين) مهم للرجل تماماً كما هو مهم وأساسي للمرأة وتحتاجه أجسام الرجال من أجل وقاية القلب
والصفائح الدموية وما يجب أن نعلمه أن جسم الرجل ينتج قدراً من (الأستروجين) طوال حياته أكثر مما ينتجه جسم المرأة، وأكدت الدراسات الحديثة أن عدم التوازن في نسبة (الأستروجين) بالجسم سواء بالنقص أو
بالزيادة له علاقة بالكثير من الأمراض وبخاصة أمراض القلب والسرطانات، إلا أن الطبيعة قد حققت لنا هذا بالفعل في صورة ما تقدمه لنا من (الاستروجينات النباتية) ذات الاسم العلمي (الفيتو استروجينات).
***
أستروجين زائد
هو هرمون قوي جداً ولذا تكون لزيادة نسبته أثر مدمر, فمثلاً الزيادة المفرطة في جسم المرأة يؤدي إلى زيادة نمو السرطانات المختلفة مثل سرطان الثدي والرحم والكثير من الاضطرابات غير الطبيعية في الجهاز
التناسلي، فقد أكدت أحدث الدراسات أن النساء اللواتي يتناولن بدائل هرمونية دوائية كعلاج تزيد لديهم مخاطر حدوث سرطان الثدي.
***
أستروجين ناقص
أما في حالة النقص نجد أن الجسم يؤدي وظائفه بضعف شديد مما يرفع من احتمال حدوث كثير من الأمراض، فمثلاً الهبوط المفاجئ لنسبة (الأستروجين) عند المرأة في سن اليأس يرفع من مخاطر أمراض الجهاز الدوري والقلب
وفي نفس الوقت يفقد الكالسيوم من العظام بسرعة كبيرة مما يشكل مقدمة لحدوث مرض هشاشة العظام.
***
ما هي الأستروجينات النباتية؟
هي جزيئات نباتية طبيعية تشبه (الأستروجين) الموجود في جسم الإنسان من حيث شكلها وحجمها، ولكنها في نفس الوقت لا تتطابق معه تماماً وهذه الفروق الدقيقة تعني أن هذه (الأستروجينات النباتية) ليس لها نفس
التأثير مثل (الأستروجينات) وهذا من حسن حظنا لأن بعض آثار (الأستروجينات) قد يكون بالغ الضرر.
فالطعام الذي نتناوله يحتوي على ثلاث عائلات من (الاستروجينات النباتية) وهي:
أولاً- الأيزوفلافونات أو Isoflavones: وهي توجد في فول الصويا.
ثانياً- الليجنانات أو Lignans: وهي توجد في العدس.
ثالثا- الكومستانات أو Coumestans: وهي تتوفر في الفصفص بكثرة.
والأغذية النباتية بصفة عامة تحتوي على مزيج من هذه العائلات الثلاث بنسب أقل ولكنها بالنبات كمصدر طبيعي تفيد ولا تضر.
***
نحو توازن هرموني
انتشرت كلمة (فيتواستروجينات) أو (الأستروجينات النباتية) في الأوساط الطبية وذلك لقيمتها الكبيرة لصحة الإنسان ووقايته من أخطر الأمراض، فبينما تعرف هذه (الأستروجينات النباتية) بكونها ضعيفة إلا أنها ما
تزال قادرة على تعويض نقص (الأستروجين) والتقليل من المخاطر والأمراض المرتبطة بنقص الأستروجين.
ومما يثير الدهشة هو أن (الأستروجينات النباتية) تسلك في أجسامنا مسلكاً مضاداً (للأستروجين) بغلق الطريق على الآثار الضارة، وتعد هذه كما لو كانت تحتوي بداخلها على ترمومتر يعمل كمعزز يمدنا (بالأستروجين)
أو (مضاد للأستروجين) حسب الظروف وحسب حاجة الجسم، نظراً لتبادل الرسائل بينها وبين مستقبلات (الأستروجين) المتخصصة الموجودة بأجسامنا.
ويوجد في أجسامنا نوعان من (مستقبلات الأستروجين) يرسو عندهم (الأستروجين النباتي) وهما (ألفا AL
PHA) و(بيتا BETA) وعند تناول
الأطعمة المحتواة على (الأستروجين النباتي) يبحث الهرمون الطبيعي عن المستقبلات المناسبة وأكثر المستقبلات تتمثل في مستقبلات (بيتا) وهنا تعمل (الأستروجينات النباتية) كحماية للقلب والعظام وغيرها من
الأجهزة المحتواة على مستقبلات (بيتا BETA) أما في الرحم والثدي والبروستاتا تتوفر مستقبلات (ألفا ALPHA) وهنا يزداد احتمال حدوث السرطانات، ويأتي دور (الأستروجينات النباتية) كمضادات أستروجينية عندما
تصادف مستقبلات (ألفا) وتقي من السرطانات، وتتوفر لها هذه الخاصية الفائقة البراعة نظراً لأنها ذات تأثير اختياري وذلك لعدم تطابقها مع الهرمون نفسه الموجود بالجسم، والتشابه يجعلها ذات أثر أضعف من الهرمون
الأصلي فضلاً عن تأثيرها الاختياري المتمثل في وقاية الإنسان من السرطان عندما تصادف مستقبلات (ألفا) لأنها لو لم يكن لها هذا التأثير الضعيف نوعاً ما لاستجابت لمستقبلات (ألفا) بلا رحمة مسببة السرطانات
المختلفة فسبحان الله فيما خلق.
***
أكثر من هرمونات نباتية
تقوم هذه (الأستروجينات النباتية) بدور أعظم مما نتصور، فهي لا تسد الباب فقط على حدوث سرطانات لكونها مضادة لها برفضها استفحال الورم إن وجد وتوقف نشاطه، لأثبتت الدلائل من انخفاض معدلات الإصابة بهذه
السرطانات وبخاصة سرطان الثدي عند اليابانيين نظراً لاستهلاكهم لفول الصويا باستمرار, كما أثبتت أحدث الدراسات المنبثقة من جامعة ألباما بالولايات المتحدة الأمريكية بأن تلك (الأستروجينات النباتية) التي
ليس لها مستقبلات تقوم بوظيفة أخرى خلاف وظيفتها الهرمونية وهي إيقاف نمو الخلايا السرطانية، ومن هنا تتضح أهمية تضمينها ضمن وجباتنا.
***
دور الأستروجينات النباتية في التحكم في الإنزيمات السرطانية
تعد الإنزيمات الخاصة بالخلايا السرطانية هي المسؤولة عن حدوث التفاعل داخل الجسم المصاب، و(الأستروجينات النباتية) تعمل على إيقاف ممارسات تلك الإنزيمات التي تسبب التورم وتزايد الخلايا وتضاعفها.
وأكد هذا الباحثون اليابانيون، فقد اكتشفوا أن (الأستروجينات النباتية) الموجودة في فول الصويا تحبط بصفة مبدأية نشاط الإنزيم المسؤول عن تنظيم عوامل النمو في تلك الخلايا، وهذه الإنزيمات المسؤولة عن حدوث
الورم والالتهاب وهي مرحلة مبكرة من مراحل السرطان التي يكون لها دور كبير في حدوث الكثير من الحالات مثل مرض القلب وروماتيزم المفاصل والصدفية وأمراض التهابات القولون.
ومن حسن الحظ أيضاً أن (الأستروجينات النباتية) تمنع وتحارب إنزيماً آخر يسمى (الأروماتاز) وهو الإنزيم المسؤول عن تحويل إنزيم (التوستستيرون) إلى (أستروجين) وكما ذكرنا من قبل أن الزيادة المفرطة في وجود
إنزيم الأستروجين قد تؤدي إلى تطور ونمو الخلايا السرطانية، ومن هنا يتضح الدور الفعال (للأستروجينات النباتية).
***
وقاية الرجل والمرأة من السرطان وعلاجهما
ونتيجة لذلك تم تركيب العقاقير الحديثة لعلاج سرطان الثدي على أساس منعها وإحباطها لهذا الإنزيم، فقد تم تجربة ذلك عملياً, ومن حسن الحظ أن (الأستروجينات النباتية) تقوم بهذا الدور بالفعل بصورة طبيعية
تلقائية.
أما في علاج حالة سرطان (البروستاتا) تقوم العقاقير على أساس منع الإنزيم الذي يحول (التوستيستيرون) إلى إنزيم آخر يسمى (DHt) وأكد مركز أبحاث السرطان بالولايات المتحدة أن (الأستروجينات النباتية) الموجودة
في فول الصويا تحبط وجود هذا الإنزيم في غدة البروستاتا.
ومن المدهش أن نسبة سرطان البروستاتا قليلة جداً بين الرجال في اليابان نظراً لتناولهم فول الصويا بكميات معقولة في وجباتهم الغذائية.
***
فوائد أخرى غير تقليدية
1- (الأستروجينات النباتية) تعمل كمضادات للأكسدة
من مضادات الأكسدة المعروفة للكثيرين فيتامينات C وE إلا أن (الأستروجينات النباتية) أيضاً لها نفس هذا الدور الذي قد لا يعرفه الكثيرون منا وذلك بالتخلص من الجزيئات الحرة الموجودة بالدم وإزاحتها خارج
الجسم (مثل جزيئات الطعام التي لم تهضم جيداً)، وهذه الجزيئات الحرة هي التي تدمر الحمض النووي المسؤول عن انتقال المعلومات الجينية من جيل لآخر, كما تدمر هذه الجزيئات الحرة الدهون والبروتينات المهضومة
وتغير من خواصه أحياناً وهذه الآثار التي تحدثها الجزيئات الحرة تزيد من مخاطر السرطان وأمراض القلب والكتاركت كما تعجل بالشيخوخة.
وأكد الباحثون أن الخواص المضادة للأكسدة (بالأستروجينات النباتية) تعد من أهم العوامل المساعدة على منع الكولسترول من التأكسد وبالتالي تراكمه في الشرايين.
2- (الأستروجينات النباتية) تمنع انتشار الأورام
ثبت أن الأورام الصلبة لن تنتشر إلا بوجود إمداد كافٍ من الدم, وبالمزيد من البحث ثبت أن (الأستروجينات النباتية) تمنع الصفائح الدموية من التكون داخل أو حول الأورام مما يكون له أكبر الأثر في منع هذه
الأورام.
3- (الأستروجينات النباتية) تحمي من التلوث
من المؤسف أن البيئة المحيطة بنا تمتلئ (بالأستروجينات التركيبية) والقادرة على الوصول إلى المستقبلات في أجسامنا محدثة آثاراً ضارة وتأتي من مصادر عديدة مثل الحاويات البلاستيكية للأطعمة والمنظفات والمواد
المضادة للحريق كما أنها قد توجد في ماء الشرب أي أنها موجودة في كل شيء حولنا، ومشكلة هذه (الأستروجينات التركيبية) أنها تستغرق وقتاً طويلاً لإخراجها من الجسم وخصوصاً إذا تمكنت من الأعضاء الدهنية
بالجسم.
لقد أثبتت الأبحاث قيمة الأغذية الغنية (بالأستروجينات النباتية) في وقايتنا من بعض هذه (الأستروجينات التركيبية)، كما ثبت أن المبيدات لا يكون لها القدرة على تحفيز نمو الخلايا السرطانية في حالة وجود
(الأستروجينات النباتية) وبخاصة التي توجد في الصويا والكاري، وتناول الأغذية الغنية بهذه (الأستروجينات النباتية) يقينا شرور الآثار الضارة