قبل ان نقول ولما الباديه علينا ان نعرف ما هيه الباديه
هذه نبذه عن مصطلح الباديه
عند ذكر كلمة البادية عادة ما يتبادر للذهن صحراء قاحلة شديدة القسوة، وهي، اذ ذاك، اما انها سهوب شاسعة جرداء او كثبان رمال متحركة.. لا تكاد ترى فيها للنبات ظلا ولا تسمع للحياة نفسا الا ما ندر ويطبق على
فيافيها الواسعة الصمت لا من اصوات هزير الرياح! ودرجت العادة ايضا على القول ان الترحال والتنقل الدائم بحثا عن الماء والكلأ هي السمات الرئيسية المميزة لسكانها اللذين يسمون البدو الرحل.
ولعل الانطباع السابق عن الصحراء، التي شكلت اصعب التحديات على الانسان من أي منطقة أخرى على وجه الارض، لا تجافيه الحقيقة الا في قصر التسمية "البدو" على أولئك الناس الذين قال عنهم مستكشف أوروبي "الشعلة
التي أضاءت الصحراء" فالبادية ليست فقط الرمال والجدب والسهوب، وهي بدون شك ليست فقط تلك الفيافي التي يستعصي فيها على النظر التمييز بين السراب والغدير.
فعلى تخوم صحراء الربع الخالي قامت مناطق استيطان مستقرة اتخذت من بطون الوديان بين كثبان الرمال او في مجاري السيول قرب الجبال او عند التقاء الصحراء والبحر مراكز تجمعات سكانية لها حضور ثقافي وحضاري منذ
القدم.. خاصة مناطق الحافة الشرقية والجنوبية الشرقية لصحراء الجزيرة العربية. وتعتبر واحات النخيل، ووديان شجر الغاف، والقرى الساحلية ابرز هذه المناطق السكانية، حيث تشكل النخلة، في الاولي، مصدر غذاء
رئيسيا فضلا عن استخدامات أخرى كثيرة ؟ وتدور انشطة سكان وديان الغاف حول قوافل الجمال ورعي الماشية؟ بينما يأتي البحر في القرى الساحلية على رأس اهم مصادر كسب الرزق. واذ ذاك، فان المناطق الثلاث ليست
بعيدة عن الطبيعة القاحلة والشمس الحارقة وخواء الارض الذي عرفت به الصحراء. واهلها وان لم يمضوا حياتهم متنقلين وراء العشب والمياه، الا انها لم تكن بمنأى عن المكابدة العظيمة التي يعانيها البدو الرحل،
وبالتالي فهم لا يختلفون عنهم بشيء، وان اختلفت انماط حياتهم ومصادر رزقهم بعض الشيء.. لا سيما وان معظمهم ينتسبون لنفس القبائل.
ويقال ايضا ان نمط حياة الانسان البدوي وعالمه المحكوم باعراف وتقاليد القبيلة لا تسمح له بالخضوع لقانون أو سلطة! لكنهم ينسون ان البدوي انسان ولد وعاش على الفطرة في منطقة لا نهاية لحدودها.. ولعل هذا
الاتساع هو ما ولد في نفسه التوق الدائم الى الانطلاق وصاغ في نفسه نوعا من الحرية لا يعرفها سكان المدن، كما ان المكابدة المستمرة مع بيئة قاسية كالصحراء استنفدت ما لديه من طاقة ولم يعد لديه متسع لقوانين
ونظم تكبل حريته. فالصحراء جردت منه الصبر كله!
نعم.. إن الصراع الازلي من اجل البقاء في واحدة من اكثر البيئات قسوة وخشونة جعلت من الانسان البدوي - على اختلاف مناطق سكنه وطبيعتها - انسانا حساسا ومتوترا وعصبيا، الا انه يتمتع بفصال نبيلة ومثالب
حميدة. ولا تزال شخصية البدوي التاريخية تجسد في اذهان كثير من عرب المدن نموذجا للعربي الأصيل الذي ظل يحتفظ باخلاق ونبل وشهامة العرب القدامي!
وتعد صفات الكرم والنخوة والضيافة بعضا من صفات البدوي الاصيل، بيد ان الكرم عند البدو لا يتمثل في عادات ولائم البذخ والاسراف التي يقيمها بعض أغنياء المدن طمعا في منزلة اجتماعية لا يملكونها او ابتغاء
خصال يفتقرون مقوماتها، وانما هي الاستعداد الفطري للفقير لتقديم أخر وجبة طعام يملكها لضيف حل عليه أو التخلي عن آخر ما يمتلكه لاغاثة محتاج. بينما تتجلى صفة النخوة في ايجار الضعيف ونجدة المستغيث. ويتجسد
خلق الضيافة في ابسط صوره: تقديم التمر والقهوة العربية، التي تعد اكثر من مجرد شراب وانما هي تعبير عن دفء الترحيب. ويشكل موقد النار تحت ظل شجرة غاف مجلسا للقاءات ومركزا لجمع الناس للتشاور في امور
تجارية او سماع الاخبار او تسوية خلاف. وتتخذ اليوم العديد من المؤسسات السياحية في الجزيرة العربية من دلة القهوة رمزا يدل على حسن الاستقبال كما قال المغامر البريطاني ولفرد ثيسجر، الذي عبر صحراء الربع
الخالي