- أثر تكنولوجيا الإعلام و الاتصال على التلميذ:
1- 1 – التشويق و الإثارة:
الإثارة و التشويق عنصران مهمان لإنجاح العمليــة التعليميــة التعلمية إذ عليهما نعول في جلب انتباه المتعلم لجعلــه مشاركا فاعلا متحفزا. كما نريحه سيكولوجيا لمتابعة سيــــر الــــدرس دونما إحساس بالملل
و نضمن السلاسة في عملية التحصيل. و عناصر الإثارة عديدة منها:
أ- تأثير الصورة:
الصورة بمضامينها المتعددة و التي لا تعرف تراتبية واحدة تلو الأخرى في المضامين و إنما مضامينها موزعة على الصورة بأكملها و تنتظر منك اكتشافها أو سبر أغوارها، و قد يوحي لك جزء منها بالعديد من الأشياء..
و قد يرى غيرك في ذلك الجزء ما لم تره أنت و العكس,, الصورة عامل تشويق في حد ذاتها فهي تطرح أمامك أسئلة و تحديات و تغري فضولك و تفتح لك عوالم متعددة موغلة في الماضي أو في الخيال. إنها عصف ذهني لاستخدام
مهارات التفكير و الاستنباط العليا كما أن لها تأثيرا قويا على الأحاسيس فيمكنها إثارة زوبعة ضحك من أعماق المتعلم، أو ابتسامة حانية، أو العكس تماما عاصفة ممطرة من الدموع يغرفها لك من قلبه، أو إحساس أسى
يتقاسمه مع الصورة. و هي من نواح أخرى تقرب المفهوم المجرد أو المعقد لتجعله واضحا بسيطا بالنسبة للمتعلم مثلا الخرائط التصورية (Conceptual Cards) و التي تعتمد غالبا على الصور لأنها تلتصق بالذاكرة و يسهل
استرجاعها. فالصورة تمثل خيطا مرتبطا بمئات الأحداث مخزنة في الذاكرة، و باسترجاعها يعود الكل متراقصا أمامك. و للصورة، من جهة أخرى، قدرة عجيبة على تقريب البعيد زمانا و مكانا: فالديناصورات الموغلة في
التاريخ زمانا و المنقرضة منذ ملايين السنين تحضر قاعة الدرس من خلال الصورة و يعيش التلميذ أجواء الرهب و الفزع و العظمة التي كانت تفرضها في تلك الحقبة كما توحي له بضخامتها. أما الرموز الفرعونية و
الهيروغليفية و الفينيقية فلها من السحر و الطقوس ما تجعله مسافرا مع انحناءاتها. أما مكانا، فيصعب أخذ التلاميذ القاطنين بالداخلة في رحلة شاقة إلى أوزود أو وليلي ليتحدثوا عن الثروة المائية أو الطاقة
الكهرومائية ، أو ليتحدثوا عن الرومان العتاة و الهندسة الجميلة و الفسيفساء و قوس النصر (كركلا).
و خلاصة القول، فالصورة بعدد نقطها تتمدد لترسم بألوانها مضامين متعددة في ذهن قارئها، و تبني له جسورا كثيرة تتحدى حاجز الزمن و تتجاوز عقبات التضاريس و المكان و تخرق الذاكرة لتغوص في أعماقها منقبة فاتحة
آفاقا رحبة للفهم و التحصيل.
ب- تأثير الصوت:
للصوت تأثير عميق على شخصية المتعلم، فهو ينفخ الحياة في الصور و يجعلها ناطقة: فصورة البحر بخلفية صوتية للأمواج تجعل المتعلم يعيش أجواءه و يكاد يحس ببرودة و انتعاش رذاذه و يشم رائحة مياهه، كما أن صورة
طفل كئيب باك تصحبها موسيقى حزينة أو كلمات شاعرية رقيقة ستفجر مقلتي المتعلم دموعا. إن للصوت قدرة على إثارة أحاسيس المتعلم ، كما أنه يصل قبل الصورة إلى المتعلم فأنت قد تسمع هدير محرك سيارة قادمة من
بعيد قبل أن تراها. من هنا وجب أن يراعي بناء التعلمات الاستخدام الجيد الهادف للصوت.
و بالنسبة لتعلم اللغات أو بناء القصص المصورة، يلعب الصوت دورا مركزيا، ففي الأولى يأخذ المتعلم النطق السليم للغة من أفواه المتمرسين و أصحاب اللغة، أما في الحالة الثانية فيصبح للصوت امتدادا يتمم
السيناريو و يربط خيوط القصة و يرسم امتدادات كل صورة.
ج- تأثير الحركة:
في كثير من الأحيان و أمام مضمون دسم حي كل محتوياته ناطقة بالعطاء مثلا مكان جيولوجي، غابة أمازونية، شلال ، حديقة للحيوان، ميناء، نحتاج الصورة المتحركة الثلاثية الأبعاد التي تعج بالحيوية – أي الفيديو.
فلو قدمنا لمجموعة من المتعلمين صورة لمدينة وليلي أو لميناء أغادير و لمجموعة ثانية شريط فيديو يوثق لزيارة استطلاعية مصورة للمكان المختار، أيهما سيكون أغنى معرفيا؟ أصورة ثابتة أم صورة متحركة راسمة
للفضاء بمختلف أشكاله؟
و قد نحتاجها للاطلاع على ظاهرة لا تسمح الظروف برؤيتها في تلك اللحظة كالزلازل أو البراكين أو العواصف أو البرق، كما نحتاجها لتجنب خطورة تقديم مناولة معينة خوفا من تداعياتها كنشوب حريق أو حدوث انفجار.
من تلك المناولات مثلا: التفاعلات الكيميائية، دور الأوكسيجين و ثنائي أوكسيد الكربون.
و يعتبر الفيديو تكسيرا للجدران فالمتعلم يرى أشياء متحركة داخل فضاء ثابت، فينطلق من ضيق فضاء الحجرة و النافذة المسيجة بالحديد و التي لا تذكر إلا بسجن مقيت إلى عالم رحيب متعدد الألوان و غامر
بالحركة..
د- تأثير الألوان:
هل فكرتم يوماً أن الألوان التي تحيط بالغرف والأماكن التي يتواجد فيها تلامذتنا تؤدي دوراً مهما في حالتهم المزاجية والسلوكية؟
إن الألوان علم قائم بحد ذاته، وأجريت العديد من الدراسات التي أثبتت فعالية العلاج بالفن و الرسم وأثر الألوان والطاقة على عقل ونفس الإنسان. فاللون يعتبر من أبرز الآثار التي تجذب العينين، مهما كان عمر
الطفل، نظراً لان اللون هو أهم عامل حسي ومعنوي يرسخ في نفس الإنسان منذ أن تتفتح عيناه لرؤية ما حوله.
للون الأحمر دور في إيقاظ الذهن وإثارته، والأصفر في مضاعفة حيويته ونشاطه و يعطي انطباعا بالقرب. أما اللون الأزرق أو البنفسجي الفاتح فيبعث على الهدوء، ويجعل الأطفال أكثر انتباهاً وأشد تركيزاً ويعطي
الإحساس بالرحابة و البعد. ولا ينصح بالأبيض والرمادي، لأنهما غير مؤثرين. أما اللون الأخضر فللكتابة على الجدران، كونه من أكثر الألوان ثباتاً في الذاكرة، كما يريح الأعصاب.
و الطفل و هو يتعامل مع تكنولوجيا الصورة من أجل التحصيل سيكون حتما تحت تأثير اللون، و من هنا وجب الاختيار الدقيق للألوان الداعمة للمحتوى و المساعدة على خلق الفضاء المريح للرؤية و الجذاب للانتباه، لكن
دون أن يصبح هو المقصود في حد ذاته.
1- 2- تبسيط و تعميق التعلمات :
في العملية التعليمية التعلمية نحتاج، حينما تكون المفاهيم مجردة أو معقدة، إلى التبسيط - قد يكون مثلا باستعمال الخرائط العقلية (Mind maps)، كما نحتاجه لاستدراك ضعف ملحوظ لدى فئة معينة من التلاميذ – قد
يكون بالمرئيات (صورة أو فيديو) هذا من جهة، و أما من جهة أخرى فنحتاج تعميق الفهم و ذلك بوفرة في المعلومات المقدمة و بموسوعية تعتمد امتدادات تيسرها تكنولوجيا المعلومات و الاتصال إن على مستوى الموسوعات،
الشبكة، الأفلام الوثائقية و.. و..
هكذا تمتد فروع المعرفة و تتعمق فعقل المتعلم يتغذى حسب طاقته..كما أن الترابط بين فروع المعرفة المختلفة يحصل من خلال الارتباطات التشعبية (الجيوب المعرفية) التي تقود المتعلم أفقيا و عموديا لينهل مما
تتيحه له تكنولوجيا المعلومات و الاتصال.
( في الأجزاء القادمة بإذن الله سنتمم الأثر على التلميذ و ننتقل إلى الأثر على الأستاذ، كما سنتطرق إلى برنامج تعميم تكنولوجيا الإعلام و الاتصال في التعليم و العوائق التي تحول دون انطلاقته بقوة و أوجه
القصور في الرؤية عموما. أما من جهة أخرى، فسنتطرق إلى أزمة المحصلة في التعليم و علاقتها بالفاعلين فيه كل من موقعه مما يؤثر على الاستغلال الأمثل للتكنولوجيات في خدمة المنظومة التربوية تكوينا و تعليما و
تربية).
http://espoir.yoo7.com/montada-f5/topic-t117.htm