«الشرق الأوسط»
خطوة القدم والساق أثناء المشي أو الركض تتبع نظاماً من الحركات المتعاقبة والمتكررة لأجزاء القدم، وكل حركة من أجزاء الخطوة تستخدم مجموعة من العضلات. وتعتمد سلامة الخطوة على قوة وسلامة العضلات في الساق
والقدم، كذلك على سلامة شكل قوس القدم، إضافة إلى سلامة المفاصل والعظام فيهما. والركض هو تعاقب الخطوات بسرعة، ويحتاج إلى أن تكون مجموعات العضلات سليمة ومساهمة كل مجموعة منها في تكوين الخطوة سلسلة
وانسيابية ومنسجمة مع بعضها بعضا.
وأحد أنواع إصابات الساق هو التمزق الذي يعد من أكثر أسباب آلام الساق بين الرياضيين وغيرهم. وتختلف أسباب حصول حالات التمزق هذه في عضلات الساق، كما تختلف مجموعات العضلات التي تصاب بها، لكنها بشكل عام
حالات من الإصابات المؤلمة جراء حصول تلف وتهتك في العضلات والأنسجة المحيطة. والسبب في الغالب هو الضغط المستمر لمدة لطويلة وبصفة متكررة على أجزاء الساق السفلى أثناء القيام بحركات غير سليمة.
وبما أن هناك مجموعتين من العضلات الوظيفية التي تعمل مع بعضها بعضا كل على حدة في حركات مختلفة، فإن الإصابة إما أن تطال مجموعة العضلات الأمامية والجانبية الخارجية للساق أو مجموعة العضلات الخلفية
والجانبية الداخلية لها، ومكان الألم حينها يكون تبعاً للمنطقة المصابة.
التمزق الأمامي والجانبي الخارجي: وهي ما تصيب كل من المجموعة الأمامية من الساق، كذلك المجموعة الجانبية الخارجية. وهذا النوع من الإصابات ينجم عن حالة عدم التوازن الطبيعية في حجم العضلات المتقابلة داخل
الساق، فالربلة (بطة الساق أو كتلة العضلات الكبيرة خلف الساق)، هي أقوى وأضخم من الأجزاء العضلية الأخرى الأمامية والجانبية الخارجية في الساق. ففي كل مرة يقع كعب القدم على الأرض عند المشي أو الركض، فإن
عضلات الساق الأمامية ترفع القدم إلى أعلى، بينما عضلات الربلة أو بطة الساق الأقوى والأكبر تعمل على خفض القدم إلى الأسفل، ومن ثم فإن حصول عدم التوازن والانسجام في تعاقب الرفع والخفض يؤدي إلى تمزق في
العضلة الأضعف، أي العضلات الأمامية والجانبية الخارجية، ففي بداية الإصابة يحصل الألم مباشرة عند التصاق الكعب بالأرض عند الركض، لكن مع الاستمرار في الركض وعدم الالتفات للأمر، فإن الألم يصبح طوال حركة
القدم أثناء الركض بشكل مستمر. ونظراً لإهمال الكثير من الناس للأمر، فإن الحال يزداد سوءاً إلى حد حصول الألم طوال الوقت حتى من دون مشي أو ركض، بل بمجرد لمس القدم.
التمزق الخلفي والجانبي الداخلي: وتصاب بالتهتك هنا مجموعة العضلات الخلفية والجانبية الداخلية للساق، تلك المسؤولة عن رفع الكعب مباشرة قبل انطلاق رفع أصابع القدم للركض. وهذا النوع يحصل عند الركض على
أسطح المنحدرات أو الأسطح غير الممهدة، وقد يسوء الأمر حال التواء القدم إلى الخارج أو ارتداء أحذية للركض غير مناسبة، مما يزيد من الالتواء للكعب. الألم يبدأ من الجهة الداخلية للجزء الأسفل من الساق،
ويزداد شدة كلما رفع الشخص قدمه معتمداً على أصابع القدم أو أثناء محاولة دوران القدم إلى الداخل، أي الحركات التي تؤدي إلى شد العضلات الخلفية أو الجانبية الداخلية.
الوقاية تعتمد بالدرجة الأولى على التدرج في أداء تمارين الركض، بمعنى أن يركض الإنسان مسافة قصيرة ومن دون اجهاد في البداية، ثم يزيد في المسافة والسرعة عقب عدة أيام، مع الاهتمام بالركض على أسطح مستوية
من دون الركض على المنحدرات أو المرتفعات، مع تجنب الأرضيات الصلبة جداً أو التي هي غير ممهدة كالتي يكثر فيها الحصى، كذلك البعد عن الأسطح الرخوة جداً كالرمل مثلاً، وفوق هذا كله اختيار الحذاء المناسب
للركض، فمن المعلوم أن لكل نوع من الرياضة حذاء مناسبا وخاصا له، ومن الضروري ارتداء ما يلائم الركض وأخذ مشورة المدربين الرياضيين في هذا الأمر.
العلاج أساساً يبنى على التوقف عن الركض وإعطاء فرصة للعضلات كي تلتئم هذه التمزقات التي حصلت فيها وتخف حدة عمليات الالتهابات داخلها وحولها. وإلى حين زوال العارض، فإن ممارسة السباحة بدل الركض أمر مناسب
مع بدء التمارين بالتدرج بعد الشفاء منها.
«الشرق الأوسط»