“قل للمليحة في الخمار الأسود ماذا فعلت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه حتى وقفت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه لا تقتليه بحق دين محمد .
قصة هذه المقطوعة المكونة من بيتين أو ثلاثة كما أوردها صاحب الأغاني ( 3 / 45 ) أن تاجرا من أهل الكوفة قدم المدينة بأخمرة نسائية فباعها كلها , وبقيت السود منها لم تنفق , وكان صديقا للدارمي المغني
الشاعر , المشهور بين أهل مكة بالظرف فشكا غليه ذلك الكساد الذي أصاب مسافعه السود , لعله يجد سبيلا لإنفاذها وكان الدارمي قد تنسك وترك الغناء وقول الشعر , ولكنه إزاء إلحاح صديقه هداه تفكيره إلى القيام
بعمل إعلان شعري غنائي للخمر ’ حتى يتم بيعها وإقبال النساء عليها , ثم يعود إلى تنسكه الذي كان عليه فقال :
قل للمليحه في الخمار الأسودماذا صنعت بزاهد متعبـد ؟
قد كان شمر للصلاة ثيابـهحتى وقفت له بباب المسجد .
ردي عليه صلاته وصيامهلا تقتليه بحق ديـن محمـد
وغنى في الأبيات صوتا رائعا شاع في الناس أمره , فلم تبق في المدينة ظريفة إلا ابتاعت خمارا أسود . حتى نفذ كل ماعند العراقي منها .. ورجع الدارمي إلى نسكه .
وإذا كانت الأبيات قد اجتذبت قلوب النساء للشراء , فقد لقيت رواجا عند أصحاب الإعلانات .. وأكد عمليا كيفية التآخي بين النشاط الأدبي والنشاط الاقتصادي , , كما أثار هذان البيتان إعجاب الشعراء في الأجيال
اللا حقة فقاموا بمعارضتها بغية المماثلة أو التفوق عليهما مغيرين في الألوان بما يتناسب مع أذواقهم , أو بما تقترحه إحدى الملاح , أو مبقين على اللون الأسود