** يسَ * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ * إِنّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ * تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرّحِيمِ * لِتُنذِرَ قَوْماً مّآ أُنذِرَ
آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ * لَقَدْ حَقّ الْقَوْلُ عَلَىَ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ
*****روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعكرمة والضحاك والحسن وسفيان بن عيينة أن يس بمعنى يا إنسان. وقال سعيد بن جبير: هو كذلك في لغة الحبشة, وقال مالك عن زيد بن أسلم: هو اسم من أسماء الله تعالى:
{والقرآن الحكيم} أي المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه {إنك} أي يا محمد{لمن المرسلين على صراط مستقيم} أي على منهج ودين قويم وشرع مستقيم {تنزيل العزيز الرحيم} أي هذا الصراط والمنهج
والدين الذي جئت به تنزيل من رب العزة الرحيم بعباده المؤمنين, كما قال تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ألا إلى الله تصير الأمور}.
وقوله تعالى: {لتنذر قوماً ما أنذر آباؤهم فهم غافلون} يعني بهم العرب, فإنه ما أتاهم من نذير من قبله, وذكرهم وحدهم لا ينفي من عداهم, كما أن ذكر بعض الأفراد لا ينفي العموم, وقد تقدم ذكر الاَيات
والأحاديث المتواترة في عموم بعثته صلى الله عليه وسلم عند قوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً}. وقوله تعالى: {لقد حق القول على أكثرهم} قال ابن جرير: لقد وجب العذاب على أكثرهم بأن
الله تعالى قد حتم عليهم في أم الكتاب أنهم لا يؤمنون {فهم لايؤمنون} بالله ولا يصدقون رسله.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عارم حدثنا معتمر عن أبيه عن رجل عن أبيه عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «البقرة سنام القرآن وذروته, نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً,
واستخرجت{ الله لا إله إلا هو الحي القيوم} من تحت العرش فوصلت بها ـ أو فوصلت بسورة البقرة ـ ويس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الاَخرة إلا غفرله, واقرؤوها على موتاكم» وكذا رواه النسائي في
اليوم والليلة عن محمد بن عبد الأعلى عن معتمر بن سليمان به.
ثم قال الإمام أحمد: حدثنا عارم, حدثنا ابن المبارك, حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان وليس بالنهدي, عن أبيه عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوها على موتاكم» يعني
يس, ورواه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث عبد الله بن المبارك به, إلا أن في رواية النسائي عن أبي عثمان عن معقل بن يسار رضي الله عنه, ولهذا قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة
أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى, وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة والبركة, وليسهل عليه خروج الروح, والله تعالى أعلم.
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو المغيرة, حدثنا صفوان قال: كان المشيخة يقولون: إذا قرئت ـ يعني يس ـ عند الميت خفف الله عنه بها. وقال البزار: حدثنا سلمة بن شبيب, حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان عن
أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي» يعني يس.
من تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى
http://www.alsareha.net/vb/showthread.php?t=74244
**************
قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور ، فمنهم من قال : هي مما استأثر الله بعلمه ، فردوا علمها إلى الله ، ولم يفسروها [ حكاه القرطبي في تفسيره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود
- رضي الله عنهم - به ، وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خثيم ، واختاره [ ص: 157 ] أبو حاتم بن حبان ] .
ومنهم من فسرها ، واختلف هؤلاء في معناها ، فقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : إنما هي أسماء السور [ قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره : وعليه إطباق الأكثر ، ونقله عن سيبويه أنه نص
عليه ] ، ويعتضد هذا بما ورد في الصحيحين ، عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة : " الم السجدة " ، وهل أتى على الإنسان .
وقال سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : أنه قال : " الم " ، و " حم " ، و " المص " ، و " ص " ، فواتح افتتح الله بها
القرآن .
وكذا قال غيره : عن مجاهد . وقال مجاهد في رواية أبي حذيفة موسى بن مسعود ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عنه ، أنه قال : " الم " ، اسم من أسماء القرآن .
وهكذا قال قتادة ، وزيد بن أسلم ، ولعل هذا يرجع إلى معنى قول عبد الرحمن بن زيد : أنه اسم من أسماء السور ، فإن كل سورة يطلق عليها اسم القرآن ، فإنه يبعد أن يكون " المص " اسما للقرآن
كله ؛ لأن المتبادر إلى فهم سامع من يقول : قرأت " المص " ، إنما ذلك عبارة عن سورة الأعراف ، لا لمجموع القرآن . والله أعلم .
وقيل : هي اسم من أسماء الله تعالى . فقال الشعبي : فواتح السور من أسماء الله تعالى ، وكذلك قال سالم بن عبد الله ، وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير ، وقال شعبة عن السدي : بلغني أن ابن عباس قال :
" الم " اسم من أسماء الله الأعظم . هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة .
ورواه ابن جرير عن بندار ، عن ابن مهدي ، عن شعبة ، قال : سألت السدي عن " حم ; طس ، فقال : قال ابن عباس : هي اسم الله الأعظم .
وقال ابن جرير : وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو النعمان ، حدثنا شعبة ، عن إسماعيل السدي ، عن مرة الهمداني قال : قال عبد الله ، فذكر نحوه [ وحكي مثله عن علي وابن عباس ] .
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هو قسم أقسم الله به ، وهو من أسماء الله تعالى .
وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة أنه قال : " الم " ، قسم .
ورويا - أيضا - من حديث شريك بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن أبي الضحى ، عن ابن عباس : ; يس; ، قال : أنا الله أعلم .
وكذا قال سعيد بن جبير ، وقال السدي عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن [ ص: 158 ] مرة الهمداني عن ابن مسعود . وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " الم " . قال :
أما " يس فهي حروف استفتحت من حروف هجاء أسماء الله تعالى .
وقال أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية في قوله تعالى : ( الم ) قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ، ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه ،
وليس منها حرف إلا وهو من آلائه وبلائه ، وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم . قال عيسى ابن مريم ، عليه السلام ، وعجب ، فقال : وأعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه ، فكيف يكفرون به ؛
فالألف مفتاح اسم الله ، واللام مفتاح اسمه; لطيف ؛ والميم مفتاح اسمه مجيد ; فالألف آلاء الله ، واللام لطف الله ، والميم مجد الله ، والألف سنة ، واللام ثلاثون سنة ، والميم أربعون [ سنة
]