لا يقصد بوصف السورة بأنها مكية أو مدنية أنها بأجمعها كذلك، فقد يكون في السور المكية بعض آيات مدنية، وفي السور المدنية بعض آيات مكية.
فالوصف إذاً أغلبي حسب أكثر آياتها.
ولذا يأتي في التسمية: سورة كذا مكية إلا آية كذا فإنها مدنية، وسورة كذا مدنية إلا آية كذا فإنها مكية، كما نجده في المصاحف.
1 - فمن أمثلة الآيات المكية في السور المدنية: سورة الأنفال.. مدنية واستثنى منها: -وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين- >ازنفال: 30<.<br />
2 - ومن أمثلة الآيات المدنية في السور المكية: سورة الأنعام.. هي مكية إلا ثلاث آيات منها، نزلت بالمدينة وهي -قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من
إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل
والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به
لعلكم تتقون- >الأنعام: 151 - 153<.<br />
3 - ما نزل بمكة وحكمه مدني: ويمثل له بقوله تعالى: -اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا- >المائدة: 3<، فإنها نزلت بحجة الوداع بعرفات كما جاء في حديث عمر - رضي الله<br />
عنه - في الصحيح.
4 - مانزل بالمدينة وحكمه مكي: ويمثلون له بسورة الممتحنة، فإنها نزلت بالمدينة، فهي مدنية باعتبار المكان، ولكن الخطاب في ثناياها توجه إلى مشركي مكة، ومثل هذا صدر سورة براءة نزل بالمدينة والخطاب لمشركي
مكة.
5 - مانزل ليلاً ومانزل نهاراً: أكثر القرآن نزل نهاراً، أما مانزل بالليل فقد جاء ذكره في بعض الأحاديث، مثل حديث كعب بن مالك في الصحيحين: >فأنزل الله توبتنا حين بقي الثلث الأخير من الليل< وهي
قوله تعالى: -لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض
بما رحبت- >التوبة: 117- 118<.<br />
وفي البخاري: من حديث عمر: قوله صلى الله عليه وسلم : >لقد نزلت علي الليلة سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس< فقرأ: -إنا فتحنا لك فتحاً مبينا- >الفتح: 1<.<br />
6 - مانزل صيفاً ومانزل شتاءً: ويمثل العلماء لما نزل صيفاً بآية الكلالة التي في آخر سورة النساء، ففي صحيح مسلم.. عن عمر: >ماراجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة.. فقال:
ياعمر ألا يكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء<.<br />
ويمثلون للشتائي بآيات براءة عائشة - رضي الله عنها - في سورة النور وأولها -إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم-.. إلى قوله: -لهم مغفرة ورزق كريم- >النور: 11 - 16< ففي الصحيح عن عائشة أنها نزلت في
يوم شات.. ومن أمثلته أيضاً: الآيات في غزوة الخندق من >سورة الأحزاب< حيث كانت في شدة البرد كما جاء في الأحاديث الصحيحة.
7 - مانزل حضراً ومانزل سفراً: أما الحضري فأمثلته كثيرة، وأما السفري فله أمثلة منها: -فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام- الآية.. نزلت بالحديبية، كما أخرجه أحمد عن كعب بن عجرة الذي
نزلت فيه.
ومنها: آية التيمم، ففي الصحيح: عن عائشة أنها نزلت بالبيداء وهم داخلون المدينة.